نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

الأوضاع المأساوية في العراق تدفع الكثير إلى التفكير بالانتحار

13/3/2024



كبار السن من أكثر الفئات المعرضة للمخاطر في العراق، حيث يواجه العديد منهم الفقر والمرض والعزلة، نتيجة لفقدان مصادر الدخل والممتلكات، وهجرة أفراد العائلة، وضعف الخدمات الصحية المتاحة في خضم الأزمات المتفاقمة في البلاد


ديالى – الرافدين

يتساءل عراقيون عن أسباب اتساع ظاهرة انتحار المسنين في العراق بعد أن تنامت في الآونة الأخيرة بشكل مثير للاهتمام وتسجيل حالات متفرقة في عموم البلاد.

ويعزو مختصون دوافع انتحار المسنين إلى المشكلات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، أبرزها الفقر والبطالة وانعدام الأمل بوجود تغيير إيجابي، مع استمرار حالة الأزمات السياسية في البلاد، وعجز الحكومة معالجة ملفات الخدمات والسيطرة على مستويات الفقر والبطالة بعموم مدن العراق.

وأشاروا إلى أن فئة كبار السن من أكثر الفئات المعرّضة للمخاطر في العراق، يواجه العديد منهم خطر الفقر والمرض والعزلة، نتيجة لفقدان مصادر الدخل والممتلكات، وهجرة أفراد العائلة، وضعف الخدمات الصحية المتاحة في خضم الأزمات التي يعيشها العراق منذ سنوات.

وأفاد مصدر أمني بانتحار رجل مسن بإطلاق النار على نفسه في قضاء خانقين شمال شرقي محافظة ديالى، مبينًا أنها حالة الانتحار الثانية خلال أسبوع.

وقال إن “رجلاً مسنًا من مواليد 1948 انتحر، باطلاق النار على نفسه في مدينة خانقين شمال شرقي ديالى”.

ولفت إلى أن هذه الحالة تأتي بعد المسن الثمانيني الذي انتحر بناحية السعدية التابعة لقضاء خانقين قبل أيام.

ورصدت مفوضية حقوق الإنسان، تزايد ما أسمته “الانتحارات الاستثنائية” في السنوات الثلاث الماضية.


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


صلاح مهدي: نسبة الزيادة في انتحار المسنين تتراوح من 5-7 بالمائة وهي نسبة عالية تدل على أن صفة الاستثنائية لانتحارات المسنين باتت من الماضي وأصبحت انتحارات معتادة

وقال مدير مفوضية حقوق الإنسان في ديالى صلاح مهدي، إن “انتحار المسنين من الحالات الاستثنائية والنادرة في ديالى وبقية المحافظات لكنها بدأت تبرز بشكل لافت في السنوات الثلاث الأخيرة على نحو جذبت الانتباه إليها خاصة وأن بعضهم تجاوز الـ 80 سنة”.

وأضاف، أن “نسبة الزيادة في انتحار المسنين تتراوح من 5-7 بالمائة وهي نسبة عالية تدل على أن صفة الاستثنائية لانتحارات المسنين باتت من الماضي وأصبحت انتحارات معتادة”.

وأشار إلى أن “المفوضية بدأت برصد لانتحار المسنين في 2022 وكنا نظن أنها حالات فردية لكن مع تكرارها بات الأمر يستدعي قراءة أخرى لشريحة كنا نظن أنها الأقوى في مواجهة كل العوامل والضغوط التي تدفع إلى الانتحار”.

ولفت إلى أن أسباب الانتحار متعددة من بينها الفقر والضغط النفسي الناجمة عن المشاكل الأسرية، مشيرًا إلى أن هناك مسن أنهى حياته في بداية العام الحالي بعد وصول قرار إزالة منزله المتجاوز قبل أيام، في صورة مؤلمة ومأساة شكلت فاجعة لأسرته الفقيرة.

وترى الباحثة العراقية ثائرة أكرم العكيدي أن “المجتمع العراقي لم يعرف سابقًا ظاهرة الانتحار فهي لم تكن موجود إلا بحالات فردية ومحدودة، والأمر لم يعد كذلك اليوم حيث باتت المستشفيات تستلم بانتظام جثثًا لمنتحرين في مؤشر على ازدياد هذه الحالة بعد 2003”.

وأشارت العكيدي في تصريح لقناة “الرافدين” أن “دوافع الانتحار هي نتيجة لتوالي الخيبات على العراقيين حيث يظن بعضهم أن الانتحار هو طريق للخلاص من المحن التي يعيشها في ظل حكومات الاحتلال”.

