نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

أسامة غري
ب - المصري اليوم


الجمعة 27-01-2023


بعد أن مرت رحلة الترميم بجراحة فى العينين لاستعادة الرؤية بوضوح، ثم عبرت بنجاح تركيبات الأسنان بآلامها وتكلفتها الباهظة، وصلنا إلى لحظة الحسم واتخاذ القرار الذى طال التردد بشأنه وهو كيفية معالجة فقرات الظهر بوجه عام وغضاريف العنق على وجه الخصوص.

لقد بدأت الآلام منذ سبع سنوات، وتبعتها زيارات متوالية إلى عيادات العظام وعيادات المخ والأعصاب،

فأطباء العظام يستقبلونك ببشاشة ويكتبون لك الأدوية ويطلبون منك الأشعات، ثم ينظرون فى الأشعة بهلع ويقررون بعدها أن التردد فى إجراء العملية يحمل مخاطر كبيرة،

أما أطباء المخ والأعصاب فيتطلعون إلى أشعة الرنين المغناطيسى بتمعن، ثم ينظرون نحوك بأسف وكأنهم ينعونك وأنت تقف أمامهم، وتفهم منهم أن الجراحة لا تحتمل الانتظار إلى بعد بُكرة!.

لم أفهم أى فرع من فروع الطب يقفز هنا على عمل الآخر ويمد يده فيما لا يعنيه، هل هذه الحالة تخص جراحى العظام أم جراحى المخ والأعصاب، أم أنها كما أفهمنى طبيب من أصدقائى تخص الدكتور الذى عليه أقساط واجبة السداد لفيلا مارينا أو للسيارة المرسيدس ويأمل من إجراء الجراحة فى أن أساعده فى سداد بعض الأقساط!.

قررت حينها أن أحتكم إلى الخواجة الأجنبى، فذهبت إلى لندن، وهناك أقر البروفيسور الإنجليزى أن الفقرات بعافية وأن الغضاريف متآكلة،

لكنه مع ذلك قال إنه لا يوصى بإجراء الجراحة ويفضل العلاج الطبيعى وتناول المسكنات، ذلك أن الجراحة تفشل طبقًا لقوله فى 38 بالمائة من الحالات، وطالما أن الذراع التى تؤلمنى والكف الذى أشعر فيه بالتنميل لم يصلا لمرحلة العجز التام، فالأفضل أن أتجنب العملية الجراحية. استمعت إلى كلام الخواجة وأخذت بنصيحته، فجربت جلسات العلاج الطبيعى التى كانت تريحنى مؤقتًا، وبعد عدة ساعات يعود الألم.

مرت سنوات والحالة تزداد سوءًا، خاصة أن الأسباب التى أدت إليها لم تنتفِ، فالانحناء والانكفاء على الكمبيوتر بالنسبة لشخص يمتهن القراءة والكتابة ليس من شأنه أن يساعد على علاج الفقرات والغضاريف أو وقف تدهورها. وجدت نفسى ميالًا للمجازفة بإجراء الجراحة فأخذت أتصفح النت وأقرأ عن عمليات من هذا النوع، لكن هذه الجولات لم تزدنى إلا حيرة، نتيجة تضارب المعلومات وتناقضها، فضلًا عن الأصدقاء الذين تطوعوا بتقديم نصائح، مفادها أن هذه العمليات دقيقة وخطيرة، وقد يتسبب الخطأ فيها بشلل أو عجز تام أو كما قالوا: «الغلطة بفورة!».

توكلت على الله وقررت الخضوع للعملية وقمت بعمل التحاليل والفحوصات اللازمة لإجراء الجراحة، ثم طلبوا منى أن أبيت بالمستشفى فى الليلة التى تسبق العملية، وفى الصباح جردونى من الملابس وألبسونى غلالة ورقية فى عز البرد، وفى غرفة العمليات شعرت أننى فى سيبيريا ولم ينقذنى من البرد سوى طبيب التخدير الذى أدخل البنج فى عروقى فذهبت إلى عالم آخر، وأفقت بعد ساعتين لأجد نفسى بغضاريف جديدة مع نزلة برد حادة.

إلى هنا وانتهت رحلة الترميم بشكل مؤقت، وإذا كان ثمة حلقات جديدة فلن أتأخر فى إطلاعكم عليها.