المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحيل النبي محمد (ص) محطة خالدة تهدي البشرية من النور إلى الكمال



المصباح
08-23-2025, 09:22 PM
https://ar.shafaqna.com/wp-content/uploads/2025/08/%D9%85%D9%85%D8%AB%D9%84-2.jpg


السبت 23 أغسطس، 2025

عزى ممثل المرجعية العليا في اوربا السيد مرتضى الكشميري العالم الإسلامي بوفاة خاتم الانبياء والمرسلين ابي القاسم المصطفى محمد (ص) ،قائلا، لقد كان في حياة النبي (ص) سلسلة من المحطات المفصلية نجد عند التأمل في كل منها معنى عميقا للبشرية :

من الولادة المشرقة الى الرسالة العظمى وتأسيس الدولة ثم الرحيل بعد اكمال الدين بامامة علي امير المؤمنين (ع)
وجاء في كلمة سماحته بمناسبة وفاة النبي المصطفى (ص) مايلي:

كان النبي محمد (ص) أعظم شخصية غيرت مجرى التاريخ الإنساني، فقد جاء برسالة سماوية خالدة، وترك بصمات روحية وأخلاقية وتشريعية لا تزال آثارها باقية إلى يومنا هذا. وإذا تأملنا في سيرته المباركة نجد أن حياته كانت سلسلة من الأحداث المصيرية، كل واحدة منها تحمل معنى عميقاً ودروساً للبشرية.

المحطة الأولى : ولادته المباركة وما حفّ بها من إرهاصات وخوارق للعادة

وُلد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عام الفيل (570م تقريباً) بمكة، في بيت عبد الله بن عبد المطلب والسيدة آمنة بنت وهب. وقد ارتبطت ولادته بآيات وعلامات باهرة: كإخماد نار فارس التي كانت متقدة لألف عام، وانشقاق إيوان كسرى، وجفاف بحيرة ساوة. كانت تلك المؤشرات تنذر بقدوم عهد جديد يطوي صفحة الجاهلية. فميلاده (ص) كان إيذاناً بانتقال البشرية من ظلمات الوثنية إلى نور التوحيد.

المحطة الثانية: نشأته محفوفا بالعناية الإلهية لقوله تعالى ((الم يجدك يتيما فآوى ..))

توفي عبد الله والد النبي(ص) وهو في بطن أمه، وفقد أمه وهو ابن ست سنوات، فكفله جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب. هذا اليتم المبكر صقل شخصيته بالاعتماد على الله، وأكسبه حسّ الرحمة بالمستضعفين. وقد اشتهر في شبابه بالصدق والأمانة حتى لقّب بـ(الصادق الأمين) لان الله تعالى تولى بنفسه تربية نبيه بعيداً عن سلطان البشر، ليكون مهيأً لحمل الرسالة ، وذلك ما يستفاد من قوله (ص) (ادبني ربي فاحسن تأديبي).

المحطة الثالثة: بعثته بالرسالة الإلهية

في سن الأربعين، نزل عليه الوحي في غار حراء بآية: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ .

كانت هذه اللحظة أعظم نقطة تحول في التاريخ، إذ انطلق النبي(ص) يدعو قومه إلى التوحيد ونبذ الأصنام. واجه صعوبات جساماً من قريش، لكن ثباته وإيمانه جعلا دعوته تمتد شيئاً فشيئاً.

المحطة الرابعة: الهجرة وبناء الدولة الإسلامية

بعد ثلاثة عشر عاماً من الصبر في مكة، أُذن له بالهجرة إلى المدينة المنورة. هناك أسس مجتمعاً قائماً على الأخوة والعدالة، وبنى المسجد النبوي مركزاً للعبادة والتربية.

كما وضع (وثيقة المدينة) التي نظّمت العلاقة بين المسلمين وغيرهم، فكانت من أوائل الدساتير المكتوبة في التاريخ لانها قامت على أسس الإيمان والعدل والعيش المشترك.

المحطة الخامسة: الجهاد في سبيل الرسالة

خاض النبي(ص) عدة معارك فاصلة، مثل بدر وأحد والأحزاب وحنين، كان هدفها الدفاع عن الإسلام لا الاعتداء.

وقد أبرز في تلك المواقف شجاعة نادرة، حيث كان في الصفوف الأولى يقاتل مع أصحابه. ومع ذلك، فقد كان يسعى دوماً إلى السلام متى ما أمكن، كما في صلح الحديبية الذي فتح آفاقاً لنشر الإسلام. وكانت العبرة أن الجهاد الحق ليس توسعاً ولا انتقاماً، بل دفاع عن الحق والحرية الدينية.

المحطة السادسة: فتح مكة وإرساء التسامح

في السنة الثامنة للهجرة عاد النبي إلى مكة فاتحاً بعد أن أُخرج منها مظلوماً. ومع أنه دخلها بجيش قوي، فإنه عفا عن أعدائه قائلاً: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». بذلك وضع درساً خالداً في التسامح عند القدرة، وأثبت أن رسالته رحمة للعالمين.

لان القائد العظيم هو من يعفو عند المقدرة، فيحوّل الأعداء إلى أنصار.

المحطة السابعة: حجة الوداع وبلاغ الغدير

في السنة العاشرة للهجرة حج النبي حجة الوداع، وألقى خطبة جامعة ذكّر فيها بحقوق الإنسان وحرمة الدماء والأموال.

وفي طريق عودته، عند غدير خم، نصّب علي بن أبي طالب عليه السلام ولياً وإماماً للأمة بقوله:

«من كنت مولاه فهذا علي مولاه».

كانت تلك اللحظة إعلاناً واضحاً لمستقبل القيادة بعده لان الدين لا يكتمل إلا بتعيين القيادة الشرعية التي تواصل مسيرة الرسالة والتي تمثلت بشخص الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع).

المحطة الثامنة : أيامه الأخيرة والرحيل

اشتد مرضه في أواخر شهر صفر من السنة الحادية عشرة للهجرة، ومع ذلك لم يتوقف عن بث وصاياه للأمة: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم». رحل صلى الله عليه وآله وسلم يوم 28 صفر، تاركاً للبشرية قرآناً خالداً وسيرةً مضيئة وأهل بيت معصومين يحفظون الرسالة.

إن حياة النبي (ص) كلها كانت رسالة متواصلة حتى آخر لحظة، قائمة على الرحمة والحرص على الأمة كما وصفته ابنته الزهراء (ع) مستدلة بالآية الكريمة حيث قالت في خطبتها الغراء:

(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، ولنعم المعزي إليه صلى الله عليه وآله وسلم، فبلغ الرسالة، صادعا بالنذارة، مائلا عن مدرجة المشركين، ضاربا ثبجهم، آخذا باكظامهم، داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة).

فسلام الله عليك يا رسول الله يوم ولدت ويوم رحلت ويوم تبعث حيا وبيدك الشفاعة لامتك فانت الشفيع يوم الجزاء لقوله(ص) لابنته الزهراء (ع) يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة، فقد أنزل الله علي ” ولسوف يعطيك ربك فترضى “)، يقول الامام الصادق (ع): ( رضا جدي صلى الله عليه واله ألا يدخل النار موحد).

رزقنا الله واياكم زيارة النبي المصطفى (ص) في الدنيا وشفاعته في الاخرة.

انتهى