ولفتت إلى أن “حكومات الفساد خنقت الشعب على كافة الأصعدة النفسية والاقتصادية الاجتماعية، والإحصائيات تظهر تصاعًا مخيفًا مقارنة بالأعوام السابقة”.

وأعلنت محكمة الرصافة في بغداد، تسجيل أكثر من خمسة آلاف حالة انتحار وعنف أسري خلال عام 2023.

وكشفت رئاسة محكمة استئناف بغداد الرصافة عن “تسجيل محاكم التحقيق (4962) ألف حالة عنف أسري خلال العام الماضي فيما تم تسجيل (210) حالة انتحار واتجار بالبشر”.

وذكر المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، أن “محاكم التحقيق في الرصافة سجلت (4962) حالة تعنيف ضد كبار السن وأطفال ونساء وكانت مقسمة على (177) حالة ضد الأطفال، حيث كان أعلى معدل لها في شهر أيلول بواقع (27) حالة، فيما تم تسجيل حالات تعنيف ضد النساء إذ بلغت (4165) حالة مسجلة وكان أعلى معدل لها خلال شهر آب بواقع (445) حالة”.

وأشار إلى أن (620) حالة تعنيف ضد كبار السن سجلتها محكمة التحقيق وكان أعلى معدل لها خلال شهر كانون الأول بواقع (70) حالة.

وأضاف أن “المحكمة ذاتها سجلت (40) حالة انتحار بواقع (24) للذكور و(16) للإناث”.

وعلى الرغم من الإقرار الحكومي بالمنعطف الذي يعيشه المجتمع العراقي، والإعلانات الحكومية الكثيرة على مدار السنوات الماضية التي تؤكد تشكيل لجان مختصة لمتابعة تنامي ظاهرة الانتحار بشكل خطير واتخاذ حزمة من التدابير لمواجهة تنامي هذه الظاهرة، إلا أن كل ذلك لم ينتج عنه سوى زيادة كبيرة جدًا في نسبة المنتحرين.

وقال النائب سجاد سالم إن “الحكومة قبل أشهر أقرت الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار 2023-2030، لكن إلى الآن لا توجد أي خطوات ملموسة لتطبيق هذه الاستراتيجية، على الرغم من ارتفاع حالات الانتحار بشكل كبير وخطير في مختلف المحافظات”.

وأوضح “الأوضاع المأساوية، دفعت بالكثير إلى الانتحار أو التفكير بالانتحار، والإهمال الكبير لهذا الملف الخطير طيلة السنوات الماضية، ساهم بانتشاره داخل المجتمع العراقي”.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

ثائرة أكرم العكيدي: دوافع الانتحار هي نتيجة لتوالي الخيبات على العراقيين حيث يظن بعضهم أن الانتحار هو طريق للخلاص من المحن التي يعيشها في ظل حكومات الاحتلالوأضاف “لا نبالغ عندما نحمل القوى السياسية المتنفذة مسؤولية ارتفاع معدلات الانتحار في العراق، كونها أخفقت بتوفير حياة كريمة وكذلك أعطت صورة بأنه لا أمل للتغيير”.

ويرى باحثون أن “ظاهرة انتحار المسنين في العراق تنامت في الآونة الأخيرة، مع تزايد الضغوط النفسية المرتبطة أساسًا بحالة الإحباط المزمنة، والحنق حيال الأوضاع الاجتماعية، وغياب أي آفاق للاستمتاع بالحياة”.

وأكدوا بأن هؤلاء المسنين يجدون أنفسهم وحيدين ومعزولين وسط أحوال اجتماعية مزرية تحرجهم من سؤال المساعدة ومد اليد بطلب المعونة، فضلًا عن غياب أي سياسة تهتم بهذه الشريحة الذين يتركون لأنفسهم وللإهمال.

وأضافوا أن “الإهمال الحكومي لهذه الشريحة وافتقادهم للرعاية والعناية اللازمة والضرورية في هذه المرحلة العمرية، وبالأخص من أصيب منهم بأمراض مزمنة ولد لديهم الرغبة في الانتحار بحثًا عن الكرامة المفقودة والتي لم يعد بمقدور هؤلاء الأشخاص المحافظة في أقل اعتبار على كرامتهم في الأوطان التي ولدوا فيها”.

ولفتوا إلى أن “كرامة كبار السن في العراق تهان يوميًا في وقت تصف فيه الحكومة نفسها بأنها حكومة خدمة جاءت لخدمة العراقيين لتجدهم عاجزين عن الحصول على أبسط حقوقهم ومنها مشاهد اكتظاظهم أمام شبابيك الرعاية الاجتماعية وغيرها من المشاهد التي تفضح زيف الشعارات الحكومية”.