خاص- “المنظومة الخليجية”.. سجن كبير لانتهاكات مرعبة ودموية لحقوق الإنسان

نوفمبر 7, 2019

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

بكل الاعتبارات الإنسانية والدينية والتشريعية، المحلية منها والدولية، يمكن توصيف واقع حقوق الإنسان في المنظومة الخليجية بأنه “الأسوأ” على الإطلاق. منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، ذات السلطات الملكية، المستأثرة بمفاصل الحكم، تعاني شعوبها من انتهاكات جسيمة لحقوقهم الأساسية، انتهاكات ترسم واقعاً مريراً من شأنه إفراز قصص وحكايا مأساوية لا يمكن أن تمر على عقل بشر، إلا أنها تخط معالمها بين أروقة “الممالك الخليجية” القائمة على سطوة القمع والاستبداد والتنكيل، وحرمان الشعوب من أبسط حقوقهم المشروعة.

تحصد دول المجلس هزائم متوالية أمام المؤسسة الأممية الحقوقية المتمثلة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إذ مع كل دورة تفتح ملفات الانتهاكات ويبدأ سيل الانتقادات الموجهة للسلطات الخليجية لحل معضلاتها الحقوقية التي تنال من حقوق الإنسان وتحرم المواطن وحتى المقيم من الحقوق المكفولة بالشرع الدينية والمحلية والدولية. صور التعذيب والاضطهاد والتنكيل والاعتقالات والحرمان والأحكام الجائرة وصولاً إلى الإعدامات، تعد صورة مرتسمة داخل كل سلطة من السلطات الخليجية، من سلطنة عُمان إلى الكويت والبحرين و”السعودية”، مملكات وأنظمة تستبد بالشعوب وتستأثر السلطة مرتكبة ألوان متعددة من الانتهاكات.



خاص – مرآة الجزيرة – سناء إبراهيم تتربع السلطات السعودية على قمة من القمع والانتقام والاستبداد، ولعل مشهدية ما يحدث تحت الحكم “السلماني” في الرياض من انتهاكات يشي يقتامة المشهد وسوءته، إذ تصف عضو منظمة “القسط لدعم حقوق الإنسان” وحركة “المقسطون” د. حصة الماضي حالة حقوق الإنسان في البلاد بأنها بأسوأ أوضاعها، ومنذ استيلاء آل سعود على بلاد الحرمين، كانت السلطة قمعية-استبدادية، وعلى مدى العهود تزداد في القمع والاستبداد، لكنها في هذا العهد (محمد بن سلمان) ازداد كثيراً ووصل أعلى مستوياته من القمع، وتوسعت الشرائح وتنوعت الأساليب وتجاوزت القوانين والأعراف.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

د. حصة الماضي

الباحثة الحقوقية د. الماضي، وفي حديث خاص لـ”مرآة الجزيرة”، توضح أن السلطة السعودية تحاول تضليل الحقائق والتغطية على الانتهاكات التي تمارسها على الشعب وخاصة النشطاء في مجال حقوق الانسان والمنتقدين لسياسة السلطة، مشيرة إلى كم الاعتقالات التعسفية التي تسوقها السلطة وحملات الإخفاء القسري والإعدامات الكثيرة على خلفية الخروج في المظاهرات السلمية والمحاكمات في محاكم الإرهاب، وأصبح جميع النشطاء المعارضين تحت دائرة الخطر من هذا النظام ولم يسلم من هم في الخارج كما حصل مع خاشقجي، وكما حصل مع الناشطات في الداخل، وتابعت “الناشطات في مجال حقوق المرأة تم اعتقالهن، اعتقال تعسفي وتعرضن للتعذيب والتحرش والصعق الكهربائي وشتى أنواع التعذيب، وقد حاولت السلطة إلصاق تهمة الخيانة بهن في بداية الاعتقال ومع الضغط الدولي تم تخفيف الأمر إلى مجرد تواصل مع جهات أجنبية، لكن مازالت محاكمتهن مستمرة ومصيرهن مجهول ولانجزم ولا نستطيع أن نتنبأ بما ستحكم عليهن السلطة لأن القضاء غير مستقل وكله بيد محمد بن سلمان حالياً والمحاكمة تتم بمحكمة غير عادلة ولا تتسم بالمعايير المحاكم العادلة”.


