30 مارس 2011


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


يوسف علاونة - زووم


أكن احتراما وتوقيرا كبيرا للدكتور عبد الله النفيسي، وقد تعلمت منه، وتتبعته، وأقدر حميته على القضية الأولى للأمة العربية والإسلامية (فلسطين)، وتابعت بالرضا والمحبة حملته لمقاطعة الكيان الصهيوني وداعميه، وبهرتني آراؤه النقدية المبكرة للحركة الإسلامية الحديثة بشتى تشعباتها، وحرصه على العمل الإسلامي، وكتبت في التسعينات في السياسة مرارا أخالفه الرأي في شأن (تشوّفاته) التي عبر عنها حول العراق ومستقبله، والتقسيم المرتقب للعراق ووضع الهضبة السنية فيه..

وعلى خطاه أيام شهر عسله المشهود مع الحكومة الإيرانية، كنت من أول من ذهب إلى طهران في محاولة قراءة وضع هذا البلد من الداخل، وصرت خبيرا في الشؤون الإيرانية إلى حد معقول كما أزعم، وابتداء من 1993 كتبت مرارا في تاريخ العلاقة العربية الفارسية، وجلت على العديد من مدن إيران، بينما كنا ما زلنا أسرى نظرية (الفرس المجوس) التي زرعها فينا صدام، وكان دم الصرعى الملايين في الحرب العراقية الإيرانية لم يجف بعد..

هذا تقديم معقول ومبتسر لغاية هذا النقاش المنشودة، وأنا أحاول تجميع الإطار العام لظهور متكرر في الفترة الحالية للدكتور الكريم، عبر فضائيات متعددة، بعضها متخصص في النبش المذهبي تحت وهم (تسنين) الشيعة، طرح فيها الدكتور النفيسي جملة من الآراء حول التشيع والصفوية والسيطرة الإيرانية على العراق، وما وصفه حلفا أميركيا إيرانيا أو قل التناغم بين مصالح الدولتين في كل من العراق وأفغانستان والبحرين وغيرها..

في البدء بودي أن أقول بأن الحال المذهبي أصمد وأثبت من أن تهزه فضائيات، فلن (تتسنن) أو (تتشيع) شعوب درجت على تمذهبها منذ قرون، ويخطئ كثيرون عندما يتصورون أن هناك تبدلا سيتم في الخارطة الدينية، وهي ثابتة منذ قرون عدة، ليس بين الأغلبية السنية من الأمة الإسلامية وأقليتها الشيعية فقط، بل حتى على المستوى العالمي، فالخط الأورثوذوكسي شرقا والكاثوليكي غربا، وكذا التجليات البروتستانتية، زد عليها الأديان أو العقائد كالبوذية والكونفوشيوسية واللادينية والوثنية، كلها ثابتة إلا من متغيرات يسيرة، فبعد الانكفاء الإسلامي الكبير عن الأندلس، والمحدود عن البلقان العثماني، لم نشهد تحولات دينية جغرافية، باستثناء ما نلحظه من التمدد الإسلامي العام، غربا عبر الهجرة التي أحدثت أقليات مسلمة في أوروبا وأميركا، وهي توازي في شكل أو آخر، الأقليات النصرانية التي ظلت موجودة في بلداننا منذ الفتح الإسلامي، أو منذ إشراق نور الإسلام الذي أكد على مبدأ أصيل وهو أنه لا إكراه في الدين..

هذا مع الإيمان طبعا بما بشر به النبي عليه الصلاة والسلام من أن هذا الدين غالب على أمره..

بالتالي فإن هناك وهما في أن تؤدي السياسة إلى (تشييع) مجتمعات جديدة، أو (تسنين) الشيعة، وستبقى المتغيرات فردية لا أثر لها ولا دور، فتشيع مواطن ناشط، وإعلامي معروف مثل فيصل الدويسان، أو تسنن المرحوم الدكتور معرفي، وأضرب الحالتين كمثال مع تهيب من أي مساس بالمعتقد الشخصي لأي إنسان، إنما لأقول بأن لا الأول ولا الثاني، أسفر تبدل اعتقادهما إلى تشييع أو تسنين عائلتيهما الأكبر أو محيطهما الاجتماعي..

