استمرت 4 سنوات وقتلت أكثر من 600 ألفاً! الحرب الأهلية الأمريكية التي قسّمت الولايات المتحدة إلى دولتين

عربي بوست

تم النشر: 2023/01/03



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


الحرب الأهلية الأمريكية تسببت في مقتل أكثر من 600 ألف أمريكي وإنتهت بتحرير العبيد / ويكيبيديا


في سنة 1861، نشبت حربٌ أهلية دموية في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد الانفصال المستمر لـ11 ولاية الجنوبية عن الاتحاد الأمريكي بين عامَي 1860 و1861.

بدأ الصراع في المقام الأول نتيجة خلاف طويل الأمد حول العبيد أدى إلى انقسام الولايات المتحدة الأمريكية إلى دولتين؛ واحدة في الشمال وأخرى في الجنوب، ففي 9 فبراير/شباط 1861، تم انتخاب جيفرسون ديفيس، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق ووزير الحرب، رئيساً للولايات الكونفدرالية الأمريكية من قِبل أعضاء المؤتمر الدستوري الكونفدرالي.

امتد الصراع في جميع أنحاء البلاد لمدة أربع سنوات دامية، قبل أن تنجح الولايات المتحدة في هزيمة الولايات الكونفدرالية وإعادتها إلى الولايات المتحدة.

ووفقاً لموقع All That's Interesting الأمريكي، الذي نشر تقريراً بعنوان "متى انتهت الحرب الأهلية؟ داخل التاريخ المعقد لنتيجة الصراع"، فإنه بالرغم من العديد من السرديات التي تشير إلى أنّ نهاية الحرب الأهلية الأمريكية في 9 أبريل/نيسان 1865، عندما استسلم الكونفدرالي الجنرال روبرت لي إلى الجنرال الفيدرالي يوليسيس غرانت في أبوماتوكس كورت هاوس، فيرجينيا. لكن النهاية الفعلية للحرب الأهلية ليست سوى شيء بسيط.
ويذكر التقرير أنّه بالرغم من أنّ استسلام لي لغرانت يمثل لحظة مهمة في الحرب، فقد كانت تلك مجرد البداية. ففي الحقيقة، استمرت الحرب لأكثر من عام قبل أن يعلن الرئيس أندرو جونسون نهايتها.

حين حاربت الولايات المتحدة الأمريكية ضد نفسها

بدأت الحرب الأهلية في الولايات المتحدة في عام 1861، وذلك بعد عقود من التوترات المتأججة بين الولايات الشمالية والجنوبية بشأن العبودية وحقوق الولايات والتوسع باتجاه الغرب.

أدى انتخاب أبراهام لينكون في عام 1860 إلى انفصال سبع ولايات جنوبية وتشكيل ما يسمى الولايات الكونفدرالية الأمريكية. وسرعان ما انضمت إليها أربع ولايات أخرى.

لم تكتفِ الولايات الجنوبية بإعلان انفصالها، فبحسب موقع all that's interesting الأمريكي، شنت الهجوم الأول للحرب في 12 أبريل/نيسان 1861، بقصف فورت سمتر في تشارلستون، ساوث كارولينا.

ومنذ تلك اللحظة بدأ الصراع بشكل جدي بين الولايات الجنوبية والشمالية الأمريكية، ورغم أن كلا الجانبين كان يأمل في أن تستمر الحرب لأشهر فقط، فقد استمرت الحرب الأهلية الأمريكية على مدار السنوات الأربع التالية وشارك الجنود الأمريكيون من خلالها في 10,500 مشاركة عسكرية أسفرت عن مقتل مئات الآلاف.

ومع بداية الحرب، دعا الرئيس لينكون 75 ألفاً من عناصر الميليشيات للخدمة لمدة ثلاثة أشهر، كما أعلن حصاراً بحرياً للولايات الكونفدرالية، وأعلنها ولايات في حالة تمرد، كما وجّه وزير الخزانة بتقديم مليوني دولار للمساعدة في زيادة القوات.

من جهتها كانت الحكومة الكونفدرالية قد صادقت على دعوة 100 ألف جندي للخدمة لمدة ستة أشهر على الأقل، وسرعان ما تضاعف هذا الرقم إلى 400 ألف.