بعهد ابن سلمان..الرياض معتقل ترهيبي ونظام دموي

وتنتقد د.الماضي، حملات النيابة العامة في عهد ابن سلمان وزيادة مطالباتها بإنزال العقوبة المشددة، خاصة القتل تعزيراً الذي لم يسلم منه حتى الأطفال، وقد بلغت الرياض لأول مرة أرقام قياسية حيث وصل عدد الإعدامات المنفذة لهذا العام 159 وقد يستمر في حال عدم التصدي له من قبل المنظمات والنشطاء والمجتمع الدولي والشعب وجميع المنظمات الإنسانية الدولية، مشددة على أنه يجب على الجميع أن يقف بوجه النظام السعودي الدموي، وقفة واحدة حتى تنتهي هذه الإعدامات الجائرة، ونبّهت إلى أن “هناك 39 شخصاً مهددين بالإعدام بما فيهم أطفال قصر، ويعتمدون على اعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب”.

وقالت “عندما يتعرض الطفل أو الكبير للتعذيب الشديد فإنه يعترف بما لايقترف، لذا هم يعرضون المعتقل للتعذيب الشديد حتى يعترف بما يريدون ثم ينزلون عليه عقوبة الإعدام، لذا نتأمل من المجتمع الدولي الضغط على هذه السلطة حتى تمتنع عن الإعدام وينجو المهددين بهذ العقوبة”.

ومع الإعدامات والتعذيب، تتكشف صورة السجون السعودية الملأة بالانتهاكات القاتلة، وتستنكر الباحثة الحقوقية ما تخفيه تلك الغرف المعتمة من ممارسات وضغوط وإجبار للمعتقلين على أفعال لايبتغونها، فرغم التعذيب الذي يقع على المعتقلين، فإن السلطات تعمد إلى تلميع صورتها وتحسين صورة معتقلاتها أمام المجتمع الدولي، وتعمل على تصوير المعتقلين ببرامج تحسين وإهتمام داخل المعتقلات، وترى د.الماضي أن “الرياض بين فترة وأخرى تروج عبر مقاطع فيديو على أنها من السجون وأنها تتصف بأعلى مميزات وتظهر فيها بأن هذا ما لايتوقع الإنسان أن هذا يوجد في سجن، ثم تصور وتحضر المعتقلين وتجبرهم على ما يقولون وتحضر أدواتها”، وتأسف لأن “هذه الأمور أعدت للتصوير وتزوير الحقائق، حتى يظهر أمام العالم أن هذه هي المعتقلات التي تشتكون منها، والتي تقول المنظمات أنه يحدث فيها انتهاكات وتعذيب وهذه الحفلات وجميع ما يوفر لهم من ندوات وبرامج إعلامية، ولكن للأسف هذه كلها أماكن للتزييف والتصوير ويجبر المساجين على ما يقولون والهدف منه التعمية والتضليل”.

كما تتساءل أنه “لو كان حقيقة فلماذا السلطة لاتسمح لأحد من الخارج بزيارة المعتقلات؟

عندما تطالب الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والبرلمانيين الأوروبيين، وقد طالبت منظمة “القسط” بزيارة الناشطات والالتقاء بهن ولكن الطلب رفض. ولو كان هذا الواقع الحقيقي للسجون لكانت فتحت أبواب الزيارة، ومع ذلك فإن المجتمع الدولي والحقوقي لا يصدقون السلطة السعودية”. ولئن قتامة المشهد تشي بالأسوأ وتخلق المزيد من التخوف، تعرب د.الماضي عن أملها بأن جميع نشطاء الخارج والمنظمات الحقوقية المختصة بالشؤون السعودية والدولية كافة والمجتمع الدولي والأمم المتحدة يواصلون الوقوف بوجه هذه السلطة الدموية والمتوحشة الجائرة، ويجب توحيد الجهود للوقوف بوجه هذا النظام لمنع الانتهاكات التي تقع على الإنسان الذي لايملك وسيلة للدفاع عن نفسه، لأن ابن سلمان سيستمر بالقمع والانتهاكات والاستبداد، الذي وصل إلى المعارضين خارج الحدود وتم اختطاف العديد منهم وأعيدوا إلى الرياض وتم إخفاؤهم، قائلة: “لكن لا نعلم أموات أم أحياء، كذلك من تم اعتقالهم في الداخل هناك من تم إخفاؤه ولا تعلم عنه أسرته، وهناك من تم ملاحقته واغتياله وتجزئته كما حصل مع جمال خاشقجي”، ونددت بـ”الانتهاكات التي تحصل في المعتقلات كما حصل مع الناشطات ولجين الهذلول، لا شك أن الأمور تزداد سوءاً منذ أن أمسك بزمام البلد ابن سلمان”.

