نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

«دليل السرحان»


كولون «ألمانيا»: ماجد الخطيب

يقول عميد السرحانين العالميين يوهان راب، مؤسس الاتحاد العالمي للسرحانين، ان فكرة الكتابة عن شاردي الذهن وتقديم الإرشادات لهم بغية التغليب على الصعاب التي تواجههم بسبب شرودهم، روادته حينما نسي كيس القمامة بيده إلى أن وصل إلى مكتبه. ولم ينتبه راب إلى ملاحظات الناس وهم يضحكون لحمله كيس القمامة عبر استوكهولم في حافلة نقل الركاب وفي المصعد إلا بعد أن استمع إلى الملاحظات من زملائه في المكتب.

وراب ليس الوحيد في هذا الموقف فالصحافي م.أ من برلين قال لـ«الشرق الاوسط»: «حملت كيس القمامة معي في المترو عدة مرات علما أني أركب القطار الصاعد إلى آخن حينما أود زيارة أختي في كوبلنز، وأضع بريدي أمامي على الأرض كي لا أنساه وفشلت يومين متتاليين في ركوب القطار من كولون إلى لندن وكلفني ذلك مبلغا كبيرا من المال».

والسويدي راب، 41 سنة، والذي يعمل مستشار لقضايا الاتصالات، يعاني من شرود الذهن منذ أن كان طفلا. ويصنف نفسه في كتابه كشارد ذهن «تام» و«سرحان أزلي» و«مستشار اتصالات مشوش». ويحكي عن نفسه انه استيقظ ذات يوم الساعة 7 مساء بعد قيلولة طويلة ثم شرب القهوة ودخن سيجارة في المطبخ ووضع اسطوانة جاز في الجهاز. تذكر فجأة أنه مدعو للعشاء في الساعة 07.30. بعدها دخل إلى الحمام بعجل، ووضع رغوة الصابون على ذقنه فتذكر أنه لا يسمع موسيقى، عاد ليشغل جهاز الموسيقى فشعر بالعطش، فتح الثلاجة ليشرب زجاجة كولا فلاحظ مفتاح دراجته الذي ضيعه منذ أيام في الثلاجة.

عاد إلى المطبخ وقرر أن يطبخ وجبة سباجيتي لعشائه. تذكر فجأة موعد العشاء، وكانت الساعة 8 مساء، هرع إلى الخارج على عجل والصابون على ذقنه، ترك باب البيت مفتوحا، الأضوية مشتعلة، الاسطوانة تدور والموقد يعمل. ويقول ان فكرة تشكيل الاتحاد واتته قبل 10 سنوات إلا أنه كان ينسى تنفيذها كل مرة. وفشل مع بقية السرحانين في تحديد موعد المؤتمر بسبب «سرحان» الأعضاء. وواقع الحال أن عمل الاتحاد ومواعيده عبارة عن فوضى بالغة لا يذكر فيها أحدهم أين وضع ساعته.

ويحتوي الكتاب شرحا وافيا لأسباب الشرود، ويقول راب أنه ناجم عن التركيز على أشياء محددة وهامة تضطر الإنسان لنسيان الأشياء الأخرى.وبعد الاعتقاد القديم بأن الشرود يصيب الرجال اكثر من النساء، أكتشف راب من خلال عضوية الاتحاد أن الإناث لا يقلن شرودا عن الذكور. ويقول إن إحدى النساء نسيت أين أخفت قدرا كبيرا من المال واكتشفت أخيرا أنها نسته في الثلاجة بعد أن أخرجت لحما مجمدا لتطهيه. وتقول انجريد من مدينة رونينغة انها انتهت من غسل الملابس، أوقفت الغسالة، وضعت الملابس في المجفف، ثم شغلت الغسالة وذهبت لمشاهدة التلفزيون ريثما تجف الملابس. وتقول اناستازيا من تومبا إنها كانت تقود سيارتها بمفردها، أوقفتها أمام محطة البنزين،عبأت البنزين، ذهبت إلى المحطة وسددت المبلغ، ثم عادت وجلست إلى جانب رجل غريب في سيارة أخرى.

إما كلارا من فوبرتال فتقول إنها ملأت سيارتها بالبنزين بأن وضعت خرطوم البنزين في النافذة. وقاد سائق تكسي شارد الذهن زبونه مسافة 160 كم قبل أن ينتبه إلى أنه يسافر لرؤية ابنه في مدينة فيسبادن ونسي الزبون. المشكلة هي أن الزبون لم ينتبه للمشكلة إلا لاحقا لأنه نام طوال الرحلة. ويعترف سرحان آخر بأنه جلس نحو ساعة يحسب صرفياته ويضيف إليها الضرائب وكل ذلك على جهاز التحكم عن بعد الخاص بالتلفزيون. آخر، بعد سهرة طويلة، شعر صباحا بالتوعك فهاتف مديره ليعتذرعن العمل فيقول له المدير أن الشركة أفلست وأغلقت أبوابها منذ شهرين. وتقول إحدى المعلمات السويديات، التي تدرس في جامعة مسائية، إنها جلست صباحا في المدرسة مع التلاميذ الصغار بانتظار المعلمة.

ووضع راب في كتابه اختبارا من 10 أسئلة يستطيع الإنسان من خلال الإجابة عليها تشخيص درجة الشرود التي يعاني منها.

وينصح راب«زملاءه» بوضع الأشياء دائما في أماكن محددة كي لا ينسوها. مفتاح الباب في ثقب الباب، النظارات على التلفزيون، الموبايل أمام المرآة ومحفظة الفلوس دائما في جيب السروال ذي الزر. وعلى من يعجز عن ذلك أن يعلق الحاجيات لصيقة بجسده كي لا ينساها، رغم أنه قد يبدو في الصيف كإرهابي يلبس حزاما ناسفا. ويقول راب: لولا أن الرجلين والذراعين مشدودان إلى الجسم لنسيتهما في مكان ما. ويستخدم العديد من السرحانين طريقة الكتابة على الجسد، وخصوصا اليد، كي يتذكروا واجباتهم. ويمكن للمتزوجين أن يغيروا مكان الحلقة في أصبعهم كي يذكروا أنفسهم بشيء هام. وماذا عن نسيان المظلات؟ يقول راب: لا فائدة، عجزنا عن مساعدة بعضنا في قضية إضاعة المظلات. الأحسن هو الانتقال إلى بلد معتدل لا يحتاج فيه المرء إلى مظلة ولا إلى شمسية، أو شراء العديد من المظلات مرة واحدة، أو تعليم النفس على التمتع «بالسباحة» تحت المطر.

وينصح راب السرحانين بعدم الخجل من حالتهم ومطالبة الاصدقاء بتذكيرهم بالمواعيد الهامة، والتمتع بالحياة كأن شيئا لم يكن ولكن من المهم هو أن يعترف الإنسان في البداية بأنه سرحان ثم يبدأ بمعالجة الحالة. ويقول راب ان ظاهرة «الشرود» تستشري بين أساتذة الجامعات والمعاهد يليهم الصحافيين والكتاب.إما الحراس ورجال الشرطة فيأتون في ذيل القائمة.