قراءة الحظ والمستقبل

قراءة الحظ والمستقبل

العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله

* تنتشر في أوساط الشباب المجلات التي تطرح في بعض أبوابها مسأل استشراف المستقبل كالأبراج وقراءة الكف والفنجان.. هناك سؤالان في هذا الصدد: ما رأي الإسلام بذلك؟ وما علاقة التنبّؤ بالمستقبل أو الغيب بالسحر؟

ـ ليست هناك أية أسس لاعتبار هذه الوسائل أدوات لمعرفة غيب المستقبل، لأنه لا علاقة لكل هذه بالأحداث الإنسانية أو الأحداث الكونية، وربما كان الأساس في مسألة الأبراج والفلك أنها منطلقة من بعض العقائد السابقة غير الإسلامية، التي كان البعض يرى فيها وفي الكواكب تأثيراً في الأحداث الإنسانية والواقع الكوني، مما يجعلهم يلتقون على بعض ما يعتبر علماً في الفلك، فيعطون فكرة عن المستقبل، إما بشكل شخصي عندما يحسبون برج هذا أو برج ذاك، أو ما إلى ذلك من أمور.

أبراج الصحف والمجلات

لقد برزت هذه العادة في مجتمعاتنا حتى أن الكثير من المجلات والصحف راحت تفرد صفحات معينة لتسلية القراء على أساس أن صاحب البرج الفلاني يملك مزاجاً معيناً أو يملك وضعاً معيناً ينفتح به على وضع آخر، غير أننا لا نجد أي أساس إسلامي في هذا المجال، بل نرى أحاديث كانت تنهى عن تعلم علم النجوم الذي يستعمل من أجل استشراف الغيب، حتى أن بعض أئمة أهل البيت(ع) قالوا لبعض الناس الذين يستعملون هذا العلم، قال: أتقضي؟! قال: بلى! قال: احرق كتبك.

أما مسألة الفنجان أو تحضير الأرواح فهي قضايا لا يملك القائمون عليها أي أساس، لاعتبارها أمراً يتصل بالحقائق، إننا لا نريد أن ننفي بالمطلق، ولأننا لا نملك أي دراسة شاملة على هذا النفي، ولكن التجارب التي يتحدث عنها الناس لا توحي بأي صدق في هذا المجال، ولكنها أمور إذا أردنا أن نحسن الظن بأصحابها فإننا نعتبرها من قبيل التخييل والأوهام، وإذا كانت في بعضها صادقة فإن الصدق لا ينطلق من طبيعة هذه الوسائل، وإنما قد يكون منطلقاً من الصدفة تماماً كما يتنبأ الناس في بداية كل عام بحدوث عدة أشياء فيصدق بعضها ويكذب البعض الآخر، ولا يحفظ الناس ما لا يتحقق بل يحفظون ما تحقق.

ولعل الحديث الوارد في هذا الخصوص: "كذب المنجمون ولو صدقوا"، يشير إلى هذه النقطة، وهو أن الصدق الذي نجده ليس صدقاً منطلقاً من عمق القاعدة التي تنطبق على الصدق وإنما يتحرك بوحي الصدفة.

* هناك أمور تكشفها هذه الوسائل وتبدو أنها صحيحة، وتتحقق على صعيد الواقع؟

ـ إنني أتصور أن بعض هذه الأمور لا يلتفت الإنسان إلى كونها أشياء عامة يرى مصداقها في نفسه، فقد يكون لبعض الناس فراسة معينة، وقد يستطيع أن يستوحي بعض الأشياء من شخصية هذا الإنسان، وقد يكون للشخص الذي يمارس هذه الوسائل التجارب الكثيرة التي يتعرف فيها على ماهية تطلعات هذه الفئة من الناس وتلك الفئة، أو ماذا يتطلع الشاب الأعزب أو المتزوج، أو ما تتطلع إليه الفتاة العزباء أو المتزوجة، ولذلك فقد تتحرك الأحاديث بحيث يستوحي الإنسان منها أن هناك أساساً صحيحاً.

إننا لا ننفي هذه الأشياء ـ كما قلنا ـ لأن النفي يحتاج إلى دليل، لكننا لا نجد فيما بين أيدينا من هذه التجارب ما يؤكد ما يدعيه أصحابها.

السحر حالة تخييلية

* هل تعتقدون أن ثمة علاقة بين هذه الوسائل والسحر؟

ـ نحن لا نعتقد أن السحر يمثل الحقيقة، لأن الله سبحانه وتعالى حينما حدّثنا عن السحر في القرآن حدثنا عنه بطريقة سلبية {ما جئتم به السحر إن الله سيبطله}، إنه يحدثنا أن السحر حالة تخييلية وليس حالة حقيقية، ففي قصة الملكين هاروت وماروت {فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه}، فليس من الضروري أن يكون هذا هو السحر، وإذا كان ذلك، فمن قال أن هاروت وماروت بقيا حتى يتعلم منهما هؤلاء الذين يتميزون بالجهل والتخلف في الكثير من الحالات؟!.

http://www.bayynat.org.lb/www/arabic/ousra/haz.htm
من موقع سماحة السيد فضل الله (بينات