بيروت - ديانا فرحات الحياة 2005/05/5


مفهوم الاتصال اللاسلكي مع الانترنت دخل الى المفكرات الالكترونية.
في الآونة الاخيرة، اجتاحت العالم العربي موجة جديدة من تكنولوجيا شبكات الكومبيوتر روجتها شركات الصناعة الالكترونية في وسائل الاعلام بقوة. ونبهت الجمهور الى نوع جديد من الشبكات الرقمية يعتمد على الاتصال لاسلكياً، وبصورة مباشرة، بين الكومبيوتر والانترنت. وبات مألوفاً الحديث عن "الحوسبة اللاسلكية"، التي تحمل اسماً لم يعد غريباً على الاسماع: شبكات "واي - فاي" Wi-Fi. وتختصر تلك الاحرف الاربعة التعبير التكنولوجي لتلك الشبكات، أي "وايرليس فيديلتي" Wireless-Fidelty.


جديد الاتصال الاسلكي مع شبكات الكومبيوتر

تتيح هذه التقنية لمستخدم الإنترنت التنقل بين أماكن عدة، مع الحفاظ على إمكان الاستفادة من الإنترنت بفضل "النقاط الساخنة" Hotspots التي تندرج في إطار تكنولوجيا WiFi . وتمثل تلك النقاط مساحة تتمتع بالتغطية اللاسلكية للاتصال المباشر مع الانترنت. وتلغي الحاجة لوصل الحاسوب بشبكة الهاتف التقليدي، عبر الاسلاك، للدخول الى الشبكة الدولية للكومبيوتر.

ويحمل هذا الامر آفاقاً واسعة من التغيير في الحياة اليومية، خصوصاً اذا عممت التغطية اللاسلكية، عبر "النقاط الساخنة"، لتصبح متوافرة في كل مكان. وراهناً، لا تزيد المساحة التي تغطيها " النقطة الساخنة" عن دائرة بقطر مئة وثلاثين متراً تقريباً. ومثلاً، اذا وصل المنزل مع الانترنت لاسلكياً، أي انه تحول من بيت الى نقطة ساخنة، يمكن لساكنيه استخدام الإنترنت أينما كان في المنزل. وينطبق الوصف نفسه على مباني مؤسسات الخدمات العامة، مثل المطارات، ومقار الشركات والمؤسسات الحكومية. ويمكن نشر النقاط الساخنة، بطريقة مدروسة، إذ تصبح مدينة ما مغطاة بالكامل بتقنية "واي - فاي"، ما يتيح لقاطنيها الدخول الى الانترنت من أي مكان.

ومن الضروري توافر مقدم خدمة يسمى مقدم خدمة الإنترنت اللاسلكي Wireless Internet Service Provider أو اختصاراً WISP ، وهو مشابه لمقدمي خدمة الإنترنت الذين اعتدنا التعامل معهم، مثل الشركات التي توفر اتصالاً لاسلكياً بشبكة الإنترنت عبر نقاط ساخنة WiFi HotSpots بواسطة اشتراك بطرق معينة وتقديم اسم مستخدم وكلمة سر.

ويحتاج المستخدم الى كومبيوتر محمول "لاب توب" أو جهاز مساعد رقمي شخصي "بي دي ايه" PDA ، شرط احتوائهما على نظام تشغيل يقدر على التعامل مع موجات اللاسلكي من نوع "واي - فاي". وراهناً، تحتوي غالبية الأجهزة الحديثة مثل تلك التقنيات. وإذا لم يحتوي حاسوبك هذه التقنية، يمكن شراء اجهزة مساعدة صغيرة، تشبه ادوت "ذاكرة الفلاش" Flash Memory، ووصلها مع الكومبيوتر، عبر المنفذ العام التسلسلي "يو اس بي" USB، للتمتع بتقنية "واي - فاي".

ومن الناحية النظرية، تتيح هذه التكنولوجيا للجمهور الوصول إلى خدمات الإنترنت عبر النقاط الساخنة، من دون رقابة. وهذا فيه الكثير من المخاطر. ويثير كذلك الاسئلة عن مدى توافر مستوى مطمئن من الامان، بالنسبة الى المستخدمين. هل يمكن اختراق موجات تلك التقنية، بطرق مشابهه للتشويس على بث الراديو؟

ولدرء هذا الخطر، طور نظام "دبليو أي بي" WEP ، اختصار Wired Equivalent Privacy والذي يوفر حماية من خلال التشفير قبل الإرسال عبر الهواء.


