من كتاب فقه الحياة صفحة 279 ، تم توجيه سؤال إلى سماحة السيد المرجع فضل الله عن حادثة الغدير ، وتساؤل عن رأى السيد فى ما أشيع عنه بخصوص هذا الأمر فكان هذا السؤال وكان هذا الجواب :

سؤال / كيف نصب الرسول ( ص ) عليا خليفة له ، هل هو مجرد ترشيح – كما يقول بعض الكتاب – أم أنه عين عليا للخلافة بأمر من الله سبحانه وتعالى ؟

الجواب / عقيدتنا فى هذا المجال أن النبى ( ص ) عين عليا ( ع ) للخلافة فى ( يوم الغدير ) بأمر من الله سبحانه وتعالى ، باعتبار الآية التى نزلت ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) ( المائدة : 67 ) فهذه الآية بحسب التفاسير الواردة نزلت فى يوم الغدير ، ومعناها أنك – يارسول الله – إن لم تبلغ ما أنزل الله إليك فى على ( ع ) فكأنك لم تفعل شيئا ، وهذا أسلوب ليس فيه تهديد لرسول الله ولكنه أسلوب يختزن الكثير من القوة لأن قضية ولاية أمير المؤمنين ( ع ) باعتباره الأفضل والأعلم والأصلح تشكل الضمانه الكبرى والسليمة لاستمرار المسيرة الإسلامية على النهج الإسلامى الذى بدأه رسول الله ( ص ) ، علما أن عليا هو نفس رسول الله ( ص ) وأخوه وهو منه بمنزلة هارون من موسى .

والأمر الثانى أن النبى ( ص ) قال للمسلمين : " ألست أولى بكم منكم بأنفسكم " أى أننى أملك السلطة على المؤمنين أكثر مما يملكونها على أنفسهم، قالوا: اللهم بلى ، فقال لهم : اللهم اشهد ، ثم ثم قال " فمن كنت مولاه فهذا على مولاه " والولاية تمثل أحد عناصر حاكمية الحاكم ، وقد جعل الله للرسول ( ص ) هذا الأمر ، أى أنه أولى يالمؤمنين من أنفسهم ، والرسول جعله لعلى ، أى من كنت أولى به من نفسه فعلى أولى به من نفسه ، فهل هذا ترشيح أو هو تعيين ؟! أنه تعيين قطعا ، ثم نزلت الآية الكريمة ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم افسلام دينا ) (المائدة : 3 ) والمروى أن رسول الله ( ص ) نصب لعلى ( ع ) خيمة وطلب من المسلمين أن يحيوه بصفته أميرا للمؤمنين ، وقد نقل عن الخليفة الثانى أنه قال : " بخ ...بخ لك ياعلى ، أصبحت مولاى ومولى كل مؤمن ومؤمنة " ، فقضية الولاية كانت تعيينا من رسول الله ( ص ) بأمر من الله سبحانه وتعالى .

ولعل دراستنا لكل أحاديث النبى ( ص ) فى حق على ( ع ) تفيد أنها تمحورت حول تعميق الذهنية الإسلامية العامة فى إعتبار الإمام ( ع ) الشخص المتعين للخلافة ، وذلك بسبب كفاءته وقابلياته ومؤهلاته . ومن هذا المنطلق كان تعيين الله سبحانه وتعالى والرسول ( ص) له فليس دور النبى ( ص ) أن يمارس الترشيح فى مثل هذه القضية الحيوية والحساسة المتصلة بمستقبل الإسلام فى حركته ، بل دوره أن يعين ويخطط للمسلمين طريق المستقبل فى خط القيادة .

شاكر الموسوى الحسينى