رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة يمدح الكويت ويهاجم الإحتلال الإيراني...وزير الخارجية الكويتي صامت وموافق

السنيورة: العرب أمام مفترق وبحاجة إلى النموذج الكويتي

اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، فؤاد السنيورة، أن العرب يقفون حاليا أمام مفترق بسبب التحديات التي يواجهونها، مشددا على حاجة العالم العربي الى نموذج الكويت ودورها.

وقال السنيورة، في كلمة باحتفالية "ذكرى الوعي": "أخذني التفكير في الحديث عن مناسبة مرور 30 سنة على تحرير دولة الكويت من الغزو الصدَّامي إلى رحلة مع الذكريات، وإلى ما كنّا نفكر ونحلم به في النصف الثاني من القرن العشرين من تحريرٍ ونهوضٍ وطنيٍ وقوميٍ وديمقراطيٍ وحكمٍ رشيدٍ وحوكمة، وإلى ما أصبحنا عليه في حاضرنا، وكيف - مع الأسف - ننظر وتنظر إليه مجتمعاتنا العربية من خوف على المستقبل، وبما أصبح يحول دون مشاركتنا للعالم وباقتدار في نموّه وتطوره وحضوره الثقافي والاقتصادي". وتابع: "في صبيحة الثاني من أغسطس 1990، كانت هناك قمة عربية مقررة الانعقاد لبحث التهديدات الصدَّامية للكويت في القاهرة، لكنّ الجلسة الافتتاحية لم تنعقد، بعد ورود أنباء الغزو الصدامي.

بعض العرب طرحوا التوسط مع المعتدي قبل اتخاذ أي موقف، لكن لبنان الذي كان ممثلا برئيس الحكومة د. سليم الحص، أطال الله عمره، بادر مباشرةً، من دون تردد وباسم لبنان، إلى إصدار بيان من القاهرة يدين الغزو جملةً وتفصيلاً.

وهو قال يومها: لا نستطيع أن نقر للأقوى بأن يبتلع الأضعف، أو للأكبر أن يلتهم الأصغر، ولبنان كما هو معروف تربطه بالكويت علاقات وثيقة وصفاتٌ وقواسم مشتركة كثيرة، أبرزها أنه دولةٌ صغيرةٌ محاطة بالكبار والأقوياء".

وأضاف: "لم يتورّع صدام عن دفع جيشه الى الداخل الكويتي واحتلال الكويت. ولقد فهمت القيادة السعودية رسالة التهديد، وشرعت في التحضير لأوسع تحالف، وانطلق العمل لتحرير الكويت. ما حصل وتحقق كان بفضل المساعدة القوية للمملكة والموقف العربي والدولي. ولكن، فوق ذلك كلّه، كان الفضل لصلابة وأصالة القيادة الكويتية وإرادة وعزيمة شعب الكويت المنيعة والصلبة والمصممة على تحرير بلدها".

وأشار الى أنه "بعد نكبة فلسطين عام 1948 ونكبة الهزيمة العربية في عام 1967 نُكب العرب مرة ثالثة في عام 1990 بغزو صدام للكويت. وإذا كانت النكبة الأولى والثانية قد وقعتا على يد عدو الأمة، إلا أنّ نكبتهم الجديدة كانت على يد رئيس دولة عربية شقيقة وجيش عربي".

وقال إنه "صحيح أن الكويت تحرّرت من نير ذلك الاجتياح، لكن الجرح الكبير الذي تولّد ترك ندوباً عربيةً كثيرة ومعاناة شديدة بعد ذلك للشعب العراقي وللعرب أجمعين. وذلك ما كان من نتيجته إيقاظ واستعادة الأحلام الإيرانية في السيطرة الفارسية على عدد من الدول العربية. وكان من نتيجة ذلك، أنه قد أصبح على العرب أن يعيشوا نكبتهم الرابعة في الاحتلال الجديد، وأن يعانوا الضغوط المستمرة عليهم والآيلة إلى إشعال الفتن الطائفية والمذهبية في المجتمعات العربية والإسلامية. وهي الحال التي تعيشها وتعانيها دول عربية في مقدمتها سورية والعراق ولبنان واليمن".