من هنا فإن ما نتحدث عنه بالواقع ليس دينا ولا مذهبا، إنما حالة سياسية وخضوع لآثار متغيرات في هذا الصدد، تتلبس لبوس الدين في مظهرها، لكنها تعكس سياسة وتحولات متغيرة غير ثابتة بالمجمل، فإيران هي موطن الفرس الأصيل والمستمر قبل الإسلام وبعده، وهي كذلك خلال هذا التشيع أو قبله، وقد كانت في فترة ما، قلعة سنية عظمى وأساسية في جسد الدولة العربية الإسلامية، كما أنها موّنت تراثنا الفقهي واللغوي بالأعلام الكبرى الخالدة، من العلماء والأدباء والشعراء والفقهاء، أعلام نتمذهب لها أو نضيفها إلى مكنوننا الثقافي الأصيل كعرب..ومسلمين..

وقد ظل المستعربون من إيران بمثابة الموجهين والقائمين على ثقافتنا وشتى منازعنا العامة، التي شكلت سماتنا الحضارية الإسلامية، ومن دون أن ننسى أن إيران تشيعت قسرا على يد حاكم معروف هو (التركي) إسماعيل الصفوي الذي أقنعه بالتشيع رجال دين عرب من جنوب لبنان (جبل عامل)!..كما أنه ما زال هناك كثيرون من أهل فارس أشقاء لنا..في التسنن!..

ولست بمنكر فارسية شوفينية حاقدة على الفتح الإسلامي، وقعت قبل دخول الإسلام كدين عن قناعة وإيمان، ومثل هذا الحقد كان قائما عندنا كعرب حاملين مشعل الرسالة..وجدناه في صدور زعامات الجاهلية، التي حقدت على الإسلام وكرهته، كونه مرغ أنوف السادة وساواهم بعبيدهم..

أبو جهل مات تحت قدم داست على رقبته قبل حز رأسه.. بينما هو يعاير صاحب هذه القدم بأنه سيد قومه، ولا يعيبه أن يقتله رويعي من هؤلاء القوم الذي هو سيدهم!..

فلا يستغرب والحال، أن يكون عبّاد الكسروية الفرس، حاقدون على الإسلام وعلى العرب عموما، ومعهم كل من جاء لهم بالإسلام كي يكسر شوكتهم، لكن هذا كان مرحلة مبكرة انتهت في وقتها بعد تمام الفتح، ولا توجد أية أرضية أو مفاهيم تبرر تحول هذا الأمر، إلى منظمة سرية على الطريقة الماسونية، ما يجعل من الفرس متآمرين ضمن محفل تحدد أهدافه بالتوالي عبر القرون العلاقة بين العرب والفرس..

وقطعا أن هذه الروحية العدائية لم تكن موجودة في العصر الإسلامي، دون إغفال أن أمة كبيرة العدد ونشيطة وفاعلة كالفرس، ستكون حريصة على أداء دورها وتموضعها في الدين الجديد، الأمر الذي كان يتم قبوله على مضض أحيانا من جانب العرب، فظلوا هم الأمراء فيما لم يطمع الفرس بغير دور الوزراء، أو الشراكة كما حصل في نصرة الدعوة العباسية انطلاقا من بلاد فارس..

والفرس آنذاك ليسوا من نصر آل البيت العلويين وخطط لوراثتهم الدولة الأموية، إنما هؤلاء كما اتضح فيما بعد، كانوا ورقة استخدمها أبناء عمومتهم العباسيين، لجمع المزيد من الشعبية، حتى إذا انتصروا حدث الاستحواذ المنطقي والطبيعي الذي رأوه حقا لهم كأبناء العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم..وإذ ذاك لم تكن إيران شيعية ولا كان مذهب التشيع الحالي تبلور بعد..

والفرس ومعهم الترك، هم كما الأنصار في المدينة المنورة، فالإسلام حمله في البدء المهاجرون مع نبيهم صلى الله عليه وسلم من قريش، وكانت المعضلة الأولى التي رأينا مفاعيلها بعيد معركة حنين، فلما أعطيت الغنائم لأهل مكة خصوصا القادمين الجدد منهم إلى الإسلام، بلغ عتب الأنصار إلى النبي عليه السلام، ومن هم الأنصار..إنهم العمود الفقري لجيش الفتح وما بعده ويومها كانت سيوفهم تقطر بعد من دم غطفان وهوازن!..

