نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


الخميس 25 مايو، 2023


شهد العراق خلال العامين الماضيين، تسريب أسئلة أكثر من مادة دراسية في امتحانات الشهادات، من بينها اللغة العربية والتاريخ واللغة الإنكليزية، ما أدى إلى تدخّل السلطات الأمنية والقضائية، وقام جهاز الأمن الوطني باعتقال موظفين في وزارة التربية بعد اتهامهم ببيع الأسئلة إلى صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن نتائج التحقيقات معهم لم تظهر أبداً.


وقال المتحدث باسم وزارة التربية العراقية، كريم السيد، إن “الوزارة اتخذت جملة من الإجراءات الاحترازية لمنع تسريب الأسئلة، كما جرت إعادة النظر في آليات النقل والحفظ والتوزيع، لمنع تكرار حوادث التسريب السابقة التي انتهت بنشرها عبر الإنترنت، ما أدى إلى الإخلال بثقة الطلاب في الوزارة”، موضحاً أن “الوزارة تعمل على إجراءات أعلى في مستوى الأمان والسرية، وبالنسبة لقطع الإنترنت، فمن المبكر الحديث عنه، لكنه في النهاية ليس قرار وزارة التربية، بل اللجان الأخرى المرتبطة بالأسئلة ووزارة الاتصالات”.

وتمثل أزمة تسريب الأسئلة في العراق، تحدياً نفسياً للطلبة، وتؤثر على نتائجهم، وبالتالي قبولهم في المعاهد والكليات، وفقاً لعدد من الطلبة، وقال أحدهم إن “الفساد في وزارة التربية هو السبب وراء تسريب الأسئلة، والتي يتم بيعها للطلبة من أبناء العوائل الغنية، أو أبناء المسؤولين”، وقال طالب ثان إن “تأجيل الامتحانات بسبب تسرب الأسئلة يتحمل تبعاته الطالب وحده، وهذه الأزمة المتكررة تربك الكثير من الطلبة، وتعرّضهم لحالات نفسية لا يمكن لبعضهم تخطيها بسهولة”.

وقال طالب ثالث، إن “وزارة التربية تسهم في إيذاء الطلبة عبر وضع أسئلة غير واقعية في كثير من الأحيان، أو أسئلة ليست من المنهج أصلاً، ناهيك عن تسريب الأسئلة الذي يتكرر. الطلبة لا ذنب لهم في ما يحدث، وللأسف لا تحصل أي إجراءات رادعة للمسؤولين الفاسدين، أو الموظفين الذين يسربون الأسئلة لطلبة معينين، أو لغايات مالية، كما أن الحكومة لا تقيل أي مسؤول متورط في هذه الكارثة”.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أكدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “يونسكو”، أن الصراعات المسلحة ألقت بظلالها على كثير من أطفال العراق، ومنعت دخولهم المدارس، كما انعكست على نوعية التعليم وجودته. وأكدت أن “حصة التعليم في العراق تقارب 6 في المائة من مجمل الإنفاق السنوي العام، وأن هناك حاجة لتعليم نوعي يسمح للطلبة بدخول سوق العمل، والاندماج في المجتمع، فضلاً عن الاستمرار في دعم التعليم المهني”.

بدوره، يعتبر النائب في البرلمان العراقي، هادي السلامي، أن “تسريب الأسئلة تكرر أكثر من مرة، ولو حصل هذا في دولة تحترم القانون وتطبقه كاملا من دون استثناءات لجرت عمليات استبدال مسؤولين ووزراء، لكن التوافقات السياسية والحزبية تحول دون معاقبة المتورطين”.

ويبين الناشط المدني أيهم رشاد، أن “تسريب الأسئلة قد يحدث في كل امتحانات مقبلة، لأن الفساد لا يزال مستمراً، والمتورطين بلا عقاب، موضحاً أن “الطريقة التي استخدمتها وزارة التربية لمكافحة التسريب كانت قطع الإنترنت، لكنها لم تنجح، لأن تسريب الأسئلة عادة ما يحدث قبل موعد الامتحان بساعات، ما يعني أن القائمين على حفظ الأسئلة، أو من ينقلونها إلى المدارس هم من يقومون بهذا الخرق”.

ويلفت الأستاذ الجامعي غالب الدعمي، إلى أن “سوء الإدارة والتغول الحزبي على وزارة التربية هو الذي أدى إلى فقدان القدرة على الحفاظ على أسئلة الامتحانات، ودفع إلى تعطيل الامتحانات، وللأسف لم تتخذ أي إجراءات صارمة لردع من يحاولون تكرار هذه الحالات في المستقبل. العراق لم يشهد يوماً إقالة وزير على خلفية إخفاق. وزارة التربية هي المسؤول عن تسريب الأسئلة خلال العامين الماضيين، ولا يتحمل هذه المسؤولية غير الوزير، وبما أن المحاصصة الحزبية والطائفية لا تزال تهيمن على الوضع، فإن هذه الحالات ستتكرر في المستقبل”.

ويسجل العراق ارتفاعاً في مستويات الأمية، بعد أن كان يتبوأ مراتب عالمية في جودة التعليم ومحو الأمية خلال سبعينيات القرن الماضي. ووفقاً للتصنيف الأخير لمنظمة اليونسكو، حل العراق ضمن البلدان التي تعاني من ارتفاع الأمية بما يتجاوز 47 في المائة.

ويُعد الفساد المتفشي في أغلب مؤسسات الدولة واحداً من أبرز التحديات التي تواجهها المؤسسة التعليمية في العراق، إذ إن تأثيراته تتفاقم بشكل مستمر، ويشمل ذلك النقص الكبير في أعداد المدارس، والاضطرار إلى الدوام المزدوج، وعدم تجهيزها بالمستلزمات الدراسية، ما يضطر الكثير من الأهالي إلى تحمّل أعباء توفير المقاعد والكتب لأبنائهم.




وسائل إعلام