كتب بندر سليمان


من لا يتمنى بيت عمر له ولاولاده، خيرا من السكن في الشقة اشبه بصندوق يحد من حريتهم ويقيدهم بحركة وميول الجيران في نفس السكن، ولكن ما كل، يتمناه المرء يدركه، فالانسان يجد نفسه مكرها في احايين كثيرة على القبول بأسوأ الحلول.
وفي المجتمعات الخليجية السكن في شقة هو ابغض الحلال في ظل قوانين تحد من قدرة الاسرة على امتلاك بيت العمر، وارتفاع حاد في اسعار الاراضي والبيوت.
لا يقدر الناس على التعبير عن حريتهم وانفسهم وهم اسرى عيون الاخرين، واربعة حوائط لا ينفذون منها لانها ليست ملكهم، والفنانون والاعلاميون الكويتيون والخليجيون هم جزء من المجتمع وينطبق عليهم ما يسري على العامة من ميل الى بيت يؤويهم ويمنحهم الحرية والراحة التي ينشدون.

افلام عربية
الفنان طارق احد المكتوين بنار الشقة الايجار، يرى ان زوجته ام محمد تستحق ما هو اكبر واثمن من الشقة التي يقطنانها واولادهما حاليا، فالكويتي بطبعه مضياف وميال الى جلسة «الحوش» واخذ راحته في منزله ولكن «ما باليد حيلة».

ويقول: اصبحنا تماما مثل الافلام العربية لا حديث لنا إلا عن الشقة والايجار وموقف السيارات «والاصنصير» و«بطل الغاز» لكن ما عسانا نقول ونحن مكرهون على عيشة الشقق.
ويضيف العلي: اعتدت دائما علي العيش في بيت ملك نتحرك فيه ونتصرف على طبيعتنا وراحتنا ونستقبل ضيوفنا دون عناء، ولكن من بعد فوضى تجربة الحياة الزوجية اضطررت الي عيشة الشقق على أمل الحصول على بيت العمر، لكن الأمل طال وبقينا اسرى الشقة، فكلما جمعت «فلسين» لاشتري بها بيتا خاصا يمنح اسرتي الحرية والحياة الاجتماعية الكويتية التي نتمناها جميعا، لكن كلما اقتربت من تحقيق الحلم كلما ابتعد اكثر تماما كالسراب، فاسعار البيوت والاراضي في ارتفاع مستمر ووصلت مبالغ خيالية لا يملك بلوغها او تحصليه، لذا سيبقى مشروع البيت الخاص حلما مؤجلا وسنبقى انا واسرتي اسرى الشقة المؤجرة لفترة مقبلة.

قوانين حكومية
وضع الفنانة مريم الصالح لا يختلف كثيرا عن زميلها طارق العلي فهي تسكن وولديها في شقة، ولكنها تمليك وتحديدا في الصوابر حيث منحتها الحكومة سكنا في المجمع، ولكن الصالح تشعر بندم كبير على هذا الاختيار، وبات مكتوبا على احد ولديها ان يدفع الثمن غاليا.
وانتقدت الصالح القوانين الحكومية في ما يخص الشقق التي منحت للمواطنين في الصوابر، فهي صغيرة وبحاجة لصيانة ولم تعد كافية لاسرة تتوسع وينمو أبناؤها ويرغبون في اكمال نصف دينهم.
وتقول الصالح: بات لزاما على احد ولدي ان تزوج ان يعيش في الشقة التي نعيش بها حاليا، فالقانون ينص على ذلك، ولا نملك تغيير ذلك فالشقة صغيرة ولا تصلح لتكوين اسرة ناهيكم عن عدم استيعابها لنمط الحياة الكويتي الميال الى الاجتماعية والضيافة والزيارات واستقبال الاهل والاصدقاء.
وتضيف، لا يوجد ما هو افضل من بيت خاص، فجلسة الحوش واستكانة الشاي بين الصديقات والاقارب والاولاد تسوى ثروة، والشقة لا تمنحك هذه الحرية وهذه المتعة التي توارثها الكويتيون ابا عن جد.
ودعت الفنانة مريم الصالح الى ايجاد حل للمشكلة التي تعاني منها وكثير من الاسر الكويتية التي اختارت العيش في شقق حكومية، فامتلاك شقة لا يعني الحرية التي ينشدها الانسان في بيته، فلا يعقل ان يدفع الابناء ثمن خيارات الاباء، ولتضع الحكومة في اجندتها المستقبلية ان رغبت في مشاريع شقق سكنية ان تراعي توسع الاسرة وتنامي عدد افرادها ونمط حياة الانسان الكويتي.

