عربي بوست - علي محمد

تم النشر: 2022/08/28


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



أثناء تصفحي لبعض المواقع الأجنبية، قرأت
مقالاً منشوراً على موقع Business Insider الأمريكي، وقد كان نص المقال كاملاً عبارة عن إجابة شخص غني مجهول الهوية، عن سؤال "هل السعي وراء الثراء يستحق؟".

لقد كانت إجابته عميقة جداً، وتجيب على كثير من التساؤلات والصراعات التي تدور داخلنا مراراً وتكراراً، وقبل أن أعلق على إجابته، دعوني أذكر لكم أبرز ما قاله:

"أنا شخص حقق 15 مليون دولار وأنا في منتصف العشرينيات بعد أن قمت ببيع شركتي الناشئة الناجحة.. تحدثت كثيراً مع آخرين حول هذا الأمر، وفكرت كثيراً في كيفية الحفاظ على شخصيتي القديمة بعد أن أصبحت غنياً.

أن تكون ثرياً أفضل من ألا تكون.. لكن ليس بالشكل الذي يتخيله الكثيرون.. دعني أوضح لك.

واحد من الأشياء التي يضمنها لك الثراء، هو أنك ستتوقف عن القلق بخصوص حاجتك من المال كما كنت تفعل من قبل..

لكن مع ذلك سيظل هناك أشياء لا تستطيع تحمّل تكلفتها، وستتمنى لو كنت أكثر ثراءً للحصول عليها.. لكن بالطبع معظم ما ترغب فيه بشكل يومي يمكنك شراؤه دون التفكير في تكلفته.. هذا بلا شك أفضل كثيراً من وضعك قبل أن تصبح ثرياً.

لكن الثراء له بعض الجوانب السلبية.. أولها -وقد تسخر أنت من ذلك- هو أنه لم يعد من حقك الشكوى من أي شيء أمام أحد.. فمعظم البشر سيعتبرون أنك تعيش في حالة من السعادة القصوى يومياً بما لديك من مال، وليس لديك أي مشاكل.. يتوقفون عن التعامل معك كإنسان له احتياجات ومشاعر يحزن ويغضب ويكتئب.

مشكلة أخرى هي أن معظم من تعرفهم يصبحون في حاجة لشيء منك بعد أن صرت غنياً.. وأحياناً يصبح الأمر في غاية الصعوبة أن تعرف إن كان أحدهم لطيفاً معك؛ لأنه يحبك ويحترمك، أم أنه يفعل ذلك من أجل أموالك!.. لو لم تكن تزوجت قبل أن تصبح ثرياً فإن الأمر يصبح في غاية الصعوبة أن تجد شريكاً لحياتك يُريدك لشخصك فقط، وليس لأموالك.

نأتي لعائلتك وأصدقائك.. إن لم تكن علاقتك بهم تدهورت بالفعل، فهناك احتمال كبير أنها ستُصبح أصعب.. كلاهما قد يعاملك بشكل غريب، ويغيرون من معاملتهم المعتادة لك..

بعضهم سيأتيك لطلب سُلفة..

فكرة سيئة أن تُقرضه.. لا تعط أحداً منهم مالاً سوى في شكل هدية.. لكن المشكلة المتوقعة أن كثيراً منهم لن يقدر هداياك لهم لأنهم أصبحوا يتوقعون منك هدايا غالية جداً وليست معتادة..

يسرحون بخيالهم في الهدايا المتوقعة منك وعندما تكون هديتك لهم أقل من توقعاتهم الخيالية يصابون بالإحباط..

بعض أفراد عائلتك لا يهتمون بمقدار ما يصرفونه من أموال ويكون عليك أن تنبههم لأن يكونوا أكثر حرصاً وهو أمر غريب، خاصة إن كان من يفعل ذلك أبوك وأمك!

عندما تضع هذه الأمور في ذهنك سيتسرب إليك إحساس كبير بالعُزلة والوحدة.

