... عراق سنة وشيعة .. هذا الوطن مَنبيعه

أرض السواد

6 تشرين الاول 2004



واحدة من اهم السيناريوهات المطروحة للمشروع الامريكي في العراق هي تقسيم البلاد الى كانتونات صغيرة من أجل السيطرة التامة عليه من خلال تقطيع أوصاله .. وهذه السيناريو راود أحلامهم منذ أمد وبدأ التفكير عمليا فيه بعيد فشل انتفاضة الشعب العراقي في آذار 1991 وتجلت الخطوة الأولى في تقسيم العراق جويا الى ثلاث مناطق وفقا لجنوب وشمال خطوط العرض , فكانت منطقة الشمال وكذلك الجنوب ثم تطورت المنطقة الشمالية من واقع السماء الى الأرض فكانت المنطقة الآمنة في كردستان العراق مما أوصلت الوضع الى ماهو عليه .. وكادت منطقة الجنوب أن تحذو حذو الشمال في العقد الأخير من القرن المنصرم لولا الحسابات السياسية المتعلقة بالجغرافية الجنوبية وأثرها على المنطقة الخليجية فكان أن تم تأجيل الأمر وربما غض الطرف عنه .
وبعد سقوط جرذ العوجة في التاسع من نيسان من العام الماضي وتحديدا في الأيام الاولى أظهر الشعب العراقي بكل أطيافه وعلى وجه التحديد كبرى طائفتيه الشيعية والسنية وعيا منقطع النظير للعبة الطائفية والتقسيمية للعراق فانطلقت المظاهرات لتتكاتف الأيدي وتهتف الحناجر ( اسلام سنة وشيعة وهذا الوطن ما انبيعه ) مما طمئن نفوس أبناء هذا الوطن اذ ما زال الوعي حاضر بين صفوف أبناء الشعب العراقي فلم ولن تنطلي عليه عمليات تمرير المشاريع المرسومة .
لكن , وآه من لكن ! .. مع مرور الأيام والاشهر والوصول الى مرور عام ونصف على سقوط الطاغية الزنيم واحتلال العراق , لعب العابثون من بعثيين وظلاميين طائفيين وكذا المحتلون لعبتهم بدهاء من أجل تأجيج النفس الطائفي بين أبناء الوطن الواحد .. وتطوع الدهماء من الطائفيين الرعاع لتنفيذ مؤامرة أعداء العراق عن قصد أو غير قصد لتنفيذ أعمال التصفيات الطائفية فكانت عملية قتل مجموعة من أبناء الثورة - مدينة الصدر - الشيعية على أيدي بعض السفلة في الفلوجة وقبلها أحداث عاشوراء وغيرها .. ثم تلتها ولا زالت تجري الاغتيالات على الاساس الطائفي ! .. مضافا الى تداعيات فقدان الأمن والبطالة وتضائل حاجات الناس الخدمية مدعومة بحملة اعلامية بدت روائحها تُشم عن بعد ! كلها تصب باتجاه تهيئة النفوس لهذا التقسيم من أجل تقطيع أوصال هذا الوطن الجريح ! . وفي خضم هذه التداعيات تظهر بين الفينة والأخرى تصريحات هنا وهناك وتظاهرات هنا وهناك تطالب بانفصال كردستان العراق ! .. وفي الوقت نفسه تبرز لنا الماكنة الاعلامية المغرضة الحديث عن مطالبات محافظات جنوبية بالانفصال ! وكتابات هنا وهناك , وندوات على الارض وعلى غرف البالتوك ومنتديات الحوار , كلها تصب في هذا الاتجاه لتغليب العاطفة على العقل , مستفيدين بذلك من أحداث يقوم بها ملثمون جُبناء لن يجرأوا عن كشف اللثام ! ومن تحريضات أخرى هنا وهناك كانت يوما في خدمة الجرذ المقمل ! وآخرون ارتضوا السير في ركاب المحتل , المستفيد الأول والاخير من تقطيع أوصال العراق بعد تأجيج هذه الفتنة العمياء التي لو حصلت لا سمح الله فستحرق ما بقي من العراق ! .
إن أبناء العراق جميعا على اختلاف أطيافهم عرقيا ومذهبيا وسياسيا وبشكل خاص منهم الكتاب والمثقفون يتحملون مسؤولية التصدي لهذه المؤامرة الخبيثة وكشف مضارها والتحذير منها والتثقيف والتوعية للوقوف ضدها .
إننا أمام مسؤولية تاريخية كبرى يحتمها علينا الشرع والوطن لفضح دعاة الارهاب والعنف الذي يطال العراقيين الابرياء والوقوف بحزم أمام هذه الأفعال الدنيئة , في آن واحد مع الوقوف لفضح الطائفيين وردعهم من أي طرف كان وشجب كل أشكال القتل الذي يطال ابناء الشعب العراقي سواء على يد المحتل الغازي أم على يد الطائفيين من الوافدين وتلاميذهم وادلاءهم من البعثيين المجرمين .
إننا بحاجة لتفعيل الشعار الى أرض الواقع , والنظرية الى تطبيق , تلك التي أطلقتها الفلسلفة العراقية الواعية ( عراق سنة وشيعة وهذا الوطن ما انبيعه ) .
أرض السواد