الزميل محمد جمعة يسلّط الضوء على الحب والحرب والفقد والثورة في مجموعته القصصية

الجمعة 2022/6/10

المصدر : الأنباء


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

الزميل محمد جمعة

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

غلاف الإصدار

أحمد صابر

«كلما تقدم بك العمر ستعاني فوضى المشاعر والأحاسيس، قد تقف عاجزا عن تنظيم ركام الذكريات وزحام الآلام ولحظات السعادة..لكنك إذا نضجت ستعرف كيف تهيئ هذا القلب لاستيعاب كل ما فات في تلك المنطقة النائية التي لا يقربها أحد سواك.. في الربع الخالي من كل شخص إلا انت سترى كل شيء بوضوح حتى نفسك»، بهذه الكلمات المعبرة عن المشاعر الإنسانية المختلطة بين الفرح والحزن والأمل واليأس، وما يختلج النفس البشرية من الحنين الدائم إلى الماضي وحب العيش على مرافئ الذكرى، استهل الإعلامي والناقد الفني الزميل محمد جمعة مجموعته القصصية الأولى «فوضى المشاعر» - عن الحب والحرب والفقد والثورة - الصادرة عن دار «سبارك» للنشر والتوزيع، متضمنة 10 نصوص متميزة في 71 صفحة من القطع المتوسط.

ويستعرض جمعة خلال مجموعته القصصية نماذج من واقع الحياة حول العلاقات الاجتماعية والإنسانية المتشابكة بين البشر، مسلطا الضوء على فوضى المشاعر والأحاسيس التي تعصف بحياتنا في خضم فيض من السعادة والحزن والألم والأمل ووجهات النظر المتباينة تجاه الموقف الواحد، مشيرا إلى كيفية تغير مشاعرنا بمرور الوقت تجاه من حولنا في لحظات الصدق مع النفس عندما تتجلى الحقائق ونصل لمرحلة النضج، مؤكدا أنها اللحظات الفارقة في حياة كل منا عندما يتحرر من كل ضغوطات الحياة ويواجه ذاته.

«الجروح لا تشفى وإنما تخبو تحت رماد الأيام، فإذا هبت عليها عواصف الذكريات توقدت»، حول هذا المعنى وبين أماكن مختلفة وحقب زمنية متعددة، ينتقل المؤلف بشخوص قصصه مستعرضا بعض المتغيرات في حياتهم متناولا الأحداث السياسية والاجتماعية الفارقة بمنظور أدبي مختلف، مستعينا على ذلك بخبرته الواسعة وإطلاعه الكبير وما يمتلكه من جزالة الألفاظ وعذوبة المعاني.

من «على قارعة الحلم» بدأ الكاتب «فوضى المشاعر» ملتقطا صورة قلمية شديدة الوضوح لأحلام اليقظة، كبيرها وصغيرها، صعبها ويسيرها، والمسموح والممنوع في مجتمع لا يقبل التعدد ولا يعترف بالاختلاف والصراع بين الثقافات المختلفة في المجتمع الواحد، والمناداة بالمساواة بين الرجل والمرأة واصطدامها بالعادات والتقاليد المتوارثة منذ القدم.

وفي «الحب الأول» يرصد لنا الزميل محمد جمعة مشاهدات من العلاقة المتشابكة بين فتاة عاشقة لوالدها، وكيف كان أول حب في حياتها، احتوى فرحتها قبل خوفها وسعادتها قبل حزنها فاعتبرته الأخ والصديق والحبيب قبل أن يكون أبا، مدللا عن ذلك بمواقف من الحياة اليومية بين الأب والابنة في مختلف مراحل العمر، حتى يرحل «الحبيب» مغادرا دنياها ويتركها وحيدة بين ركام الذكرى، تبحث عن اجابة لسؤال ملح «ما قيمة الحياة دون الأب؟».

كان للفراق أيضا نصيب في «فوضى المشاعر»، فهنا ينقلنا المؤلف إلى أسرة تسودها أجواء الحب وترفل بالسعادة، حياة شبه نموذجية لا يعكر صفوها شيء، حيث يسرد على لسان بطلة القصة علاقتها مع زوجها «أحمد» الذي أحبته كثيرا وطالما رأت الدنيا بشكل مختلف بجانبه، إلى ان يصاب سندها بـ«السرطان» ويكتشف ذلك في مرحلة متأخرة من المرض، حتى توشك الزوجة على فقد «حائط الصد الوحيد المتبقي لها في الحياة».

تجربة جمعة الأولى في عالم القصة القصيرة والتي عكف على كتابتها لمدة 4 سنوات، جاءت متميزة تخاطب وجدان القارئ وتقتحم مشاعره بشكل مباشر، تشعر خلال قراءتها وكأنك تعيش بين أبطال وشخوص القصص تتأثر سريعا بأفراحهم وأحزانهم في دلالة على براعة التصوير والإبداع في السرد، والتنبؤ بمستقبل واعد لكاتب متميز.