حفار أمين هويدي.. استعاد سمعة المخابرات


محمد ثروت

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



اللواء فؤاد نصار يصافح الطاغية صدام حسين خلال اجتماعهما في بغداد بعد بداية الحرب العراقية الإيرانية (أرشيف)

في هذه الحلقة المهمة والخطيرة يروي الوزير فؤاد نصار رئيس الاستخبارات العامة المصرية الأسبق وقائع لقاء خاص للتاريخ مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين أثناء حربه مع ايران المسماة بحرب الخليج الأولى ويكشف عن تحليل عميق لشخصية صدام وتطلعاته وأوهامه في قيادة الأمة العربية وكيف رد عليه ردودا منطقية فما كان منه الا أن أنهى المقابلة.ويتعرض اللواء فؤاد نصار لرفيقه أمين هويدي رئيس الاستخبارات العامة المصرية الاسبق وصاحب عملية الحفار وغيرهامن أخطرالعمليات في الصراع العربي الاسرائيلي.وقبل أن نكمل شهادة الوزير فؤاد نصار.كان لابد من تقديم قراءة معمقة لشهادة الوزير نصار حول أشرف مروان.ومن خلال تحليلي لوقائع القضية أؤكد الحقائق التالية:

أولا: أن الدكتور أشرف مروان كان صنيعة عهد السادات وليس عهد جمال عبدالناصر كما تزعم الروايات الاسرائيلية التي تقول: ان صهر الرئيس عبدالناصر طرق أبواب السفارة الاسرائيلية في لندن عام 1969 وتطوع لتقديم معلومات ذات قيمة كبيرة للموساد وللاستخبارات العسكرية الاسرائيلية «أمان» وهي رواية نسفتها شهادة اللواء فؤاد نصار أن أشرف مروان لم يشارك في أي جهاز مخابراتي أيام عبدالناصر، بل في أيام السادات الذي كانت طبيعة شخصيته والأدوار التي لعبها قبل الثورة تسمح له بالتدخل في أعمال الاستخبارات فكان هو يكلف شخصا ما ثم لايغيب عن أعين رجال الاستخبارات.

فضلا عن أن جمال عبدالناصر الذي كان في مرحلة حرب مع اسرائيل وعداء وخصومة وتحدي مع بعض الأطراف الدولية المنحازة لاسرائيل، لم يكن ليضحي بزوج ابنته مهما كانت طبيعة عمله ومايقدمه من خدمات.

ثانيا: أن الشهادات الاسرائيلية التي ظهرت عقب اغتيال أشرف مروان تؤكد أنه خدع وضلل اسرائيل عن عمد وهو ما ذكره ايلي زعيرا رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية في حرب 73 19 في كتابه «خرافة أمام واقع: حرب عيد الغفران وقائع وعبر». والذي بسببه تمت محاكمته أمام محكمة اسرائيلية برئاسة القاضي نيؤدور أور الذي أصدر حكما بأن زعيرا هو المسؤول عن كشف اسم أشرف مروان. والمعروف أن لجنة أغرانات التي حققت في اخفاقات حرب أكتوبر المجيدة، حملت ايلي زعيرا مسؤولية الفشل الاستخباراتي نظرا لأنه لم يحذر من النوايا المصرية السورية.

إعادة التحقيق

ثالثا: أن اعادة فتح التحقيق في قضية أشرف مروان في 12 يوليو 2010 ورفض حضور مندوب للسفارة الاسرائيلية في لندن لمحكمة التحقيق العلنية فضلا عن حكم المحكمة التي قضت أن «وفاة أشرف مروان رجل الأعمال المصري المعروف التي تعود للعام 2007 غير معروفة الأسباب». حكم القاضي البريطاني في القضية جاء بعد استماعه الى الأدلة التي قدمتها الشرطة وشهادات الشهود والذي قضى بأنه لا دليل على أن مروان مات منتحرا أو أن يكون قد تعرض للقتل.

