التكفير والاختراق
كتابات - جمال حافظ واعي

تعددت جهات التكفير حتى أنكر الكفر نفسه واصبح لا يدري أي فتوى تنطبق عليه وأيهما تدعيه وأيهما تمتطيه واستحال إلى مطية للعاطلين عن العقل والفطرة السليمة , فالتكفيريون يطوقون مساحات الحرية بخفافيشهم ويلعبون النرد مع الشيطان للظفر بمن يفوز بمقاولة السمسرة بالعقول والمصائر البشرية!!

انهم أخطبوط ظلامي , تكفل العماء بعصائبه , وحجبه الكثيفة , فلا حوار إلا حواره , وهو وحده من حقه إقصاء الآخر وتهميشه , فان ان لم يكن بالتفخيخ والإلغاء الجسدي فبالإلغاء الفكري والاختراق , فمثلما صادروا الرأي الآخر في الوطن طيلة خمسة وثلاثين عاما فانهم يسعون اليوم إلى مصادرة العقل والجسد معا , فأي منبر أو نافذة للفكر لا تتطابق مع أهوائهم يسعون – ما قدروا على ذلك - وبكل الوسائل المتاحة أمامهم لإخماد جذوتها , وهكذا تم اختراق (( موقع كتابات )) رغم ان هذا الموقع هو نافذة مفتوحة في الهواء الطلق وعلى مصراعيها لجميع الآراء والتيارات ولا يقتصر على واجهة دون اخرى و ((لا ينتمي لاحد )) , ولكن عقليتهم المتحجرة تقتضي ان تكون الساحة لهم وحدهم بلا منافس , فالسيارات المفخخة تجوب الشوارع بحثا عن ضالتها من الضحايا والعقول المفخخة تترصد مواقع الفكر الحر لنسفها!!

الدماء تنزف والنوايا تتوعد والوحوش تستميت في الدفاع عن كهوفها , علقوا على رقاب الآخرين أحكامهم في القتل والإبادة , فهم دون سواهم من يملك حق إصدار الحكم وتنفيذه 000 كل شيء ارتهن بالاختراق , ذلك الموت المتجول , الذي يعمل مجساته ونواظيره وأجهزته الحساسة , وكلما ازداد عدد الضحايا كلما ارتفت نشوة الموت 0 أصبحت أكوام الجثث بديلا عن بيادر الفصول ومواسم الخصب , فما تبقى من حصة الموت , وما تبقى يؤسسه الملثمون , هكذا تتسرب أخبارنا إلى من يضع نهاياتها في غفلة منا , مادام متربصا بنا , يوزع علينا أدوار الموت , فلقد تم استبدالنا وبسرعة البرق من شواخص الميدان في زمن الحروب إلى شواخص المدن في زمن الملثمين , حيث الأشلاء المتناثرة تلتصق على الإسفلت والواجهات0أصبحت الحياة هروبا يوميا من الأشباح المترصدة – أشباح العقل والجسد – حتى أشياء الطبيعة تبحث عمن يواسيها في عزلتها وتتساءل :

هل ان الجنة أعدت حقا للمتقين أم للمفخخين!!

كيف تستطيع ان تحاور ذلك الذي عبأوا دماغه بالبارود والحشوات الناسفة , وإذا حدث وان تم الحوار بمعجزة فماذا ستقول له وهو الذي يراك كافرا من قمة رأسك إلى أخمص قدميك وينظر إلى تاريخك على انه بدعة من الضلالة؟! ما معنى هذا كله ؟؟ هل استسهلوا أمر الآخرين وتيقنوا من عجزهم عن المواجهة أم ان طول فترة تسلطهم على رقاب العباد منحتهم الحق الإلهي في استعباد الآخر وإذلاله , فهم السادة وهو الخانع الخاضع لبطشهم وجبروتهم ؟! لابد من وضع حد لهذه المعادلة المتطرفة قبل ان تتحول إلى شريعة راسخة وقبل ان يفلت الزمام !!



استراليا

jawaai@yahoo.co.uk