استدعي النبي عليه السلام سعد بن عبادة، وأمره بجمع قومه، بعد أن تأكد من أنه هو الآخر عاتب مثلهم، فقال مقولاته الشهيرة المعروفة حتى أبكاهم وراضاهم بقوله: والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدَّقتم: أتيتنا فقيراً فأغنيناك، وأتيتنا طريداً فآويناك، وأتيتنا شريداً فنصرناك؟!..ثم دعا لهم الدعاء الشهير.. فذهب أهل قريش المستجدين على الإسلام بالشاة والبعير، وعاد هؤلاء الأنصار برسول الله إلى المدينة..فإذا بهم باجتماع السقيفة يأمرون سعد بن عبادة أميرا على المؤمنين..حتى جاء أبو بكر ووضع القاعدة التي استمرت (نحن الأمراء وأنتم الوزراء)..

هذا التناغم أو التكامل حتى لا نقول التنافس، وقع بيننا نحن العرب، وليس فقط بين المهاجرين والأنصار في مجتمع المدينة الصغير، وحري ألا نتوسع في شرحه عند اتساع الدولة، بما شمل القبائل الأخرى والتسابق أو الحمية القيسية واليمانية والمضرية...ألخ..فلما امتد الإسلام ليشمل شعوب الترك والفرس، والإسلام دين أخوة لا يجعل أفضلية لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، كان من الطبيعي أن نرى وجود مثل هذه الحساسية التي كانت بين المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم، بين العرب والفرس، من دون أن تكون حساسية ساخنة، فلم نعرف في تاريخ الدولة الإسلامية حربا فارسية عربية أهلية، انقسمت فيها الدولة على هذا الأساس، ولذلك فإن ما ينطبق على إيران الشيعية الآن، هو نفسه المعيار الذي ينطبق على الدول العربية السنية في حقبة ما بعد انهيار الحضارة الإسلامية، والتجزئة التي تمت على يد الاستعمار الغربي، والذي تصرف مع إيران بلاد فارس بنفس ما تصرف مع بلدان العالم الإسلامي كلها.

هنا نطرح السؤال..كانت إيران بلدا يثير الحساسية في عهده الشاهنشاهي السابق، فهل كان الشاه يتصرف وفقا للعقيدة المذهبية المتشيعة، وكانت البلاد العربية المجاورة حساسة من نفوذ الشاه لأنها بلدان سنية؟..

المؤكد أن الشاه لم يكن شيعيا، ولم يكن يقيم وزنا للدين في مسلكه السياسي الإمبراطوري، وأحلام العظمة عنده إذا ما أخذت المنحى الكسروي، فإن من جانبنا من أخذ نفس منحى الأبهة والفخامة، ولكن على الطريقة الملكية الأوروبية الحديثة، وإن باستعارة التاريخ، لنقول نحن نفس الكلام عن صدام حسين (نبوخذ نصر) مثلما وصف حكام السوفيات الشيوعيين الأمميين بالقياصرة، وصولا لفلاديمير بوتين (قيصر روسيا الآن)، مثلما يقول المصريون عن حسني مبارك في ثورتهم (فرعون)..وكما قالوا في إسرائيل مرة عن أرئيل شارون (ملك إسرائيل)..ألخ من الأمثلة المشابهة..

وإذا انتقلنا خطوة فإننا لا نسلم لطرح الدكتور الكريم عبد الله النفيسي، بالصراع (التاريخي) بين المرجعيتين الشيعيتين المتنافستين في النجف وقم..

والتنافس في شكله الحديث أداره كل من الشاه والنظام الملكي في العراق، وصولا إلى عهد الخميني وعهد صدام حسين، فهل كان الشاه مؤمنا شيعيا، ليجعل لقم قصب السبق على النجف فيما صدام حسين يريد ليّ ذراع الشاه بمرجعية النجف؟!

أذكّر الدكتور النفيسي هنا بأن الإمام علي السيستاني كان المرجع المعتمد للشيعة في النجف في عهد صدام حسين!..

وجميعنا يتذكر الفتاوى المزورة التي أصدرها صدام حسين باسم السيستاني لمقاومة الأميركيين..أي أن السيستاني لم يأت به الأميركيون ولا تفاهمهم مع إيران في العراق..

بالنتيجة كان المراجع في النجف وقم، (يسايرون) النظام سواء أكان شاهنشاهيا أو بعثيا علمانيا يمقت الدين ويحاربه..وبالطبع كان هناك من يزعج النظام من هؤلاء فيتم نفيه كما الخميني، أو قتله كما الصدر!..

