«مدائن صالح»: قصور منحوتة في الجبال بدقة هندسية محسوبة

[زهير]

الشرق الاوسط تكشف أسرارها وتدخل أرض المعذبين


مدائن صالح: حليمة مظفر


«مدائن صالح» أو كما سُميت قديما بالحِجر وشاع عنها أنها منطقة العذاب الإلهي (الصيحة) لقوم ثمود بعدما عقروا ناقة نبيهم صالح التي ولدت معجزة من صخر جبلي، وبقيت بيوتهم المنحوتة في الجبال، مهجورة بكنوزها تحميها عيون الجان ولعنات أهلها لكل من يتعدى عليها أو «يدخلها ليلا» بهذه الذاكرة المختزلة بالخوف، يتأمل الزائر بوابة المنطقة الأثرية المحمية البالغ مساحتها 25 كيلومترا، والمحاطة بشبك حديدي عال ومراقب أثناء انتظاره للدخول إليها بتصريح يحمله.

والمنطقة التي تقع شمال المدينة المنورة في السعودية تتكون من التكتلات الجبلية المتباينة الحجم والمنتشرة، وتفاجئ الزائر برؤية واجهات بعض زواياها الجبلية العملاقة كقصور منحوتة بدقة هندسية معمارية محسوبة رياضيا، ويصل عددها إلى 80، فيما بعضها جاء متواضعا في النحت، وأخرى غير مكتملة، وكما يقول مطلق سليمان المطلق مساعد مدير وحدة الآثار والمتاحف في منطقة العلا «فخامة النحت وتواضعه يعود لمستوى صاحبه الاقتصادي إن كان من الأغنياء والحكام أو كان فقيرا».

وتتقاطع مع الجبال المنحوتة بيوت طينية وحجرية وآثار لمزارع قديمة كانت لأهالي المنطقة الذين جاوروها وعاشوا بها إلى قبل 30 سنة ماضية تقريبا. وأشهر الواجهات تتمثل في قصر الصانع، ومجموعة قصر البنت، ومجموعة الخريمات، ومجموعة جيم، وقصر الفريد، الذي يعتبر أعلى واجهة، حيث تصل إلى 21 مترا، وقصر العجوز، إضافة إلى المعبد الذي يسمى بالديوان، حيث تم نحته داخل جبل ضخم على هيئة مستطيل غير منتظم، به مجالس منحوتة. (تفاصيل تقارير) ، ويصل طوله إلى 13 مترا، وعرضه 10 أمتار، وقد استخدم لأداء الطقوس الدينية الوثنية لدى الأنباط واحتفالاتهم السياسية والاجتماعية بحاكمهم، وبجواره ممر شبه ضيق يدهش من يسير عبره ببرودة الهواء العالية جدا على نقيض الحرارة التي تتسم بها بقية أنحاء مدائن صالح شبه الصحراوية، وكما يقول المطلق «برودة الهواء هنا مستمرة صيفا وشتاء ولا تتغير أبدا، وهو ما حير الكثيرين هنا».

وهذا الممر المنحوت بين جبلين يوجد على جوانبه عدد من الأشكال المنحوتة ترمز للآلهة بـ (قدس الأقداس) على هيئة حيوان أسطوري كرمز تجريدي لآلهتهم (ذو الشرى). وأوضح المطلق أن مدائن صالح بما فيها من مقابر منحوتة في الجبال، هي نبطية وليست لها علاقة بالثموديين، وهو ما أكده الدكتور سامر السحلة أستاذ الآثار في جامعة الملك سعود بالرياض، إذ قال: «لا يُوجد دليل علمي أو معطيات أثرية حتى الآن تعود للثموديين المعروفين بأنهم قوم صالح، وكل الأدلة تعود للحيانيين والديدانيين والأنباط الذين سكنوا المنطقة فقط». وهذه الحقيقة التاريخية ظلت غائبة عن المسلمين وقتا طويلا، حتى أنهم سموا المنطقة نسبة للنبي صالح منذ أوائل العصر الإسلامي، فيما كانت تسمى سابقا بالحِجر كما ذكر في القرآن.

[قمبيز]

سبحان الله

لا يبقى الا وجهه الكريم