طفشنا من الشقة
تعيش المذيعة مشاعل الزنكوي وزوجها مصعب حاليا في بيت مؤجر، بعد ان فرا من عيشة الشقق التي خبراها بعد زواجهما مباشرة.
ويقول مصعب انه وزوجته مشاعل طفشا من الحياة في شقة مؤجرة بعد فترة قصيرة من التجربة، فنحن لم نعتد مثل هذه العيشة، وحرية الحركة والجلوس والتصرف في منازلنا تسوى التضحية، لذا قمنا باستئجار منزل خاص بنا على الرغم من ارتفاع قيمة الايجار في الكويت حاليا.
اما مشاعل فترى ان قعدة الحوش في العصرية ووسط الحديقة تسوى اموال الدنيا وبعد ان عشنا في شقة مغلقة علينا سئمت ذلك واحسست بانني في «سجن من اربع حيطان» لذا اتفقت وزوجي على ان الحرية تعني الكثير ونريد ان نستقبل اهالينا واصدقاءنا دون قيود او فضول الاخرين.
وتمنت الزنكوي وزوجها ان يحظيا قريبا بفرصة امتلاك عش الزوجية الخاص بهما على الرغم من ارتفاع اسعار العقارات في الكويت، والذي يحد من قدرة الازواج الشباب على تحقيق هذا الحلم الاجتماعي المشروع.

صندوق مقفل
الفنانة زهرة عرفات مكتوية هي الاخرى بنيران عيشة الشقق، ولكن «مكره اخاك لابطل» فليس بمقدورها وزوجها امتلاك بيت خاص بهما في الوقت الراهن، لذا لابد وان يقبلا بعيشة الشقق والعمارات حتى يجد مخرجا لهذه «الازمة».
وتقول عرفات، من لا يتمنى ان يسرح ويمرح في بيته، ويمنح اطفاله حرية الحركة واللعب والاستمتاع بالهواء الطلق في منزل خاص به دون ان يتعرض لفضول الناس او تقيد حركته في شقة اشبه بصندوق مقفل لا مجال فيه للحركة ولممارسة الحياة الاجتماعية التي اعتاد عليها الانسان الخليجي.
وتؤكد زهرة على ما ذكره العلي والزنكوي عن الارتفاع الكبير في اسعار العقار داخل الكويت، والذي يحد من قدرة الاسر على تحقيق حريتها والتنفس داخل منزل خاص لها فيه مطلق الحرية والحركة وممارسة الحياة الاجتماعية التي يهوونها.

لا يتمناه لعزيز
اما المذيع فهد العنزي فيرثى لحال من يعيشون في شقق مؤجرة من المواطنين، فهذا يتعارض مع تكوينهم الاجتماعي والنفسي ويجعلهم بما يشبه سجنا اختياريا ولا يتمناه لعزيز.
ويقول العنزي الذي لم يجرب عيشة الشقق والعمارات إلا في السفر جبلت على الحياة في بيت ومنزل خاص، حيث قضيت ردحا من العمر في منزل اسرتي، ولم استقل عنهم إلا من خلال بيت خاص بي، فلم افكر قط في تأجير شقة لانها تتعارض مع تكويني وغريزتي الاجتماعية الميالة الى الحرية وجلسة الحديقة والحوش في «حزات العصر والمساء» بين الاسرة والاطفال والاهل، ففي ذلك متعة لا تضاهيها متعة، ولكن من لا يملك القدرة على شراء هذه الحرية، لن يجد امامه سوى عيشة الشقق، والصبر على هذه الزنزانة العائلية التي فرضها نمط الحياة المعاصر على الاسرة الخليجية.