الأمراء نايف وسلطان وبتنفيذ من تركي الفيصل اتفقوا مع ابن لادن بأن يضرب أيّ بلدٍ شاء، وهم لن يعترضوا على ذلك، وأنهم سيوفرون له قسطاً من المال؛ فالمهمّ أن لا تقوم القاعدة ـ في المقابل ـ بأعمال عنف داخل السعودية نفسها، وأن لا تتعرّض للأمراء بالعنف والإغتيال!



كتب كل من أنتوني سامرز وروبين سوان تحقيقاً مطوّلاً عن حواث الحادي عشر من سبتمبر بعد مرور عقد على وقوعها. وبدأ الكاتبان التحقيق بسؤال كبير: هل ثمة حكومة أجنبية وراء هجمات 9/11؟




نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

بفضل بوش، تمّت التعمية على دور السعودية في 9/11، وتمّ توجيه التهمة الى العراق وتم غزوه!


بعد عقد من الزمان، لم يطّلع الأميركيون على القصة الكاملة، في حين أن القسم الأساسي المؤلف من 28 صفحة من تقرير التحقيق المشترك الصادر عن الكونغرس لا يزال محجوباً. جمع سنوات من التسريبات والارتباطات، في قولبة متقنة جرى تكييفها، ليكون جزءاً من كتابهما الجديد، حيث يحقق انطوني سامرز وروبين سوان، في الصلات القائمة بين السعودية والخاطفين (15 منهم من السعودية)، على ضوء قرار البيت الابيض تجاهل أو دفن الأدلة، والإحباط من المحققين، بما في ذلك موظفي هيئة 9/11 والمسؤولين في مكافحة الإرهاب، وأعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين والجمهوريين.

البحث الذي سيتم نشره في أغسطس القادم، هو مقتبس من كتاب من بعنوان (اليوم الحادي عشر، ذي إليفنث داي)، وفيما يلي ملّخص للبحث.



على مدى عشرة أعوام مضت، بقي سؤال رئيسي حول 9/11 بلا إجابة. كان ذلك، كما يذكّر رئيس هيئة 9/11 ثوماس كين ولي هاملتون (هل تلقّى الخاطفون أي دعم من حكومات أحنبية؟).

وكانت هناك معلومات تشير الى الإجابة، ولكن أعضاء الهيئة كما يبدو إعتبروها مقلقة جداً لتبادلها بشكل كامل مع الجمهور.


إن فكرة كون القاعدة لم تتصرف بمفردها كانت موجودة منذ البداية. وأبلغ وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الصحافيين بعد إسبوع من 9/11 بأن (الإرهابيين لا يعملون في فراغ)، وأضاف (أعرف الكثير، وما قلته، بنفس القدر من الوضوح الذي أعلم كيف ذلك، هو أن دولاً تساعد هؤلاء الناس). وتحت إلحاح من أجل إعطاء المزيد من التفاصيل، كان رامسفيلد صامتاً لبرهة طويلة، ثم قال: إنها مسألة حساسة، وقام بتغيير الموضوع.


بعد ثلاث سنوات، سوف تنظر اللجنة في ما إذا كان أي من ثلاث دول أجنبية قد يكون لها دور في هذه الهجمات. إثنان منها خصمان معلنان للولايات المتحدة: العراق وإيران. والثالثة كانت توصّف منذ زمن طويل بأنها صديق مقرب: المملكة العربية السعودية.

في تقريرها، ذكرت اللجنة أنها لم تر أي (أدلّة تشير الى ان العراق تعاونت مع تنظيم القاعدة في وضع أو تنفيذ أي هجمات ضد الولايات المتحدة).

إيران، بحسب اللجنة، كان لها منذ زمن طويل اتصالات مع تنظيم القاعدة، وسمحت لعناصرها، بما في ذلك عدد من خاطفي الطائرات في المستقبل، بالسفر بحرية عبر مطاراتها.

على الرغم من عدم وجود أدلة على أن ايران (كانت على علم بالتخطيط بما أصبح هجوم 9/11)، فقد دعا المفوّضون الحكومة الى مزيد من التحقيق.


في هذا العام 2011، في أواخر مايو، قال محامو أفراد أسرة مكلومة بسبب 9/11، كانت هناك شهادة جديدة من قبل ثلاثة منشقين إيرانيين. ونقل مستشار كبير سابق في هيئة رئيسية ديتريش سنيل قوله في شهادة خطية بأن هناك الآن (أدلة مقنعة من أن الحكومة الايرانية قدّمت دعماً مادياً لتنظيم القاعدة في التخطيط والتنفيذ للهجوم 9/11). هذه الأدلة، مع ذلك، للتوّ قد طفت على السطح.


