كتابات - مــتــابــع

ثمة ظاهرة غريبة تشاهدها بين الحين والآخر وأنت تجوب شوارع المدينتين المقدستين (النجف وكربلاء) وهي مجاميع صغيرة تهتف بالهتاف الثلاثي المعروف لدى هذه الفرقة المتمردة وهي تدخل حرم الأمير (ع) او في الطريق اليه او داخل حرم الحسين والعباس (ع) او ما بينهما ، وهم يقومون بهذه الطقوس العبادية (طبعاً لشخص مقتدى) في حالة من الهياج والتذمر وكأنهم أصحاب ديانة جديدة قد حاربتها الامة ونبذتها ، وسط أنظار الزوار وأهالي المدينتين المستهجنة والرافضة لهذا الوضع المزري من عبادة الشخصية او المغالاة فيها إلى هذا الحد المخجل .

الأمر الذي يدعو بعض كبار السن للتدخل وخصوصاً في داخل الحرم الشريف من هذه الأماكن المقدسة لاقناعهم او لنصحهم في التوقف ومراعاة مشاعر الآخرين واحترام الأجواء القدسية ولكن دون جدوى ، بل المضحك في الأمر هو التصاعد السلبي داخل الحرم والاكثار من الهتاف وحدث مرة ان اعتدوا بالضرب على أحد الشيبة وأمام الزوار في داخل الضريح بسبب نصحه لهم مما اضطر حراس وحماية الصحن الشريف للتدخل لانقاذ هذا الكهل من هؤلاء الصبية قبل فوات الأوان .

ان التأمل في هذه الظاهرة وأشباهها تقودنا للحكم على هذا التيار ومن يقوده بأنهم ضحية النظام البائد والذي لم يفسح المجال للكثير في التعلم والتنور والحصول على فرصة جيدة ، وهم في ذات الوقت رد فعلٍ طبيعي للحالة الجديدة من الانفلات وضياع النظم والقوانين وتمييع المعايير والمقاييس والتي تتسابق الأحزاب والتشكيلات الجديدة للقيام بهذه المهمة .

هؤلاء يشعرون بالاحباط والخيبة والضياع فتراهم وهم يرددون الهتاف الثلاثي المرح يتبارون في اظهار النقمة والرفض السلبي لكل ما حولهم وكأن من يحيط بهم هم السبب فيما وصلوا اليه من تعاسة وشقاء ، هذه النكاية بالآخرين لم تأتي اعتباطاً وانما جاءت بعد عمليات غسيل الادمغة والتي يقوم بها العشرات من شيوخ الحوزة الناطقة وعلى اختلاف المحافظات ، وهي شبيهة بعمليات الغسيل التي يقوم بها شيوخ الضلال من المذهب الوهابي خارج وداخل البلاد ليدفعوا بعشرات الاغبياء للانتحار بهذا الشعب المظلوم للدخول إلى الجنة .

والاّ فما معنى ان يُقتل اكثر من (2000) شخص ويجرح الالوف لمجرد ان مقتدى عفواً السيد القائد قد احتد مزاجه قليلاً ، او ان تنتهي الحرب عفواً الجهاد الدفاعي لمجرد ان مزاج السيد القائد قد اعتدل ، وهذا القائد الفتى اتمنى لجميع المثقفين وخصوصاً المدافعين عنه اللقاء به ليحصلوا على ما حصلت عليه وأنا كلي دهشة وذهول بما رأيت وسمعت اذ عبّرت عنه انه فتى في (12) من العمر غاية الامر انه ضخم الجثة وان المثقفين الذين كانوا يحاولون ثنيه عن بعض التصرفات او الاندفاعات الآنية كانوا يحاورون فراغاً ليس الاّ !

وعلى الحكومة الجديدة ان تعلم جيداً ان هؤلاء واشباههم كثير يريدون ان يقولوا لنا بتصرفاتهم هذه : نحن المنبوذون .. نحن المسحوقون للآن لا نعرف معنى الحياة ، ولا نعرف ما هو الهدف ، أما آن لنا ان نستنقذ .

اقول ان استنقاذهم من عبادة الشخوص لهي اوجب من استنقاذهم من الحال الذي هم فيه والسلام .