مع ازدياد الوضع تأزما وسوءً في العراق ، بسبب وجود الاحتلال وأفعاله المشينة ، مما ينذر باقتراب شبح الحرب الأهلية ، لاسيما بعد تصاعد وتيرة العنف الطائفي والقتل على الهوية والتهجير القسري لملايين العراقيين وتمزيق النسيج الوطني . مع تزايد كل هذه السلبيات وغيرها من المساوئ الكثيرة ، فإنه إلى جانب ذلك تأتي بعض المؤتمرات التي تعقد هنا وهناك داخل البلاد وخارجها للخروج من الأزمة بحل ، ومن المأزق بمخرج . كما أنه إلى جانب ذلك قُدمت مبادرات ومقترحات كثيرة من لدن شخصيات ذات تنظيمات متباينة ، لوضع أسس لحل هذه المعضلة وفك رموزها ورفع اشكالياتها وإعادة اللحمة الوطنية بين جميع مكونات الشعب وتخليصه من عقدة الاحتلال وأجندته .
ولأن حقائق التاريخ أقرت ، وتجارب الأمم أكدت ، أن مصلحة كل بلد لايعرفها إلا أهله ، ولا يحققها غير شعبه ولا يقدرها سوى أبنائه إن هم أرادوا ذلك وأخلصوا النية .
من هنا فقد تدارس قادة وشخصيات غيارى من أبناء العراق البارين مستقبل بلدنا المحتل وواقع حركته الوطنية، وبذلوا جهودا مباركة في التوصل إلى أسس صحيحة لإنقاذ البلاد مماهي فيه ،وأكدوا على أسس وثوابت ومقترحات وضعوا فيها خلاصة أفكارهم في برامج ومشاريع ومواثيق مهمة .
وبعد التتبع والاستقراء والدراسة الجادة والنظر المكثف لهذه المشاريع ، اتضح أن أهمها ستة ، لما احتوت من شمولية جامعة ورؤية موحدة ثاقبة وحلول وطنية مانعة ، وهي كالآتي حسب تسلسل صدورها :
1- الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية .
2- ميثاق الشرف الوطني لهيئة علماء المسلمين .
3- ميثاق المؤتمر التأسيسي العراقي الوطني .
4- المنهج الذي قدمه آية الله فاضل المالكي .
5- المشروع الذي قدمه آية الله حسين المؤيد .
6- بيان صادر عن مجموعة من الشخصيات الوطنية العراقية .
على أن التمحيص ودقة النظر في هذه البرامج والمشاريع ، تدعو إلى القول : أن فيها تشابهاً كبيراً ورؤية موحدة وقواسم مشتركة في كثير من بنودها . فالاتفاق في المعنى تجده بارزاً وإن اختلفت الألفاظ وتباينت العبارات .
وهذا دليل واضح وبرهان ساطع على أن الحركة الإسلامية والوطنية العراقية ، المناهضة والمقاومة للمحتل وأجندته ، إنما ولدت في توجهاتها وأفكارها من رحم الشعب العراقي الأبي وضميره الحي .
فهي لذلك إنما تعبر عن حاله وتفصح عن مطالبه وتسعى في إرادته دون أن تضع أدنى اعتبار للمحتل أو أعوانه .
ومع كل هذه الاتفاقات في التشخيص والمعالجة وإيجاد أرضية صالحة لحل جذري ، فإنه من المناسب جداً في هذا الوقت الحرج والعصيب أن يجتمع أصحاب البرامج للنظر في ولادة مشروع قديم متجدد في تحديد المشروع والمنهج المطلوب ، بعد التسليم للمشتركات والتفاهم حول المبادئ التي تخدم الشعب والوطن ، لتوضع أمام أنظار القوى والحركات والأحزاب والتيارات والشخصيات الإسلامية والوطنية والقومية المناهضة والمقاومة للاحتلال أملاً في أن يشكل خطوة مهمة على طريق التحرير ، ويجتمع عليه المواطنون ليكون بمثابة نبراس ومنار على طريق التحرير .
ونكون بذلك قد وقفنا على مفترق للطرق بين فريقين : فريق لايرضى بالمحتل وإفرازاته مهما زّينت أو جمّلت. وفريق تابع ذليل لما يريده المحتلون وأن ادعى أنه عن مصلحة الوطن باحث أو عن كرامة العراق مدافع.
لاسيما وأن أصحاب هذه المشاريع يمتلكون السمعة الوطنية والريادة في الدعوة للتحرير دون أن يغرهم بريق الغزاة المزيف وسرابه المفضوح ، وهذا مايعرفه عنهم القاصي والداني بالإضافة إلى ماحباهم الله تعالى به من آراء سديدة وعقلية راجحة حصيفة ونفوس مطمئنة متواضعة وإخلاص بيّن واضح وتفانٍ عالٍ في إيجاد منفذ لإنقاذ العراق من محنته . وأجمل ما رأيناه فيهم بل ولمسه جميع العراقيين اعترافهم بجميل الآخرين ونكرانهم لذواتهم وابتعادهم عن الأنانية والنرجسية من أجل تحقيق المصلحة العليا للشعب العراقي، على أن الجميع يدرك خطورة المرحلة وتعقيداتها التي تنبئ بحصول كارثة تاريخية وخطيئة إنسانية إذا ما استمر مشروع الاحتلال على أرض الواقع وتخلف المخلصون والوطنيون عن مواجهته وانشغلوا بمشاريع مجزأة أو ذاتية ، عندها فإن الشعب العراقي لن يغفر للمخلصين تفرقهم وعدم اجتماعهم على نهج موّحد .
