21 نيسان 2022

بقلم نبيه البرجي - الديار


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


يسألوننا «هل أنتم أكثر بأساً، وأكثر شوفينية من اليابانيين الذين ألقى عليــهم هاري ترومان القنبلة الذرية أذا قرأتم ما كتبه ياســوناري كاوباتا، الحائز جــائزة نوبل في الآداب، عن «اللــيلة التي زارنا فيها السيد جهنم .

ها أن الأرخبيل يبدو وكأنه ظل للولايات المتحدة» !يقال لنا، والقائلون كثر، كمعترضين على السياسات الأميركية، فقط على السياسات، لا على الهوت دوغ ولا على الليدي غاغا، «لا خيار أمامكم سوى أن تخشعوا للاله الأميركي الذي لا آلهة غيره، ولا أباطرة غيره».

ما ينطــبق على اليابانيــين، بالامكانات التكنولوجية الهائلة، ينطبق على الفيتناميين الذين أسقطوا 10000 طائرة أميركية، وكانوا يستعملون حطام القاذفات العملاقة «بي ـ 52 «لصناعة الدراجات الهوائية!

اذهبوا الى هانوي لتروا كيف حلت قبعة الكاوبوي محل قبعة القش، التي كان هو شي منه يضعها فوق هيكله العظمي.

من يصدق أن أكثر من 30 % من العاملين في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) هم من الفيتناميين؟

كوريا الجنوبية المثال الآخر.

لولا أميركا لبقيت تلك القرية الميتة التي تعيش على تربية الدجاج، وعلى زراعة الأرز قبل أن يصلها بريق الماريغوانا...

القرية تحولت الى فردوس الكتروني.

منتجاتها تغزو العالم، و»أنتم ما زلتم ضائعين بين ثقافة امرئ القيس، والبكاء على الأطلال، وثقافة فيفي عبده، كامتداد لليالي ألف ليلة وليلة».

هذا مقابل المثال الايراني، بالايدولوجيا المتجهمة، والمثال الفــنزويلي، وحيث باتت مـــناجم الذهب أقرب ما تكون الى القبور، والمثال الكوبي بسيارات التاكسي التي تعود الى منــتصف القرن الفائت . ماذا عن المثال السوري؟

أهراءات روما التي تلهث وراء أكياس الطحين.

«كل هذا بسبب عدائكم العبثي لأميركا» .

الآن، يفترض بكل من روسيا والصين أن تقبل بأن تكون محظية أميركية.

الحرب الراهنة أظهرت مدى نقاط الضعف وعلى المستويات كافة لدى الدببة القطبية (الدببة المجنحة كما كان يظن فلاديمير بوتين). التنين يقبع في أحدى الزوايا، ربما حافياً، خشية أن تقطع عليه العقوبات الأميركية طريق الحرير الذي يراهن عليه شين جينبينغ كسبيل للصعود الى أعالي الكون.

هل ثمة وجه واحد للأمبراطورية؟ المسرح الأوكراني يختزل البعد الفلسفي للاستراتيجية الأميركية.

لا أحد غيرنا يقود الكرة الأرضية (وغداً الكواكب الأخرى).

لمن يعترض الاختناق السياسي والاختناق الاقتصادي. ولكن هل للقيصر، بالأرمادا النووية، أن يسلم مفاتيح الكرملين للجنرال مارك ميلي مثلما سلم هيروهيتو مفاتيح كيوكو (القصر الأمبراطوري) للجنرال دوغلاس ماك آرثر؟

هذا هو المستحيل. المأزق الأميركي لا يقل حدة عن المأزق الروسي. لا بد من لقاء الند للند كي لا تكون نهاية العالم، كما يقول أوبير فيدرين وغيره في القارة العجوز، وحيث الســؤال الوجودي، بالرغم من الضجيج البونابرتي:

ألى أين يذهب بنا هذا الحوذي المجنون؟

الوجه الآخر في أفغانستان.

جو بايدن، وبعد عشرين عاماً من الاحتلال، يعيد مقاليد السلطة الى ذلك النوع من الذئاب الذين لا يمتلكون الحد الأدنى من الرؤية لانقاذ ملايين الأفغان من القضاء جوعاً، بالرغم من الامكانات الطبيعية اللامحدودة.

الآباء يبيعون بناتهم لكل من يريد الشراء من أجل تأمين الطعام لبقية أفراد العائلة . كاميرات عالمية التقطت مشاهد من المأساة، وركزت على عيون الفتيات بعمر الطفولة وقد اغرورقت بالدموع مثلما اغرورقت بالذهول.

لم يرف جفن لا للمنظمات الحقوقية، ولا للمنظمات النسائية.

هنا دولة أفغانستان الاسلامية، كما لو أن بيع البنات بتلك الطريقة أقل هولاً من وأدهن ساعة ولادتهن...

ولكن أي مقارنة،

أيها الاله الأميركي، بين المخلوق الأوكراني والمخلوق الأفغاني الذي فتنت بلاده حتى فريديريك أنغلز، شــريك كارل ماركس في صياغة «رأس المال»، والمخلوق العراقي، سليل الحضارات الكبرى، والمخلوق السوري الذي أعطى روما سبعة أباطرة؟

لا مكان في الملكوت الأميركي الا للجنس الأبيض .

الأجناس الأخرى، واسألوا صمويل هانتنغتون، صاحب نظرية «صدام الحضارات»، عالة على الله، وعالة على التاريخ. لطالما أرهقنا الله وأرهقنا التاريخ...