اما السعودية، صديق أميركا المزعوم، فستعتقد في ضوء رد فعل السفير السعودي الامير بندر بن سلطان بأن اللجنة لم تعثر على شيء مريب في دور بلاده. فقد صرّح الأمير بأن (إن تصريحات واضحة من قبل هذه اللجنة مستقلة من الحزبين قد دحضت الأساطير التي ألقت الخوف والشك حول المملكة العربية السعودية). ومع ذلك لم يجد في التقرير ما يبرّىء بصورة قاطعة السعودية.


قرار اللجنة فيما تقوله حول الموضوع قد تمّ في ظل الشقاق والتوتر. تلقّى المحققون الذين عملوا على الزاوية السعودية من التحقيق في وقت متأخر من أحد ليالي عام 2004، كتغييرات اللحظة الأخيرة على التقرير، أنباء مزعجة. وكان قائد الفريق، ديتريش سنيل، في المكتب، المقرّب من المدير التنفيذي فيليب زيليكو، بإجراء تغييرات رئيسية في مادة التقرير وإزالة أقسام رئيسية منه.

سارع المحققان، مايكل جاكوبسون وراجيش دي، إلى المكتب لمواجهة سنيل. بحذر المحامين، قال بانه يعتقد بأن هناك دليلاً غير كاف في قضيتهما ضد السعوديين.


ورأى المحققان إمكانية الإستقالة، ثم توصّلا إلى تسوية. والكثير من المعلومات التي تم جمعها تقول إنها ستبقى في التقرير، ولكن فقط بحرف صغير، مخبأة في الهوامش.


المفوّضون قالوا في نص التقرير أن الصداقة الرسمية الطويلة للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لا يمكن أن تكون غير مشروطة. قد تكون العلاقة حول قضية أكثر من النفط، يجب أن يشمل وذلك ـ وبشكل جريء: (التزام بمحاربة المتطرفين العنيفين الذين أثاروا الكراهية).



فقد كان بعيداً عن الوضوح، ولأطول فترة، أن السعوديين هم بذلك ملتزمون. أكثر من سبع سنوات قبل 9/11، فرّ السكرتير الأول في البعثة السعودية لدى الأمم المتحدة، محمد الخليوي، الى الولايات المتحدة، حاملاً معه آلاف الصفحات من الوثائق التي، كما قال، تظهر فساد النظام، وانتهاك حقوق الإنسان، وتقديم الدعم للإرهاب. في الوقت نفسه، قال أنه وجّه رسالة إلى الأمير عبد الله ولي العهد، داعيا الى (التحرك نحو الديمقراطية). إن أفراد العائلة المالكة السعودية، بحسب الخليوي، ردوا بالتهديد بوضع حد لحياته. حكومة الولايات المتحدة، من جانبها، قدّمت له القليل من الحماية. علاوة على ذلك فإن مسؤولي جهاز F.B.I، إمتنعوا عن قبول وثائق سفره الدبلوماسي التي أحضرها معه.

دعماً لادِّعائه بأن السعودية تقوم بدعم الإرهاب، تحدث الخليوي في حلقة ذات صلة بالمحاولة الأولى التي جرت عام 1993 لإسقاط برجي مركز التجارة العالمي. وقال الخليوي بأن (مواطناً سعودياً يحمل جواز سفر سعودي دبلوماسي أعطى مالاً لرمزي يوسف)، العقل المدبر لتفجير مركز التجارة العالمي، حين كان الإرهابي في القاعدة في الفلبين. العلاقة السعودية مع يوسف، كما يقول الخليوي (هي سريّة وتمرّ عبر المخابرات السعودية).

الإشارة الى مواطن سعودي موّل يوسف يندرج بصورة وثيقة في سياق الدور الذي لعبه صهر أسامة بن لادن جمال خليفة. وكان ناشطاً في الفلبين، يعمل تحت واجهة ناشط في مجال العمل الخيري في ذلك الوقت، وقد أسس جمعية خيرية تعطي المال ليوسف وخالد شيخ محمد، قائد تنظيم القاعدة في مخطط 9/11، في غضون المؤامرة الأولى لتدمير حاملة طائرات أمريكية.
عندما عاد خليفة الى السعودية في عام 1995 بعد احتجازه في الولايات المتحدة وتبرئته لاحقا بتهم تتعلق بالإرهاب في الأردن، كان، وفقا لرئيس وحدة أسامة بن لادن في وكالة الاستخبارات المركزية مايكل شوير، بأنه التقى بواسطة سيارة ليموزين وترحيب من (مسؤول رفيع المستوى). صحيفة فلبينية تفيد بأن المسؤول كان الأمير سلطان، نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والطيران، وهو اليوم وريث العرش السعودي.

