تاريخ النشر:30.01.2023



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


مساء يوم 30 يناير 1948، أطلق ناتهورام فيناياك جودسي النار على المهاتما غاندي، مؤسس الهند وصانع استقلالها عن بريطانيا، فأرداه قتيلا.

عملية القتل نفذت من مسافة قريبة أثناء خروج زعيم الهند الذي لا يزال يحظى حتى الآن باحترام وتقدير عالميين من اجتماع صلاة في العاصمة دلهي. شارك في عملية الاغتيال ثمانية أشخاص، ونفذها ناتهورام جودسي، وكان ينتمي إلى منظمة ماهاسابها الهندية المتطرفة، التي تتهم غاندي بخاينة الهندوس وتأييد المسلمين، مدعية أنه اتخذ مواقف لينة تجاه باكستان، وأنه المسؤول عن إراقة الدماء في الحرب الهدية الباكستانية الأولى عام 1947.

قبل عشرة أيام من مقتله، جرت محاولة أولى لاغتيال المهاتما غاندي بإلقاء متطرفين قنبلة محلية الصنع على حشد من أنصاره كانوا تجمعوا في حديقة للاستماع إليه في 20 يناير 1948.

عقب هذه الحادثة، عرض على الزعيم الهندي تعزيز إجراءات أمنه، لكنه رفض اتخاذ تدابير إضافية، فكان أن أطلقت الرصاصات الثلاثة عليه عقب ذلك ليفارق الحياة على الفور.

في اليوم التالي جرى إحراق جثة المهاتما غاندي وفقا للتقاليد الهندوسية، وعم حزن ثقيل ليس فقط سائر الهند، بل والعالم، وأصبح اسم غاندي مرادفا للحرية والاستقلال واللاعنف من أجل عالم أكثر عدلا وإنصافا.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


ناتهورام فيناياك جودسي - منفذ عملية اغتيال غاندي

حكمت محكمة ابتدائية على جودسي بالإعدام بعد عام من اغتيال المهاتما غاندي، ونُفذ الحكم في نوفمبر 1949، بعد أن أيدته المحكمة العليا، كما حكم على نارايان أبتي، وهو شريك للقاتل، بالإعدام، وحكم على ستة آخرين بالسجن مدى الحياة.

كان منفذ اغتيال غاندي قبل انضمامه إلى جماعة ماهاسابها المتطرفة، عضوا في منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانغ، وتوصف بأنها المنبع الأيديولوجي لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند.

المهاتما واسمه موهانداس كرمشاند غاندي ولد في 2 أكتوبر 1869 في مدينة بوربندر في شمال غرب الهند، في عائلة من طبقة بانيا التجارية، وكان شغل والده منصبا وزاريا في الإمارة التي تحمل الاسم نفسه.

تأثر غاندي بشكل كبير بوالدته، التي كانت سيدة متدينة للغاية، وقضى موهانداس كرمشاند غاندي طفولته بأكملها في زيارة المعابد ومراقبة الطقوس الدينية، ولم يعرف طعم اللحوم في حياته.

كانت الهند مستعمرة بريطانية، وسافر غاندي في عام 1888 إلى لندن لدراسة القانون وبدأ يتعرف على الحياة هناك.

بمرور الوقت تبدد انبهاره بالحياة البريطانية البراقة، وأدرك غاندي مدى المظالم التي تعرضت له بلاده تحت الاستعمار البريطاني التي استنزف ثرواتها لعشرات السنين.

يظهر هذا الأمر في تقرير اقتصادي يفيد بأن بريطانيا على مدى قرنين من استعمارها للهند، جنت من ثروات الهند حوالي 45 تريليون دولار. وهذا الرقم مجرد تقديرات ويرجح أن الرقم أعلى منذ لك بكثير.

غاندي عاد من لندن إلى الهند في عام 1891، وحاول عبثا العمل كمحام. وبعد ذلك بعامين، عرضت عليه وظيفة في تخصصه في جنوب إفريقيا، في شركة تجارية لتاجر مسلم يدعى دادا عبد الله. ارتحل غاندي إلى القارة السمراء، حيث أمضى في جنوب إفريقيا الـ 20 عاما التالية.

جنوب إفريقيا هي الأخرى كانت تحت سيطرة الإمبراطورية البريطانية، وكانت تسري هناك سياسة الفصل العنصري، حيث يمتع الأوروبيون بحقوق وامتيازات واسعة، بينما السكان الأفارقة الأصليون محرومين عمليا حتى من أبسط الحقوق.

غاندي بنفسه ذاق مرارة الظلم والتمييز العنصري في جنوب إفريقيا منذ الأيام الأولى لوصوله، وذلك لأن الهنود كانوا يصنفون ضمن السود، حيث طلب منه في القطار مغادرة عربة الدرجة الأولى، وحين رفض إخلاء عربة القطار طواعية، أتت الشرطة وطردته بالقوة.

علاوة على النصوص الهندوسية، درس غاندي الأعمال الفلسفية والأدبية الأخرى، وكان لأدبيات الكاتب الروسي الشهير ليو تولستوي حول عدم مقاومة الشر بالعنف والتسامح تأثير كبير على آرائه.

وفي معرض حديثه عن كتاب تولستوي "ملكوت الله في داخلكم"، قال غاندي: "استحوذ علي بكل معنى الكلمة، وترك بصمة لا تمحى على روحي"، كما أن غاندي وتولستوي تبادلا عدة رسائل ناقشا فيها النضال السلمي ضد الظلم وقيم الحرية والمساواة في الحقوق.

واصل غاندي نضاله من أجل استقلال الهند خلال الحرب العالمية الثانية، أدان علنا الفاشية، لكنه في نفس الوقت حث الهنود على رفض التعاون مع الجيش البريطاني.

وزج بالمهاتما غاندي مجددا في السجن مع زوجته وأنصاره في عام 1942، حين دعا القوات البريطانية إلى مغادرة الهند.

في ذلك الوقت، أنهكت الحرب بريطانيا بدرة كبيرة، ولم تعد لها قدرة على الإمساك بقوة بمستعمراتها، وخاصة الهند. وفي المحصلة وعقب عدة محاولات فاشلة للإبقاء على الإدارة الاستعمارية، انسحبت القوات البريطانية تماما من الهند، فيما لعبت حركة التحرير التي يقودها غاندي الدور الرئيس في هذا القرار.

المصدر: RT