«إنها سادس اكبر أزمة يواجهها كوكب الأرض في تاريخه وهي تهدد بانقراض أصناف عديدة من الحيوانات والنباتات، وهذا يهدد وجود الإنسان ذاته». هذه هي الرسالة التي بعثها حوالي 1200 باحث وعالم بيئي ومسؤول سياسي من نحو ثلاثين بلدا في افتتاح مؤتمر «التنوع البيئي علم وإدارة»، بمبادرة من الرئيس الفرنسي جاك شيراك، في مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) في العاصمة الفرنسية. وكان شيراك اطلق فكرة مؤتمر التنوع البيئي الذي تستمر أعماله حتى الجمعة المقبل، في يونيو (حزيران) 2003 اثناء قمة مجموعة الثماني في ايفيان. ويعني التنوع البيئي مختلف الاصناف والاوساط الطبيعية التي تتطور فيها. وبرأي العلماء يترجم فشل الانسان على الارض باختفاء اصناف بوتيرة اسرع من الوتيرة الطبيعية بما بين مائة والف مرة.

وقال المدير العام لبرنامج الامم المتحدة من اجل البيئة كلاوس توفر اثناء جلسة الافتتاح «انه درس لقنه لنا التسونامي»، مضيفا ان «شجر المنغروف والشعب المرجانية يمكن ان تلعب دورا عازلا في مواجهة الكوارث الطبيعية». واستطرد حمد الله زيدان السكرتير التنفيذي لاتفاقية التنوع البيئي البيولوجي ان «التقارير الاولية تشير الى ان المناطق التي احتفظت بمنظومات بيئية سالمة مثل غابات المنغروف قاومت بشكل افضل من تلك التي تشكو غاباتها من اوضاع متدهورة».

وفي الواقع كشف المد البحري في آسيا الهشاشة المتنامية لاوضاع الشواطئ المحرومة من الحماية الطبيعية التي يوفرها المنغروف والشعب المرجانية. ويرى روبرت باربو مدير قسم البيئة في متحف التاريخ الطبيعي «لم نفهم ان الطبيعة هي نحن». واضاف ان «انحسار الغابات كارثة اقتصادية قيد التحضير». وفي شتى انحاء العالم من آسيا الى كاليفورنيا حديثا، حجم الاضرار اكبر على الارض الجرداء.

لذلك يعتزم علماء وخبراء البيئة الافادة من المؤتمر لتذكير الدول بمسؤولياتها تجاه الطبيعة، بينما تذكر منظمات مثل «اصدقاء الارض» و«غرينبيس» بان «كل ست ساعات تختفي مساحة من اراضى الغابات تساوي مساحة باريس المدينة التي تستضيف هذه القمة الجديدة».
وقال سيلفان انجيرا من اصدقاء الارض منددا «عندما يتعلق الامر بالغابة المدارية تصاب سياساتنا بانفصام الشخصية. في فرنسا نلقي خطبا طنانة وفي افريقيا نشجع الشركات الفرنسية على نهب الغابات». وتحصي «القائمة الحمراء» للاتحاد العالمي من اجل الطبيعة 15589 صنفا على الاقل تواجه خطر الانقراض، اي ما يعادل واحدا من اربعة من الثدييات وعصفورا من ثمانية وواحدا من ثلاثة من الحيوانات البرمائية.

وإزاء هذا الوضع الكارثي يرى ميشال لورو رئيس المجلس العلمي للمؤتمر ان «الاسرة العلمية مجزأة ولا تملك الوسائل لاجراء الدراسات والابحاث». والتنوع البيئي يعاني من عدم وجود اي مجموعة خبراء معترف بها من المجتمع الدولي لتحذير رؤساء الدول والرأي العام من المخاطر المحدقة بكوكبنا. كذلك فان الاتفاقية حول التنوع البيئي الموقعة في عام 1992 لا تفرض اي اطر ملزمة خلافا لبروتوكول كيوتو المتعلق بالمناخ. ويؤكد سيباستيان مونكور مدير الاتحاد العالمي من اجل الطبيعة في فرنسا ملخصا مجمل الوضع، انه «لم يتحقق اي تقدم» في هذا المجال.

وكان رؤساء الدول تعهدوا في 2002 في قمة الارض التي عقدت في جوهانسبورغ بالحد من الاضرار التي تصيب التنوع البيئي بحلول عام 2010، وهو هدف اعتبره العلماء فضفاضا جدا وغير واقعي. الى ذلك فان مؤتمر باريس الذي نظم خارج الاطار الرسمي التفاوضي للامم المتحدة لا يمكنه رسميا تبني اي خطوات لكنه قد يصدر توصيات بتشكيل مجموعة خبراء عالمية حول التنوع البيئي شبيهة بالمجموعة الحكومية حول تطور المناخ. ويشارك في المناقشات الى جانب شخصيات في الاوساط العلمية ادوارد ويلسون من جامعة هارفارد ونغاريماثاي نائبة وزير البيئة في كينيا، ورئيس الوزراء الماليزي عبد الله بدوي ورئيسا مدغشقر ونيجيريا.