نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

توري دانلاب

خبيرةٌ في التوجيه المهني والأموال من جيل الألفية

11/06/2019

توري دانلاب، خبيرة مالية وصاحبة هذه التجربة الفريدة

على مرِّ السنوات الثلاث الماضية، عملتُ في ثلاث وظائف بدوامٍ كامل، ولم أجمع قط أكثر من 80 ألف دولار. لكن قبل بضعة أشهر، بعد مراجعة معدل مدخراتي واستثماراتي، أدركتُ أنَّني في طريقي إلى ادِّخار 100 ألف دولار بحلول العام المقبل 2020.

ستُستثمر معظم هذه الأموال في حساباتي الخاصة بمدخرات التقاعد، أمَّا البقية فستذهب إلى صندوقي الخاص بالطوارئ، وحساباتي المصرفية ودفاتر التوفير وحسابات الاستثمار الخاصة بي. وصحيحٌ أنَّ هذا طموحٌ جداً بالنسبة لفتاةٍ عمرها 24 عاماً، لكنَّني أعلم أنَّه سيؤتي ثماره على المدى الطويل.

دائماً ما كانت أولويتي الكبرى في الحياة هي ادِّخار أكبر قدر ممكن من المال، وأنا مدينة بالكثير من ذلك لوالديَّ، اللذين حرصا على حصولي على تربيةٍ مالية قوية في سنٍّ صغيرة.

إذ ساعدني والدي في بدء مشروع آلة بيعٍ ذاتي حين كنت في التاسعة. وعلمتني التجربة المهارات الأساسية، مثل كيفية الترويج للأعمال، والتعامل مع الرفض، وفتح حسابٍ مصرفي ودفتر توفير. ووضعت كل الأرباح التي جنيتها في صندوق التعليم الخاص بي. وقبل بضع سنوات، بعت المشروع لفتاةٍ عمرها 10 أعوام اسمها توري أيضاً. والآن أُرشدها خلال إدارة المشروع.

أعرف أنَّني كنت أحظى بالعديد من المزايا التي لا يتمتع بها معظم الناس: فأنا بيضاء، وأتيتُ من عائلةٍ من الطبقة المتوسطة، واستطعت التخرُّج في الجامعة دون أي دَين. وكل هذه الأشياء ساعدتني كثيراً.

لكنَّ والديَّ لم يقدما لي شيكاً بكامل نفقات الدراسة، بل كنا نجلس مرتين في السنة على الأقل لمناقشة كيفية دفع رسوم الفصل الدراسي التالي. والسؤال الأول الذي كانا يسألاني إيَّاه دائماً هو: «بكم يمكنك الإسهام؟».

تبلغ الرسوم الدراسية في كليتي الخاصة عادةً حوالي 50 ألف دولارٍ دون أي مساعدة مالية. لكنَّني كنت أعمل في وظيفةٍ في الحرم الجامعي في الأوقات التي كنتُ أقضيها خارج قاعة الدراسة وأوقات عدم المذاكرة. وكنت أذاكر باجتهادٍ للحصول على درجاتٍ تؤهلني للحصول على المنح الدراسية القائمة على الجدارة. وبوجهٍ عام، أسهمتُ بأكثر من 30 ألف دولارٍ من مدخراتي الخاصة لدفع الرسوم الدراسية.

وصحيحٌ أنَّني كنتُ محظوظةً جداً، لكنَّ الادِّخار وتجميع أكبر قدرٍ ممكن من الأموال يتطلبان الكثير من العمل الشاق والتضحية والمسؤولية. والشعور بالتمكين ومعرفة أنَّني سأكون مستعدة لأي عقباتٍ تُلقي بها الحياة في طريقي يشجعاني على مواصلة اتخاذ القرارات المالية الذكية.

لذا أقدِّم هنا أهم 6 نصائح لادِّخار المال:

1. الوظائف الجانبية تُحدث فرقاً كبيراً

بعد وقتٍ قصير من بدء أول وظيفة لي بدوام كامل، وقَّعتُ عقد عمل حر مدته ستة أشهر في التسويق عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ومن أجل الاستمرار في هذا العمل، اضطررتُ إلى العمل 15 ساعة إضافية في الأسبوع فوق ساعات العمل الثمانية الاعتيادية.

يتراوح راتب هذه الوظائف في مدينة سياتل التي أعيش فيها بين 20 دولاراً و40 دولاراً في الساعة. وبذلك استثمرتُ عشرات الآلاف من الدولارات التي كسبتها من الوظائف الجانبية في حسابات الاستثمار الخاصة بي، إلى جانب 20% من راتب وظيفتي الأساسية التي أعمل فيها بدوامٍ كامل.