نظام البحرين يرسخ مبدأ شراسة السلطة بوجه المواطنين

داخل المنظومة الخليجية، تستشري مظاهر القمع فالنظام البحريني الحليف للسلطات السعودية لايتوانى عن فعل الممارسات عينها التي تعيشها الرياض، من القمع والانتهاكات والسلسلة الانتقامية من أفراد المجتمع، إذ تشتد قبضة السلطة حول عنق النشطاء، ويصف رئيس “معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان في أستراليا” يحيى الحديد، حقوق الإنسان في البلاد بأنها معدومة، إذ أن “السلطة لا تحاول تقييد جميع الحريات والحقوق فحسب، بل تتعدى ذلك إلى معاقبة أي مواطن يحاول استعمال حقه في التعبير عن رأيه أو التجمع السلمي أو غيرها،عبر تلفيق التهم والمحاكمات غير العادلة والأحكام القاسية والمشددة”.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

يحيى الحديد

في مداخلة خاصة مع “مرآة الجزيرة”، يبرز رئيس “معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان في أستراليا” أنه مؤخراً، تعمد المنامة إلى ترسيخ مبدأ لا قانونية ممارسة الشعائر الدينية عبر استهداف المظاهر العاشورائية واستدعاء الخطباء والرواديد واعتقال بعضهم ومنع أكبر صلاة الجمعة في البلاد، على الرغم من أن الدستور يكفل حق ممارسة الأفراد لشعائرهم الدينية، ولكن السلطات تحاول ترسيخ عدم شرعية هذا الحق عبر مناخ القمع الذي تخلقه. الناشط الحقوقي ينتقد استهتار السلطات البحرينية بالقوانين الدولية وعدم الإحترام الممارس بحق الشرع الدولية والمعاهدات، معتبراً أنه من الصعب أن يتوقع المدى الذي تصل إليه شراسة السلطة في تشديد قبضتها الأمنية على الشعب، لأن هذه “السلطة لا تحترم القوانين الدولية ولا المعاهدات التي تنص على احترام الحقوق والحريات، والأدهى من ذلك أنها لا تحترم دستورها الخاص وتستخدم البرلمان أداة لتعديل القوانين وسنها وفق أهوائها.

وبذلك هي تستخدم كل الوسائل المتاحة لقمع المعارضة وإخفات جميع الأصوات التي تنتقد سياساتها الجائرة أو تطالب بالإصلاح، ضاربة عرض الحائط بكل المناشدات والإدانات الدولية، خاصة أن هذه المناشدات لا ترافقها خطوات جدية”.

رغم السيناريو القاتم في البلاد، لا يغلق الحديد باب الأمل بتحسين الأوضاع يوماً ما، ويعرب عن أمله بأن يتم إطلاق سراح جميع القادة والنشطاء ومعتقلي الرأي، إلا أنه يستدرك القول “إنه في ضوء السياسات الحالية، سلطات البحرين تتجه إلى الاستمرار في استخدام الاعتقال والأحكام الجائرة والتهم الملفقة كأدوات لمعاقبة المعارضين والانتقام منهم”، ويحمّل مسار العمل الحقوقي مسؤولية الوقوف بوجه هذا النظام وإجرامه وانتهاكاته لحقوق الإنسان، ويعتبر إن “العمل الحقوقي هو الأداة المضادة لشركات العلاقات العامة وملايين الدولارات التي تستخدمها البحرين لتبييض صورتها ومحو سجلاتها الحقوقية السوداء من أذهان المجتمع الدولي، ولم تفلح البحرين حتى الآن في خلق صورة ناصعة البياض لسجلها الحقوقي رغم استخدامها كافة الوسائل والفرص المتاحة أمامها، لأن النشطاء والمنظمات الحقوقية تعمل بشكل دائم على فضح الممارسات القمعية وغير القانونية في البحرين وتسليط الضوء على الانتهاكات الحقوقية التي ترتكبها السلطة”.

