كيف نشأت مستشفيات مايو كلينك

20/7/2003

القبس -احمد الصراف

تقع مدينة روشستر في ولاية مينيسوتا الاميركية القريبة من الحدود مع كندا، وبالرغم من مرور أربعة قرون على اكتشاف واستيطان تلك المنطقة الا انها لا تزال خالية من السكان تقريبا بسبب فقر مواردها الطبيعية وقسوة مناخها شديد البرودة. وعندما زرت تلك المنطقة قبل عدة اشهر تعجبت من اتساع وكبر حجم المساحات الخالية فيها وندرة المساكن والمباني الا القليل المتفرق.

بالرغم من كل ذلك قامت الأم الراهبة الفريد موس، وبمساعدة مجموعة من راهبات دير القديس فرانسس، بتقديم عرض الى الدكتور وليم مايو لبناء مستشفى من أموال الدير لمعالجة ضحايا الاعصار الخطير الذي ضرب مدينة روشستر في شتاء عام 1883، شريطة قيامه وولديه بادارة المستشفى، ومنذ تلك اللحظة، وبسبعة وعشرين سريرا فقط، بدأت قصة نجاح أعظم صرح طبي في تاريخ الطب البشري، حيث توسعت أعمال المستشفى واصبح يضم الآن أكثر من مائتي سرير للعناية الفائقة فقط، وتطورت أبحاثه العلمية لتشمل مختلف الجوانب الطبية، واصبح يعرف منذ تاريخه بـ«مايو كلينك» نسبة الى الدكتور وليم وولديه الطبيبين الذين لم يكتفوا بافناء أعمارهم في معالجة عشرات آلاف المرضى والمصابين، بل تبرعوا بكامل أموالهم لصندوق المستشفى بعد ان اصبح مؤسسة خيرية لا تهدف الى الربح.

تعتبر مستشفيات مايو كلينك في روشستر وسكوتس ديل، (اريزونا) وجاكسون فيل (فلوريدا)، اضافة الى مدارس التدريب والمختبرات الطبية من أكثر الجهات التي ساهمت ليس فقط في رفع المعاناة عن آلاف المرضى، بل وفي ايقاف تطور خطورة الكثير من الامراض والقضاء على عدد من الأوبئة بفضل الاكتشافات الطبية التي ساهمت فيها على مدى الأعوام المائة الأخيرة.

يعمل في مستشفيات ومراكز تدريب «مايو كلينك» ما يقارب الثلاثة آلاف عالم وطبيب من اصل 50 ألفا يعملون في آلاف الانشطة الاخرى. وفي أي يوم عمل عادي تقوم «مايو كلينك» باجراء 470 عملية فحص سي تي سكان، مقارنة مثلا بخمسين حالة مماثلة في الكويت. كما تجرى فيها أكثر من 215 عملية إم آر آي في اليوم الواحد مقارنة بعشرين عملية تقريبا في الكويت! هذا اضافة الى اكثر من 31 ألف فحص مختبري و14 ألف فحص دم!

اننا لا نقوم هنا بالترويج لمستشفيات مايو كلينك، على الرغم من الرعاية التامة التي وفروها لنا وللملايين غيرنا من المرضى والمراجعين الذين يتجاوز عددهم سنويا نصف المليون شخص، بل نود أن نصل الى الخبر الجديد الذي يتعلق بقرار ادارة «مايو كلينك» اختيار مدينة دبي لتكون محطتها التالية، والتي سيكون بامكانها من خلال هذه المحطة توفير الخدمة الطبية لملايين شرق آسيا والشرق الأوسط، الذين تحول ظروفهم دون السفر الى الولايات المتحدة. علما بأن هذه المحطة ستتحول خلال سنوات قليلة الى مركز دعم وتطوير للعلاج الطبي الشامل والمدعوم بخبرة «مايو كلينك» المميزة التي تعود لأكثر من مائة عام!

لقد أقلعت طائرة دبي واصبحت تحلق بعيدا عنا بآلاف الأميال، بعد ان قبلنا بتسليم عقولنا لمفسري الأحلام، وأجسادنا للمشعوذين من أصحاب العفاريت والشياطين! ونأمل ان تنتشلنا حكومة الشيخ صباح الأحمد من البئر العميقة التي أجبرنا على الجلوس في قعرها الرطب والمظلم!