وفي الوقت الحالي، أعمل مديرةً لقسم التواصل الاجتماعي بدوامٍ كامل في شركة Tomorrow، التي تعد شركة تكنولوجيا مالية. ولتحقيق هدفي المتمثل في ادِّخار 100 ألف دولار، كنتُ أعلم أنَّه يتعين عليَّ مواصلة العمل في وظيفةٍ جانبية. وأنا محظوظةٌ جداً لأنَّني أستطيع فعل ذلك الآن من عن طريق مؤسسة Her First $100K للتوجيه المهني وادِّخار الأموال التي أسستها قبل بضعة أشهر.

2. استثمر أموالك في أقرب وقتٍ ممكن
بعد تخرُّجي مباشرةً، فتحتُ حساب تقاعد، وكنت أصل بمدخراته إلى القيمة القصوى في كل عام، وهي 5500 دولار أو 6000 دولار، على حسب الحد الأقصى للإسهام السنوي.

وادَّخرتُ كذلك ستة أشهر من نفقات المعيشة في حساب توفير عالي العائد من أجل صندوق الطوارئ الخاص بي، الذي نفعني بشدة في الأشهر الثلاثة التي كنتُ فيها بلا عمل.

وحالما ادَّخرتُ ما يكفي لصندوق الطوارئ الخاص بي، بدأتُ في استثمار 25% من راتبي الشهري المتبقي بعد دفع الضرائب والمستحقات الأخرى (الذي كنتُ أحصل عليه من وظيفتيّ الدوام الكامل والعمل الحر) في حسابات الاستثمار، واستطعتُ كسب عائدٍ سنوي قدره 7% تقريباً.

وبالطبع شعرتُ، كأي شخصٍ آخر، بإغراء إنفاق المال على أشياء لا أحتاج إليها، مثل شراء وجبة الغداء في كل يومٍ من أيام العمل، أو بعض الملابس التي لا أحتاج إليها. لكن مع معرفة قوة الفائدة المركبة، دائماً ما بذلتُ جهداً كبيراً لعدم الرضوخ لنزواتي. وكان من المُجزي حتى الآن استثمار أموالي ومشاهدتها وهي تزداد.

3. التفاوض على الراتب وزياداته
التفاوض على الراتب يُمكن أن يُمثِّل صداعاً حقيقياً. فإمَّا أن تطلب راتباً مرتفعاً للغاية، فيسخرون منك، وإمَّا أن تطلب راتباً قليلاً جداً، فتجد نفسك تكافح لتعويض الجزء المفقود الذي كان بإمكانك أن تكسبه.

أذكر أنَّني في أول وظيفةٍ بنظام العمل الحر، فاوضتُ صاحب العمل لزيادة عرضه الأوَّلي بقيمة 10 آلاف دولار. ثم تحسَّنتُ في التفاوض مع توافر المزيد من الفرص أمامي. إذ فاوضتُ صاحب العمل في أول وظيفةٍ أعمل فيها بدوامٍ كامل لزيادة الراتب بنسبة 20%. ثم فاوضتُ لزيادة الراتب المعروض بمقدار 20 ألف دولار في وظيفتي التالية، ثم فاوضتُ لزيادته بمقدار 10 آلاف دولار في الوظيفة الثالثة التي شغلتها بعد ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ عملية التفاوض تُعد عمليةً تعاونيةً وليست صراعاً. لذا فالثقة مهمة، لكنَّك يجب أيضاً أن تكون مهذباً ومهنياً. وتذكر أنَّ الهدف هو جعل الطرفين يتفقان على رقمٍ معين. لذا ابحث جيداً واعرف النطاق المناسب في السوق لراتب الوظيفة التي ستعمل فيها. وهناك بعض المواقع مثل موقعي Glassdoor وPayScale يُمكن أن تمنحك تقديراتٍ تقريبية للراتب بناءً على خبرتك ومهاراتك وموقعك.

وكذلك أطلب المساعدة من أصدقائي وزملائي، لكن بطريقةٍ غير مباشرة بعض الشيء، فأسألهم على سبيل المثال: «وفقاً لتوقعاتكم، كم يبلغ راتب تلك الوظيفة لشخصٍ لديه عدد سنواتٍ معين من الخبرة؟». فمعظم زملائي أقدم في وظائفهم، ويرحبون بتقديم نصائح نابعة من خبرتهم.