وفي ظل الإجرام السلطوي يستغرب الموقف الدولي الذي يقف في صف المتفرج على ما يحصل، ولكن من “الممكن أن تكون العقوبات الدولية الجدية إحدى الوسائل الرادعة للسلطات في حال توفرها”.

حقوق الإنسان في عُمان بحالة يرثى لها

ولأن إسكات أصوات المعارضين سياسة ممارسة ضمن الدول الخليجية في مجلس التعاون، فإن سلطنة عُمان لا تخلو من حلقات القمع، إذ يوضح “مدير المركز العماني لحقوق الإنسان” نبهان الحنشي، ماهية الواقع الحقوقي في البلاد التي وصفها بأنها في حالة “يرثى لها”. وينبذه إلى أنه “بعد صدور النسخة المحدثة من قانون الجزاء العماني (العقوبات)، والمضايقات بحق النشطاء والكتاب والصحفيين المتمثلة في الاستدعاءات والاعتقالات، جعلت من واقع حقوق الإنسان في عُمان في حالة يرثى لها”.

ويتابع “التعبير عن الرأي ضد الحكومة أو ضد السلطان الحالي يعتبر جريمة، إنشاء أحزاب سياسية أو جمعيات حقوقية مستقلة يعتبر جريمة، ناهيك عن القوانين التي تنتهك الحريات الفردية، القانون لايحتاج فقط إلى تعديل بما يتوافق مع حقوق الإنسان، بل إلى إلغاء”.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نبهان الحنشي

في حديثه لـ”مرآة الجزيرة”، يعرف الناشط الحقوقي الحنشي، عن أسفه لعدم توقيع السلطات في بلاده على اتفاقيات مهمة جداً من أجل تعزيز الوضع الحقوقي، فهي لم تنضم إلى “العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية أو العهد المدني للحقوق المدنية والسياسية”، وهذا يعد تهرباً منها لعدم الانصياع للقوانين الدولية أو المعاهدات التي تشدد على ضرورة احترام حقوق الإنسان، ويقول إن مسقط بعدم توقيعها على معاهدات دولية أساسية وهامة في مجال احترام حقوق الإنسان، يمنح السلطة الفرصة بعدم الإنصياع لبنود الاتفاقيات الهامة، ويندد بأن السلطات في مسقط تعتبر اعتقال النشطاء حق قانوني تم تشريعه عبر قانون الجزاء المحدث أو حتى القديم.

وليس هذا فحسب، فإن النشطاء داخل السلطنة “يعانون من عين الرقيب التي تراقب بشدة كل حركة أو قول لهم، وهو ما يجعل أي حراك لهم تحت مستوى وسقف منخفض جداً ويمكن وصفه بالخجول، ويلفت الحنشي إلى أن النشطاء لا يستطيعون تخطي السقف القانوني رغم رغبتهم بذلك لأن أي تحرك يمكن أن يكلفهم حريتهم، ويزجون خلف القضبان. بالمقابل، يعوّل “مدير المركز العماني لحقوق الإنسان” على دور نشطاء عمان في الخارج، الذين يضيئون على الممارسات التي تخفيها مسقط بحق المدافعين عن حقوق الإنسان، ويعتبر أن “النشطاء في الخارج، لهم دور مهم في محاولة كشف الانتهاكات والتواصل مع منظمات دولية أو حتى البرلمانات الأوروبية من أجل المساهمة في إيقاف الانتهاكات وكذلك محاولة تحسين الأوضاع الحقوقية عبر الضغط الدبلوماسي”، ويشير إلى دور “المركز العماني في تعزيز الوعي الحقوقي وتوثيق ونشر الإنتهاكات التي تحدث داخل عمان، ومع المركز هناك دور ونشاط فردي لنشطاء الخارج له قيمته من خلال استهداف جوانب متعددة مثل السياسي الحقوقي والصحفي”.

