Sun Jun 6, 2010



اسلام اباد (رويترز) - تكافح باكستان الاسلاميين المتشددين منذ سنوات لكن هناك حاجة إلى التخلص من نظام يغذي التعصب الديني بعد اخفاق السلطات في مواجهة الملالي والجماعات المتشددة.

ويقول محللون ان انعدام الثقة على المستوى الديني متأصل بعمق في البلاد التي يغلب على سكانها المسلمون حتى في نظام التعليم المدرسي وان على الزعماء الان حشد الجماهير.

في الاسبوع الماضي وقعت مذبحة في مدينة لاهور قتل خلالها اكثر من 80 من ابناء الطائفة الاحمدية وهي أقلية دينية يتهمها الدستور بالكفر والهرطقة مما أثار جدلا محموما في باكستان كيفية التعامل مع هذه القضية.

وفي مؤشر على انتشار الكراهية ذكرت صحيفة (نيوز) أن أحد المسلحين اللذين نجوا من الهجوم وألقت قوات الامن القبض عليه قال انه قام بفعلته لان الاحمديين يهينون الاسلام.

وقال الرجل ويدعى عبد الله للمحققين ان مرشديه الدينيين قالوا ان الاحمديين رسموا رسوما كاريكاتيرية للنبي محمد خلال مسابقة نظمت في الآونة الاخيرة على الانترنت و"بالتالي فان اراقة دمائهم خدمة جليلة للاسلام."

ودق هذا ناقوس خطر في البلاد التي تكافح التشدد.

وفي الاسبوع الماضي كتب السفير السابق ظفر هلالي في صحيفة (نيوز) "الشعور المزعج بأن الحكومة خسرت بالفعل المعركة ضد التطرف اكتسب الآن قوة القناعة."

وبعد الانضمام الى الحرب ضد الارهاب التي قادتها الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 شنت باكستان حملة على المتشددين وحظرت عدة جماعات وألقت القبض على مئات المشتبه بهم وحذرت رجال المتشددين من القاء الخطب التي تبث الكراهية والضغائن.

وتعهدت الحكومة ايضا بادخال اصلاحات في عشرات الالاف من المدارس الدينية التي يعتبر الكثير منها أرضا خصبة للتشدد.

غير أنه لم يتم تطبيق أي من هذه الاجراءات.

وعاودت معظم الجماعات المحظورة الظهور باسماء جديدة. وما زال رجال الدين المتشددون يلقون الخطب النارية ضد الطوائف المختلفة.

واعترفت السفارة الامريكية بالصعوبات نظرا لاهمية باكستان في مجال مكافحة تنظيم القاعدة وحلفائه المتشددين.

وقال مسؤول بالسفارة "نعترف بأن هذه مشكلة" مضيفا أن السفارة شجعت الباكستانيين على المشاركة في برامج تبادل لزيارة الولايات المتحدة التي يعيش بها ابناء ديانات مختلفة.

ويقول محللون ان الزعماء الباكستانيين منذ السبعينات ومع اختلاف ما يتمتعون به من شعبية لم يتخذوا اجراءات لمواجهة المتشددين.

وقال حسن عسكري رضوي المحلل السياسي والامني الذي يتخذ من لاهور مقرا له ان الحكومات تفتقر الى الارادة اللازمة لتطبيق اصلاحات خاصة في المناهج الدراسية.

وأضاف "باكستان في الكتب التي تدرس بالمدارس الحكومية دولة للمسلمين وحسب... هذه الكتب لا تشير الى أن هناك أيضا غير مسلمين يعيشون هنا."

ووصف الصحفي والمحلل أحمد راشد المناهج الدراسية بأنها "أكثر القضايا حساسية. انها قضية ستلقى فيها أي محاولة لتغيير المنهج معارضة من كل الجماعات الاصولية."

وفي عام 1974 رضخ ذو الفقار علي بوتو وهو أول رئيس للوزراء ينتخب شعبيا للجماعات الاسلامية وتمت الموافقة على تعديل دستوري يعتبر الاحمديين غير مسلمين كما غير يوم العطلة الاسبوعية من الاحد الى الجمعة.

لكن التشدد تصاعد في أواخر السبعينات والثمانينات خلال "حملة الاسلمة" التي قام بها الزعيم العسكري الراحل الجنرال محمد ضياء الحق ومساندة باكستان "للجهاد" الافغاني الذي كانت تدعمه الولايات المتحدة ضد الغزو السوفيتي وهي فترة شهدت نموا سريعا للجماعات المتشددة والمدارس الدينية.

ووضع ضياء الحق عدة قوانين اعتبرت أنها تنطوي على تمييز ضد الاقليات غير المسلمة وأذكت التوتر بين الطوائف الاسلامية المختلفة. ولم تبذل الحكومات التالية اي جهد لتغيير هذه القوانين.

كما استغل العسكريون الذين حكموا باكستان لسنوات يزيد عددها عن نصف عمرها الجماعات المتشددة لخدمة أهداف سياسية في أفغانستان والهند وتهميش الليبراليين.

وقال برويز هودبهوي عالم الطبيعة والمحلل "في البداية سعت الدولة الى شحن المواطنين دينيا من أجل تطبيق سياستها الخارجية باستخدام أداة الجهاد.

"لكن الجيش الباكستاني والمؤسسات السياسية أصبحت الآن ضحية للتطرف.. فهي تتخبط في ارتباك."

فالرئيس السابق برويز مشرف أخفق مرارا رغم تبنيه رؤية معتدلة للاسلام في تمرير قوانين روجعت أثناء توليه السلطة في الفترة من 1999 الى 2008 .

وفي ديسمبر كانون الاول 2007 قتلت رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو التي كانت موالية للغرب ومعارضة للمتشددين في هجوم انتحاري ألقيت باللائمة فيه على متشددين لهم صلة بتنظيم القاعدة.

حتى الزعماء المدنيون باتوا أكثر حذرا الان لدى التحدث عن الجماعات الاصولية وسط خوف من المتشددين الذين أطلقوا العنان لسلسلة من الهجمات التفجيرية والانتحارية في البلاد.

وقال المحلل رضوي "التشدد الديني يزداد سوءا في باكستان لان الزعامة السياسية تفتقر للرغبة في التصدي للامر. لا تريد أن تواجه غضب الملالي."

من ذي شأن حيدر