والمرجعية على مر تاريخها كانت تحتمل ممارسة التقية مع هذه الحكومات، لكن من دون أن يكون هناك صراع اسمه (مرجعية النجف) و (مرجعية قم)..مع لفتة للدكتور، ومن دون الدخول في علم الأنساب، وهو أن أهل العمائم السوداء من حكام إيران، يفخرون باتمائهم العربي القرشي..فلمذا يتوجب علينا أن نلزمهم بأصلهم الفارسي الكسروي الصفوي؟!

والشيعة بالمجمل يعظمون النجف وكربلاء وقم ليست مكانا مقدسا بديلا عن النجف أو الكوفة، وكذا مشهد أو سامراء، ففي النجف ضريح الإمام علي، والنجف حسب المذهب الشيعي هي عاصمة الإمام الغائب (المهدي) عندما يعود، لكن في فقه (مرجع التقليد) هناك مراجع في أفغانستان وربما الهند أو أبعد أو أقرب..

وليس هذا هو ما يعنيني، فأنا أيها الأستاذ الكريم أشفق على الإيراني المسكين، الجائع المطحون، مثله مثل مواطنك العربي جراء هذا التحشيد والتحقيد، ولماذا؟..من أجل إثبات نظرية الحقد الفارسي الصفوي الذي يريد السيطرة على المنطقة العربية..

هذا الإنسان المقهور الذي يصحو على همّ رغيف الخبز وقوت العيال، هل في باله ما تقول حول (خطط) للسيطرة على المنطقة العربية ونقل المد الشيعي إليها؟!

نعم توجد مشكلة، وهي مشكلة نظام في إيران، واجه موقفا غربيا عدائيا منذ البداية..فالإيرانيون والوا إماما قاد لهم الثورة وصار رمزها، ليرث نظاما مدعوما من الغرب بالمطلق، بل كان شرطيه وعميله الأكبر..وقد ووجهت ثورتهم بشتى صنوف الإحباط والمقاومة وعدم التفهم، فمن تجييش للمعارضة ضدها، إلى دعم عالمي لصالح صدام حسين الذي توغل (بدعم أممي) في إيران، كما لم يتوغل أحد منذ الحرب العالمية الثانية..وعلى وقع نظرية تصدير الثورة الخاطئة، حصل الانكماش العربي تجاه النظام الجديد، بسبب الخشية، والخوف من تعاطف الشارع مع هذا النظام الذي تحدى الغرب، وظل يؤكد نهارا جهارا عدوانيته ضد الهيمنة الغربية المفسدة في الأرض!..

ثم جرى فرض حصار نفسي على إيران، يتساوى فيه شعور النظام بـ (خطر) ضياع حكمه ومشروع دولته، مع شعور الشارع الشيعي الحالم بدولة الإمام، بـ (هاجس) انهيار ولاية الفقيه التي بنى عليها أحلامه وآماله، بل حالة يقينه من تمذهبه الشرعي، وأنه على طريق إرضاء الله ونيل الجنة، فترى هذه الحالة المتعاطفة مع نظام إيران حتى وإن كان عنده ما عنده من الإخفاقات المعيشية أو السياسية أو الاقتصادية أو حتى الديمقراطية..

لكن تعال كي أقول لك مثلا ما الذي جمع إيران بحماس!..

انتخب الفلسطينيون حماس بعد أن استشرى الفساد من حركتهم التاريخية الأصلية (فتح)..وأعرف بلدة مسيحية انتخب أهلها ممثلي حماس بالتزكية..وحماس تطرح ما تطرح مما هو معروف ومفهوم، لكن أحدا لم يتوقع لها أن تفوز بما فازت، حتى هي ذاتها!..فذهب ممثلو حكومة حماس إلى وزاراتهم ومقار عملهم في الحكومة التي ورثوها من فتح، فوجدوا أن الشباب ذهبوا إلى بيوتهم حتى بأثاث المكاتب!..

تلفتت حماس حواليها طالبة الدعم المألوف من هنا وهناك..لم تجد أحدا..

قاطعها العالمان العربي والغربي، وتعرضت للسحق من إسرائيل، فإذا بطهران تنجدها بـ 250 مليون دولار سنويا، وهي التي كانت ترجو من العالم أقل من ذلك..ضع نفسك يا دكتور مقام خالد مشعل..هل سيرفض هذا الدعم والرعاية من طهران؟!..