وتساءل: لماذا وصلنا الى ما وصلنا اليه ها هنا؟ من النكبة والعزلة والقنوط؟ ببساطة لأننا أضعنا البوصلة الأساس التي تهدينا إلى الطريق القويم والمنهج الصحيح في الدين والدنيا!".

وشدد على أنه "مع التحدي الذي تواجهه أمتنا وتواجهه بالتحديد بعض بلداننا من نزاعات واصطفافات طائفية ومذهبية، لم يعد أمامنا في بلدان وطننا العربي إلا العودة إلى الطريق الصحيح الذي سارت عليه كثير من شعوب الأرض، ونجحت في تحقيق التطور والتقدم على مسارات إعادة بناء دولها وحفظ سيادتها وفرض سلطة القانون والنظام على الجميع. وهي قد قامت بذلك عبر إعادة الاعتبار لنظام المشاركة الحرة والاختيار الحر، أي الاحتكام الى الأنظمة الديمقراطية القائمة على احترام المواطنة واحترام الآخر والقبول بالاختلاف والتنوع من ضمن الوحدة، والاحتكام الى العقل والتعاون المتساوي لا إلى الغرائز، والتعاون الإقليمي والعربي على أساس التكامل وتعزيز نظام المصلحة العربية المشتركة بديلا عن التنافر والتصارع، وبالتالي العودة إلى مبادئ احترام حق الإنسان العربي في حياة حرة وكريمة".

ولفت الى أنه "في خضم هذه المصائب التي تنهال على رؤوس دولنا وشعوبنا العربية، أرى أن هناك حاجة ماسة لتكوين موقف عربي يُخرجُ الأمة من حال التراجع، فنحن العرب أمام مفترق نكون أو لا نكون، والجواب: هو نعم يجب أن نكون. وليس لنا في هذا السبيل بديلاً عن أن تتضافر جهودنا وإراداتنا. وهذا يستدعي أن يكونَ توجُّهُ بوصلتنا صحيحا وملتزما بالثوابت العربية القائمة على التعاون والتكامل والاحترام الكامل لبعضنا بعضا.

دور الكويت التاريخي

وقال إنه "ما عادت وحدة المصالح والأخطار المشتركة أموراً تشبه العظات أو النصائح التي يمكن تجاوُزُها أو الاستخفاف بها. وقد كانت دولة الكويت رائدةً في إدراك هذين الأمرين والعمل على هديهما. وهذه الأمانة للنفس وللمحيط العربي والعالم الأوسع هي التي أفْضت إلى التضامن الكبير العربي والدولي من حولها عندما تعرّضت للمحنة القاسية. واليوم يتعرّض العرب وتتعرض مصالحهم، بل ويتعرض وجودُهم الوطني والقومي لأخطارٍ تنالُ منهم جميعاً، وتنتهك مصالحهم العليا. ولذلك يعود دور الكويت التاريخي للبروز، سواء في جمع الصف الخليجي أو في العمل على مساعدة العراق والقضايا العربية الأخرى".

وأشار الى أن "هناك حركة مبشّرة في ليبيا، واتجاه أوضاع السودان للانتظام بالتوازي ومع التفاهم مع الشقيقة الكبرى مصر، وذلك رغم كثرة المشكلات، وهناك تجدد التحرك من أجل فلسطين. لكنّ الاضطراب في سورية ومن حولها وفي اليمن ومن حولها لا يشير إلى ضوء في نهاية النفق. وهذا ما أقصده بالحاجة المتجددة إلى نموذج الكويت ودور الكويت للتآزر والتضامن العربي".

وختم بالتوجه "بالتحية إلى صاحب السموّ أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد، الذي تابع منهج الأمير الراحل صباح الأحمد، طيّب الله ثراه، في أسلوبه ومنهجه الناجح، والذي أثمر أخيرا وساطة ناجحة على يديه في جمع الأشقاء بعد طول افتراق"، مضيفا: "كما أوجّه التحية لجميع إخواني في دولة الكويت العزيزة في هذه المناسبة العطرة، مناسبة تحرير الكويت متأملاً بربيع حقيقي قادم نريده لأمتنا ولبلداننا العربية وإنساننا العربي سيأتي، بإذن الله، لا محالة".



https://www.aljarida.com/articles/16...ource=whatsapp