في حزيران 1996، وفقا لتقارير منشورة، وبينما كان في سوق الأسلحة الدولية في باريس والذي يعقد كل عامين، التقت مجموعة شملت أميراً سعودياً وممولين سعوديين في فندق رويال مونسو، بالقرب من السفارة السعودية. وكان الموضوع بن لادن، وماذا يمكن فعله بشأنه. بعد عامين من التفجيرات الأخيرة لأهداف أميركية في المملكة العربية السعودية، واحد منها في ذلك الشهر، وكانت ثمة خشية من أن النخبة السعودية الحاكمة نفسها ستكون مستهدفة. في اجتماع مونسو، علمت الاستخبارات الفرنسية كما قيل، بأنه قد تقرر أن بن لادن كان من المقرر أن يبقى في الخليج من خلال دفع مبالغ ضخمة من أموال الحماية.

في تصريحات خاصة بعد 9/11، قال رئيس جهاز المخابرات السابق لطالبان محمد خاكسار أنه في عام 1998 توصّل الأمير تركي الفيصل ـ رئيس الاستخبارات السعودية، إلى صفقة وافق بن لادن بموجبها بعدم مهاجمة أهداف سعودية. في المقابل، تقوم السعودية بتوفير المال والمساعدة المادية لحركة طالبان، ولا تطالب بتسليم بن لادن، ولا تقوم بالضغط لإغلاق معسكرات تدريب القاعدة. في غضون ذلك، فإن الشركات السعودية ستضمن تدفق الأموال بصورة مباشرة إلى بن لادن.


علاقات خاصة

بعد 9/11، ينكر الأمير تركي أي صفقة من هذا القبيل مع بن لادن. على أية حال، فإن أمراء سعوديين آخرين كانوا ضالعين في ترتيبات لدفع الأموال لابن لادن. مسؤول سابق في إدارة كلينتون قال بأن مصادر الإستخبارات الأميركية إتفقت على أن إثنين على الأقل من الأمراء السعوديين قد دفع، نيابة عن المملكة، ما يرقى الى مال حماية منذ عام 1995. وأضاف المسؤول السابق: (بأن الصفقة أفادت بأنهم يغضّون الطرف عن ما كان يقوم به في أماكن أخرى. أن لا تقوم بعمليات هنا ونحن بدورنا لن نعرقلها في أي مكان آخر).

مصادر رسمية أميركية وبريطانية، تتحدث في وقت لاحق مع هندرسون سايمون، زميل بيكر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ذكرت إثنين من الأمراء بهذا الصدد.. وقال هندرسون للكاتبين، أنهما الأمير نايف وزير الداخلية، والأمير سلطان. أن المال الضالع في المدفوعات المزعومة، بحسب مصادر هندرسون، قد وصلت إلى (مئات الملايين من الدولارات). فقد كان (مالاً سعودياً رسمياً، وليس من أموالهما الخاصة).

قبل 9/11 زار مسؤولون أميركيون الرياض بصورة دائمة اكتشفوا أنه لا جدوى لمطالبة السعوديين للمساعدة في مكافحة الارهاب. جورج تينيت، الذي أصبح مدير C.I.A خلال فترة بيل كلينتون الثانية، أشار بوضوح الى جمهور الأمير نايف شقيق ولي العهد. بدأ نايف، الذي أشرف على المخابرات الداخلية، يتبادل (سرد مطول لتاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية الخاصة)، بما في ذلك كيف أن السعوديين لن يحتفظوا دائماً وأبداً بمعلومات ذات صلة بالأمن بعيداً عن حلفائهم الأميركيين.

لقد حانت لحظة شعر فيها تينيت بأن الأمر تجاوز الحد. خرق الشكل الإجرائي (الايتيكيت) الملكي، بوضع يده على ركبة الأمير، وقال: (يا صاحب السمو الملكي، ماذا كنت تعتقد كيف سيكون الحال لو كان علي في يوم من الأيام أن أقول لصحيفة واشنطن بوست بأنك تحتفظ بمعلومات قد تساعدنا في تعقب القتلة في تنظيم القاعدة؟). رد فعل نايف، إعتقد تينيت، كان كما لو أنه كان حالة طويلة من الصدمة.

