نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


الإدارة التنفيذية شبه غائبة، إن لم نقل ميتة سريرياً، أما السلطة التشريعية فحدِّث عن ممارساتها ولا حرج

يا ولاة الأمر… إلى متى نعيش في “حيص بيص”؟


أحمد عبد العزيز الجارالله - السياسة
Mar 6, 2023


ألم يكن الغزو والاحتلال درساً للكويتيين كافة كي يتعلَّموا بناء دولة قوية وقادرة يسودها العدل، وكي يكون مناسبة ليوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأصحاب الكفاءات تكون لهم فرصة في خدمة بلدهم؟

ألم تكن كلُّ الأزمات التي مرَّت على البلاد طوال العقود الثلاثة الماضية كافية كي يتفكر الجميع بما يمكن أن تؤدي إليه من سلبيات والعمل على حلها، أم أن الكويت كُتب عليها أن تعاني من الفشل، وتتراجع على المستويات كافة، الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وطبعاً السياسية؟

كلُّ هذه الأسئلة وغيرها يطرحها المواطنون الذين وجدوا أنفسهم عالقين في دائرة مفرغة لا أمل في الخروج منها؛ لأنَّ الإدارة التنفيذية شبه غائبة، إن لم نقل ميتة سريرياً، أما السلطة التشريعية فحدِّث عن ممارساتها ولا حرج، فالأعضاء متفرغون لمصالحهم الشخصية والهبش من الامتيازات الوظيفية والمالية، والتعيينات قائمة على مبدأ “إن حبتك عيني ما ضامك الدهر”، و”هذا ولدنا هالله هالله فيه”، ومشاريعنا إما منهوبة، وإما مغشوشة، وإما أنها تلزم لمن ليسوا أهلاً لها.

حكوماتنا من التحرير إلى اليوم ضعيفة، أو في بطنها ريح الفساد الذي أزكم الأنوف، بل بعض الرؤساء والوزراء سيقوا إلى المحاكم؛ لأنهم هبشوا من المال العام ما لم تحمله البعارين، بينما بعض المسؤولين استولوا على الأموال وهربوا من الأحكام الثقيلة إلى الخارج، ولم يحاسب أحد، أو تسترد الأموال، إلى حد أن تجار المخدرات يفرون من المنافذ الحدودية من دون أن يحرك أحد ساكناً.

تراجع التعليم منذ ما بعد الغزو إلى مستويات بات يخرج فيها الأميون، وازدهرت الشهادات المزورة، بل بات الغشُّ مطلباً نيابياً وشعبياً، فيما يُقاس تقدُّمُ الأمم بجودة التعليم، فكيف سيكون حال الكويت حين يتخرَّج الغشاشون ويتولون مناصب ويقودون الإدارة؟

لقد ملَّ الناسُ الحديث عن البنية التحتية المُتهالكة، غير الموجودة في أي دولة، خصوصاً تلك التي تتغنّى الكويت بدعمها وإقراضها وتقديم الهبات لها لبناء بنيتها التحتية، ناهيك عن أزمة القروض وهذا الكم الهائل من الممنوعين من السفر ويخضعون لإكراه بدني كبير.

أما في الاقتصاد فيكفي أن التقارير الدولية التي كشفت عورات الإدارة السيئة له، وما نتج من سلبيات طالت معظم الشركات، إذا لم نقل كلها، بينما يبقى الإسكان مُعضلة المعضلات؛ لأن المعنيين اكتفوا بالشعارات فقط، ولم تقدم أي حلول.

ماذا تبقى من دولة يُفترض أن لديها ثروة كبيرة، مالية وكفاءات وطاقات بشرية، ولديها أيضاً منظومة تشريعية قادرة على تعديل القوانين وتطويرها، وحكومة يفترض أن تكون على قدر من المسؤولية الوطنية لأداء دورها على أكمل وجه، لا أن ترمي التهم على مجلس الأمة الذي بدوره يعيد الكرة إلى ملعبها؟

كلُّ هذا يحدث، وسيحدث أكثر منه؛ لأنه ليست هناك يدٌ تنتشل البلاد من أزماتها، ويكون لديها القرار الحازم عنوانه ” كفى، وليؤدِّ كلُّ واحد عمله بروح المسؤولية”، أما غير ذلك فعلى الكويت أن تعيش في “حيص بيص”، “ليقضي الله أمراً كان مفعولاً…”.

أحمد الجارالله

http://www.seyassah.com/%d9%8a%d8%a7...a%d8%b5%d8%9f/