لكن هل أصبح مواطنو غزة شيعة!؟..

هل انتشرت عندهم الحسينيات فصاروا على مذهب الإمام؟!..

نفس الأمر ينطبق على سورية، فدمشق هي حاضرة الأمويين.. بلد سني المذهب في مجموعه الأغلب، باستثناء أقليات لا تزيد عن عشرين في المائة من السكان..ترى هل صار السوريون من الشيعة جراء العلاقة بين (الدولتين)..

ربما لا يكون الكلام في موضعه، لكني وأقسم بالله سألت المرحوم أحمد الخميني عن هذه العلاقة، وما إذا كان هناك صلة بين مذهب الإثني عشرية والمذهب العلوي، الذي يمثل أقلية يسيرة في سورية، مع أن أصول الرئيس منه، فنفى ذلك قطعيا، وأكد أن أئمة المذهب يكفرون هذه الفرقة مشددا على أنها علاقة سياسية..

ومعلوم أن رئيسي سورية الحالي والسابق، يتعبدان حسب المذهب السني المعروف في دمشق ورمزه الجامع الأموي، وقد أديا مناسك الحج أو العمرة وهو ما لا يفعله العلويون، ولم أسمع يوما أن بشار الأسد ولا المرحوم حافظ الأسد زارا قم أو مشهد، ولا حتى مقام السيدة زينب!..

بالطبع هناك لإيران ذراع عسكري وسياسي مهمة في الصراع العربي الإسرائيلي وأعني حزب الله اللبناني، لكن هل وفرت القوة المسلحة بـ 20 ألف صاروخ على الأقل، في مقابل أقل من دستة بنادق للطوائف الأخرى، هل وفرت القدرة على (تشييع) لبنان ومسح المعادلة القائمة هناك بين المسيحيين بمختلف طوائفهم والمسلمين السنة، وغيرهم؟..

في ظني أن إيران الدولة، وهذا واجبها، بل أساس مبدأ حب البقاء، تكثر من أوراق اللعبة في يديها، فهي مهددة بضربة نووية، وربما بحرب من نوعية حرب احتلال العراق، والأميركيون جاؤوا إلى العراق، ويكادون أن يذهبوا، ويقوم في العراق نظام منسجم مع طهران، لكن منظمة (مجاهدين خلق) المعادية للنظام الإيراني ما تزال لها معسكراتها ووجودها في العراق!..

أفلا نتصور هنا أن إيران تبذل كل ما في وسعها كي تتحسب أو تثير المخاوف، أو تستعرض القوة أو تتجهز للمواجهة!؟..

إذن هناك مشكلة يا أستاذنا الكريم، لكنها سياسية في جوهرها، ولا يمكن حلها إلا ضمن حراك انتشار الديمقراطية والحريات والتعددية، وفي نطاق مفهوم من الجوار، يعلي التنمية والمبادلات والرفاه والازدهار على هذا الجدل البيزنطي الذي لا يعني المواطن إن لم يكن أحد أدوات قهره وتمزيق علائقه من أشقائه في الوطن والإقليم الواحد..

أنا يا أستاذي العزيز أعي المرحلة التي كنا نقول فيها عن القادم من إيران، بأن أول مبلغ يوفره صاحبنا يشتري به صورة للشاه ثم يبروزها بإطار جميل وفخم..وعشت المرحلة التي استبدلت فيها صورة الخميني بصورة الشاه!..من دون أن أشعر بوجود خطر صفوي على العرب، باعتبار أن العرب قائمون على هذه الضفة منذ آلاف السنين، بينما الفرس على الضفة الأخرى، مع ميزة تفضيلية، عززها الإسلام لصالح العربية التي يتعين على إيران أن تتعلمها على الأقل كي لا أقول أن تستعرب!..

ويا دكتور كيف تطلب من أمة أن تستعرب، بينما أنت تلبس زبدتها السياسية والفكرية، كل صفات الماسونية المزركشة بالحقد والتعصب..

ومواطنونا الشيعة المتهمون منا بالولاء لهذه الدولة الصفوية المعادية..كيف سنقنعهم حقا أننا أهل وأخوة، ويجمعنا أمل واحد، ومصير مشترك..

كيف!؟..

فعلا..كيف؟!