وتأسيسا على ذلك فقد برزت الأسس المشتركة المتينة التي تربط بين المشاريع المستشرفة لأفكاركم النيرة ، في تحديد المنهج المطلوب ، بحيث يعبر عنها جميعاً ، لتوضع أمام أنظار القوى والحركات والأحزاب والتيارات والشخصيات الوطنية المناهضة والمقاومة للاحتلال أملا في أن يشكل خطوة مهمة على طريق إنشاء أرضية للتنسيق فيما بينها وصولاً إلى إطار جبهوي منشود يوحد الجهاد والنضال السياسي التحرري، تلتف حوله الجماهير ويهتف له الشعب ، ويجتمع عليه المواطنون ، ليكون بمثابة نبراس ومنار على طريق إنقاذ الوطن .
وبهدف التوافق على الأفكار، وُجِدت أسس هذا المشروع، الذي تبلور من خلال توحيد مشاريعكم الموقرة وكما يأتي:
1- رفض الاحتلال الأجنبي رفضا تاما ورفض كل ماترتب ويترتب عليه من نتائج . ودعوة الشعب العراقي إلى تصعيد مقاومته للاحتلال بكافة الوسائل لإجباره على الانسحاب من العراق.
2- عد المقاومة بجميع أشكالها السياسية والمسلحة ، الموجهة ضد الاحتلال ، عملا وطنيا مشروعا ووسيلة أقرتها الشرائع السماوية والقوانين والأعراف الدولية كافة ، لإنهاء الاحتلال وانجاز تحرير العراق واستعادة استقلاله وسيادته كاملين وغير منقوصين.
3- التأكيد على وحدة العراق أرضا وشعبا ، ورفض الفيدرالية بأشكالها كافة ، بما فيها العرقية والطائفية والجغرافية كونها مشروعاً يمهد لتقسيم العراق وتحويله إلى كيان هزيل ودويلات متناحرة .
4- رفض وإدانة المحاصصة الطائفية والعرقية وعد كل مامن شأنه زرع الفتنة والفرقة والحقد بين أبناء
الشعب العراقي جريمة ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى يجب أن ينص على ذلك في الدستور كونه صمام أمان الوحدة الوطنية .
5- عدم الاعتراف بالعملية السياسية، التي روج لها الاحتلال، بدءاً من قانون إدارة الدولة العراقية مروراً
بالدستور وقانون الانتخابات وانتهاءً بالقرارات والإجراءات التي تضررت بها الوحدة الوطنية بالاستناد إلى القاعدة القائلة بأن كل ماجاء عن الباطل باطل . ودعوة الشعب العراقي للسعي إلى إلغاء تلك العملية ورفض نتائجها الحالية والمستقبلية ، ومطالبة القوى والشخصيات التي التحقت بها بالانسحاب منها ومقاطعتها تمهيداً لعودتها إلى خندق الشعب العراقي ، حيث أن الاستمرار فيها يعني الإسهام في إطالة وجود الاحتلال .
6- التأكيد على هوية العراق العربية كونه جزء لا يتجزأ من الأمة العربية ، ومن الأمة الإسلامية .
7- يتكون الشعب العراقي من قوميتين رئيسيتين هما القومية العربية والقومية الكردية بالإضافة إلى التركمان وأقوام أخرى متآلفة . وندعوا إلى الإيمان بحقوق جميع التكوينات على أساس مواثيق حقوق الإنسان الدولية ومبادئ الحريات العامة والمساواة الكاملة وحقوق المواطنة، التي سينص عليها الدستور حتما .
8- ضمان الحقوق القومية للشعب الكردي ، في كردستان العراق ، في إطار وحدة العراق وسيادته واستنادا إلى الحوار البناء والمتفاعل مع الأخوة الأكراد لبناء الثقة المتبادلة على أساس قانون الحكم الذاتي لكردستان العراق ، مع ضرورة السعي لتطويره في أوضاع سلمية وطبيعية وعلى أساس التآخي والمصير المشترك والوحدة الوطنية والأطر الدستورية .
9- رفض وإدانة الإرهاب وثقافة التهميش والإقصاء والاغتيالات السياسية والاجتثاث فالسلم الاهلي و الديمقراطية كل لا يتجزأ ، ولكل القوى والشخصيات الحق في المشاركة السياسية التي يكون فيها لصناديق الاقتراع القول الفصل المفضي إلى التداول السلمي للسلطة .
10- الإسلام المصدر الأساسي للتشريع ، فضلاً عن كونه قاعدة أخلاقية وثقافية وعاملاً ايجابياً من عوامل ترسيخ وحدة العراق واستقراره .
11- ثروات العراق ملك للشعب وأجياله القادمة ، وللشعب وحده الحق بالتصرف بها من خلال ممثليه الحقيقيين وبموجب الدستور والقوانين والأنظمة المتفرعة عنه .
12- إعادة بناء الجيش العراقي على أسس وطنية ومهنية بعيداً عن الانتماءات الحزبية باعتماد الخبرات والكفاءات العسكرية الوطنية مع التشديد على أن مهمة القوات المسلحة العراقية هي الدفاع عن وحدة الوطن واستقلاله وسيادته . وإلغاء كافة الميليشيات كونها مجموعات خارجة عن القانون .
راجين تفضلكم بدراسة المشروع والمقترحات من أجل توفير فرص اللقاءات والاجتماعات المشتركة المنشودة بتوفيق من الله عزَّ وجل خدمة لوطننا الجريح والمحتل ونأمل الاستجابة في خلال أسرع الأوقات مع التقدير و الاعتزاز .
أخوكم
فوزي الراوي
20/4/2007
asad44@maktoob.com