عبد المحسن يوسف جمال

تمر علينا هذه الأيام ذكرى رحيل الإمام آية الله الخميني الى رضوان ربه، بعد أن قضى عمره في مقارعة الظلم والظالمين.

الإمام الخميني شخصية فذة يطول الحديث حولها، وله عدة جوانب من حياته يمكن للمرء أن يستفيد منها ومن تجاربه.

فالصبر الجميل سمة من سمات شخصيته، بل ان خصلة الصبر عنده هي التي مكنته من مواصلة طريقه الى تحقيق النصر.. فلقد صبر على الأذى وصبر على اخراجه من وطنه منفيا مرة إلى تركيا ثم مقيما في النجف الأشرف، ثم بعد أن أخرجه الطاغية صدام حسين غادر الى باريس، حيث قاد الثورة الإسلامية من هناك، وتجاوب معه الشعب الايراني الى ان أطاح بالشاه المقبور، وأقام النظام الجمهوري الاسلامي في بلاده.. فلقد صبر وظفر.

ومن سمات شخصيته أيضا الثبات على المبدأ والإصرار عليه والعمل الدؤوب من أجل تحقيقه.. فرغم الصعاب الكثيرة التي واجهت مسيرة حياته فإنه كان مصرا على اسقاط نظام الشاه ومن يقف معه.. وعلى الرغم من كل المضايقات والصعوبات التي واجهته فإنه لم يتنازل او يتزحزح عن رأيه، بل استمر في اطروحته الاسلامية على الرغم من ان البعض كان يعتبرها نوعا من انواع الخيال أو الحلم الجميل، خاصة ان نظام الشاه كان مدعوما وبقوة من القوى الكبرى.. لكن الاعتقاد بالله وقدرته على تحقيق المستحيل جعل الحلم يتحقق، وما كان يعتبر خيالا يصبح حقيقة.

وللإمام الراحل، رضوان الله عليه، دوره في الوقوف سندا مع المرأة، حيث انه ومنذ أول يوم اعتبر المرأة عنصرا أساسيا في بناء النظام الجديد، وأعطيت بدون تردد جميع حقوقها السياسية في الانتخابات والترشيح، بل انه كان يطالبها في كل خطبه بحضورها في الميادين المختلفة، سواء على الصعيد السياسي والاقتصادي بل وحتى العسكري، بل إنه كان يعتبر ذلك «من الواجبات المهمة: متحررات من الحرمان الذي فرض عليهن، بل على الإسلام والمسلمين، نتيجة تآمر الأعداء وجهل الاصدقاء بأحكام الاسلام والقرآن» كما كان يقول في خطبه.

بل انه كان يقول ايضا ان وجود المرأة في الساحات المختلفة «يفجر الحماس والاندفاع في قلوب أبناء الشعب، ويزلزل قلوب الاعداء، والجهلة ـ الأشد سوءا من الأعداء ـ ويملؤها حنقا وغضبا».

والإمام الراحل ضرب مثالا رائعا للعلماء، فهو على الرغم من انشغالاته السياسية والاجتماعية قام بتأليف أكثر من أربعين كتابا علميا ذات مستوى رفيع، يدرس بعضها في الحوزات العلمية والجامعات، ومن أهمها: «جنود العقل والجهل»، وكتاب «سر الصلاة» و«الاربعون حديثا»، و«مناهج الوصول إلى علم الأصول» و«تحرير الوسيلة» (وهي رسالته الفقهية العلمية)، و«الحكومة الإسلامية» (وهي حول ولاية الققيه) و«الجهاد الأكبر« و«جهاد النفس» بالإضافة الى ديوان شعر ورسائل عرفانية وختمها بالوصية السياسية الإلهية، ناهيك عن المئات من الخطب والرسائل الموجهة للشخصيات السياسية في الداخل والخارج، وقد جمعت كلها في موسوعة سميت «صحيفة النور» من 22 مجلدا.

رحم الله الإمام الراحل وأسكنه فسيح جناته.

ajamal1950@hotmail.com