بقلم: عبداللطيف الدعيج


أعتذر مقدما ان بدا هذا خبرا او تحليلا اكثر منه مقالا. فما باليد حيلة، فهناك معركة وضحايا عديدون منذ اسابيع لكن ليس هناك اهتمام لا صحفيا - عدا 'الطليعة' - ولا سياسيا بما يجري. لهذا فان للضرورة احكاما، وهذه الاحكام تقتضي ان يتحول هذا العمود من تعبير عن الرأي الى تعريف بما يجري ونقل لأخبار تم تجاهلها من قبل الزملاء في صحافتنا وفي مجمل اعلامنا.

الحرب هي على حرية الرأي وحق التعبير، لهذا ربما لم يأبه لها احد. فهي بعيدة عن الاستجوابات وليست لها علاقة بالقروض، والرأي، مع الاسف، ليس من املاك الدولة بل من املاك الناس. هي حرب في واقع الامر من طرف واحد، طرف همجي شرس ضد طرف مسالم تتعارض مبادئه بل وكينونته مع هذه الحرب. اطراف الحرب الشرسة هي شركات الانترنت مع بعض الهمج ومدعي الدفاع عن الدين من 'الهاكر'.

شركات الانترنت تولت وتتولى حجب بعض المواقع بمزاجية وخصوصية فريدة. فبعض المواقع يحجب بسبب تقاليدنا وعاداتنا، وبعض المواقع يحجب لمجرد تعرضه لمصلحة يمثلها ملاك الشركة او انتقاده لخطهم السياسي واحيانا الرياضي، وليس المقصود هنا ابناء الاسرة الحاكمة وحدهم. ووزارتا المواصلات والتجارة اللتان سمحتا لهذه الشركات بالعمل وفق قوانين البلاد ونظمها تقفان متفرجتين، وأكاد اجزم، مشجعتين ايضا على الانتهاك والاعتداء على حقوق الناس وعلى هذا الاخلال بالواجبات العامة من قبل شركات الانترنت.

'الهاكر' اغلبهم سعوديون من توابع المجنن الذين ابتليت بهم المملكة من شيوخ ورجال إفتاء يعتبرون اختراق المواقع 'الليبرالية' او حتى الوطنية جهادا يفتح لهم ابواب الجنة واذرع الحور العين. لهذا فهم يتولون محاولات الاختراق بشكل متواصل وينجحون في اغلب الاحيان في تدمير المواقع المخالفة لهم في الرأي أو المخالفة لهم في المذهب، مثل المواقع الشيعية التي يستهدفونها مع المواقع الديموقراطية.

'الهاكر' متفانون ولديهم العلم والقدرة على الاختراق، لكن سبب نجاحهم الاساسي هو ضعف الحماية التي تتمتع بها الشبكات والمنتديات الديموقراطية بسبب ضيق ذات اليد. فتوفير حماية متواصلة وفاعلة مكلف ويتعدى امكانات وقدرات الشباب والمتطوعين من اصحاب المنتديات. حاليا تم اختراق الشبكة الليبرالية وهي متوقفة منذ قرابة الاسبوع بعد ان حجبتها شركة الانترنت قبل الاختراق، علما بأن شركة الانترنت تستغل على ما اعتقد الاختراق وتنفي ان تكون قامت بالحجب. مع ان هناك معلومات شبه مؤكدة ان طرفا مالكا لنسبة بسيطة في الشركة هو الذي تولى الحجب من دون علم اصحاب الشأن أو موافقتهم. كما اخترقت الشبكة الوطنية وسبب اختراقها، مع انها دينية التوجه، هو دفاعها العابر، كما اعلن المخترقون، عن الشبكة الليبرالية.

منتدى ساحة الارادة تعرض الى محاولات الاختراق خلال الايام الماضية، لكن الحماية المتوافرة تمكنت من صد الهجوم مما دفع 'الهاكر' الى المحاورة والنقاش حيث تبين، حسب المنتدى، انه كويتي مقيم في السعودية.

اللبراليون والوطنيون والديموقراطيون يزعمون ان بامكانهم الرد واختراق مواقع 'الهاكر' الدينيين لكن ذلك ضد مبادئهم ومثلهم التي تحرم المساس او التعريض بحرية الرأي. لهذا فقد توجه بعض الشباب الى المملكة العربية السعودية لمقابلة السلطات المعنية هناك والتباحث معها حول تقييد حرية 'الهاكر' في الاختراق وفي تهديد المواقع الكويتية. إذا كان الاختراق او همجية 'الهاكر' مقدورا عليه بتوفير الحماية والاحتياط فإن إجراءات شركات الانترنت وعداوتها بحاجة الى تدخل المجتمع وتطبيق القوانين المناهضة للتمييز والاضطهاد، اللذين تمارسهما هذه الشركات بمزاجية ضد حرية الرأي.

لكن امرا مثل هذا بعيد المنال وان لم يكن مستحيل التطبيق. فأغلبية المجتمع مع الاسف تتساهل مع التعديات التي تمارس ضد الحريات، ان لم تكن تشجعها، بدعاوى حماية الثوابت والعادات والوحدة الوطنية. واللافت للنظر هنا ان اغلب اصحاب المدونات (البلغرز) الذين نشطوا اثناء حملة 'نبيها خمس' غائبون عن ساحة المعركة رغم ان الحجب قد طال بعض المدونات ايضا.


* * *
للمتابعة الحية للموضوع يمكن الرجوع الى
'مدونة العلمانيون' ¹

http://mozartation.blogspot.com/

ساحة الإرادة http://www.sahtaleradah.com/forum/forumdisplay.php?f=2


عبداللطيف الدعيج