وقد ذكرت لي أرملة د .أشرف مروان السيدة منى عبد الناصر بأنها راضية عن الحكم لأنه أثبت أن أشرف لم يمت منتحرا، تعليقا على قرار القاضي. وأضافت منى عبد الناصر أنها مصرة على اتهام الموساد بالوقوف وراء مقتل مروان».

ثالثا: ان رواية اللواء فؤاد نصار عن دور أشرف مروان في الخداع الاستراتيجي تكذب الروايات الاسرائيلية المتناقضة فكيف يصدق أي عاقل الرواية الاسرائيلية التي تدعي أن أشرف مروان سكرتير الرئيس السادات قد اتصل العاشرة مساء 4 أكتوبر 1973 تليفونيا من القاهرة برئيس الموساد تسيفي زامير يطلب مقابلته صباح الجمعة في لندن وبطبيعة الحال لا يمكن أن يتم ذلك دون علم الرئيس السادات والذي لن يغامر بأمر لا يحتاجه أساسا فقد نجحت خطة الخداع الاستراتيجي المصرية وتأكدت القيادة العسكرية المصرية أن العدو الاسرائيلي نائم تماما من تل أبيب وحتى الضفة الشرقية للقناة. وفي حالة استرخاء مستمرة حتى قامت القوات المصرية في الساعة الثانية ظهر 6 أكتوبر بايقاظه على دوي المدافع.

والمثير للغرابة أيضا في الروايات الاسرائيلية حول أشرف مروان أن رئيس الموساد سافر الى لندن دون علم رئيسة الوزراء غولدا مائير وذلك بسبب عطل في تليفون مكتبها على حد زعم الروايات الاسرائيلية. التي أشارت الى ان اللقاء بين مروان وزامير تم في مقر السفارة المصرية بلندن واستمر لمدة 3 ساعات في الساعة الواحدة صباح 6 أكتوبر بتوقيت لندن والثالثة بتوقيت القاهرة والعاشرة مساء بتوقيت واشنطن. ومع الافتراض أن هذا اللقاء الساذج قد حدث بالفعل فمن المؤكد بشكل قاطع أن تكون كل الأجهزة الاستخباراتية المعنية بالصراع قد رصدت هذا اللقاء بدقة لاهميته الشخصية بل وتسجيل كل ما دار فيه وهي أجهزة الاستخبارات البريطانية وأجهزة الاستخبارات الاميركية وأجهزة الاستخبارات الروسية. لكن ذلك لم يحدث والدليل القاطع في كل الكتب التي صدرت عن حرب أكتوبر ومذكرات هنري كيسنجر وموشي ديان وديفيد اليعازر أنه في نفس اليوم المزعوم عقد اجتماع طارئ بهيئة الأركان الاسرائيلية لبحث المناورة التي يجريها الجيش المصري وكانت الاستخبارات الاسرائيلية تتمسك برأيها بأن امكانية الحرب ضئيلة ما يعني أنها ابتلعت طعم الخداع الاستراتيجي المصري.

صدام حسين

في عام 1981 ذهبت الى بغداد لمقابلة الرئيس العراقي صدام حسين وكانت الحرب العراقية الايرانية المسماة تاريخيا بحرب الخليج الأولى مشتعلة بين صدام وأية الله الخميني وتستخدم فيها أحدث الأسلحة الأميركية والروسية.. وقد مكثت هناك 3 أيام في انتظار مقابلة صدام حسين لأسباب خاصة بالعراقيين وفي كل يوم كانوا يجلسوني في قصر من قصور صدام الفخمة بخلاف الآخر والمنتشرة في بغداد. ولا أبالغ اذا قلت ان كل شيء كان من الذهب الخالص حتى صنابير المياه. وبعضها كان على نهر دجلة وجو أسطوري غريب وبعد مرور اليوم الثالث قابلت صدام حسين.