تجارب "واي - فاي" في الشرق الأوسط

يسعى الكثير من شركات صناعة المعلوماتية لنشر هذه التقنية في دول الشرق الأوسط. ومثلاً، اشرفت شركة (إنتل) INTEL ، عملاق صناعة الرقاقات الالكترونية في العالم، على مبادرات لنشر "واي - فاي" في لبنان ومصر والإمارات والسعودية والكويت. وفي تلك المبادرات، استحدثت "نقاط ساخنة" في بعض الفنادق والمطارات والمقاهي والمؤسسات التعليمية وغيرها.

وفي سياق احدى المبادرات اللافتة، نشرت (إنتل) التغطية اللاسلكية لتشمل مباني الجامعة الألمانية كافة. وسجلت دولة الإمارات سبقاً جديداً في منطقة الشرق الأوسط بتقديمها خدمات تتيح لرجال الأعمال ولضيوف معرض "جيتكس 2004" حرية التنقل والحركة. ونُشرت شبكات لاسلكية متطورة في بعض أهم مواقع صناعة الضيافة في تلك البلاد، مثل صالات الانتظار المخصصة لدرجة رجال الأعمال في مطار دبي الدولي، وفنادق برج العرب وغراند حياة دبي وفيرمونت ولو رويال ميريديان ودبي ماريوت ونوفوتيل وغيرها.

وفي فندق فينيسيا أنتركونتيننتال في بيروت، بات من الممكن راهناً الاستمتاع باتصال إنترنت عالي السرعة في أنحاء الفندق.

وقد وضعت دراسة حديثة العراق في مقدم دول المنطقة التي يمكنها الافادة من تقنية "الواي فاي"، في مجال توفير خدمات التطبيقات المعلوماتية، وزيادة معدلات استخدام الإنترنت!

وتمتلك المملكة العربية السعودية راهناً مجموعة من نقاط الاتصال اللاسلكي الساخنة. وتتوافر مجموعات اخرى في الإمارات، والكويت.

ولم تتم لحد الآن الإفادة من الإمكانات الكثيرة لهذه التقنية في مجال توفير خدمات الاتصال السريع عبر الشبكات المحلية الواسعة اللاسلكية "ولان" WLAN.

ويعزز من انتشار "واي - فاي" ان مجموعة من الهواتف الخلوية الحديثة، مثل تلك التي تنتجها "نوكيا" و"موتورولا" و"سوني اريكسون" و"سيمينز" وغيرها، تتضمن رقاقات الكترونية متخصصة للتعامل مع موجات الراديو المستعملة في تلك التقنية.


معالم لتجربة مهمة لبنانياً

يشير زياد خوام المهندس في مجال تقنيات الاتصالات في الجامعة الأميركية في بيروت، إلى أن تقنية "واي - فاي" تستخدم لربط شبكة الاتصالات والكومبيوتر ببعضها بعضاً. ويضيف ان هذه التقنية لا يمكن أن تلغي أو تحل مكان شبكة الاتصالات السلكية، لأن ما توفره للمستخدم من ميزات يقل عما توفره الشبكة لجهة السرعة مثلاً. "في الجامعة الأميركية، اعتمد هذا النظام في شكل تجربيبي، تمتد المرحلة الاولى منه لمدة خمسة سنوات... ثبتت "نقاط ساخنة" عدة في أماكن متفرقة من حرم الجامعة، حتى يتمكن التلامذة من تجربة هذه التقنية...ثم تطورت استخدامات هذه التقنية لتشتمل على تقنية خاصة بعملية الحراسة".

ويشير الى توافر اكثر من موجة راديو في تلك التقنية، وبعضها لا تقبل الدولة اللبنانية منحه التراخيص المطلوبة. "ليس من المفترض أن يكون هناك رخصة للموجات المتخصصة في الأبحاث والدراسات. ويجب أن تكون هذه الخدمات متوافرة للجميع... في لبنان، ثمة من يحاول تنظيم هذه الموجات بهدف الاستحصال من خلالها على المزيد من الأموال".

ولم يكن هدف استخدام تقنية "الواي فاي" في الجامعة الأميركية إلغاء الكابلات، بل توفير تقنية إضافية تقدم للطلاب المزيد من التسهيلات في دراستهم وأبحاثم الميدانية، لا سيما في حال فرضت عليهم طبيعة تخصصهم الدراسي التنقل خارج الصفوف الدراسية، وكذلك لضمان المزيد من الإنتاجية وتوفير الوقت.