4. لا تقع في فخ تضخم نمط الحياة

سياتل ليست مكاناً رخيصاً للعيش فيه. فمتوسط ​​تكلفة المعيشة فيها أعلى من متوسط تكلفة العيش في بقية مناطق ​​الولايات المتحدة بنسبة 49%، في ظل وصول تكلفة المعيشة هناك إلى حوالي 62 ألف دولار. لذلك فإذا أصبحت تمتلك الكثير من المال بعدما كان لديك القليل من المال، يُمكن بطبيعة الحال أن تقع بسهولةٍ في فخ تضخُّم نمط الحياة.

لكنَّ تحديد أولوياتي وأهدافي ساعدني في تجنُّب هذا الفخ. فالكثيرون ممَّن هُم في مثل عمري ينفقون جزءاً كبيراً من الدخل على الإيجار. إذ يبلغ متوسط ​​إيجار الشقة في سياتل حوالي 1965 دولاراً، لكنني أدَّخر 25% عن طريق الإقامة في حيِّ أقل عصريةً وترفاً.

لكنَّ هناك بعض الجوانب السلبية لذلك؛ إذ يستغرق الذهاب إلى العمل ساعة يومياً. ولو كنتُ أعيش في منطقة أغلى ثمناً، لاستطعت ركوب القطار السريع والذهاب إلى العمل في غضون خمس دقائق فقط. وصحيحٌ أنَّ العيش في حي هادئ أمرٌ جيد، لكنَّ الأشخاص هنا أكبر سناً ولا بوجد الكثير من الأنشطة التي يُمكن فعلها به. وبوجهٍ عام، لم يُسبب لي ذلك إزعاجاً كبيراً.

5. استخدم قاعدة تقسيم الميزانية الثلاثي لإدارة إنفاقك

بالنسبة لعادات الإنفاق الأخرى الخاصة بي، أقسِّم ميزانيتي ببساطةٍ إلى ثلاثة أقسام على غرار قاعدة 50/30/20، لكنَّني أعتقد أنَّ النسب المئوية ينبغي أن تختلف حسب الشخص.

يتمثل أول قسمٍ في نفقات المعيشة الخاصة بي (مثل الإيجار والتأمين ومحلات البقالة والفواتير). أمَّا الثاني، فهو لأهدافي (أي الاستثمار في حساب التقاعد، والادخار لشراء منزل). وهذان هما أهم قسمين. أمَّا جميع الأشياء الأخرى المتبقية، فأضعها في القسم الثالث المخصص لـ «الأشياء الممتعة» (أي السفر والطعام والملابس).

ومع أنَّني أركز بشدة على الادخار من أجل التقاعد، لا أحرم نفسي من إنفاق الأموال على التجارب التي تجعلني سعيدة في الحياة. فإذا قررتُ في وقتٍ ما في المستقبل أنَّني أرغب في إجراء زيارةٍ عفوية إلى أوروبا، سأفعل ذلك. وحتى لو كلفني ذلك 10 آلاف دولارٍ أو أكثر، فلن أترك عاداتي المُقتصِدة للغاية تمنعني من ذلك.

6. تعلم من إخفاقاتك وتعامل مع الأمور تدريجياً

لا أعرف شخصاً واحداً لم يجد صعوبةً في ادِّخار المال. وقد تعثرتُ أنا نفسي بشدة حين قرَّرتُ قبولٍ وظيفة لمجرد أنَّ راتبها أكبر. كنت أعلم أنَّها ليست مناسبةً لي، لكنَّني عارضتُ حدسي.

ثم أصبحت الوظيفة مضرةً جداً لي، إذ كان مديري يؤذي مشاعري، وكنت أجد نفسي مرهقةً ذهنياً كل يوم. وأُصبتُ بأول انهيارٍ عاطفي بعد أول خمسة أيام في العمل. وبعد 10 أسابيع فقط، قررتُ الاستقالة دون وجود وظيفة أخرى تلوح في الأفق.

شعرتُ آنذاك بالفشل التام، ولم تكن عملية إعادة بناء ثقتي سهلةً، لكنَّني تعلمت الكثير عمَّا يهمني. واتضح أنني لا أستطيع أن أزدهر بدون مديرٍ داعم، وأنَّني أحتاج إلى مهنةٍ مُرضيةٍ حقاً كي أنجح. صحيحٌ أنَّ المال عظيم، لكنَّ التعاسة ليست كذلك.. والحياة قصيرة جداً.

– هذا الموضوع مترجم عن موقع شبكة CNBC الأمريكية.