رد على أضاليل
مركز البحوث العقائدية
التابع للسيستاني


مقدمة
الحمد لله مالك الملك ، مجري الفلك ، ديان الدين ، رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
نشر المركز المذكور أعلاه جملة مقالات على موقع الإنترنيت التابع لمكتب السيستاني يزعم فيها الرد على الدعوة المباركة التي رفع لواءها يماني آل محمد السيد أحمد الحسن (ع) ، ولعل أول ما يلاحظه قارئ هذه المقالات اعتمادها منهجية التضليل في الطرح ، وابتعادها كل البعد عن كل ما يمت للموضوعية والعلمية بصلة .
فبدلاً من مقاربة أدلة الدعوة اليمانية تلجأ هذه المقالات الى الإلتفاف والمصادرة ، وتلفيق النقوض دون أن تجشم نفسها عناء تقديم الدليل الشرعي المناسب ، ولعل المركز الذي لما يزل يلعق جراح الفضيحة العلمية التي ألحقها أنصار الإمام المهدي (ع) به وبسيده السيستاني ( أنظر كتاب الرد القاصم على منكري رؤية القائم ) أقول لعل هذا المركز قد أيقن بأن المواجهة العلمية الشريفة لا تجر عليه غير الخيبة فآثر اللجوء الى وسيلة الكذب والإستخفاف.
وعلى أية حال سيكتشف القارئ حجم المغالطات التي تصدر عنها هذه المقالات ، وسيتبين له بوضوح أساليب الإلتواء والإستحمار التي يبني عليها فقهاء الضلالة خطابهم .
ومن أجل أن تعم الفائدة من جهة ، ولكي يعرف القارئ القانون أو الضابطة الصحيحة لمعرفة حجة الله وضعت بين يدي هذا الرد مدخلاً مختصراً يبين القانون المشار إليه .
والحمد لله وحده وحده وحده .
قانون معرفة الحجة
خلق الله الإنسان لغاية سامية تتمثل بمعرفته سبحانه ، قال تعالى : (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))، أي ليعرفون كما ورد عن أهل البيت (ع) ، إذ لا عبادة حقيقية دون معرفة حقيقية . ولأجل تحقيق هذه الغاية الشريفة نصب الله قادة و أدلاء يرشدون الناس الى الطريق القويم الذي به بلوغ الغاية ، وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ، ويحيى من حيّ عن بيّنة ويهلك من هلك عن بيّنة .
وكان من ألطافه وحكمته جل وعلا أن وضع للناس قانوناً يعرفون به حجة الله على الخلق ، ويميزونه عن الطواغيت المدعين زوراً وبهتاناً ، والقانون المشار إليه يتشكل من ثلاث حلقات ؛ أولها النص الإلهي أوالوصية ، وثانيها العلم والحكمة ، وثالثها الدعوة الى حاكمية الله عز وجل ، أو راية البيعة لله .
ولعل هذا القانون واضح تماماً للفطرة السليمة والعقل السليم فلو إن إنساناً يملك مصنعاً أو مزرعة أو سفينة ، أو أي شئ فيه عمال يعملون له فيه فلابد أن يعيّن لهم شخصاً منهم يرأسهم .
ولابد أن ينص عليه بالإسم ( النص ) وإلا ستعم الفوضى ، كما لابد أن يكون هذا الشخص أعلمهم وأفضلهم ( العلم ) ، ولابد أن يأمرهم بطاعته( الحاكمية ) ليحقق ما يرجو وإلا فإن قصّر هذا الإنسان في أي من هذه الأمور الثلاثة فسيجانب الحكمة الى السفه .
فكيف يجوّز الناس على الله ترك أي من هذه الأمور الثلاثة وهو الحكيم المطلق ) ؟ وسأحاول فيما يلي من صفحات هذا الكتاب بسط الحديث في كل حلقة من هذه الحلقات الثلاث بما يتيسر راجياً من الله تعالى العون والتسديد .

