شدد على ضرورة أن تكون عملية التغيير منظمة ومبرمجة علمياً

كتب - غنام الغنام


اكد وزير الاوقاف الشؤون الاسلامية ووزير التخطيط الاسبق الدكتور علي الزميع ان العالم يشهد رياح الديمقراطية العاتية لأن الكثير من المشاريع الدولية الآن بات يحمل عنوان الديمقراطية والاصلاح السياسي وكمثال على ذلك اشار الى ما تردد حول ما يسمى مشروع الشرق الاوسط الكبير لافتا إلى أن دول الخليج ذات تاريخ وسمات خاصة تشمل ظروفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وقال د. الزميع في الجلسة الثانية لمؤتمر »الاصلاح السياسي في العالم العربي من منظور مقارن »الذي يعقد بالتعاون بين كلية العلوم الاجتماعية والسفارتين الفرنسية والالمانية: ان مسألة مستقبل الديمقراطية والاصلاح السياسي في دول الخليج العربي من المسائل الملحة والتي يجب ان نتصدى لها بالمناقشة والحوار والدعوة والتوعية والتثقيف وأوضح ان الاصلاح السياسي لم ينشأ دفعة واحدة في اي من الدول التي ينطبق فيها الآن بل اتى نتيجة مواجهة لمشكلات وعقبات كلما تغلب المجتمع على وحدة منها اقترب من انضاج تجربته الديمقراطية .

وتحدث الزميع عن الخلفية التاريخية للتطور السياسي في الكويت قائلا: إنها كانت نواة الروح الديمقراطية التي تشكلت في القرن السابع عشر الميلادي فقد تمكن الكويتيون في هذا الجزء الكبير من تاريخهم الأول من تأسيس مجتمع مستقر سياسيا نسبيا من خلال التوافق على اختيار الحاكم بعد ذلك تلاحقت الأحداث في بدايات القرن العشرين خصوصا خلال فترة حكم الشيخ أحمد الجابر الصباح والتي كانت مفعمة بالتحولات والمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الكويت.

واستطرد الزميع قائلا أن : الكويت قد تعرضت للكثير من التحولات والمتغيرات الكبرى الداخلية والخارجية فقد شهدت الكويت صدور الدستور عام 1962 بعد الاستقلال والذي قرر اساسيات النظام السياسي من خلال مجموعة من المواد. وبخصوص قضية الاسر الحاكمة والاصلاح السياسي قال الزميع ان : دول الخليج العربي تشترك في ان الحكم فيها تتولاه اسر حاكمة منذ قرنين من الزمان, مشيرا الى ان اهم مشكلات الاصلاح السياسي كانت قدم هذه الاسر في الحكم ورسوخ نفوذها في مجتمعها وتناسقها مع »قبيلة المجتمع«, تولى حكام في حالات كثيرة في هذه الدول مقاليد السلطة من اقاربهم في نفس الاسر من خلال القوة وليس عن الطريق الطبيعي بالوراثة واستمرار سيطرة الاسر الحاكمة على الحياة السياسية وتولي اعضائها الكثير من المناصب الوزارية في القطاعات السيادية وظهور مشكلات في الاونة الاخيرة في تحديد من سيخلف الحاليين.

واشار الزميع الى انه فيما يتعلق بالقبلية والطائفية فقط تكونت مجتمعات الجزيرة العربية من خلال القبائل العربية ورغم ظهور الاسلام إلا ان القبلية لاتزال هي الاساس والمجتمع بعامة يعيش الثقافة القبلية والتي تتمثل في نشأة مجموعات الضغط السياسي او حتى الاقتصادي.

التيارات السياسية
وتطرق الى موضوع التيارات الفكرية والسياسية والاصلاح السياسي وقال ان البنية الاقتصادية الخليجية نشأت خلال فترة قياسية قصيرة من الاعتماد الكلي على مجموعة عناصر تقليدية الى أن انتقلت الى التوسع في عدة نطاقات اضافة الى النهوض السريع بالنسبة للنخب الاجتماعية والسياسية نتيجة للتوسع في التعليم ونمو القطاع الخاص.

صرعة جديدة
وبدوره قال استاذ الاجتماع بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتور علي الزعبي: ان الاصلاح وكما يعتقد المسؤولون العرب انه صرعة جديدة لابد ان تنتهي زمانها وتنتهي صلاحياتها ولا ضرر من ان يبقى مشرعا مع وقف التنفيذ.

وذكر الزعبي ان تقرير التنمية البشرية في العالم العربي يعكس حقيقة هذه الصرعة في مجموعة من المؤشرات هي عدم تحسن واضح في موقع البلدان العربية مقارنة بباقي البلدان العالم, وأن اكثر الدول العربية وقعت على المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان الا ان هذه المعاهدات لم تدخل في الثقافة القانونية لهذه الدول ولا في صلب القانون العادي , كما أن هناك علاقة متينة وقوية بين السلطتين السياسية والقضائية في العالم العربي وهو ان تعيين وترقية واغراء القضاء بالمناصب التنفيذية العليا تمنح فقط لاولئك المتعاونين مع السلطة السياسية.

وبخصوص مفهوم الاصلاح قال الزعبي: أن مفهوم الاصلاح يعكس سياسة تهدف الى خلق اتجاهات جديدة في السياسة العامة والتي تقوم على مجموعة من المبادئ المتمثلة في: سيادة دول القانون, تحرير الاقتصاد, تقييد دور الحكومة, اطلاق الحريات الفردية, تمكين المجتمع المدني.
وجود دواعي الاصلاح قال الزعبي ان : ارتفاع مؤشر الخطر في جوانب الاصلاح كثيرة وهي التخلف السياسي والدستوري والعنف الارهابي الديني , وارتفاع معدلات الفقر, وضعف المركز المالي ,وضعف مؤشرات التنمية , تردي الخدمات التعليمية والصحية, التخلف الثقافي وانتشار المخدرات ونمو مظاهر الفساد.

وعن ابعاد الاصلاح قال انها تنقسم الى ثلاثة ابعاد وهي: البعد السياسي المتعلق بطبيعة السلطة السياسية, البعد التقني المتعلق بعمل الادارة العامة, البعد الاقتصادي والاجتماعي, واضاف: ان معايير الاصلاح تنقسم الى تسعة معايير وفقا لبرنامج الامم المتحدة وهي المشاركة, حكم القانون, الشفافية, حسن الاستجابة, التوافق, المساواة, الفعالية, المحاسبة, الرؤية الستراتيجية.

وفيما يتعلق بقضية الفساد اشار الزعبي الى ان مصطلح الفساد هو ان السلوك المخالف للقانون الذي يحاول افساد النسق الثقافي الذي يحدث فيه وتنقسم أنواعه الى قسمين هما: الفساد الافقي او الفساد الصغير وهي الرشوة والواسطة والمحاباة, الفساد العمودي أو الفساد الكبير وهي استغلال المنصب لمصالح ذاتية خاصة كالمناقصات والعطاءات والقروض غير المؤمنة وبيع وحدات القطاع العام والتملك واستغلال الاراضي المملوكة.

وبين الزعبي ان مسببات الفساد تأتي من خلال: سيادة نسق الحاكم المركزي, التزاوج بين من يملكون السلطة ومن يملكون المال, سيطرة الاقرباء, فساد الانجال, مافيا الاعلام, المليشيا المثقفة, المال السياسي , شراء الحصانة البرلمانية, اساءة استخدام المنصب, والقطاع الخاص.