في رحلته عائداً الى الديار من السعودية في أواخر التسعينيات، أبلغ مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) لويس فريه، رئيس مكافحة الارهاب جون اونيل أنه يعتقد أن المسؤولين السعوديين الذي التقاهم خلال الزيارة كانت مفيدة. (لابد أنك تمزح) كما يقول أونيل، وهو من مواطني ولاية نيو جيرسي الذين لا يفرموا كلماتهم. (لم يعطونا شيئا. إنهم كانوا فقط يسطعون الشمس فوق مؤخرتك).

بعد عدة سنوات، وفي محادثتين مطوّلتين مع جان شارل بيسار، مؤلف دراسة حول تمويل الإرهاب في وكالة الاستخبارات الفرنسية، كان أونيل لا يزال ينفّس إحباطه. وقال اونيل: (كل الأجوبة، كل القرائن التي قد تمكننا من تفكيك تنظيم أسامة بن لادن هي في السعودية)، كما قال. ومع ذلك، فإن الإجابات والقرائن لا تزال بعيدة المنال، في جزء منها، أونيل أبلغ بريسارد، (بسبب اعتماد الولايات المتحدة على النفط السعودي يعني أن لدى المملكة العربية السعودية للضغط علينا أكثر بكثير مما لدينا عليها)، وأضاف أنه بسبب (الشخصيات والعوائل رفيعة المستوى في المملكة السعودية، لديها علاقات وثيقة مع بن لادن).

هذه المحادثات جرت في حزيران (يونيو) وأواخر تموز (يوليو) 2001.

في مقر إقامته خارج واشنطن، في صباح يوم 11 سبتمبر، سارع الأمير بندر لإصدار بيان السفارة. المملكة، بحسب نص البيان، (تدين التفجيرات المؤسفة وغير الإنسانية والأحداث التي وقعت اليوم..وتدين المملكة العربية السعودية بشدّة مثل هذه الأعمال التي تتعارض مع كل القيم الدينية والمفاهيم الحضارية الإنسانية، وتعرب عن تعازيها الصادقة..).

حوادث الثلاثاء 11 سبتمبر، دفعت الأمير عبد الله إلى أن يقرّر إرسال تسعة ملايين برميل من النفط الى الولايات المتحدة خلال الإسبوعين اللاحقين. وكان لهذا العرض أثره لتجنّب ما كان خلاف ذلك الإحتمال في ذلك الوقت من نقص النفط والذي من شأنه دفع الأسعار إلى الأعلى، والآثار الإقتصادية المترتبة على كارثة 9/11 وأزمة مالية كبيرة.

في غضون ذلك، وفي يوم الأربعاء 12 سبتمبر، كانت هناك أنباء مثيرة للقلق. في مكالمة هاتفية في تلك الليلة، أبلغ مسؤول في C.I.A. الأمير بندر أن 15 من الخاطفين هم من السعوديين. وكما صوّرها بندر، فإنه شعر بأن العالم ينهار من حوله، (كان ذلك كارثة). مستشار الشؤون الخارجية لولي العهد السعودي الامير عبد الله حينها، عادل الجبير قال، (لأن بن لادن، في تلك اللحظة، قد زرع في أذهان الأميركيين أن السعودية عدوّة).

تدافع الأمراء والأثرياء السعوديين لمغادرة الولايات المتحدة والعودة الى الديار. خمسة وسبعون من الأمراء وحواشيهم، كانوا متخفين في فندق وكازينو قصر القياصرة في لاس فيغاس، رحلوا في غضون ساعات من الهجمات الى فندق الفصول الأربعة. لقد شعروا (بقلق بالغ على سلامتهم الشخصية)، وأوضحوا لمكتب التحقيقات الإتحادي المحلي واعتبر الحرّاس كما يبدو أن فندق الفصول الأربعة أكثر أمناً.

في واشنطن، السعوديون الذين رغبوا في المغادرة شملوا أعضاء من عائلة بن لادن. وكان أحد أشقاء أسامة بن لادن، لم يتم الكشف عن إسمه بصورة علنية، واتصل على عجل بالسفارة السعودية وكان يريد أن يعرف أفضل مكان آمن يمكنه الذهاب إليه. تم وضعه في غرفة في فندق ووترغيت، وتم إبلاغه بالبقاء هناك حتى يتم إعلامه بوجود وسيلة نقل متاحة تمكنه من السفر. في جميع أنحاء البلاد، كان أكثر من 20 من أفراد أسرة بن لادن وموظفين يستعدون للمغادرة.