النص الإلهي أو الوصية
منذ اليوم الأول الذي خلق الله فيه آدم (ع) بدأت الرحلة مع قانون الوصية والنص الإلهي ، قال تعالى : ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ))البقرة الآية/30 . وقال تعالى : (( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ* فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ* إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ )) الحجرـ31) . في هذه الآيات الكريمة ينص الله تعالى على استخلاف آدم (ع) بمحضر من الملائكة (ع) وإبليس (لع) ، فيستجيب الملائكة للأمر الإلهي بالسجود لآدم (ع) وإطاعته فينجحوا في الإختبار الذي سيكون المحك في تحديد المؤمنين الى يوم القيامة ، بينما يفشل إبليس ( لعنه الله ) بسبب تكبره وشعوره الطاغي بأناه ( قال أنا خير منه ) . فمحك النجاح والفشل يتمثل بإطاعة حجة الله أو خليفته المنصوص عليه ، ومثلما كان القبول والتسليم بتنصيب الله سبب نجاح الملائكة سيكون سبب نجاح المؤمنين ، وكما كان الجحود والكفر سبب فشل إبليس (لع) واستحقاقه الطرد من رحمة الله ، سيكون كذلك بالنسبة لأتباعه من الإنس والجن (( سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا )) واستمر قانون النص الإلهي بعد آدم (ع( بصورة وصية يوصي بها الحجة السابق الى من يليه ، وليست هذه الوصية سوى نص من الله على الحجة ، فعن أبي عبد الله (ع( قال : ((…ثم أوحى الله إلى آدم أن يضع ميراث النبوة والعلم ويدفعه إلى هابيل ، ففعل ذلك فلما علم قابيل غضب وقال لأبيه : ألست أكبر من أخي وأحق بما فعلت به ؟ فقال يا بني أن الأمر بيد الله وأن الله خصه بما فعلت فإن لم تصدقني فقربا قرباناً فأيكما قبل قربانه فهو أولى بالفضل وكان القربان في ذلك الوقت تنزل النار فتأكله . وكان قابيل صاحب زرع فقرّب قمحا ً رديئا ً وكان هابيل صاحب غنم فقرّب كبشا ً سمينا ً فأكلت النار قربان هابيل . فأتاه أبليس فقال : يا قابيل لو ولد لكما وكثر نسلكما افتخر نسله على نسلك بما خصه به أبوك ولقبول النار قربانه وتركها قربانك وأنك إن قتلته لم يجد أبوك بُدا ً من أن يخصك بما دفعه إليه فوثب قابيل إلى هابيل فقتله ... )) قصص الأنبياء 55. وعن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل : (( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمّا يعظكم به )) قال : (( هي الوصية يدفعها الرجل منا إلى الرجل )) غيبة النعماني/60 .
وفي القرآن على لسان عيسى(ع) : (( ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد)) . وهكذا ف (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (الحج/75).
وعن الحارث بن المغيرة النضري، قال : (( قلنا لأبي عبد الله (ع): بما يعرف صاحب هذا الأمر؟ قال: بالسكينة والوقار والعلم والوصية )) بحار الأنوار ج52/ 138.
العلم والحكمة
بعد أن نص الله تعالى على آدم (ع) خليفة له في الأرض بقوله تعالى : (( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً )) اعترض الملائكة بأن (( قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ)) البقرة 30 -31. اعتراض الملائكة أجابه الله تعالى بأن آدم (ع) يملك من العلم ما لا تملكون ، فهو (ع) قد استحق خلافة الله في أرضه بسبب هذا المائز وهو العلم الذي منحه الله له ، فالعلم الذي يتميز به حجة الله دليل يُعرف من خلاله هذا الحجة بكل تأكيد . وقد وردت آيات كثيرة تدل على هذا المعنى منها قوله تعالى : (( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)( {البقرة.247} . إذن هؤلاء القوم الذين طلبوا من نبيهم أن يبعث لهم ملكاً و لكنهم بعد أن قال لهم نبيهم : إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً ، اعترضوا بأن طالوت لا يملك مالاً وفيراً ، وهنا أجابهم نبيهم ، بأن الأمر لا يتعلق بالمال بل بالعلم (( قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم )) .
