كتاب جديد في تل أبيب يثير عاصفة..
كتاب يثير أسئلة هل توجد أصابع فلسطينية ؟
هل الكتاب رسالة مخابراتية !!
دبي - خالد عويس
سيمر وقت طويل بنظر كثيرين قبل أن تتكشف الحقائق الكاملة حول وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وتتم الاجابة على السؤال الأهم: غاب أم غيّب ؟ لكن وكما هي عادة الصحافة دائما، في محاولاتها لهتك الأسرار باكرا، أثار صحافيان إسرائيليان عاصفة من الأسئلة بعد أن ألفا كتابا أكدا من خلاله أن الرئيس الفلسطيني مات مقتولا نتيجة حقنة سم ثم حقنة أخرى ملوثة بالإيدز.
ويرى محللون فلسطينيون، أن الأسئلة التي أثارها عاموس هارئيل المراسل العسكري في صحيفة هاآرتس وآفي يسسخاروف مراسل إذاعة صوت إسرائيل في الأراضي المحتلة ، تهدف على الأرجح لتحقيق مكاسب سياسية بعينها لإسرائيل، لكنها لا تخلو من أوجه للصحة.
وكان هارئيل ويسسخاروف أصدرا قبل أسابيع كتابا جديدا موسوما بـ"الحرب السابعة"، بدا أن تناوله لحروب إسرائيل مع العرب منذ 1948 لم يستأثر بأي انتباه، بعكس تعرضه لوفاة عرفات الذي جدد الجدل حول وفاته "المثيرة" في 11 نوفمبر 2004.
لكن مصادر أخرى ألمحت لـ"العربية.نت" أن بعض المحيطين بعرفات باتوا يتحدثون عن ثقة بأنه حقن أو خدش جسده بـ"تركيبة مزدوجة" تحوي سما بالإضافة لفيروس قاتل يرجح أنه "الإيدز". وتم اختيار الإيدز بحسب هؤلاء لإلهاء الأطباء المعالجين عن السم. وتقول هذه المصادر ذاتها التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، إن أشخاصا ذوي نفوذ في فلسطين وعلى علاقة بإسرائيل كانوا على علم بهذه الخطوات.
كتاب يثير أسئلة
وفي فصل من كتاب "الحرب السابعة" الذي نشرته صحيفة "هآارتس" تمت الإشارة إلى أن تقرير الدكتور أشرف الكردي، الطبيب الخاص لعرفات أكد أن الأطباء في باريس عثروا على عوارض مرض الإيدز في دم عرفات، ويرفض الكردي كشف المصدر الذي استقى منه هذه المعلومات، ويقول: إنه تم تسريب جرثومة الأيدز إلى دمه لتمويه عوارض التسمم التي تسببت في وفاته.
وكانت مجلة "الأهرام العربي" المصرية نشرت مقتطفات من الكتاب في عددها في مطلع أكتوبر 2005، ضمن تقرير كتبه الزميل مهدي مصطفى، جاء فيه على ذمة الكتاب "مجموعة من الأطباء الإسرائيليين والأجانب, الذين اطلعوا علي التقرير الطبي للرئيس عرفات استنتجوا أنه توفي نتيجة تسمم أو إصابة بمرض الإيدز, بسبب تسريب الجرثومة إلي دمه دون استبعاد أن تكون وفاته نجمت عن تلوث في الدم".
وتمضي المجلة المصرية في القول إن مفاجأة كتاب الحرب السابعة جعلت بعض أعضاء الكنيست من عرب 48 يتحركون لمعرفة الحقيقة, وتقدم عضو المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة باستجواب مماثل لم ينظر فيه إلي الآن.
هل توجد أصابع فلسطينية ؟
وفي اتصال هاتفي معه، قال عضو الكنيست عصام مخول لـ"العربية.نت" إنه شكك سابقا في دور ما لإسرائيل في إزاحة عرفات. وجدد شكوكه حول وفاة عرفات مسموما، مشيرا إلى أن الإسرائيليين أنفسهم باتوا الآن يطرحون أسئلة حول الأمر.
وزاد مخول بأن هذه الأسئلة التي يطرحها الكتاب محرجة جدا بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة. وألمح مخول إلى أنه لو ثبت لاحقا تورط جهات فلسطينية في الأمر كما يشاع حاليا، فإن الأيادي الفلسطينية على حد قوله ستكون مجرد أداة لجهات أخرى كانت معنية بإخراج عرفات من اللعبة، وهي ذاتها الجهات التي صرحت مرارا بذلك.
ووفقا لمجلة "المجتمع" الكويتية فإن مسؤولين رسميين إسرائيليين نفوا على نحو قاطع ما ورد في الكتاب، لكن البروفيسور جيل لوجاسي الخبير في علوم المركبات الدموية أنه يستنتج من التقرير الطبي لعرفات، أن العوارض التي يشير إليها التقرير يمكنها أن تشير إلى إصابته بالأيدز، وقال: "إن التلوث الذي يبدأ في الجهاز الهضمي ويتدهور بسرعة إلى حد انهيار جهاز التخثر الدموي يعتبر من عوارض الأيدز".