الكويت..بؤس وانحراف وكوارث حقوقية

إلى “واحة الديمقراطية” في الخليج، دولة الكويت، يتكشف واقع لايقل قتامة عن عموم عواصم المنظومة القمعية، إذ يصف المستشار الحقوقي في “مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب” أنور الرشيد الواقع الحقوقي في الكويت بأنه يزداد بؤساً وانحرافاً واعتداءً على الحريات بشكل غير مسبوق تاريخياً والوضع المستقبلي لايُنبئ بالاستقرار، مشيراً إلى “الأحكام على المُغردين والتي تشكل كارثة الكوارث الحقوقية، مع تصدر الكويت دول العالم بملاحقة وسجن المُغردين، ووصلت الأحكام بحقهم إلى نحو 589 سنةً سجن، وهذا الرقم القياسي”، وبمزيج من السخرية والألم على الواقع، يدعو الرشيد “كتاب غينس للأرقام القياسية بأن يُسجل هذا الرقم كرقم قياسي على مستوى العالم والتاريخ، خاصة أنه لا تزال المحاكم تنظر بآلاف قضايا الرأي على المُغردين وأصحاب الرأي”.


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

ويلفت إلى أنه “نتيجة لوجود قوانين مخالفة للمادة 36 من الدستور والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أصبح لدينا مافيا أسميناها مافيا الحُريات يقودها محامين مع الأسف فهم يتصيدون أي تغريدة على أي مغرد ويتقدمون ضده بشكوى لدى مباحث الجرائم الالكترونية”. أنور الرشيد في حديث خاص لـ”مرأة الجزيرة”، يعرّج المستشار الحقوقي، على معضلة الانتقام من المواطنين ومعاقبتهم عبر سحب جنسيتهم، ويصف هذه العقوبة بأنها “طامة كبرى لاحدود لها، وهي كارثة حقوقية تُصادر بها حق المواطن حتى اللجوء للقضاء لإنصافه، ويشير إلى أن السياسات المتبعة والملاحقات الأمنية بحق النشطاء تدفع بالعشرات إلى الهجرة الطوعية، “لدينا العشرات من الشباب الكويتي مُهاجر ومُقيم في الخارج طوعياً كنوع من الاحتجاج على الأوضاع”.

وبموازاة ذلك، فإن القضية التي تترنح مأساة في الخليج عموماً، هي قضية البدون/معدومي الجنسية، والتي يصفها الرشيد بأنها “مأساة لن ولاتُريد الحكومة حلها”. المستشار الحقوقي، يعوّل على أهمية تعديل قوانين الحريات الست في الكويت وهي قوانين تترنح داخل مجلس الأمة، وعدم إقدام البرلمان على تحسين القوانين والتشريعات، دفعت بالحقوقيين نحو مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وعلى أثر التقارير فقد وجه المجلس الأممي تنبيهات إلى السلطة بجوب تحسين الواقع الحقوقي، يكشف الرشيد عن تهديده بالمعاقبة نتيجة عرضه أوضاع الكويت في بمجلس حقوق الإنسان في جنيف، قائلاً: “أزلام السلطة وقوى الفساد طالبوا بمحاكمتي بموجب قانون أمن الدولة لأني ألقيت عدة كلمات ومداخلات وتقديم تقارير لمجلس حقوق الإنسان بشأن الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن الكويتي والمُقيم”.

“الخليج سجن كبير مفتوح على مصرعيه لكل من ينبس بكلمة، أي مواطن يتكلم مصيره أما السجن أوالفصل من العمل أوالتهجير أو سحب جنسيته”، يشدد الرشيد، ويقول “يكفي أن نعلم بأن هناك آلاف من مواطني الخليج طالبين لجوء سياسي، والكويت لديها 14 طالب لجوء سياسي”.

ويعتبر أن “منظومة دول الخليج اليوم بحاجة ماسة لأن تُدرك بأن السياسات المتبعة ماقبل الربيع العربي لم تعد صالحة للإستخدام الأدمي بعده ولعدة أسباب، بينها انفجار ثورة الاتصالات التي كسرت كل الحواجز التي كانت الدول بالسابق تفرضها على المجتمع لذلك كانت مجتمعاتنا لاترى ولانسمع ومن يتكلم مصيره معروف”، إضافة إلى أن “مشكلة منظومة دول الخليج هي أن الشعوب تطورت ولم تتطور المنظومة السياسية والسلطوية”.

