في المنتدى الدبلماسي في أنطاليا تركيا ... وردا على سؤال لوضاح خنفر
أوباما نفذ أمنيات إسرائيلية بإشعال الحرب في سوريا
لم تحدث الحرب بسبب ضغوطات بشار الأسد على الشعب السوري ، بل بسبب قرار أوباما إشعال الحرب للإطاحة ببشار الأسد والتي راح ضحيتها 600 ألف شخص
في لحظة نادرة صدح فيها صوت الحقيقة من قلب النخبة الدولية، فجّر الاقتصادي الأمريكي البارز جيفري ساكس مفاجأة من العيار الثقيل، أطاحت بما تبقى من سرديات رسمية ففي تصريح جريء ومدوٍّ.كشف الاقتصادي العالمي جيفري ساكس أن سياسة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، ساهمت باستمرار وتأجيج الحرب في سوريا، لافتا إلى أن واشنطن هي المحرك الرئيسي للحروب في الشرق الأوسط.
وقال ساكس، وهو مدير شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة وأستاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا، خلال مشاركته في “منتدى أنطاليا الدبلوماسي”، إن “الحرب في سوريا لم تبدأ بسبب قمع النظام، بل بأمر مباشر من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما للإطاحة بالرئيس بشار الأسد في ربيع 2011.
واعتبر أنه “لا يمكن تفسير مقتل 600 ألف شخص فقط بالاحتجاجات وقمع النظام. كانت هذه حرباً بكل ما تعنيه الكلمة، تتطلب تمويلاً وتسليحاً بمليارات الدولارات”.
وحث ساكس الحضور على البحث عن عملية “تيمبر سايكمور” التي نفذتها وكالة الاستخبارات الأمريكية، مؤكدا أن المنطقة تتعرض للتلاعب من قبل القوى الغربية منذ معاهدة فرساي قبل مئة عام. وشدد على أنه “لن يتحقق السلام في المنطقة طالما استمرت أمريكا في التدخل وإشعال النزاعات”.
وانتقد ساكس بشدة فكرة الاعتماد على الولايات المتحدة لحل المشكلات الإقليمية، قائلا: “الإمبراطوريات لا تعمل لصالح الآخرين، بل تفرق لتسيطر.
من يظن أن واشنطن ستحقق مصالح الدول العربية أو التركية أو الفارسية فهو واهم”. وكشف ساكس عن تفاصيل مثيرة حول فشل اتفاق السلام الذي توسط فيه كوفي عنان عام 2012، حيث اتهم الولايات المتحدة بعرقلة الاتفاق بسبب إصرارها على رحيل الأسد فورا.
وقال: “جميع الأطراف وافقت على السلام إلا الولايات المتحدة الأمريكية قالت إنه لا يمكن أن يكون هناك سلام ما لم يرحل بشار الأسد في اليوم الأول.
أما الأطراف الأخرى فقالت:
لا، لا يمكنكم فرض ذلك بهذه الطريقة. ربما سيكون هناك مسار، ربما ستكون هناك انتخابات يتفق عليها، ربما تستغرق العملية سنتين أو ثلاث سنوات. لكن الولايات المتحدة قالت لا، يجب أن يرحل الأسد في اليوم الأول من أي اتفاق، وإلا سنقوم بعرقلته.. مما أدى إلى استقالة عنان واستمرار الحرب ومقتل نصف مليون شخص إضافي”.
واختتم كلمته بدعوة دول المنطقة إلى تحديد مصيرها بنفسها بعيدا عن التدخلات الخارجية، مؤكداً أن الحلول الحقيقية لن تأتي إلا بإنهاء سياسة “فرق تسد” التي تمارسها القوى الإمبريالية منذ قرن.
جاءت تصريحات ساكس التي شغل مناصب رفيعة في الأمم المتحدة على مدى 25 عاماً، في سياق تحليله للعلاقات الدولية والأزمات الإقليمية، معتبرا أن غياب “المجتمع الدولي” الحقيقي هو أحد أسباب استمرار النزاعات في العالم.
ويبدو أن الرسالة الأهم التي حملها ساكس إلى شعوب المنطقة، هي ألا أحد سيمنحهم السلام أو العدالة مجانًا، ولا يمكن لأمة أن تراهن على الغرب لتحقيق استقلالها، أو ضمان أمنها القومي.
فالتاريخ أثبت – من سايكس بيكو إلى تيمبر سايكمور، ومن أفغانستان إلى العراق وسوريا وفلسطين- أن الهيمنة الغربية لا تنتج إلا تقسيمًا، وحروبًا، واحتلالات مغلّفة بشعارات براقة.
ومن هنا، فإن اللحظة الراهنة تستدعي من شعوب ودول المنطقة أن تعيد صياغة أولوياتها، وتبني تحالفات قائمة على إرادة مستقلة، وتنتزع حقها في تقرير مصيرها بعيدًا عن الوصاية. فكما قال ساكس، لا يمكن للسلام أن يولد من رحم الخديعة، ولا للحرية أن تُمنح من إمبراطورية تقوم على صناعة الأزمات وتجارة الدم.
في النهاية، ما كشفه ساكس هو بمثابة تذكير صارخ بأن المعركة الحقيقية ليست فقط على الأرض، بل على وعي الشعوب وقدرتها على تمييز الحقيقة من الدعاية، وفهم خيوط اللعبة قبل أن تُحرق بها الأوطان من جديد.
فالتاريخ لا يرحم الغافلين، ولا يمنح فرصة أخرى لمن يرفضون التعلم من مآسيهم. لقد قال ساكس كلمته، فهل تسمعها الشعوب والنخب العربية؟
وهل تعي أن أوهام الاعتماد على القوى الخارجية ما هي إلا طريق معبد نحو الخراب المتجدد؟
المفضلات