نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


27/11/2021

واصل «أبو سلطان» الصراخ، خلال حديثه عبر الهاتف، رغم المحاولات الكثيرة لتهدئته، مؤكداً أنه لم يقم بأي سحوبات نقدية خلال الليل، وأنه كان مستغرقاً في نومه بعد عناء يوم طويل من الزيارات الاجتماعية بالدواوين المختلفة.

على الطرف المقابل، كان موظف خدمة العملاء في أحد المصارف يحاول احتواء الموقف، كونه أصبح عليماً بمعالجة مثل تلك المواقف، مبيناً لـ«أبو سلطان» أن الصراخ لن يجدي نفعاً، وأن معالجة أمر كهذا تحتاج هدوءاً، لكي يتمكن البنك من اتخاذ الإجراءات اللازمة، لمواجهة عملية الاحتيال المصرفي التي تعرّض لها «أبو سلطان».

كفاءة أمنية

في معظم الأحيان، تنجح البنوك الكويتية في استرداد الأموال بسرعة كبيرة، بسبب كفاءة المنظومة الأمنية للمصارف وتطورها، لكن ذلك لم ينجح مع «أبو سلطان»، الذي جلس يتحسّر على ضياع ما جناه عبر سنوات.

«أبو سلطان» ليس وحده، فهناك ضحايا آخرون في الكويت يقعون فريسة لعمليات الاحتيال المالي، التي يديرها متصيّدون، يعملون على مستوى العالم، بطرائق مختلفة، وارتفعت هجماتهم عبر الإنترنت والهاتف، بنسبة %159 في الربع الأول من عام 2021 مقارنة بالربع الرابع من عام 2020، وفق تقرير صادر عن شركة Feedzai المتخصصة في إدارة المخاطر المالية، وبناء على تحليل أكثر من 12 مليار معاملة مصرفية عالمية، في الفترة من يناير إلى مارس 2021.

نصب الفخ

أحد الأساليب التي يعتمدها المحتالون ما حدث مع «أبو سلطان»، فبينما كان في منزله يغط في نوم عميق، رنّ هاتفه النقال، مبلغاً إياه بتلقيه رسالة نصية. استيقظ وفتح هاتفه ليقرأ بعينين مندهشتين: «تعطّلت بطاقة الصراف الآلي الخاص بك. يُرجى الاتصال بأحد الأرقام التالية من أجل إعادة تفعيلها».

كانت تلك اللحظة هي نصب للفخ من قبل المتصيّدين، الذين يعملون بلا كلل وبوسائل مبتكرة للنفاذ إلى بيانات الضحايا لسرقة مدّخراتهم.

وتلك الرسالة هي واحدة من طرائق عدة لعمليات الاحتيال المصرفي، فهناك أناس وقوعوا ضحايا الفوز بجوائز مالية، حيث طلب منهم المتصيّد الخفي الإفصاح عن بيانات حساباتهم أو بطاقاتهم المصرفية كشرط لمنحهم تلك الجوائز.

كما يستخدم المحتالون طلب تحديث البيانات، عن طريق رسائل نصية قصيرة أو تطبيقات التواصل الاجتماعي، مثل «واتس أب»، تُبلغ بإيقاف بطاقة السحب الآلي لعدم القيام بتحديث البيانات.

هذا إضافة إلى اتباع خطة إبلاغ الضحايا بتأجيل أقساط القروض، أو انتحال المحتال صفة السلطات الصحية.

الحيلة انطلت

مثل كثير من الناس الذين يثقون - عن طيب نية - بصدق تلك الرسائل، وينقصهم الحرص ومتابعة النصائح التي تنشرها الجهات المعنيّة، انطلت الحيلة على «أبو سلطان»، حيث سارع إلى الاتصال بأحد الأرقام التي بعثها المحتالون، ليدور الحوار التالي:

أبو سلطان: أخوي بطاقتي تعطّلت وأبي أفعّلها.

المحتال: عليك تمرير المعلومات الخاصة بالبطاقة لإعادة تفعيلها.

أبو سلطان: رقم البطاقة.. تاريخ الانتهاء.. الرقم السرّي.

المحتال: تمت إعادة تفعيل بطاقة السحب الآلي الخاصة بك.

لا تتجاهلوا الإرشادات

وقع «أبو سلطان» فريسة من دون أن يدري، حيث دخل بقدميه إلى أرض الصيّاد وأبلغه بمكانه، ولو كان تروّى قليلاً، وتابع النصائح التي تحذّر من المحتالين لنجا، لكنه مثل معظم الناس الذين يستهينون بالإرشادات، ويتجاهلون التوعية، فقد أطلق بنك الكويت المركزي - بالتعاون مع اتحاد المصارف، وبمشاركة جميع البنوك - «حملة وطنية توعوية مصرفية» (لنكن على دراية) لتعزيز الثقافة الائتمانية والمالية والمصرفية، وتثقيف عملاء البنوك، لحمايتهم من المخاطر، خصوصاً عمليات الاحتيال.

بعد أن قدم «أبو سلطان» كل الأسرار للمحتال الخفي، وصدّق أن البطاقة أُعيد تفعيلها، انتابته طمأنينة، ودخل إلى غرفته ليغط في سبات عميق. هبّت نسمات الصباح الرخيّة، وراحت تلهو بخصلة من شعر «أبو سلطان»، لتوقظه بانتعاش. دقائق. وبدأ يتفقّد هاتفه، فإذا بسيل رسائل نصّية، لم يكد أبو سلطان يقرأها حتى سرت قشعريرة بجسمه، وانتفض خوفاً: تم سحب كامل الرصيد البنكي نتيجة عدة عمليات شراء.* *
* * * **



https://alqabas.com/article/5869522 :إقرأ المزيد