أكتوبر 3, 2023


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



مشروعا “الأدلة الجنائية ومواقف معهد القضاء” تاها في سراديب التأجيل رغم انتهاء المدة التعاقدية


  • مهندسة المشروع: القصور واضح لدى الوزارة والرقابة متواضعة جداً ولا جهاز فنياً للمتابعة
  • مقاول معهد القضاء تناسى إنشاء طابقين ولم يُنفذ جسر المشاة ولم تُوقع عليه أي خصومات!



سعود الفرحان


لم يكن مشروع جسر الافنيوز -الذي اثير بشأنه جدل واسع إثر الحادث الذي وقع مطلع الاسبوع الجاري- الوحيد المعطل والمتأخر، بل لم يكن سوى رأس جبل الجليد، وأحد المشاريع ضمن قائمة طويلة من المشروعات المتأخرة والمعطلة، التي انتهت مدة العمل فيها بحسب العقود من دون ان تجد طريقها الى النور، أو أن يتم تسليمها الى الجهات المستفيدة أو المالكة، بسبب اهمال بعض موظفي وقياديي وزارة الاشغال ومحاباتهم للشركات المنفذة والمقاولين العاملين فيها.

وإذا كانت القائمة اطول من حصرها، فقد حصلت “السياسة” على وثائق تتعلق بمشروعين على وجه الخصوص، لا يزالان يُراوحان مكانهما رغم انتهاء مدد العمل فيهما والحاجة الملحة والشديدة لهما.

كان المشروع الأول هو انشاء وانجاز وصيانة وتأثيث مبنى الادارة العامة للادلة الجنائية الذي انتهت مدة التعاقد لانجازه في 1 اغسطس 2022 في حين بلغت نسبة الإنجاز الفعلي 57%.

مهندسة المشروع المكلفة بموجب القرار (10/2022) أكدت ان الأمر لا يتوقف عند تأخير العمل في المبنى، لافتة الى ان هناك عيوبا انشائية وخرسانات معيبة بالأعمدة المصبوبة.


وقالت في تقرير -حصلت “السياسة” على نسخة منه-:

إن البداية الفعلية للعمل في المشروع كانت 28 نوفمبر 2017، اذ تم توقيع العقد في 19 يوليو 2017، وصدر أمر المباشرة في 15 أكتوبر 2017، وبالتالي فإن النهاية التعاقدية للمشروع كانت مفترضة في 13 أكتوبر 2020.

واشارت مهندسة المشروع التي تم تكليفها بالمهمة في 6 يوليو 2022 الى ان التاريخ التعاقدي المعدل لتسليم المشروع في 31 اغسطس 2022 بناء على تمديدات مستحقة تم منحها للمقاول وقد بلغت نسبة الانجاز فيه طبقا للتقرير الشهري المقدم من المقاول 50% لاسباب عائدة الى المقاول نفسه.

واضافت في كتاب رفعته بشأن موقف المشروع: تبين لي وجود قصور واضح لدى الوزارة ورقابة متواضعة جداً لجملة من الاسباب، تشمل: عدم وجود جهاز فني متخصص وذي خبرة فنية تؤهله لمتابعة اعمال المشروع، وبيان مدى التزام المقاول بمواصفات العقد، والتي تعد دستور العمل بالمشاريع، كما ان معظم مكونات العقد عبارة عن بنود تخصصية، وذلك طبيعة خاصة تحتاج الى خبرات خارجية مؤهلة لذلك.

وألمحت إلى أنه في مرحلة من المراحل تم الاستغناء عن خدمات استشاري المشروع وهذا بحد ذاته ادى الى قصور واضح في الرقابة على العقد، مؤكدة ان المشروع استهلك المدة التعاقدية الاصلية والاضافية.

وأوصت المهندسة في كتابها بتشكيل لجنة “فنية، قانونية، مالية” عليا للوقوف على وضع المشروع وامكانية استمرار المقاول المنفذ الحالي باستكمال العمل ومراجعة جميع الاعتمادات السابقة واللاحقة “مقاولين، مواد” للوقوف والتأكد من سلامتها وذلك حفاظاً على المشروع ومستخدميه وحفاظاً على المال العام.

