نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيقراءة طويلة30 يوليو 2022 20:16



الكاتب:
هادي فولادكار

لم تعش حياة طبيعية كسائر أفراد الأسر الملكية في العالم؛ خصوصًا وأن ولادتها كانت سببًا في طلاق والديها. أخذت "مجد" الملوك من أمها وأبيها، إلا أنها فضلت الحب على العيش في كنف الحياة الملكية. أثارت المتاعب لوالدها، وأصرت على الزواج من حبيبها. إنها الأميرة شهناز، ابنة الشاه محمد رضا بهلوي والأميرة فوزية.

ولدت شهناز في 27 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1940، وكانت الابنة الأولى للشاه محمد رضا بهلوي من زوجته المصرية فوزية. جداها لأبيها هما رضا بهلوي مؤسس الدولة البهلوية في إيران وزوجته تاج الملوك، أما جداها لأمها فهما فؤاد الأول ملك مصر والملكة نازلي.

طفولة متأزمة

كما حياتها، لم تكن ظروف ولادتها طبيعية. وعلى عكس أجواء الفرح التي ترافق هذه الأحداث عادة، صاحب الغضب والحزن عائلة بهلوي عندما أبصرت شهناز النور.

كان حلم الشاه محمد رضا بهلوي أن يُرزق بابن من زوجته فوزية، ليكون خليفة له ووليًا للعهد، إلا أنه صّدم بولادة شهناز. هذا الواقع الجديد، أثّر على علاقته بزوجته، التي كانت تُعامل بطريقة استثنائية منذ وصولها إلى طهران.
وفور سماعه بنبأ الولادة، غضب الشاه محمد رضا، وقلب طاولة مكتبه محطمًا ما كان موجودًا عليها. بعدها، قل اهتمامه بفوزية، وباتت علاقتهما باردة، ما دفعها إلى مغادرة إيران والعودة إلى مصر، ومن ثم طلبت الطلاق، فعاشت شهناز وحيدة في العائلة الملكية، تحت جناح أب ليس لديه الوقت ليعطي الاهتمام لابنته.

هذا الغضب من الشاه، يعود إلى عُرف موجود في العائلة الملكية، يقول إنه في حال كان المولود الأول للملك أنثى، فذلك نذير شؤم بأن الملك سيُقتل أو يُنفى وسينتهي حكمه بثورة. لكن الغريب أن هذه النبوءة تحققت عام 1979.
لم تكن علاقة شهناز ودية مع عائلة والدها، لأنها ألقت باللوم على أقارب الشاه بالطلاق بين والديها. وبعد بلوغها السن الذي يخولها الدخول إلى الجامعة، سافرت إلى أوروبا لتلقي العلم.

رغبة الشاه بتزويجها من الملك فيصل

أراد الشاه محمد رضا تزويج ابنته من ملك العراق فيصل الثاني. والهدف من ذلك، كما زواجه من فوزية ابنة الملك المصري فؤاد الأول، سياسي تمامًا. فأراد محمد رضا شاه إقامة صلة سياسية مع العراق، الذي كان لديه حكومة تدعمها بريطانيا، لكي يشعر بالراحة من جانب البريطانيين.

إلا أن أمنية الشاه لم تتحقق، لأن شهناز لم تحب الملك فيصل ولم ترغب في الزواج منه، ولم يستطع الشاه أن يفرض عليها ذلك.

في الوقت عينه، انتشرت أخبار حينها عن وجود علاقة عاطفية بين شهناز وأردشير زاهدي، ابن الجنرال فضل الله زاهدي، الذي ساعد الشاه على إسقاط حكومة مصدق عام 1953.

لم يعترض محمد رضا بهلوي على زواج شاهناز من أردشير، وربما أراد رد دين أبيه الذي ساعده على استعادة العرش من مصدق. وعام 1956، تزوجا، وأنجبا بعد عامين ابنتهما مهناز.

قصة الحب التي جمعتها مع أردشير لم تكتمل، حيث طلبت الطلاق عام 1964 بحجة أنها “لم تعد تحتمل فساد زوجها”، وفق وثائق السافاك، حتى أن الرأي العام في إيران حينها، كان دائمًا ما يتحدث عن الخلافات بين الطرفين.

قصة حب جديدة

بعد الانفصال عن أردشير، ترددت شائعات حول علاقة ربطت شهناز بالرسام محمود زنغنه. إلا أنها انفصلت فجأة عنه، وتوجهت إلى سويسرا، لتقع بحب شاب آخر، يدرس الرسم أيضًا، واسمه خسرو جهانباني، لكن مشكلته أنه مدمن على المخدرات، وسلوكه غير منضبط.

اعترض محمد رضا شاه على هذه العلاقة، لكن ذلك لم يؤثر عليها. وبعد إصرار شهناز، وافق الشاه على ارتبطهما، قبل أن يكتشف موضوع الإدمان، حيث أن ابنته باتت تستخدم أيضًا عقار “إل إس دي” المخدر، فغضب كثيرًا، ما دفعه إلى إصدار أمر بإجبار جهانباني على الخدمة العسكرية ليُبعده عن ابنته.

كل هذه الخطوات من الشاه لم تثنِ شهناز عن علاقتها.

وبعد تحول الفتاة إلى مصدر إزعاج لوالدها، قرر في النهاية الموافقة على الزواج، شرط أن يسكن الزوجان خارج البلاد. وهذا ما حصل، حيث تزوج خسرو وشهناز، وأنجبا طفلين، فوزية وكيخسرو.

ما بعد الثورة الإسلامية

كانت شهناز بهلوي بعيدة تمامًا عن السياسة، واعتبرت راحتها في التحرر من قيود طبيعة الحياة الملكية. في فترة شبابها، تقرّبت شهناز من الدين، حتى أنها غيّرت حينها اسمها إلى هاجر، وارتدت الحجاب في عدة مناسبات.

وفي الأيام الأخيرة من حياته، قسّم الشاه ثروته على أبنائه، وأعطى شهناز 8% من ميراثه، و2% لحفيدته مهناز. وبعد نفي الشاه خارج إيران وانتصار الثورة الإسلامية، استقرت شهناز في باريس وعاشت مع عائلتها هناك.

وعام 2013، منحت مصر شهناز الجنسية المصرية، لتُضاف إلى جنسيتها السويسرية. لكن الأمر لم يكن معاملة مصرية خاصة لشهناز حيث أن تطورات ما بعد الثورة المصرية عام 2011، وسقوط حكم حسني مبارك قد أدىا إلى تمكن الأم المصرية من منح جنسيتها لأبناءها وهو حق حصل عليه عدد كبير من أبناء النساء المصريات في العالم.

وتمتلك شهناز أهمية في التاريخ الثقافي لإيران. فعند زواج الشاه من فوزية، سميت إحدى ساحات العاصمة طهران على اسمها.

إلا أنه بعد انفصالهما، أعاد محمد رضا بهلوي تسمية الميدان على اسم ابنتهما شهناز. إلا أنه بعد الثورة الإسلامية، بات يسمى الميدان باسم الإمام الحسين.

وفي تبريز أيضًا، يوجد شارع يحمل اسم ابنة الشاه، وبعد الثورة تحول إلى شارع الدكتور شريعتي. ورغم ذلك، لا يزال هذا المكان يحمل اسم شهناز عند السكان المحليين.