فالمسألة مسألة علم ، فالله جل وعلا يسلح حججه بالسلاح اللازم لرحلة العودة إليه تعالى ، و ليس هذا السلاح سوى العلم . وقال تعالى : (( وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ))( (الأنبياء74 ) ، (( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَ فَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُون}(البقرة/ 89}. هذا وقد وردت أحاديث كثيرة عن المعصومين (ع) تبين هذه الحقيقة وتؤكدها ، ففي محاججة الإمام الرضا ( ع ) في مجلس المأمون ( لع ) ، إذ سأل أحدهم : (( يا ابن رسول الله بأي شيء تصح الإمامة لمدّعيها ؟ قال ( ع ) : بالنص والدليل ، قال له : فدلالة الإمام فيما هي ؟ قال (ع) :(( في العلم واستجابة الدّعوة )) عيون أخبار الرضا ( ع ) ج2 216 ومن يراجع أصول الكافي يجد المزيد.
حاكمية الله
الحلقة الثالثة في قانون معرفة الحجة هي الدعوة إلى حاكمية الله، وإطاعة وإتباع من نصبه الله تعالى دون غيره .
قال تعالى : (( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ* فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ* إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ)) الحجر (28ـ31) .
وقال تعالى : ((قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء )) آل عمران/26 .
وقال تعالى : ((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)) (القصص:)68 .
هذه الآيات تؤكد على السجود لحجة الله تعالى ، أي إطاعته ولزومه ، فالملك بيد الله سبحانه يؤتيه من يشاء ، وينزعه ممن يشاء ، وليس للناس أن يختاروا الحاكم ، فاختيار الحاكم أو حاكمية الناس شرك ( سبحان الله وتعالى عما يُشركون ) .
ومن الأحاديث ما ورد عن سعد بن عبد الله القمي في حديث طويل إنه سأل الإمام المهدي (ع) وهو غلام صغير في حياة أبيه الحسن العسكري (ع) فقال : (( أخبرني يا مولاي عن العلّة التي تمنع القوم من إختيار الإمام لأنفسهم ؟ قال (ع) : مصلح أم مفسد ؟ قلت : مصلح . قال : فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد ؟
قلت : بلى .
قال : فهي العلّة التي أوردتها لك ببرهان يثق به عقلك .
أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله وأنزل الكتب عليهم وأيدهم بالوحي والعصمة ، إذ هم أعلام الأمم وأهدى إلى الإختيار منهم ، مثل موسى وعيسى عليهما السلام هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا همّا بالإختيار أن تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان أنه مؤمن ؟
قلت : لا .
قال : هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلاً ممن لا يشك في إيمانهم وإخلاصهم فوقعت خيرته على المنافقين ، قال الله عز وجل : وأختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا ، إلى قوله : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ، فلما وجدنا اختيار من اصطفاه الله للنبوة واقعا ً على الأفسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن لا اختيار إلا ممن يعلم ما تخفي الصدور وما تكن الضمائر ... )) إثبات الهداة ج1 ص115ـ116.

رد على المقال الأول
يتمحور هذا المقال حول شخصية السيد أحمد الحسن (ع) وصي ورسول الإمام المهدي (ع) ، ويحاول كاتبه التقديم لتساؤلاته بجملة من المغالطات يبرر عبرها فكرته المغلوطة ، فيقول أن التحقق من صدق الدعوات الإلهية يعتمد على معرفة الشخوص فلابد أن نعرف الشخص لنعرف صدق الدعوة ، وهذه الفكرة في الحقيقة غير صحيحة على إطلاقها ، إذ إنها تستلزم القول بأن عدم معرفة المُرسل أو المدعي يستوجب تكذيبه دفعة واحدة ودون نظر في دليله ، بينما الصحيح هو التحقق من صدق المدعي لابد أن ينطلق من البحث في دليله .