وكان موجودا وقتها نائبه طه ياسين رمضان ووزير خارجيته طارق عزيزو قال لي صدام حسين: انني اشكر القيادة المصرية على وقوفها معي في حربي مع ايران وكنت أتمنى لو شاركتم الجيش العراقي بقوات مصرية فانا أحمي الجبهة الشرقية للعرب وكان يطلق عليها حرب القادسية الثانية مثل القادسية الأولى المعروفة في التاريخ العربي. ولكنني رددت عليه بحسم: يكفيك هذا الشرف ولكن لو تعرضت بغداد لأي هجوم ساعتها ستجدنا عندك فقام واقفا كأنه ينهي المقابلة ثم صافحني وانصرفت من عنده وأنا أقول أن هذا الرجل سيكون وبالا على العرب. وفي اعتقادي الشخصي أن صدام حسين كان عميلا للأميركان ولذلك فقد ضحوا به بعدما صنعوه وأغروه بالتدخل في شؤون الدول وارتكاب تلك الأفعال الديكتاتورية.

وكلام اللواء فؤاد نصار عن صدام حسين يحمل أكثر من دلالة تاريخية ويكشف عن نبوءة سقوط صدام ونهايته بهذا الشكل وتسبب سياساته في احتلال بلاده وتهديدها بالتقسيم الى وحدات طائفية.

وتشير شهادة اللواء نصار الى حقيقة شخصية صدام حسين وكيف كان شخصية مندفعة ومغرورة فهو يريد أن يعترف العالم العربي بفضله المزعوم في صد الخطر الايراني على المنطقة. وفي الوقت نفسه يبحث عن دعم مصري حتى لا يصبح متورطا بمفرده في الحرب ضد دولة من دول الجوار. ولكن القيادة المصرية لم تنجر وراء طموحات صدام حسين الزائفة وغير المشروعة فلم تنس القيادة المصرية دور صدام حسين بعد عام 1979 وتوقيع معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية كامب ديفيد عندما قاد حملة تستهدف الدور الاقليمي لمصر أو ما عرف بجبهة الرفض العربية وكانت الشوارع في بغداد تمتلأ لافتات تصف الزعيم الراحل أنور السادات بالخائن وتهاجم مصر بشدة.

توتر وصدامات

اتسمت العلاقات العراقية الايرانية، لسنوات طويلة، بالتوتر، والصدامات العسكرية على الحدود في عهد الشاه حمد رضا بهلوي وقد تصاعد التوتر والصراع بعد أن أقدم صدام حسين على الغاء معاهدة 1937 العراقية الايرانية، المتعلقة باقتسام مياه شط العرب، بموجب خط التالوك الوهمي الذي يقسم شط العرب الى نصفين، أحدهما للعراق والآخر لايران، تسبب في قيام حرب استنزاف بين البلدين على طول الحدود، واستمرت زمناً طويلاً، ووصل الأمر الى قرب نفاذ العتاد العراقي، واضطر صدام الى التراجع، وتوسط الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين لترتيب لقاء بين صدام حسين وشاه ايران رضا بهلوي لحل الخلافات بين البلدين.

وبالفعل تمكن الرئيس الجزائري من جمع صدام حسين وشاه ايران في العاصمة الجزائرية، واجراء مباحثات بينهما انتهت بابرام اتفاقية 16 مارس 1975،وعاد صدام حسين الى اتفاقية عام 1937 من جديد، ووقفت حرب الاستنزاف بينهما، ووقف الدعم الكبير الذي كان الشاه يقدمه للحركة الكردية، غير أن الصراع بين الجارتين عاد مجددا نظرا لظروف وتطورات الداخل الايراني عام 1979 ففي أواخر عهد الرئيس العراقي أحمد حسن البكر وقعت أحداث خطيرة في ايران، فقد اندلعت المقاومة المسلحة ضد نظام الشاه، المرتبط بعجلة الولايات المتحدة الأميركية. أتسع النشاط الثوري، وبات نظام الشاه في مهب الريح، وسبّبَ ذلك الوضع الخطير في ايران أشد القلق لواشنطن فقد كانت مقاومة الشعب الايراني لنظام الشاه قد وصلت ذروتها، وبات من المستحيل بقاء ذلك النظام وبدت أيامه معدودة. كان هناك على الساحة الايرانية تياران يحاولان السيطرة على الحكم الأول تيار ديني يقوده آيه الله الخميني من منفاه في باريس، والتيار الثاني يساري علماني يضم الحزب الشيوعي وأحزاب وتنظيمات يسارية أخرى.

