بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين .

كثيرا ما يصفنا الوهابية بالشرك بالله ليس لجرم فعلناه بل لمجرد سماعهم لاسم عبد الحسين او عبد الزهرة وما شابهها وماثلها من الاسماء اطلقناه على احد ابناء المذهب الحق مذهب الامامية الاثنى عشرية (ع) .

وسبب رميهم لنا بالشرك لانهم يعتبرون ان العبد صفة اطلقت بلحاظ العبودية لله فقط فلو قرنت بأسماء الناس او غيرهم كان ذلك شركا بالله ونسبة العبودية لسائر المخلوقات دون الخالق تبارك وتعالى .
ويمكننا الرد على هذه تفاهة الشرك التي تفوه بها الوهابية بعدة ردود :


1 - ان كلمة العبد لا تطلق بمعنى ولحاظ العبودية لله فقط بل لها معاني و لحاظات اخرى كالخادم او الرق .

فالمعنى الأول للعبودية يرتبط بمجال المولى الحقيقي وهو الله جل وعلا واضافة العبودية له سبحانه بمعنى الطاعة المطلقة له والخضوع التامِّ إليه . فاطلاق العبودية بهذا المعنى على غير الله يكون شركا والعياذ بالله .

واما المعاني الاخرى فهي قد ترتبط بمجال المولى العُرفيبمعنى أنَّ العبد مملوكٌ أي غير حُرٍّ بحيث عليه أن يُنفِّذ أوامر مالكه وسيده مادام لم يُعتِق رقبَتَهُ أو لم يبعه لآخر أو لم يعتق .

واطلاق العبودية بهذا المعنى على غير الله لا يكون شركا ولا محذور فيه . والاسماء التي يطلقها الشيعة كاسم عبد الحسين او عبد الزهرة او غير ذلك من هذا القبيل .

2 - اننا نلاحظ في القرآن الكريم تعبيراً ينسب العباد إلى غير الله كما في قوله تعالى :

{ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } . (1) .

فالآية الشريفة نسبت العباد إلى الناس بلحاظ المعنى الثاني للعبوديَّة الذي تقدم في الرد الاول لا بلحاظ المعنى الاول .

وهذا يعني أنَّه يجوز التسمِّي بالعبودية لغير الله تعالى كعبد النبي او عبد علي او عبد الحسن او عبد الكاظم وما شاكلها إذا كان المقصود من هذه التسمية هو معنى الرِّق .

وقد يُطرح اعتراض آخر مضمونه : العبودية بمعنى الرِّق لا معنى لها وقد توفِّي النبي (ص) وعلي والحسن والحسين والزهراء وغيرهم سلام الله عليهم اجمعين .

فندفع الاعتراض بالتالي : إنَّ معنى عبودية الرِّق هنا معنى تشريفي إيماني ، بمعنى أنَّ صاحب هذه التسمية - انطلاقاً من مشاعره الإيمانية - يعبِّر عن رغبته وتشرفه في أن يكون عبداً مملوكاً خادماً للنبي (ص) ، أو للحسين (ع) أو لغيرهما من أئمة اهل البيت (ع) .

فهذه التسمية عنوان يجسد عمقَ المَحبةِ الراسخة للنبي وآله الطاهرين (ع) وهذا مما دعا إليه القرآن الكريم في قوله تعالى : { قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } . (2) .


>>> وقفة مع فتوى ابي حنيفة :

العجيب والغريب ان الوهابية يشكلون على مذهب اهل البيت (ع) ويرموننا بالشرك بمجرد التسمية بعبد النبي او بعبد علي او بعبد الزهرة او بعبد الحسن او بعبد الحسين او بغيرها من الاسماء التي تقدم الرد عليها بينما تغافلوا وغضوا الطرف عن الشرك الحقيقي في فتوى ابي حنيفة التالية :

(( أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثني علي بن عثمان بن نفيل ، حدثنا أبو مسهر ، حدثنا يحيى بن حمزة - وسعيد يسمع -

أن أبا حنيفة قال : (( لو أن رجلا عبد هذه النعل يتقرب بها إلى الله ، لم أر بذلك بأسا )) .

فقال سعيد : هذا الكفر صراحا )) . إسناده صحيح . (3) .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

(1) الآية 32 من سورة النور .
(2) الآية 32 من سورة الشورى .

(3) أخرجه الإمام الحافظ إبي بكر الخطيب البغدادي / كتاب تاريخ بغداد مدينة السلام / الجزء 15 / الصفحة 509 / طبعة دار الغرب الإسلامي الطبعة الأولى 1422 هـ - 2001 م ص . ب . 5787 – 113 بيروت / تحقيق د . بشار عواد معروف .