هذا الكتاب، على ما يبدو، دفع الوزارة الى توجيه خطاب الى الشركة المنفذة ومدير المشروع، اشارت فيه الى وجود خراسات معيبة بالاعمدة المصبوبة في احدى مناطق المبنى وطلبت سرعة ازالة الاعمال المعيبة واستبدالها، مع حفظ حق الوزارة في اتخاذ ما تراه مناسبا بهذا الخصوص، تقديم دراسة كاملة تحتوي اسباب حدوث الاعمال المعيبة و طريقة الازالة مع الحفاظ على السلامة الانشائية للمبنى وبيان الاجزاء التي سيتم ازالتها وطريقة التدعيم واعادة الصب والاجراءات التي تم اتخاذها لعدم تكرار تلك العيوب وتحديد الاشخاص المسؤولين عن هذا العيب من الجهاز الفني.

في غضون ذلك تسبب تأخر العمل في المبنى وعدم تسليمه في موعده في مشكلة اخرى تنذر بإهدار نحو 11 مليون دينار من المال العام، هي كلفة مواد تأثيث ومعدات بـ11 مليون دينار، رفضت وزارة الداخلية تسلمها؛ لأن المبنى المفترض ان توضع فيه لم ينته العمل فيه.

وعلى اثر ذلك عقد اجتماع مشترك لقياديي الاشغال والداخلية للوصول الى حل، ابدى خلاله مسؤولو إدارة الادلة الجنائية مرونة وانطلاقا من مبدأ التعاون ابلغوا الاشغال بأنه سيتم عمل اللازم للموافقة المبدئية على الاجهزة شريطة اجتيازها للفحص والتشغيل على الا يعتبر ذلك استلاما للأجهزة، وان يتم الاستلام لاحقا بعد الانتهاء من المبنى واستلامه ابتدائيا.

وعلى اثر ذلك شكلت الوزيرة لجنة تحقيق انتهت من عملها، لكنها لم تفصح عن توصياتها، فيما علمت “السياسة” أن اللجنة أوصت بإحالة المهندسة السابقة المسؤولة عن المشروع للتحقيق، وكذلك القياديين الذين كانوا يرأسونها، ولم يعرف ماذا اتخذت الوزيرة من إجراءات بخصوص التوصيات.

وفي وقت لاحق، وجه جهاز متابعة الاداء الحكومي كتابا الى وزيرة الاشغال اكد فيه ان مدة الانجاز التعاقدي للمشروع انتهت في 31 اغسطس 2022 وان نسبة الانجاز الفعلية 57% حتى ديسمبر 2022 وبذلك تكون نسبة التأخير 42%.

ولاحظ الجهاز تأخر توريد وتركيب المعدات والاجهزة الخاصة بالمختبرات وتنفيذ الاعمال الكهربائية والميكانيكية، واعمال التأثيث، والتشطيب، وطلب تزويده بقرار تشكيل لجنة تقصي الحقائق بشأن المخالفات واوجه القصور التي شابت المشروع والاجراءات المتخذة لعالجة التأخير.

المسار الطويل والمتعثر لمشروع مبنى الادلة الجنائية كان مشابها الى حد كبير بمسار مشروع انشاء وانجاز وصيانة مواقف السيارات لمعهد الدراسات القضائية والقانونية، الذي شكلت لجنة فنية للكشف عن أعماله بهدف التسلم الابتدائي في اغسطس 2022، ففي نوفمبر 2017 وجه الوكيل المساعد لقطاع المشاريع الانشائية كتابا الى وكيل الوزارة، ردا على كتاب من الاخير يطلب فيه تأجيل سحب المشروع.

واكد الوكيل المساعد على وجود شواهد تثبت ان العقد يشوبه بعض المخالفات التي تتطلب الوقوف على حجمها واثرها.

واوضح ان فريق العمل الذي شكل لدراسة موقف المشروع تبين له ان ما تم تنفيذه فعليا على الطبيعة يقل دورين عن المطلوب تعاقديا ودون توقيع اي خصومات على المقاول، الذي لم ينفذ جسر المشاة الواصل بين المواقف والمعهد دون توقيع اي خصومات عليه او اصدار اي اوامر تغييرية بالخصم.

https://alseyassah.com/%d8%a7%d9%84%...b%d8%b1%d8%a9/