وجدت الولايات المتحدة نفسها أمام خيارين أحلاهما مُرْ، لكن التيار اليساري كان يقلقها بالغ القلق، نظراً لموقع ايران الجغرافي على الخليج أولاً، ولكونها ثاني بلد منتج للنفط في المنطقة ثانياً، ولأن ايران تجاور الاتحاد السوفيتي ثالثاً. وبناء على ذلك، فان مجيء اليسار الى الحكم في ايران سوف يعني وصول الاتحاد السوفيتي الى الخليج وهذا يهدد المصالح الأميركية النفطية بالخطر الكبير

ولذلك فقد اختارت الولايات المتحدة أهون الشرين بالنسبة لها وهو القبول بالتيار الديني خوفاً من وصول التيار اليساري الى الحكم المتمثل في جماعة حزب توده «وسهلت للامام الخميني العودة الى ايران من باريس لتسلم زمام الأمور، بعد هروب الشاه من البلاد. وهكذا تمكن التيار الديني من تسلم زمام السلطة وتأسست الجمهورية الاسلامية في ايران في مارس 1979.

تدهور العلاقات

الا أن الرياح جرت بما لا تشتهِ السفن، كما يقول المثل، فلم تكد تمضي سوى فترة قصيرة من الزمن حتى تدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة وايران، بعد أن أقدم النظام الجديد على تصفية أعداد كبيرة من الضباط الكبار الذين كانوا على رأس الجيش الايراني، كما جرى تصفية جهاز «السافاك » الأمني، الذي أنشأه الشاه بمساعدة المخابرات المركزية الأميركية وجرى أيضاً تصفية جميع الرموز في الادارة المدنية التي كان يرتكز عليها حكم الشاه.

وجاء احتلال السفارة الأميركية في طهران من قبل الحرس الثوري الايراني، واحتجاز أعضاء السفارة كرهائن واقدام الحكومة الايرانية على طرد السفير الاسرائيلي من البلاد وتسليم مقر السفارة الاسرائيلية الى منظمة التحرير الفلسطينية والاعتراف بالمنظمة كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، كل تلك الأحداث المتتالية أثارت قلق الولايات المتحدة، ودفعتها لكي تخطط لاسقاط النظام الجديد في ايران، قبل أن يقوى ويشتد عوده، أو على الأقل اضعافه وانهاكه.

وتفتق ذهن المخابرات المركزية الى أن خير من يمكن أن يقوم بهذه المهمة، هو صدام حسين وبهذه الوسيلة تضرب الولايات المتحدة عصفورين بحجر واحدة. فالعراق وايران دولتان قويتان في منطقة الخليج، ويملكان امكانات اقتصادية هائلة ولحكامهما تطلعات خارج حدودهما، اذاً يكون اشعال الحرب بين البلدين وجعل الحرب تمتد لأطول مدة ممكنة، بحيث لا يخرج أحد منهما منتصراً، ويصل البلدان في نهاية الأمر الى حد الانهاك وقد استنزفت الحرب كل مواردهما، وتحطم اقتصادهما، وهذا هو السبيل الأمثل للولايات المتحدة لبقاء الخليج في مأمن من أي تهديد محتمل. وهكذا خططت الولايات المتحدة لتلك الحرب المجنونة، أوعزت لصدام حسين، بمهاجمة ايران والاستيلاء على منطقة خوزستان الغنية بالنفط، واندفع صدام حسين لتنفيذ هذا المخطط، يحدوه الأمل بالتوسع صوب الخليج، وفي رأسه فكرة تقول أن منطقة خوزستان هي منطقة عربية، تدعى عربستان.

