فيما تبدو الظروف مواتية جدا


الطليعة - كتب محرر الشؤون السياسية

بعد إنجاز الشيخ صباح لمهام خارجية تجسدت في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية، لا بد أنه سيواجه استحقاقات محلية كثيرة يأتي على رأسها المعالجة المستحقة لأمر الحكم والذي تبدو ظروفها مواتية هذه الأيام· وهو موضوع وإن ترددت أطراف في الأسرة في تناوله بشكل صحيح فقد بات مطروقا في داخل مجلس الأمة والصحافة المطبوعة والالكترونية وحديث المجالس والدواوين، وهنالك إشارات أو إيحاءات أو تمنيات بأننا على أبواب معالجة لهذا الأمر، فقبل زيارة الشيخ صباح كانت هنالك لقاءات بين أقطاب الأسرة خاصة بين الشيخ صباح والشيخ سالم العلي رافقتها تصريحات في الصحافة عبرت رغم تمسكها باللباقة اللازمة عن وجود أزمة تتطلب المعالجة، وهنالك من يقول إن الظرف أصبح ناضجا لإجراء هذه المعالجة، إن صح ذلك فهو ما يتمناه الكويتيون لإزالة القلق والهواجس التي تنتابهم وهم يراقبون ما يسميه البعض الصراع المحتدم وراء الابتسامات·

وإذا كان أقطاب البيت الحاكم عازمين على إجراء المعالجة التي باتت مستحقة، فما يتمناه الناس ألا تكون ترضيات تلبي طموحات أفراد بل تراضيا يؤدي الى وضوح مستقبل التركيبة القيادية واستقرارها ويضمن تداول المراكز بسلاسة كما كانت في السابق·

ولكي تكون هذه التسوية أو هذا التراضي مقبولا لدى الناس وملبيا لأمانيهم ينبغي ألا يتسم بالمحاصصة وتقسيم الغنائم بل يكون تراضيا يراعي الكفاءة والقدرة على القيادة، والمقدرة على التحكم بدفة السفينة بامتلاك الرؤية الصائبة والبصيرة النافذة ولا يتمسك فقط بالتراتب العمري·

فالترضية التي تؤدي الى استمرار الشلل والجمود وعدم القدرة على الحسم تعني استمرار الإعياء الذي يعاني منه البلد والمزيد من تراكم المشاكل·

لقد أكد أقطاب الأسرة في تصريحاتهم حرصهم على تعميق العلاقات الصحية مع أهل الكويت، وهو شعور وشعار مقدر، وإذا نظرنا الى تاريخ الكويت فإن أزهى الفترات التي عاشتها الكويت هي تلك التي تميزت بالعلاقات الصحية بين الشعب والقيادة· وأغرز الاتفاق والتوافق على خط السير·

ولذلك فإن التسوية المنتظرة ينبغي أن تحظى برضا الناس الى جانب تراضي "الشباب" من أبناء الأسرة ولا تقتصر على الأقطاب فقط، أي تسوية شاملة جذرية تنتشل البلد من القلق والهواجس·

إن استمرار التخلخل في بيت الحكم يفسح المجال للأطراف الدخيلة لاقتناص الفرص واستثمار الثغرات، فيما تماسك بيت الحكم على أسس سليمة يصون القيادة ويحصنها من مقتنصي الفرص، ولعلها تكون خطوة رئيسية لتوفير الوضوح الذي يعرف الجميع دور كل منهم ومستقبله، ويسمح لنا بالانطلاق على جادة الإصلاح والتصحيح·

فالكويت تمتلك كل مستلزمات التطور من رقعة صغيرة وتعداد قليل ووفرة في الموارد المالية· وبإدارة حكيمة ذات رؤية صائبة يمكننا تحقيق الازدهار الذي لا يمكن تحقيقه إلا بمعالجة شأن الحكم والشروع في أهم خطوة نحو الإصلاح المتمثل في الإصلاح السياسي·

فمسيرة الإصلاح التي بشَّر بها الشيخ صباح لدى تسلمه رئاسة الوزارة بصفة أصلية ما زالت متعثرة أو كما يقال عجلاتها "مغرزة"·

لقد تمتعت الكويت كبقية الدول المنتجة والمصدرة للنفط في العامين الماضيين بوضع تميز بارتفاع عائدات النفط وترافق ذلك مع انتعاش الأسواق المالية·

لكن ذلك لم ينعكس بتحقيق تغييرات تنموية اقتصادية لجهة تنويع القاعدة الاقتصادية وزيادة فرص العمل لمخرجات التعليم كما أن مستلزمات التنمية من تطهير البلاد من وباء الفساد المستشري وتحقيق الإصلاح الإداري ورفع مستوى التعليم والخدمات الصحية وتوفير السكن والمحافظة على البيئة، كل ذلك لم يتحقق منه إلا القليل إذا كان قد تحقق شيء ما·

وما لم تكون هنالك مبادرات جادة لمعالجة الوضع السياسي ابتداء بإصلاح بيت الحكم ومرورا بإصلاح المؤسسات الدستورية وصيانة حرمة الانتخابات ونزاهتها، فإن المكاسب الاقتصادية الطارئة قد تتلاشى وتذهب ريحها وتتحول نتائجها الى إضافة مزيد من السلبيات تعيق ولا تدفع عجلة التطور والإصلاح·