نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


خاص شفقنا-بيروت

حسم مصرف لبنان خياراته ويتوجّه لطباعة عملة لبنانيّة جديدة من فئة 500 ألف، قرار بالتّأكيد سيكون له انعكاسات على الواقع النقدي في لبنان، إنّ إيجابا لناحية تخفيف عدد الأوراق أو سلبا لما يُحكى عن إمكانيّة تسببه بزيادة التّضخّم الماليّ وتعميق الأزمة النّقديّة التي تعاني منها العملة الوطنيّة أمام الدّولار.

وفي هذا السّياق كان لوكالة شفقنا حديثا خاصّا مع الخبير الاقتصادي الدّكتور أحمد جابر أكّد فيه أنّ قرار المصرف المركزي بطباعة عملة جديدة من فئة ال 500.000 ل. ل.

سوف يؤدّي إلى زيادة في التّضخّم المالي، لأنّه سيؤدّي إلى زيادة الكتلة النّقديّة التي وصلت أصلا إلى أرقام قياسيّة، كما سيساهم في زيادة القدرة الشّرائيّة بالدّرجة الأولى إضافة إلى زيادة الطلّب على حساب العرض بالّدرجة الثّانية، ما سيدفع باتّجاه ارتفاع إضافيّ في الأسعار ويعزّز من نسب البطالة، مشيرا إلى أنّ حجم الكتلة النّقديّة كان عند بداية الأزمة منذ ما يقارب الثّلاث سنوات 5000 مليار ليرة، أمّا اليوم فقد بلغت حوالي ال 75 ترليون أيّ 75000 مليار ليرة لبنانية، وهذا التّفاقم في حجم الكتلة النّقديّة ساهم بالتّضخّم المالي والمضاربة وتراجع سعر صرف العملة الوطنيّة أمام الدّولار، وهذا الأمر هو ما سيتكرّر عند طباعة الفئة الجديدة.

هل حلّ الأزمة النّقديّة والاقتصاديّة يكون بطباعة العملة؟ ما هي الحلول الأنسب لهذا الوضع النقدي الذي نعيشه؟

“حتما حلّ الأزمة النّقديّة والاقتصاديّة لن يكون بطباعة العملة بل إنّ هذا الأمر سيفاقم الأزمة، لكن لا يوجد دواء يشفي من كلّ الأمراض”، يقول جابر، ويتابع: هناك عدّة علاجات يجب اعتمادها: أوّلاً أنّ يكون هناك سياسة ورؤية واضحة إلى جانب استراتيجيّة فعّالة يمكن من خلالها تحقيق الرّؤية والسياسات، ثانيا مواجهة العجز في الميزانيّة العامّة والعجز في ميزان المدفوعات وهذا الإجراء ضروري كونه في حال عدم معالجته سيؤدّي إلى انهيار اقتصادي كبير حتّى في كبرى الدّول، والمعالجة تكون من خلال الضريبة التصاعديّة، وترشيق الإدارة العامّة، وترشيد الإنفاق، وزيادة إيرادات الدّولة من خلال الجباية بشكل سليم واستغلال إيرادات الأملاك العامّة والضّريبة العقاريّة، إضافة إلى أصول وممتلكات الدّولة التي يمكن استثمارها بشكل يؤدّي إلى زيادة الإيرادات ومواجهة النّفقات العامّة المتفاقمة.

وأشار جابر إلى أنّه عندما يكون رصيد ميزان المدفوعات فائضا، فهذا يعني أنّ هناك عملات صعبة دخلت إلى البلد، ممّا يزيد من احتياطي هذه العملات، بينما في حال حصول العجز في ميزان المدفوعات فينبغي علينا التّخفيض من نسبة الاستيراد، وذلك يمكن أن يحصل من خلال دعم القطاعات الإنتاجيّة والعمل على بناء وتمتين البنية الاقتصاديّة التي من خلالها يمكن تحقيق أيّ نمو اقتصادي منتظر.
ولفت جابر إلى حاجة البلد إلى استثمارات أجنبية التي يؤخرها الفراغ الرئاسي وحكومة تصريف الأعمال، مؤكًّدا ضرورة حلّ العقدة الرّئاسية والحكوميّة، ليبدأ العمل بالخطط الإصلاحيّة التي تساهم بتعزيز ثقة المجتمع العربي والغربي بلبنان ويجذب المزيد من الاستثمارات، خاصّة أن لدى لبنان اليوم فرصة سانحة لاستغلال التّقارب العربي واستثماره في حلّ كل الأزمات التي يعيشها.

وقال جابر: لا بدّ من التّأكيد على أنّ القطاع المصرفي هو قطاع حيوي ولا يوجد اقتصّاد معافى في ظلّ ضعف هذا القطاع، لذلك المطلوب اليوم استعادة ثقة المودعين بالمصارف وإعادة هيكلتها، كما أنّ على المصارف أن تستعيد دورها الفعّال وأن تلعب دورها التّاريخي كجسر وسيط يربط بين الادّخار والاستثمار، مشيرا إلى أنّ هناك كلام اليوم حول إمكانيّة انضمام مصارف عربيّة وأجنبيّة غير لبنانيّة إلى القطاع المصرفي اللّبناني وهذا أمر جيّد يمكن أن يساهم في تفعيل الحياة الاقتصادية وإنعاشها من جديد، وهذا أمر بالتأكيد يتطلّب استقرارا أمنيا وسياسيّا يجب تحقيقه، خاصّة وأنّه يرتبط أيضا بضمان انطلاق عمليّات التّنقيب عن الثّروات الموجود في عرض البحر، ويؤثّر على حركة السياحة وتدفّق أموال المغتربين إلى لبنان.

لبنان على موعد مع فئة جديدة تنضم إلى فئات العملة الوطنيّة، قرار اتخذه مصرف لبنان بعد أن انهارت العملة اللبنانيّة أمام الدّولار، فأصبحت العملة تنقل بالأكياس والصناديق لكي يسدّد اللبنانيّون الدّفعات المستحقّة عليهم، فبين مؤيّد ومعارض، تبقّى الأيّام والأشهر المقبلة كفيلة بتحديد الانعكاسات الحقيقة لهذا القرار، ويبقى الأهم من كل هذه الإجراءات عودة الانتظام السياسي والمالي في لبنان لتعود الثقة وتعود معها الاستثمارات وتتحرك العجلة الاقتصادية من جديد.
مهدي سعاديشفقنا