وعلى الرغم من أن الحرب الأهلية ربما بدت وكأنها صراع غير متوازن، حيث تتمتع دول الاتحاد الـ23 بميزة هائلة في عدد السكان والتصنيع (بما في ذلك إنتاج الأسلحة) وبناء السكك الحديدية، كان لدى الكونفدراليات تقاليد عسكرية قوية، إلى جانب بعض من خيرة الجنود والقادة العسكريين في أمريكا.



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

قائد قوات الولايات الكوفدرالية الجنرال لي /ويكيبيديا وبعد انتصار الولايات الجنوبية في معركة بول ران الأولى في يوليو/تموز 1861، تحطّمت آمال الشماليين في تحقيق نصر سريع للاتحاد، ما دفع لينكون لاستدعاء نصف مليون مجنّد إضافي.

وفي 14 سبتمبر/أيلول 1862 نجحت الولايات المتحدة في صد هجوم الولايات الكونفدرالية في ماريلاند، مما دفع بالولايات الجنوبية إلى اتخاذ موقع دفاعي على طول أنتيتام كريك بالقرب من شاربسبورغ.

وفي 17 سبتمبر/أيلول من عام 1862، هاجم جيش الولايات المتحدة قوات الجنرال روبرت لي فيما أصبح أكثر أيام القتال دموية في الحرب حيث بلغ إجمالي عدد الضحايا في معركة أنتيتام (المعروفة أيضاً باسم معركة شاربسبورغ) نحو 13 ألف جندي من قوات الولايات المتحدة، ونحو 14 ألف جندي من جيش الولايات الكونفدرالية.

وكان انتصار الولايات المتحدة في هذه المعركة حاسماً، حيث أوقف تقدم الولايات الكونفدرالية في ماريلاند وأجبر روبرت لي على التراجع إلى فرجينيا.

ويضيف الموقع الأمريكي أنّه بين عامي 1864 و1865، دخلت الحرب الأهلية مرحلة حاسمة بدخولها الحرب البحرية، بحيث دمرت "المسيرة إلى البحر" للجنرال الاتحاد ويليام تيكومسيه شيرمان المدن في جميع أنحاء الجنوب، ووجد الجنرال الكونفدرالي روبرت لي قواته تتضاءل عندما واجه جنرال الاتحاد يوليسيس غرانت في فيرجينيا في أبريل/نيسان 1865.

التقى لي وغرانت في بلدة أبوماتوكس كورت هاوس بولاية فيرجينيا، حيث انتهت الحرب الأهلية في 9 أبريل/نيسان 1865 حسب العديد من السرديات.


متى انتهت الحرب الأهلية الأمريكية حقاً؟

في أبريل/نيسان 1865، أُجبر روبرت لي على التخلي عن مدن فيرجينيا الرئيسية في ريتشموند -العاصمة الكونفدرالية- وبطرسبورغ. ووفقاً للأرشيف الوطني، شعر أوليسيس غرانت أن خصمه قد نفدت الخيارات في يديه، وفي 7 أبريل/نيسان، كتب إلى لي يقترح عليه الاستسلام.

كتب غرانت إلى خصمه: "نتيجة الأسبوع الماضي يجب أن تقنعكم باليأس من المزيد من المقاومة من جانب جيش فرجينيا الشمالية في هذا الصراع. أشعر أن الأمر كذلك، واعتبر أنه من واجبي أن أمنع أي مزيد من إراقة الدماء، من خلال مطالبتك باستسلام ذلك الجزء من الجيش المعروف باسم جيش فرجينيا الشمالية".

قاوم لي في البداية، لكن بحلول 9 أبريل/نيسان، أدرك أنه وقواته كانوا أقل عدداً بشكل يائس. وأعلن لي: "لم يبقَ لي شيء أفعله سوى الذهاب لرؤية الجنرال غرانت -وأنا أفضِّل أن أموت ألف مرة".

في 9 أبريل/نيسان 1865، طلب روبرت لي عقد اجتماع مع أوليسيس غرانت ناشداً ""تعليق الأعمال العدائية في انتظار مناقشة شروط استسلام هذا الجيش".


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


تعتبر العديد من السرديات أنّ تاريخ استسلام الجنرال روبرت لي للجنرال غرانت هو النهائية الفعلية للحرب الأهلية الأمريكية / ويكيبيدياالتقى الجنرالان المتقاتلان في منزل البقال ويلمر ماكلين وتوصلا إلى شروط استسلام لي. ووافق لي على تسليم جيشه من فرجينيا الشمالية إلى غرانت.

