نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

طبيب العائلة غسان شرّي

30 أبريل 2020

الكاتب:بيروت - من أسرار شبارو

حَمَلوا خبرتهم سلاحاً، وانضموا الى "جيش" محاربة "كورونا" في إيطاليا ... هم أطباء لبنانيون انخرطوا مع زملائهم من مختلف الجنسيات في الحرب التي تُشنّ على الفيروس المستجدّ، غير آبهين بالخطر المحدق على حياتهم. وقد سقط 112 طبيباً حتى الآن في "ساحة المعركة" عدا عن إصابة 12 ألف آخَرين، همّهم الأول والأخير إنقاذ ايطاليا بعدما تحوّلت بؤرةً لوباءٍ أزهق أرواح عشرات الآلاف.

طبيب العائلة غسان شرّي واحد من الجنود الذين يحاربون في الليل والنهار وكل آملهم آن يكون الانتصار قريباً. وهو يشرح لـ "الراي" عن الأيام الأولى لظهور وانتشار الوباء في إيطاليا وكيفية إدارة المعارك للسيطرة عليه، قائلاً: "كون المرض جديداً، لم نكن نعلم عنه شيئاً، استفدنا بدايةً من التجربة الصينية التي سبقتْنا بشهرٍ في الحرب عليه، وقد واجهنا خطأ على مستوى القرار السياسي، حيث تأخر اتخاذ القرارات اللازمة لثلاثة أسابيع، على الرغم من الضغط الذي مارسناه كأطباء من اجل البدء الفوري بالإجراءات الوقائية وإغلاق التجمعات الكبرى، كالملاعب والمدراس، ليتبين لاحقاً أن أكبر بقعة خرج منها الوباء كانت من ملعب في شمال ايطاليا".

وأضاف الدكتور شري: "في الفترة الأولى لظهور الفيروس وانتشاره، قَصَدَ آلاف الناس المستشفيات، سواء كانوا مصابين أم لا، لنتفاجأ بأن 40 بالمئة ممن لا يحملون الفيروس انتقل لهم من المستشفى، وهذه إحدى الأخطاء التي يجب أن تتنبه لها البلدان التي يمكن أن يصلها الفيروس أو ينتشر فيها"، وتابع: "لهذا السبب منعنا لاحقاً الناس من الذهاب الى المستشفى مباشرة، حيث وضعنا خطةً تفرض في المرحلة الأولى تَواصُل مَن يشعر بعوارض الفيروس مع طبيب العائلة الذي يحدّد وضعه فيما إن كان يحتاج إلى مستشفى من عدمه، مع العلم أن 85 بالمئة من المرضى يُطلب منهم البقاء في المنزل مع إعطائهم الارشادات، وعند وصولهم الى مرحلة عدم قدرتهم على التنفّس هنا يصبح تلقي العلاج في المستشفى ضرورة".

ولفت إلى أنه "تم تشييد خيم خارج المستشفيات يوضع المريض فيها، يكشف عليه الأطباء ويراقبون حالته على مدى ساعات، ليقرروا بعدها إما إدخاله لتلقي العلاج أم أن حالته لا تستدعي ذلك"، مضيفاً: "ألغيت كل أقسام المستشفيات وتحوّلت جميعها لعلاج مرضى الكورونا، كذلك جُنِّد الأطباء من كل الاختصاصات لمعالجة المصابين بالفيروس".

ولأنها حرب على فيروس مستجدّ، فإن بروتوكلات المواجهه قابلة للتغيير كل بضعة ايام، وكما قال الدكتور شرّي: "كنا نتابع ما يَرِدنا من تقارير من الصين وإيران، ونحاول كشف ما يحصل والاستفادة من ذلك، كما نقوم نحن بوضع تقارير، أما إعداد دراسات عن المرض فتتطلب بداية الانتهاء من المعارك التي نشنّها عليه"، وأضاف: "من الناحية العملية، لا يوجد لقاح ولا دواء لكورونا، في البداية كشفْنا ان الفيروس يضرب الرئتين وبدأنا نواجهه بسلاح الاوكسجين والكورتيزون، إلى حين وصول تقرير من الصين وإيران يتضمن الجينات التي يتألف منها الفيروس، وهي ثلاثة السيدا والملاريا وعائلة كورونا، فبدأنا بإعطاء دواء السيدا والملاريا والتهاب المفاصل والكورتيزون ومضادات تخثُّر الدم والمضادات الحيوية وغيرها".

كما لفت إلى أنه "بعد تشريح أربع جثث في الصين و80 جثة في ايطاليا لمعرفة الأعضاء التي يفتك بها الفيروس ظَهَرَ أنه يضرب الكبد والكلى كذلك، ويؤدي الى تخثرات في الأوعية الدموية".

الأخبار المتداوَلة من ايطاليا تتحدّث عن عدم كفاية أجهزة التنفس ما يدفع الأطباء الى اختيار أي مِن المرضى سيعيش ومَن سيموت، وعن أن الأفضلية تعطى للشباب على كبار السن، لكن بحسب ما أكد الدكتور شري فإن ذلك "مجرد شائعات، فـ 5 بالمئة من المرضى فقط بحاجة إلى تنفس اصطناعي، وآلات الأوكسجين تكفي، كما أن لدى الايطاليين مصانع لهذه الآلات، لا بل هم اخترعوا قطعة صغيرة تجعل أنبوبة الاوكسجين تُستخدم لشخصين بدل شخص، كما لدينا أكثر عدد أسرة مقارنةً بالدول الاوروبية حيث يصل عددها الى نحو 200 ألف سرير، ونظاما صحيا مجانيا لجميع الموجودين على الأراضي الايطالية".

وعن الوضع حالياً في ايطاليا قال: "نخشى موجة ثانية تضرب البلد. نعم فرِحنا ان عدد المصابين انخفض وإن كان لا يزال يعد مرتفعاً".

فيروس كورونا خطير لأن لديه كما قال الدكتور شري "صفتين غير موجودتين في أي فيروس آخَر، الأولى أنه سريع الانتشار، والثانية أنه خبيث بالتدمير، لا يعطي المجال للمعالجة في الفترة الأولى".

وعن النصائح التي يوجهها للناس قال: "على رأسها الحجْر المنزلي، فخزان المرَض هو الانسان، إضافة الى ضرورة وضع الكمامة والقفازات لكل الناس، والتشديد على احتمال أن كل مَن نقابله مصابٌ بالفيروس".




https://www.alraimedia.com/Home/Deta...3-dc80205b8e99