وقد ورد عنهم سلام الله عليهم ما مضمونه ( إذا ادعى هذا الأمر مدع فاسألوه عن العظائم التي يجيب عنها مثله ) ، كما إن هذه المعرفة ماهي حدودها ؟ ولمن يفترض أن تتحصل لجميع الناس ، أم لبعضهم ، وما الدليل الشرعي على ذلك ؟ كل هذا لا يجيب عنه المقال .
وعلى أية حال فإن معرفة السيد أحمد متيسرة للجميع ، بل إننا – أقصد أنصار الإمام المهدي (ع) – كثيراً ما نرشد المتسائلين عن شخص السيد الى بعض أقاربه ، وبعض عارفيه من طلبة الحوزة ليتحققوا من أمره ، فمن هذه الناحية لا غموض في شخصية السيد كما يقول كاتب المقال .
أما قولهم (ع) : (( انظروا علمكم عمن تأخذونه ... )) فيراد منه معرفة صاحب الدليل التي تتحقق بمعرفة دليله لا المعرفة الشخصية كما لا يخفى على العقلاء . أما مراقبة العلماء – المقصود منهم غير الحجة المنصب من الله – فهي حق ، وليتكم علمتم الناس مثل هذه المراقبة ، وليتكم لم تستخفوهم بقول إن على العامي المقلد أخذ دينه من الفقهاء دون قيد أو شرط ، أقول ولكن هذه المراقبة لا تسري على الحجة صاحب الدليل ، إذ يكفي أن نعرف من دليله كونه حجة الله لنصدقه ونطيعه في كل ما يقول ، بل لابد من التسليم له حتى فيما لا ندري حقيقته بعد أن علمنا أنه الحجة .
والحق إن كاتب المقال وضع هذه المقدمة السقيمة ليوهم القارئ بأنه من أهل العلم والمعرفة ، وليمرر من ثَمَََّ تخرصاته الرخيصة ، فالمضمون الحقيقي لمقاله يتلخص بالمقولة الآتية : إن السيد أحمد كان يلقب بالشيخ من قبل جملة من طلبة الحوزة ، وهو من بيت السلمي واسم أبيه كما يقول صاحب المقال – وأنا هنا أنقل ما يقوله فقط – هو اسماعيل فكيف يدعي إذن إنه ابن الإمام المهدي (ع) وإنه سيد من ذرية رسول الله (ص) ؟
وللجواب على هذه الأسئلة أقول ببساطة إن السيد أحمد (ع) لم يقل لأحد يوماً إنه ليس بهاشمي ، وأما كونه يعتمر عمامة بيضاء فلأن البياض شعار أهل البيت (ع) أما السواد فإنه شعار بني العباس كما يعرف من له اطلاع على التأريخ .
وأما لقب السلمي المقترن باسمه (ع) فإنه ناشئ عن انتساب عشيرته لبيت السلمي بالولاء ( الجرش ) فالسيد مقطوع النسب ، وعلى طالب الحق العودة الى موسوعة السيد الصدر ليتضح له معنى إمكانية زواج الإمام (ع) وفق أطروحة خفاء العنوان .
أما لقبه ( الحسن ) فهو إشارة الى انتمائه الى الإمام الحسن العسكري .
وبرأيي هذا الجواب كاف لمن يطلب الحق . وأضيف هل سألتم أنفسكم يوماً ما نسب هذا المرجع أو ذاك ؟ وإذا كانت مسألة النسب ضرورية كما يزعم كاتب المقال فلماذا لا تشير لها رسائلكم العملية التي تقرر بأن معرفة المرجع تتم من خلال أهل الخبرة ، وهذا الوصف – أي أهل الخبرة – ناظر الى معرفتهم بعلمه لا بشخصه .

