كتابات - مهدي قاسم

أوقعت الاشتباكات الأخيرة بين أفراد جيش المهدي ، و القوات الأمريكية ، عددا كبيرا من القتلى ، من جانب جيش المهدي ، في معركة ، ليست فقط ، عبثية ، و إنما ، غير متكافئة ، أيضا ، بين عناصر ، غير متدربين ، على أساليب القتال الحديثة ، و بين جيش مدجج باحدث أسلحة ، ناهيك عن الطائرات الحربية ، و السمتية ! . فهؤلاء الذين قضوا مقتولين ، و ضحايا - و في نظر البعض الأخر شهداء - كانوا شبابا عراقيين مخدوعين ، و مضللين .. و من أبناء العراق .. و في مقتبل العمر!..

ماتوا موتا عبثيا ، و مجانيا !! .. كضحايا ، و أكباش فداء لمصالح ، و طموحات سياسية ، و لربما ، من أجل أهداف ، و غايات أجنبية ، أيضا ، و لكن دون أن يعرفوا ذلك !! . ماتوا ، مخدوعين ، هاربين ، من أنياب الفقر ، و العوز ، و الحرمان ، و البطالة ، تقودهم أحلام ، و أوهام ساذجة ، نحو بناء ( المدينة الفاضلة الشيعية ؟؟ ) بقيادة ( حسين هذا الزمان ؟ ) ، مقتدى الصدر و أقطابه ، و الذي جعل ، من دمائهم المسفوحة ، وسيلة لمزاجه السياسي المتقلب ، و لمراهنات ، و مساومات ، و عقود هدنة ، قابلة ، لنقض ، و خرق ، دائمين ! .

دماء هؤلاء الشباب العراقيين ، يجب أن تثقل أعناق الجميع : و بالدرجة الأولى ، أعناق قوات الاحتلال ، لأنها حلت الجيش العراقي القديم ، لتترك خلفها جيوشا جرارة ، من العاطلين ، عن العمل ، و لكن دون أن تخلق مجالات عمل ، لاستيعاب كل هؤلاء الشباب العاطلين ، عن العمل ، و الذين وجدوا أنفسهم ، فجأة ، في وسط دوامة من اليأس ، و الفقر ، و الحرمان .

و كذلك ، يجب أن تثقل هذه الدماء العراقية المسفوحة ، أعناق ( مجلس الحكم السابق ) ، و الحكومة المؤقتة الراهنة ، لأنها لم تسع ، إلى أيجاد حلول سريعة ، لأزمة البطالة ، و الفقر ، و الفراغ الممل الفظيع ، الأمر الذي دفع بهؤلاء الشباب ، إلى التشبث ، بأية قشة ، تنقذهم ، و ترفعهم ، من دوامة وضعهم الهائج ، والمأساوي ، و اليائس ! . و هكذا أصبحوا فريسة ، سهلة الاصطياد لمن أراد أن يكون ( قائدا كبيرا ) ، من خلال غسل أدمغتهم ، بالأوهام ، و الأحلام الباطلة ، و العنف المغلف ، بمسوح طائفية ، و دينية ، و من ثم دفعهم ، إلى أتون الضياع ، و القتل ، و الموت .

و كما أن هذه الدماء العراقية المسفوحة ، يجب أن تثقل أعناق الأحزاب الشيعية الرئيسية ، لأنها تركت الساحة ، مفتوحة ، في عقر دارها ، ليستغلها صبي غًر ، لم يفهم ، من فن السياسة ، غير فن الغموض ، و الالتباس ، و التردد ، و الارتباك ، و المراوغة ، و التناقضات الفادحة ، و البهلونيات السيركية الدموية !! . نعم ! ، أن هؤلاء الشباب الذين ماتوا ، كانوا من أبناء العراق الفقراء ، و قد استغلهم الجميع ، لأهداف سياسية قذرة و دنيئة ، و ضحوا بهم كأوراق لعب رخيصة ، من أجل تحقيق مصالح ، و أهداف ، سياسية ثمينة ! .

فها هو ( حسين العصر؟ ) ، يختفي مجددا ، و لم نسمع ، أن واحدا من أعضاء ( قيادته ) العظيمة ؟! ، قد جُرح ، أو مات في وسط هذه الأكوام الكبيرة ، من جثث أفراد جيش المهدي !! . بينما ، الحسين الحقيقي ، الحسين الشهيد : حسين أزمنة كربلاء الغابرة ، و الدامية ، لم يتخل عن أهل بيته ، و لا عن أنصاره ، وواجه جيش الشمر ببسالة نادرة ، و بروح تضحية عالية ، لأنه كان صاحب قضية عادلة ! .و هذا هو الفارق الكبير ، بين صاحب قضية عادلة ، و بين صاحب طموحات شخصية سياسية ، و أنانية :

فصاحب القضية العدالة ، لا يتردد ، في التضحية بحياته ، من أجل قضيته العادلة ، و من أجل الآخرين ، و بينما صاحب طموحات شخصية ، و أنانية ، لا يضحي حتى بشعرة ، من رأسه !! . و لعل ( الإنجاز ) ، الوحيد الذي حققه ، مقتدى الصدر ، من خلال تضحيته ، بمئات من هؤلاء الشباب المضللين ، هو ، أن يكون ( مقبولا ) ، من قبل الشارع العربي ، كشيعي ( رافضي و كافر ؟ ) ، وهو نفس الشارع العربي ، الذي مازال يكًبر ، و يهلًل ، و يصفق ، و يركع ، و يخشع ، و يسجد ، لصدام حسين ، حتى الآن ، و يتمنى عودنه ، إلى السلطة مجددا ، و يفرح في الوقت نفسه لموت العراقيين ، في كل ساعة ، و يوم ، و ذلك ، على ( اعتبار ) ، أن أغلب العراقيين ، هم ، من الشيعة ( الرافضين الكفرة ) ، و من الأكراد ( الخونة المتصهينين ) ؟! .

و إذا بنا ندخل فصلا جديدا ، من فصول هنود حمر عراقيين ، يتم اصطيادهم ، على قدم و ساق ، فها هم ، القتلة ، و السفاحون ، من أتباع ، و أنصار النظام السابق ، ، ومن العرب المتسللين ، يقتلون العراقي البريء ، و أي كان ، سواء رجلا ، أو امرأة ، طفلا ، أو شيخا طاعنا في السن ، بحجة ( المقاومة ؟ ) ، و القوات الأجنبية ، بحجة التحرير ، و الاحتلال ، و دول الجوار ، خوفا من احتمالات سقوط أنظمتها ، و الشارع العربي ، كرها و حقدا ، و ضغينة لأسباب طائفية : فالجميع يتآمر على قتل العراقي ، و إبادته ، و جعله هنديا احمر أخر الزمان ! .

qasim3@gawab.com