وحسب رأيه فإن التقرير يتجاهل تماماً احتمال إصابة عرفات بالأيدز، مضيفاً أن التقرير يشير إلى إجراء فحوصات لعشرات الأمراض والجراثيم إلا أنه لا يشير إلى إجراء فحصHIV أو إلى أي مداولات جرت لفحص هذا الأمر، وقال البروفيسور لوجاسي: "انه لو تم إجراء فحص لمعرفة ما إذا أصيب بالأيدز وكانت النتائج سالبة، لما كانت هناك أي مشكلة تمنع نشر النتيجة".
هل الكتاب رسالة مخابراتية !!
وتشير مجلة "الأهرام العربي" إلى أنه على الرغم من تسلم سها عرفات أرملة الزعيم الراحل التقرير الطبي, ثم ناصر القدوة وزير الخارجية الحالي في السلطة الفلسطينية لنفس التقرير, فإن أحدا لم يستطع فك الطلاسم التي رافقت مرض عرفات المفاجيء, وموافقة إسرائيل علي خروجه للعلاج بعد وساطة عربية وأوربية لضمان العودة بعد العلاج.
وكانت إسرائيل تعرف أنه لن يعود, فقد خرجت تصريحات متتالية من تل أبيب بأن حقبة عرفات انتهت, في انتظار الورثة القادرين علي تنفيذ مخطط السلام علي الطريقة الإسرائيلية. ينتهي تقرير المجلة المصرية لتثار الأسئلة مرة ثانية بواسطة الفلسطينيين أنفسهم، ولعل هناك احساسا في أوساطهم بأن هناك ثمة صمتا مقصودا من قبل الأطراف كلها.
ويقول محللون فلسطينيون فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم لـ"العربية.نت" إن المخابرات الإسرائيلية دأبت على تمرير رسائل على هذه الشاكلة من حين لآخر بغية تحقيق مكاسب سياسية على الأرض، على الرغم من احتوائها - أي الرسائل - على قدر من الصحة مدسوسة فيه بعناية، معلومات مغلوطة أو مشوهة.
وفي حال كتاب "الحرب السابعة" الذي صدر حديثا في إسرائيل، تبقى الإجابة على السؤال الرئيس صعبة للغاية، وتمثل حرجا بالغا للأطراف كلها، إذ تترتب عليها استحقاقات ربما تنسف جهود التسوية السياسية.
وفي برنامج "العين الثالثة" الذي بثته قناة "العربية" في 7 يونيو الماضي ، ومن تقديم الزميل أحمد عبدالله، تحدث مقربون من عرفات بعضهم كانوا معه في مبنى المقاطعة في رام الله، عن أمور غير طبيعية في مرضه الأخير. كانت تلك بدقة كلمات رئيس الفريق الطبي في مستشفى رام الله الدكتور عمر دقة.
الدكتور دقة قال بالحرف إن هناك شيئا غير طبيعي فيما يتعلق بمرض عرفات، وهو يعتقد أن مرضه الأخير لم يكتشف بعد.
في البرنامج ذاته، راح الدكتور أشرف الكردي يؤكد أن ما جرى لعرفات لا يخرج عن نطاق نقص مناعة ناتجة عن فيروس، أو تسمم. أما المقدم منير الزعبي المسؤول الثاني في مجموعة الحراسة الخاصة بعرفات، فهو يرجح موت عرفات بالسم، إنما ليس عن طريق الطعام.
وأشار الزعبي إلى أن أعراض المرض بالأوصاف ذاتها، كانت انتابت عرفات قبل مرضه الأخير بعام كامل، بعد أن التقى وفدا نسائيا مؤلفا من حوالي ألف امرأة من ناحية سلفيت. وقال الزعبي إن عرفات سرعان ما اشتكى من استفراغ أثناء وجودهن.
ويذكر الزعبي أن عرفات أصيب بتعب شديد بعد ذلك، وأرسلت عينات من دمه وبوله إلى باريس بهدف فحصها. وبعد عام كامل، انتابت عرفات الأعراض ذاتها.
ولا تنكر مصادر فلسطينية مطلعة وفقا لمعلومات استقتها من دوائر فلسطينية عليا، بأن هذه الدوائر لا تخفي شكوكها التي تصل لحد اليقين بأن عرفات "مات مقتولا"، لكن الموقف السياسي برمته سينحدر إلى نقطة يصعب السيطرة عليها فيما لو خرج مسؤولون فلسطينيون أو حتى قادة الفصائل بتأكيدات علنية على واقعة مقتل عرفات.
المفضلات