وكان في ليكسينغتون بولاية كنتاكي، الأمير أحمد بن سلمان، وهو إبن شقيق الملك فهد يحضر أحد المعارض التي تجري سنوياً. بعد الهجمات، بدأ أحمد بسرعة بجمع أفراد عائلته للعودة إلى السعودية. فأمر إبنه وإثنين من أصدقائه، الذين كانوا في ولاية فلوريدا، باستئجار طائرة وإيصال أنفسهم لكسينغتون للإلتحاق بالطائرة التي تقلّهم إلى الوطن. وقال واحد منهم لرجل أمن استأجره للرحلة، بأنه استطاع ذلك لأن (والده أو عمه كان صديقاً جيداً لجورج بوش الأب).

في وقت متأخر من ليلة 13 سبتمبر، إتصل مساعد الأمير بندر بمساعد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي لمكافحة الإرهاب، دايل واتسون. كان بحاجة لمساعدة، حسب قول المساعد، في إخراج أفراد عائلة بن لادن من البلاد. وقال واتسون إن على المسؤولين السعوديين الاتصال بالبيت الأبيض أو وزارة الخارجية. وجد الطلب طريقه الى منسق مكافحة الإرهاب ريتشارد كلارك، الذي اعترف انه أعطى الضوء الاخضر لهذه الرحلات. وقال انه قد (لا يتذكر) بأنه قد قرر ذلك مع أي شخص رفيع المستوى في الادارة.

في مذكرة صادرة عن إف بي آي، كتبت قبل سنتين على النزوح يبدو أنها تعترف بأن بعض السعوديين المغادرين قد يكون لديهم معلومات متعلقة بالتحقيق. في سؤال من قبل محطة سي إن إن في نفس السنة حول ما إذا كان يمكن القول بشكل قاطع أنه لم يشارك أي واحد على رحلات الإجلاء في 9/11، ردّ المسؤول الإعلامي في السفارة السعودية نائل جبير، بالقول بأنه متأكد من شيئين فقط، وهما (وجود الله، ومن ثم إننا سوف نموت مع نهاية العالم. أما دون ذلك فإننا لا نعرف عنه شيئاً).

السعوديون في حالة إنكار

على الرغم من حقيقة أنه بات معلوماً تقريباً أن 15 من المتورطين في الهجمات كانوا سعوديين، لم يتوقف الرئيس جورج دبليو بوش طويلاً عند مسائلة الممثل الرسمي للسعودية في واشنطن. في وقت مبكر من مساء يوم 13 سبتمبر، أبقى على موعد مقرر لاستقبال الأمير بندر في البيت الأبيض. وكان الرجلان يعرفان بعضهما البعض منذ سنوات. وكما قيل فإنهما رّحّبا ببعضهما بعناق ودّي، ودخّنا السيجار على شرفة ترومان، وتحدثا مع نائب الرئيس ديك تشيني ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس.
هناك صورة لهذا الاجتماع، التي تم نشرها في الماضي. على أية حال، في هذه السنة، وبعد طلب الكاتبين من مكتبة جورج دبليو بوش الرئاسية للحصول على نسخة، ردّت المكتبة عبر رسالة بالبريد الالكتروني أن مكتب الرئيس السابق (لا يميل إلى الإفراج عن الصورة من الشرفة في هذا الوقت).

وما يلبث أن يكون واضحاً أنه وبعيداً عن مواجهة السعوديين، فإن إدارة بوش تريد التقارب. وسيدعو الرئيس ولي العهد الأمير عبد الله لزيارة الولايات المتحدة، والضغط عليه ليأتي عندما تردد، وعندما قبل، رحب به في مزرعته في تكساس في أوائل عام 2002. وكان ديك تشيني وكوندوليزا رايس هناك، الى جانب وزير الخارجية كولن باول والسيدة الاولى لورا بوش.

يبدو أن 9/11 وقعت خلال المناقشات. وفي حديثه مع الصحافة في وقت لاحق، قاطع الرئيس أحد الصحفيين عندما بدأ يثير هذا الموضوع.

السعودية الرسمية كانت تسير كالسلحفاء في الإقرار حتى بحقيقة أن ما يقرب من من جميع الخاطفين هم من المواطنين السعوديين. بعد يومين من تقديم تلك المعلومات الى بندر، قال المتحدث بإسمه أن الإرهابيين إستخدموا على الأرجح هويات مسروقة.