تكملة الموضوع

رد على المقال الثاني
بعد مقدمة يحاول الكاتب من خلالها استنهاض مكامن الخوف في نفس القارئ عبر التلويح له بوجود حركات ضالة عرفها التأريخ ، وكأنه يجهل أن دعوة الحق لابد أن ترافقها دعوات ضالة يؤجج نارها إبليس وفقهاء الضلالة من جنده – سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا – ولذلك لكي يُعرف المؤمنون بالغيب ويُعرف المنافقون الذين يترددون في غيهم ، الذين يتخذون من وجود الحركات الضالة ذريعة يبررون بها سقطاتهم . أقول بعد هذه المقدمة يخلص إلى فكرته فيضعنا بإزاء جملة نقاط يظنها شبهات تعترض الدعوة اليمانية المباركة .
سأجيب عليها كما يأتي :-
1- لا دليل على أن اليماني يأتي من اليمن أو إنه من قاطني هذا البلد ، بل الدليل على خلافه ، ومن أراد التفصيل عليه العودة الى بيان اليماني للسيد أحمد الحسن (ع) وكتاب اليماني حجة الله وكتاب موجز عن دعوة السيد أحمد الحسن (ع) . والمهم إن النسبة في كلمة اليماني قد تكون الى اليمن ( البلد ) وقد تكون الى اليُمن ( بمعنى البركة ) أو اليمين ، كما إن الإنتساب إلى بلد لا يعني الإقامة فيه ، فالخوئي ينتسب الى مدينة خوء ولكنه يسكن في مدينة النجف ، والسيستاني ينتسب الى مدينة سيستان أو سجستان – وهي المدينة التي يأتي منها الدجال الأصغر فالدجال من سيستان أو سجستان فهو إذن سيستاني – ولكنه الآن يسكن مدينة النجف الأشرف . ومن جهة أخرى – وهو المهم – فإن مكة من تهامة وتهامة من اليمن فمكة إذن من اليمن وسكانها يمانيون وقد ورد عن رسول الله (ص) قوله : الإيمان يمان وأنا أمرؤ يماني ، فأهل البيت كلهم يمانيون ومنهم الإمام المهدي (ع) وولده السيد أحمد الحسن (ع) . (انظر اليماني حجة الله).
2- أما إن السيد أحمد (ع) يلقب بالسيد أحمد الحسن فقد تقدم الجواب على أن الحسن نسبة الى الإمام الحسن العسكري (ع) . والسيد للعلم ليس الإبن المباشر للإمام المهدي ، فإن بينه وبين الإمام بعض الآباء .
3- أما دعوته للمقربين من الإمام بإطاعته ، وفي حال العدم يكونون معرضين لسخط الله فلأنه بعد إرساله من قبل أبيه (ع) أصبح الحجة عليهم فعليهم الطاعة ، ولعله واضح أن الجميع في حال الإختبار وإن علت بهم المراتب .
4- لم يقل السيد أحمد أن الإمام المهدي بحاجة الى أحد ، بل إنه يقول إن الجميع بحاجة الى توفيق الله وتسديد الإمام المهدي ، ونتحداهم إبراز الدليل ، قبح الله الكذب والكاذبين .
5- أقول هل يعلم كاتب المقال معنى الخروج ، فالخروج هو الحركة المسلحة ، والرواية التي يذكرها المقال تنصرف الى الخروج الأكبر للقائم ، وهذا الخروج يسبقه خروج أصغر إذا صحت التسمية ، والظهور يسبق الخروج المسلح فالظهور هو بدء الدعوة الى الله والإمام المهدي .