في المقابل، وافق غرانت على العفو عن جميع ضباط ورجال لي والسماح لهم بالاحتفاظ بممتلكاتهم الخاصة، بما في ذلك خيولهم وأسلحتهم. بالإضافة إلى ذلك، عرض غرانت على قوات لي الجائعة الوصول إلى حصص الاتحاد من الغذاء.

بعد استسلام لي، قال غرانت لقواته: "انتهت الحرب. المتمردون هم أبناء وطننا مرة أخرى".

لكن نهاية الحرب الأهلية لم تكن بهذه البساطة أو السرعة. ففي الحقيقة، استمر الصراع 16 شهراً إضافية قبل أن ينتهي حقاً وخلّف أزيد من 600 ألف قتيل.

النهاية المتعثرة للحرب الأهلية

تعتبر العديد من السرديات أنّ تاريخ استسلام الجنرال روبرت لي للجنرال غرانت هو النهائية الفعلية للحرب الأهلية الأمريكية، لكن في الواقع لم يكن لدى أي من قادة الحرب الأهلية الأمريكية السلطة السياسية لإنهاء الحرب بشكل نهائي، فقد تناولت المحادثات بين جرانت ولي، فقط استسلام جيش لي في فيرجينيا، فبموجب شروط جرانت، تم استسلام جيش لي في فرجينيا بين واصل أتباعه المقاومة في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، بما في ذلك القوات التي يقودها الجنرالات جوزيف جونستون وريتشارد تايلور وإدموند كيربي سميث.

مع ذلك أحدث خبر استسلام لي أثراً كبيراً في نهاية الحرب في أقل وقتٍ ممكن فقد تبعه تديريجياً استسلام أتباعه، ففي 26 أبريل/نيسان 1865، استسلم جونستون، وبعد حوالي أسبوع من ذلك، وبالضبط في 4 مايو/أيار، اتبع تايلور خطاه بعد ستة أيام.

وفي 10 مايو/أيار، أُلقِيَ القبض على الرئيس الكونفدرالي جيفرسون ديفيس بالقرب من إيروينفيل، جورجيا.

وفي 12 مايو/أيّار وقعت آخر مناوشات في الحرب الأهلية عند اندلاع معركة بالميتو رانش في تكساس، ورغم الانتصار الذي حقّقه الكولونيل الكونفدرالي جون فورد على الجنرال الاتحادي ثيودور باريت، فإن ذلك لم يوقف هزيمة الولايات الجنوبية في الحرب، فبعد أسبوعين، استسلم آخر جنرال كونفدرالي كبير، وهو الجنرال كيربي سميث، في جالفستون.

وحتى ذلك الحين، لم تنتهِ الحرب الأهلية تماماً. فقد ظلت قوات كونفدرالية واقفةً بعناد في ساحة المعركة لفترة طويلة بعد أن تخلى معظم الجنرالات الكونفدراليين الرئيسيين عن القتال.


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


لم تنته الحرب الأهلية الأمريكية سوى بعد 16 شهراً عن استسلام الجنرال لي / ويكيبيديالم تستسلم القوات التي يقودها العميد الكونفدرالي ستاند واتي حتى 23 يونيو/حزيران، ولم تستسلم السفينة الحربية شيناندوا حتى نوفمبر/تشرين الثاني 1865.

في الواقع، لم تكن نهاية الحرب الأهلية الفعلية إلا في 20 أغسطس/آب 1866، أي بعد 16 شهراً كاملاً من استسلام الجنرال لي لغرانت، وذلك بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي أندرو جونسون أن الحرب قد انتهت.

وذلك بعد قبوله تشكيل حكومة جديدة في تكساس، ليعلن جونسون أن "التمرد قد انتهى وأن السلام والنظام والهدوء والسلطة المدنية قائمة الآن في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية".

لهذا السبب، يمكن أن تكون مسألة "متى انتهت الحرب الأهلية" معقدة بحسب الموقع الأمريكي، كون بداية نهاية الصراع جاءت بالتأكيد في 9 أبريل/نيسان 1865، عندما استسلم لي لغرانت. لكن نهاية الحرب الأهلية يمكن قياسها أيضاً بالمعركة الأخيرة للحرب في 12 مايو/أيار، أو حتى استسلام كيربي سميث في 26 مايو/أيار، أو إعلان جونسون في أغسطس/آب 1866.