إدّعى الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية (لا يوجد إثبات أو أدلّة على أن السعوديين نفّذوا هذه الهجمات). وشكك الأمير سلطان بأن فقط بن لادن وأتباعه كانوا مسؤولين عن الهجوم، وألمح إلى أن (قوة أخرى بخبرات تقنية متقدّمة) لا بد أن تكون وراء 9/11. إعتباراً من شهر ديسمبر عام 2001، كان الأمير نايف يقول أنه ما زال لا يعتقد بأن 15 من الخاطفين كانوا سعوديين.
ليس قبل فبراير 2002 حين أقرّ نايف بالحقيقة. (الأسماء التي لدينا أكّدت ذلك) واعترف بعد ذلك: (لقد تمّ إبلاغ عوائلهم.. أعتقد بأنهم عملوا تحت غطاء الدين، ولقضايا معينة تتعلق بالأمة العربية، خصوصا قضية فلسطين).

حتى بعد ذلك القبول، لم يحسم سلطان ونايف الأمر. فقد بدءا يشيران إلى عدو مألوف (يكفي أن نرى عدداً من أعضاء الكونغرس في الولايات المتحدة يرتدي الخوذة اليهودية لتوضيح المزاعم ضدنا) حسب سلطان. وفي أواخر 2002، وجّه الأمير نايف باللائمة ضد (الصهاينة)، قائلا: (علينا أن نضع علامات إستفهام كبيرة ونسأل الذين ارتكبوا أحداث 11 سبتمبر والذين استفادوا منها وأعتقد أن الصهاينة هم وراء هذه الأحداث).

وبمرور الشهور، فإن سعوديين قياديين أشاروا علناً إلى ​أن بلادهم كانت منفتحة تماماً مع الولايات المتحدة على الصعيد الأمني، وتدّعي بأنها قد نبَّهت واشنطن مسبقاً إلى كارثة محتملة.

وبعد عام على 9/11، شرح الأمير تركي الفيصل مطوّلاً علاقة جهاز الإستخبارات العامة السعودي مع وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أيه. ومنذ حوالي عام 1996، كتب الأمير تركي: (بناء على تعليمات من القيادة العليا في السعودية، تقاسمت كل المعلومات الاستخباراتية التي جمعناها عن بن لادن والقاعدة مع وكالة المخابرات المركزية. وفي عام 1997 أنشأ وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان، لجنة الإستخبارات المشتركة مع الولايات المتحدة لتبادل المعلومات حول الإرهاب بصفة عامة وعن بن لادن والقاعدة على وجه الخصوص).

كان هناك نواة للحقيقة في ذلك. وأن خدمات الإستخبارات العامة السعودية والولايات المتخدة تستند على تفاهم طويل، وإن كان غير مستقر، حول تبادل المعلومات الاستخباراتية. وكانت مطالبات السعودية الأخرى مذهلة بدرجة أكبر.

وكان بندر قد ألمح بعد 9/11 مباشرة أن كلاً من الولايات المتحدة وجهاز الاستخبارات العامة في السعودية قد عرفوا أكثر عن الخاطفين في وقت مبكّر مما اعترفوا به علناً. ومع ذلك، في عام 2007، وهو الوقت الذي كان هو قد ترقّى فيه ليصبح مستشار الأمن القومي لولي العهد السابق، الملك الحالي عبد الله. وقد أطلق بندر قنبلة حين شدّد على أن (الأمن السعودي قد نشط في تعقّب تحركات معظم الإرهابيين بدقة.. إذا كانت سلطات الولايات المتحدة قد استعانت بنظيراتها السعودية بطريقة جدية وذات مصداقية، في رأيي، لكان قد تجنبنا ما حدث).

وبالرغم من أنه لم يكن هناك أي رد فعل أميركي رسمي إزاء هذا الزعم، فإن مايكل شوير، الرئيس السابق لوحدة بن لادن في وكالة الاستخبارات المركزية، رفض في وقت لاحق في كتابه الموسوم (زحف نحو الجحيم: أميركا والإسلام بعد العراق) ووصف ذلك بأنه (تلفيق).

الأمير تركي كان لديه إدعاء مماثل لبندر، ولكن محدّد أكثر بكثير. وقال أنه في أواخر1999 وأوائل 2000، أي قبل أن يصل خاطفان في حوادث 9/11 الولايات المتحدة، كان رجاله في الجهاز قد أبلغوا وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بأن كلا الرجلين هما من الإرهابيين. يقول تركي (ما أبلغناهم هو أن هذين الرجلين كانوا على قائمة الخاضعين للمراقبة من النشاطات السابقة للقاعدة، في شرق أفريقيا من تفجيرات السفارة ومحاولات تهريب أسلحة إلى المملكة في عام 1997).