وقد تظافرت الروايات التي تدل على هذا المعنى ( انظر كتاب موجز عن دعوة السيد أحمد الحسن (ع) ). وأزيدك علماً إن السفياني والخراساني موجودان ، بل إن السفياني مفهوم ينطبق على عدة مصاديق ، ولكن هل تعتقد أن السفياني أو الخراساني يعرف كل منهما أنه هو المعني بالرواية ، كيف وليس لأحدهما اتصال بالإمام المهدي ؟ الحق إن اليماني هو وحده من يعرف حقيقته ويعرف الآخرين بسبب إتصاله بالإمام (ع) فعليك معرفة اليماني لتعرف من خلاله الآخرين ،وأما كلمات مقالك هذه فليست سوى محاولة لتعكير صفو المياه وإطفاء نور الله ، وهيهات لما تبتغون . أما عن الحركة المسلحة فأقول يبدو إن هذا الجاهل الشتام لم يقرأ روايات أهل البيت (ع) ليعرف أن القائم سيحقق العدل بالسيف بعد أن تستنفد الدعوة الفكرية أغراضها . وسبحان الله يتحدث الكاتب بأسف عن تسقيط مرجعياته – وهذا هو ما يهم بالنسبة له .
أما قضية الإمام المهدي (ع) فليست بالنسبة له سوى وسيلة يستغلها لتحقيق مآرب مرجعيته المتسلطة على رقاب الناس – أقول له وكيف لا نسقط هذه المرجعية التي باعت دين الناس الحق بدين أمريكا الرذيلة ؟ وكيف وهي تنصب العداء للإمام المهدي ورسوله ؟ هذا كل ما في المقال وما تبقى منه لا يعدو عن كونه شتائم رخيصة يعف اللسان عن جوابها ( وكل إناء بالذي فيه ينضح ) ، أو مقولات يسعى من خلالها الى استخفاف البسطاء من الناس .
رد على المقال الثالث
أقول إن كون السيد أحمد الحسن (ع) هو ابن الإمام المهدي وأول المهديين الإثني عشر الذين يحكمون بعد الإمام المهدي (ع) قد تكفلت وصية رسول الله (ص) ببيانه ، وأما كونه اليماني الموعود فما أحراك بالرجوع الى بيان اليماني لتتضح لك حقيقة شخصية اليماني فهذا خير لك من السفه وركوب الرأس ، فالسخرية من المؤمنين كانت دائماً ديدن الكفار والطواغيت .
أما الخبر المنقول عن سطيح الكاهن فهو واحد من عشرين دليلاً تضمنها كتاب ( الرد الحاسم على منكري ذرية القائم ) ، فعليك إذا ما أردت إبطال وجود الذرية تفنيد الأدلة العشرين جميعها ، لا أن تكتفي بانتقاء هذا الخبر لأنه مروي عن سطيح الكاهن لتضحك على ذقون السذج من مقلدي مراجعكم . علماً أن الشيخ ناظم مؤلف كتاب الرد الحاسم قد استشهد بهذا الخبر فقط لأن ثمة الكثير من الأخبار الواردة عن المعصومين – وهي مذكورة في كتابه – قد يعضد مضمونه . ولكنك لخبثك صورت الأمر وكأن هذا الخبر هو الدليل الوحيد على مطلب الشيخ ناظم .
أما قولك في ثالثاً : (3) قال تعالى ((انما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون)) وقال الإمام العسكري عليه السلام جعلت الخبائث كلها في بيت وجعل مفتاحها الكذب . قد يستغرب مستغرب ويقول ما مناسبة الآية والرواية مع الحديث الذي انتم بصدده؟ فيأتي الجواب أن احمد بن الحسن الذي يدعي انه معصوم وأنه مكلف بهداية الناس وأنه صاحب أهدى الرايات وأنه رسول الإمام المهدي قد كذّب هنا!. فالمعصوم لا يغفل ولا يسهو ولا ينسى، فهل يعقل أن يكون هناك معصوم كاذب؟! نحن وحسب الأدلة الشرعية وروايات أهل البيت نقول ان المؤمن لا يكون كاذباً فكيف بالمعصوم . ولكن هذا الدعي الذي أنكر نسبه وادعى العصمة قد كذّب وحرّف ووضع حديثاً أوهم الناس أنه جاء عن أهل البيت وفي نفس الوقت كذّب في نقله حيث أن الحديث الذي رواه صاحب بشارة الإسلام نقلاً عن بحار الأنوار في ج51 ص163 عن سطيح الكاهن (... فعندها يظهر ابن النبي المهدي).