في كثير من الليالي سيُجافيك النوم وأنت تفكر فيما كنت قد اتخذت القرار الصحيح بشأن أموالك.. إن كنت تستثمرها بشكل صحيح واحتمالية أن تخسر كل شيء.. يأتي المال ومعه القلق من ضياعه.

شيء مهم يجب أن تفهمه بخصوص المال.. الكثير من الأشياء التي تتمنى أن تصبح غنياً من أجل شرائها تبدو ذات قيمة بالنسبة لك فقط؛ لأنها غالية وأكثر من قدرتك على شرائها الآن.. لكن ما إن تملك القدرة على شرائها أو تشتريها بالفعل فإنها لا تصبح بهذه القيمة التي كنت تنظر إليها بها.. دعني أوضح أكثر.

كل شيء نسبي وليس في إمكانك تغيير هذه الحقيقة بأموالك.. بالتأكيد في أول شهر تقود فيه سيارتك المرسيدس الجديدة وتتناول الطعام في المطاعم الفاخرة سيمنحك متعة كبيرة وسعادة..

لكنك ستعتاد عليه بعد ذلك..

وفي الشهور التالية لن تشعر بنفس القدر من المتعة والسعادة حتى يُصبح الأمر معتاد تماماً..

والمشكلة في اعتيادك على هذا أن الأشياء الأقل من هذا ولو بقدر قليل ستضايقك.. لن ترضى بعد ذلك بسيارة أقل من المرسيدس، ولن يعجبك الطعام من مطاعم وإن كانت فاخرة، إلا أنها أقل مما اعتدت عليه.

هذا يحدث لجميع من يصبحون أثرياء.. بعض الأشخاص الطيبين قد يلاحظون هذا ويحاولون الحفاظ على شخصيتهم حتى لا يفسدها الثراء.. لكن كثيراً من الأثرياء يتحولون للأسوأ.. وهذا قد يحدث معك أيضاً إن أصبحت ثرياً.. قد تقول إنك واثق من أنك لن تتغير.. لا تكن واثقاً جداً!

معظم الناس يفترض أن حياته ستصبح أفضل وأكثر سعادة إن صار ثرياً.. وبعد أن يصبحوا أثرياء لا يشعرون بهذا التحسن في الحياة أو بمزيد من السعادة.. بل يمرون بأزمات حياتية صعبة جداً تجعلهم في ضيق دائم.

لو أنك شخص من الطبقة الوسطى وتعيش حياة كريمة، لكنك مع ذلك لست سعيداً فلا تفترض أن الثراء سيجلب لك السعادة المفقودة"

تعليقي على إجابته:

– أعتقد أن الإجابة جيدة جداً في حدود كونها إجابة إنسانية بعيدة عن هدي الدين.

– أكثر ما أعجبني إشارته أن هذا الكلام موجه للطبقة الوسطى، ومن يضمنون حياة كريمة بالفعل..

أما الفقراء فهم بحاجة فعلية للمال.. المال الذي يحقق للفقير حياة كريمة هو قطعاً مال يجلب معه كثيراً من السعادة وراحة البال..

لكن طبعاً سيختلف الكثيرون في رسم حدود الحياة الكريمة.. أنا مثلاً لا أعتبر السيارة من مُفردات الحياة الكريمة.. لكن كثيرين يعتبرونها كذلك، ولهم وجهات نظر تستحق التأمل.

– أعتقد أن من يريد أن يكون ثرياً لتحقيق رغبات مادية فقط لن يجد السعادة قط.. فكما جاء في المقال أنه بعد أن يحصل على السيارة الفارهة والقصر وحمام السباحة وغيرها سيعتاد كل ذلك..

وسيطلب المزيد، ويعود لنفس الشعور بالنقص والحاجة لشيء آخر يحتاج مال أكثر مما يملك.

– تسمع كثيرين بيننا وهم يقولون "لو كان معايا ملايين كنت عملت كذا وكذا.."، كلها تقع في باب المعاصي والإسراف والبحث عن اللذات فقط، حتى وإن كانت مشروعة في ذاتها، لكن الإسراف فيها غير مشروع.

– المال فتنة.. زيادته ونقصانه فتنة وابتلاء.