المتحدّث بإسم وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية سي آي أيه بيل هارلو رفض دعوى تركي، وقال بأنها ليست مدعومة بأي دليل. وقال هارلو بأن معلومات عن إثنين من الخاطفين تمّ توفيرها بعد شهر من وقوع الهجمات. وما يعتقد بأن لجنة 9/11 قد حصلت عليه من الأمير تركي لم يتمّ الإعلان عنه.

وقد أبلغت إدارة المحفوظات الوطنية (الإرشيف) الكاتبين بأنه لم يكن مسموحاً حتى بالقول ما إذا كانت تحتوي ملفّات اللجنة على وثيقة مقابلة مع الرئيس السابق لجهاز الإستخبارات العامة السعودية. المعلومات حول الخلفية الإستخبارية لهجمات 9/11 بقيت على مايبدو ذات حساسية عالية.


مساعدو الخاطفين


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


بعد أحداث سبتمبر مباشرة بوش يلتقي بندر ليخفي الدور السعودي في الهجوم، والصورة لاتزال تحرج البيت الأبيض حتى اليوم!


بقيت السعودية لفترة طويلة الثقب الأسود بالنسبة للمحقّقين الأميركيين الرسميين المسؤولين عن التحقيق في 9/11. لم يكن، على سبيل المثال، مسموحاً لهم بالوصول إلى عوائل أولئك الذين يُعتقد بأنهم نفّذوا الهجمات.

ويقول رئيس قسم مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية فينسنت كانيسترارو بعد شهر على وقوع الهجمات (نحن لا نحصل على أي تعاون على الإطلاق)، أو حسب وصفه (تعاون صفر).

مع ذلك، في داخل الولايات المتحدة بدأ التحقيق بشكل مكثف وعلى مدى عدة سنوات. وأن بعضاً من أهم المعلومات المستقاة، كما تبيّن، المعنية باثنين من الارهابيين الذي ألمح إليهما الأمير تركي. يقال أنه تم اختيارهما من قبل أسامة بن لادن ليكونا أول من يدخل الولايات المتحدة، وأنهما سيكونا في نهاية المطاف جزءاً من المجموعة التي استولت على طائرة أميركان ايرلاينز الرحلة 77، الطائرة التي أستخدمت في الهجوم ضد البنتاغون.

وكان خالد المحضار ونواف الحازمي، وكلاهما سعوديان، ومن الجهاديين ذوي الخبرة، مع أنهم في العشرينات من العمر. دخلا البلاد عن طريق مطار لوس انجليس الدولي نحو 15 يناير 2000، مع معرفة ضئيلة باللغة الانكليزية وتجربة الحياة في الغرب تقرب من الصفر. وبحسب تقرير هيئة 9/11 أنه (من المستبعد) أن الشخصّين (جاءا إلى الولايات المتحدة دون ترتيب مسبق لتلقي المساعدة من واحد أو أكثر من الأفراد وقد أبلغ مقدماً عن وصولهما).

تعرّف التحقيق على الأفراد الذين ساعدوا أو ربما ساعدوا المحضار والحازمي عقب وصولهما الى كاليفورنيا ـ سواء عن طريق المصادفة أو بسبب المعرفة السابقة.

إمام يدعى فهد الثميري، وهو دبلوماسي معتمد عيّن من قبل وزارة الشؤون الإسلامية السعودية للاتصال مع المسجد المجاور، عمل في ذلك الوقت في القنصلية السعودية في لوس أنجليس. وفقاً لأحد الشهود، كان الثميري في ذلك الوقت قد رتّب لرجلين ـ والذي تعرّف احد الشهود عليهما من خلال الصور الفوتغرافية التي تم تحديدها بأنها كانت لإثنين من الإرهابيين ـ حيث اصطحبهما بجولة بالسيارة في المنطقة المجاورة.

وقال زميله السعودي، المقيم في سان دييغوا ويدعى عمر البيومي، من خلال مقابلات مع أشخاص كان لهم اتصال دائم مع الثميري، إعترف بأنه التقى المحضار والحازمي خلال زيارة للوس انجليس في الأول من شباط (فبراير)، أي بعد اسبوعين من وصولهما.
وفقاً لشخص تمّت مقابلته من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، قال بيومي قبل الرحلة أنه ذاهب إلى (نقل الزوار). ما تمّ الإتفاق عليه من قبل الجميع هو أنه جعل الرحلة بالسيارة برفقة أمريكي مسلم يدعى كيسان بن دون. في الطريق، قال بن دون، ذكر بيومي أنه اعتاد الذهاب إلى القنصلية للحصول على نشريات دينية. توقفوا عند القنصلية، حيث، وفقا لبن دون، رحّب رجل في بذلة رسمية غربية، مع لحية كاملة، ببيومي وصحبه لاجراء محادثات معه في مكتب ما. وظهر بيومي في وقت لاحق، وهو يحمل صندوقاً من المصاحف. ووصف اللقاء بشكل مختلف، قائلاً أنه (غير متيقّن) من هوية الشخص الذي قابله (ولا يعرف الناس فعلاً الذين في [الوزارة السعودية] للشؤون الإسلامية).