ويتابع أن “التصادم الذي يحصل اليوم هو نتيجة طبيعية لاستخدام سياسات قديمة لم تعد نافعة ولامُجدية”.

الأمم المتحدة: الدول الخليجية ترتكب انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان

كل تلك المعطيات جعلت من واقع الخليج متأزم ومحط انتقاد. مفوض الشرق الأوسط لحقوق الإنسان ومستشارها لشؤون الأمم المتحدة في جنيف السفير د.هيثم أبو سعيد وفي حديث مع “مرآة الجزيرة”، يستخلص من الواقع الخليجي المتأزم صورة تحمل الكثير من الفوارق، ويشير إلى “الإستبداد وسوء المعاملة والتعذيب التي تحصل في بعض السجون لبعض الدول والتي طفحت على السطح مؤخرا، بينها السعودية وفي مناطق ذات طابع طائفي معيّن، وهي آخذة في الحسابات منظومة ديكتاتورية بحيث لا تخضع لأي من الأصول القانونية المتّبعة في المحاكم الدولية من بداياتها إلى نهايتها”، منتقداً “قانون الإرهاب في السعودية، الذي يعتبر غير واضح في الأصول والتطبيق ويتم من خلال هكذا قانون قمع الأصوات المعارضة لأداء الحكم هناك”.

ويشدد على أنه “لا شك أن هناك دول خليجية أخرى تتأثر بشكل مباشر بهذا الأداء مثل البحرين التي أيضاً تحاول طمس الحقائق والوقائع التي تشير إلى فظاعة الانتهاكات الحاصلة في التوقيعات والسجون وما يحصل على مستوى التشريعات أيضا، بحيث تفتقد إلى أبسط مفاهيم الإستفتاء أو المدرجات الموجبة لإقرارها بشكل متوازنة”.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

د. هيثم أبو سعيد

يرى د.أبو سعيد أن الرياض قد تكون من أكثر الدول التي تنتهك حقوق الإنسان في العالم العربي والإسلامي نتيجة التشريعات التي تتبعها، وانعدام رغبتها في تعديل بعض القوانين التي تتعلق في التشريعات، مشيراً إلى أنه “من أبرز الإنتهاكات التي قامت بها خارج السلطات السعودية خارد حدودها هي الأحداث الدامية في اليمن وخصوصا المعتقلين الذين يتم أسرهم في أرض المعركة، وإذا ما أخذنا القمع الذي تمارسه على أصحاب الرأي من خلال بيان أو تغريدة على التواصل الاجتماعي والتي لا تتضمن أي تحريض أو دعوة لانقلاب وإنما إبداء الرأي والتي كفلته الشرعة الدولية لجهة حرية إبداء الرأي، يتم توقيف هؤلاء الناشطون وزجّهم في السجن من دون أي مسوغ قانوني”.

ورغم عدم احترام السلطات للقوانين والشرع الدولية، يجزم مفوض الشرق الأوسط لحقوق الإنسان، بأن دور الأمم المتحدة بوجه “الانتهاكات الصارخة التي تحصل بشكل شبه يومي لتذكير السلطات، يتبلور أولا بالقوانين الموجبة ضمن الشرعة الدولية وحتى يتم تذكيرهم بالقوانين الدينية المذكورة في الشرعة الدينية واتفاقية حقوق الطفل وحقوق السلامة الشخصية والحريات المدنية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية”.

ويعرب عن أسفه لمحاولات البعض وضع الكثير من العراقيل والكثير من التخويف والتهديد بوجه تحسين واقع الحقوق المهدورة والمسلوبة في المنظومة الخليجية، ويطرح حلولاً عملية من أجل خلق بارقة أمل لتبدل الأوضاع الحقوقية نحو الأفضل، ويقول: “علينا الضغط باتجاه تعديل وتحفيز القوانين القديمة واستبدالها بجديدة سواءً عن طريق اللجان القانونية في الدول، إذا ما استجابت أو من خلال الضغط في الشارع في إطار سلمي للتعبير عن تلك الرغبة في التغيير، وهنا، يمكن القول إن بارقة الأمل ستسطع بشكل قوي”.


مرآة الجزيرة http://www.mirataljazeera.org/36244/...3%d8%a7%d9%86/