دماء ودموع

لم يدرِْ بخلد صدام حسين ما تخبئه له الأيام؟ ولا كم ستدوم تلك الحرب؟ وكم ستكلف الشعب العراقي من الدماء والدموع، ناهيك عن هدر ثروات البلاد، واحتياطات عملته، وتراكم الديون الكبيرة، التي تثقل كاهل الشعب العراقي واقتصاده المدمر. لقد سعت الولايات المتحدة، بأقصى جهودها لكي تديم تلك الحرب أطول فترة زمنية ممكنة، وهذا ما أكده عدد من كبار المسؤولين الأميركيين أنفسهم، وعلى رأسهم ريجان وكيسنجر، وغيرهما من كبار المسؤولين الأميركيين

فلقد صرح الرئيس الأميركي وقتها رونالد ريغان حول الحرب العراقية الايرانية قائلاً: ان تزويد العراق بالأسلحة حيناً وتزويد ايران حيناً آخر، هو أمر يتعلق بالسياسة العليا للدولة».

وهكذا بدا واضحاً أن الرئيس ريغان كان يهدف الى اطالة أمد الحرب، وادامة نيرانها التي تحرق الشعبين والبلدين معاً طالما أعتبر البلدان بما يملكانه من قوة اقتصادية وبشرية خطر على المصالح الأميركية في الخليج، وضمان وصول النفط الى الغرب وبالسعر الذي يقررونه هم،لا أصحاب السلعة الحقيقيين. أما ثعلب السياسة العجوز هنري كيسنجر وزير الخارجية ومنظّر السياسة الأميركية فقد تحدث في مذكراته عن الحرب قائلا «ان هذه هي أول حرب في التاريخ تمنينا ألا يخرج أحد منها منتصراً وانما يخرج الطرفان منها مهزومين».

أمين هويدي

«كيف نودعه وهو بيننا اذا ذكر الحفار وايلات وحرب الاستنزاف» هكذا بدأ اللواء فؤاد نصار مدير المخابرات العامة الأسبق حديثه وهو يذرف دمعة حزن على رفيق دربه وكفاحه أمين هويدي وزير الحربية ورئيس المخابرات العامة الأسبق، الذي رحل بعد سنوات من العطاء في مجال الكتابة والتأريخ والقاء المحاضرات دفاعاً عن مكانة مصر الاستراتيجية ودورها الاقليمي.يضيف نصار: رحل أمين هويدي في عز الظهيرة كالمحارب في ميدان المعركة ويقول عنه انه كان صاحب سيرة نقية لم يجرح أحدا ولم يدخل في معركة المذكرات الشخصية، بل كتب دفاعا عن تاريخ ثورة يوليو، واختار عنوانا عبقرياً لذكرياته التي كتبها بطريقة علمية هي«50 عاماً من العواصف.. مارأيته قلته» وقد صدق ولم يتحدث عن نفسه، حين صنع كل شخص بلا دور لنفسه أرفع البطولات.

ويستطرد نصار عن ذكرياته عن هويدي قائلاً: يكفيه فخرا لو لم يترك شيئا لمصر وللأجيال القادمة أنه رتب وخطط لعملية «الحفار» واستطاع اختراق عمق افريقيا بكل ما تحمله العملية من تكتيك وسرية ومهارة عالية أذهلت أجهزة الاستخبارات في العالم كله واستلم عمله بعد نكسة يونيو 1967 كرئيس لجهاز المخابرات العامة عقب فترة حساسة ودقيقة أحاط بها الصخب الاعلامي والسمعة التي ارتبطت بشخص سلفه صلاح نصر فأعاد هويدي ترتيب البيت من الداخل، وقام بالتحقيق في أي شائبة أو اتهام بالانحراف ولم يؤمن بمبدأ الشخصنة وأن الاخلاص والولاء أهم من الكفاءة ولم يقبل بالوساطة والمحسوبية في عمله، بل نظم رجال المخابرات ووحد صفوفهم لهدف أسمى وهو وضع عمليات في العمق الاسرائيلي، وكان وراء تدمير ايلات وعملية تدمير الحفار الذي استأجرته اسرائيل للتنقيب عن البترول في سيناء المحتلة، ولم يعلم بالعمليتين أقرب الناس اليه.