على أية حال، إتفق الرجلان على الذهاب الى مطعم وهناك ـ في حين أن هذه هي اللحظة الحاسمة في هذه القصة ـ واجتمعا وتحدثت مع الخاطفين المستقبليين المحضار والحازمي، الذين للتو قد وصلا للبلاد. وكان بيومي وبن دون كانا يخبران إف بي آي اللقاء الذي جرى بمحض الصدفة.

دعا بيومي المحضار والحازمي لأن يأتيا إلى جنوب سان دييغو، وساعدهما في العثور على أماكن الإقامة، وبقي الجميع على اتصال. في اليوم المحدد تحرّك الإرهابيان إلى الشقة التي استخدمت لأول مرة، بجوار شقّة بيومي، وكانت هناك أربع مكالمات بين هاتفه والإمام المحلي، مواليد نيو مكسيكو، أنور العولقي، والذي وصف في تقرير الكونغرس في وقت لاحق حول 9/11 بأنه شغل منصب (المرشد الروحي) لكل من محضار والحازمي.

الدخل المالي لبيومي، الذي كان يتم بواسطة شركة أركان، وهي شركة تابعة لمتعاقد مع إدارة الطيران المدني السعودي، رغم، وفقاً لموظف زميل، وقال انه لم يعمل أي عمل معروف بشكل كبير بعد وصول الخاطفين المستقبليين. سعودي آخر كان يعيش في سان دييغو، أسامة باسنان، وهو أيضاً موضع اهتمام محققي 9/11 الذي كانوا يحققون في تدفق الأموال.

وهناك قسم من ثلاث صفحات من تقرير الكونغرس في التحقيق المشترك (خلاصة جلسات مشتركة بشأن هجمات 9/11 من قبل مجلس النواب واللجان الاستخباراتية في مجلس الشيوخ)، التي تحتوي على أكثر من خطوط سرية ليس مفرج عنها، يقول لنا فقط أن باسنان كان أحد المقربين من جمال بيومي في سان دييغو. وفقا لسناتور سابق بوب غراهام، الرئيس المشارك للجنة التحقيق، وكذلك تقارير صحفية، تدفقت شيكات منتظمة في عام 2000 من باسنان لزوجة بيومي. كانت المدفوعات، والتي جعلت ظاهرياً للمساعدة في تغطية العلاج الطبي، وصادرة عن السفارة السعودية في واشنطن.

هناك أسباب مستقلة للتشكيك في نشاط الثميري، بيومي، وباسنان. الثميري، الذي كان معروفاً بكونه أصولياً، تمّ في وقت لاحق رفض دخوله الى الولايات المتحدة ولكن بعد 9/11 على أرضية أنه قد يكون على صلة بنشاط إرهابي. جذب بيومي إهتمام مكتب التحقيق الفيدرالي لأول مرة في السنوات السابقة، وعلم المكتب في وقت لاحق أن لديه (إتصالات بعناصر إرهابية). غادر البلاد قبل شهرين من الهجمات.

بالنسبة لباسنان، الذي كان إسمه يرد في التحقيق حول مكافحة الإرهاب قبل عقد من الزمان، كان قد استضاف، كما قيل، حفلاً لعمر عبد الرحمن الذي بات اليوم يعرف بـ (الشيخ الضرير) سيء الصيت، والذي يمضي عقوبة بالسجن مدى الحياة لدوره في التخطيط لتفجير مركز التجارة العالمي وغيرها من معالم مدينة نيويورك في العام 1993، عندما زار الولايات المتحدة، وادّعى ذات مرة أنه يفعل المزيد للإسلام أكثر مما يفعله بيومي. وبحسب وثيقة خاصة جزئياً للجنة التحقيق، تفيد بأن المحضار والحازمي وزملائهما الارهابيين في 9/11 وصلوا الى الولايات المتحدة لتعلّم الطيران، وكان زميل باسنان في البريد الإلكتروني والإتصال عبر الهاتف مع المتهمين الرئيسين 9/11 المتآمر رمزي بن شيبه. وبعد عام من هجمات 9/11، تم اعتقال باسنان بتهمة احتيال التأشيرة وجرى ترحيله.