الأمراض الجنسية تهدد العالم

السيلان يفتك بخمسة وعشرين مليوناً..و"فيروس الحب" يحصد ضحاياه ويحيل عيشهم جحيماً

الأمراض الجنسية أصبحت سريعة الانتشار وتهدد العالم بسبب الإباحية المطلقة التي تجتاح جميع الدول, حتى المنطقة العربية أصبحت مهددة بهذه الأمراض الانتانية التي تنتقل من شخص إلى آخر عبر الاتصال الجنسي, وتعتبر فئة المراهقين والشبان من 15 - 25 سنة أكثر الفئات العمرية تعرضا لهذه الأمراض لأنهم قليلي الخبرة في كيفية الوقاية من الإصابة بها, فكثير من هذه الأمراض يمكن الشفاء منها, وبعضها لا يشفي الجسم منه إطلاقا بالرغم من علاجها, والبعض الآخر يؤدي إلى الموت المحقق.

هذه صرخة تحذير تطلقها أخطر دراسة طبية أجراها عالم الفيروسات الأميركي "كفين ميرفي" يحذر فيها من لعنة الأمراض الجنسية التي تعتبر من أكثر الأمراض انتشاراً في العالم, ويكفي أن هناك مريضا جديدا يوميا لكل 100 شخص من الذين تتراوح أعمارهم من 15 إلى 44 عاما, ويحذر ميرفي في دراسته أن البشرية تنحدر إلى هاوية سحيقة مفزعة لا أمل في النجاة منها بسبب "الإباحية" الشديدة التي يعيشها الجنس البشري بلا ضابط ولا رابط مما يؤدي إلى إصابة الملايين بعشرات الأمراض المنقولة جنسيا.

وعن معدل الإصابة بهذه الأمراض الفتاكة يقول "ميرفي" لقد بلغت معدلات الإصابة أبعادا وبائية على المستوى العالمي, إذ يصل معدل الإصابة السنوي إلى أكثر من (250) مليون حالة جديدة, تشمل مجموعات مختلفة من الرجال والنساء, الأغنياء والفقراء والشيوخ والأطفال.
وأوضح "ميرفي" نسب المصابين بالأمراض فذكر أن نحو 120 مليون مصاب "بالتريكوموناس" و50 مليون مصاب "بالكلاميديا", و60 مليون مصاب بالإيدز, و20 مليون مصاب بالتهاب الأعضاء التناسلية, و25 مليونا مصاب "بالسيلان" و2,5 مليون مصاب بمرض "السفلس" أي الزهري.

حقائق
و أعلن "كفين ميرفي" في دراسته أن من حقائق العصر الذي نعيشه أنك معرض لالتقاط عدوي "الهربس التناسلي" كلما مارست الجنس بشكل غير مشروعه, والمعروف أن العدوى بفيروس الهربس التناسلي من أكثر الأمراض الجنسية انتشارا في العالم, ولأن الفيروس المسبب لهذا المرض لا ينتقل إلا عن طريق الاتصال الجنسي غير المشروع فقد أطلق عليه العلماء اسم "فيروس الحب".. والمحزن أن نسبته بين الشباب العربي تتراوح من 23 في المئة إلى 25 في المئة أي أنه بين كل مائة شاب يوجد 25 مصابا بالهربس التناسلي, أما في أميركا فتقدر الدراسة أن هناك نحو 20 مليون مواطن أميركي مصابون بفيروس الهربس التناسلي.
ويؤكد "ميرفي" أن الأبحاث التي أجراها علماء الوبائيات في الولايات المتحدة الأميركية اثبتت أن 70 في المئة من محترفات الدعارة لديهن أجسام مضادة للفيروس مما يعني سبق الإصابة بالعدوى, كما وجد العلماء أن 95 في المئة من المرضي في أميركا من البيض, وأن 80 في المئة منهم تتراوح أعمارهم بين 20, 29 سنة وأن أكثر من نصفهم من الطبقات الثرية و شرائح المجتمع العليا والمثقفين.

و قسم "ميرفي" الأمراض المنقولة جنسيا إلى ثلاث مجموعات حيث قال من المعروف أن الأمراض المنقولة جنسيا هي مجموعة الأمراض المعدية التي تنتقل أساسا عن طريق الاتصال الجنسي غير المشروع وخطورة هذه الأمراض أنها قد تسبب العقم وضعف الخصوبة والألم المزمن بالحوض, وسرطان عنق الرحم, وهي تنقسم إلى ثلاثة مجموعات.. الأولى وتشمل أمراض التهاب الأعضاء التناسلية, السيلان, والزهري, والإيدز, و الهربس, والتربكوماناس وهي الأشد خطورة وفتكاً بالبشر. والثانية وتشمل أمراض القرحة الرخوة, والقرحة العقبولية, والكلاميديا. والثالثة وتشمل أمراض الفطريات والخمائر, قمل العانة, الثأليل الجنسية, الميلساء الجنسية, الجرب الجنسي.

وأكد "ميرفي" أن هذه الأمراض تخلف وراءها آثارا خطيرة على المرضي والأسرة والمجتمع منها آثار اجتماعية تؤدي إلى تفكك الأسرة, وآثار صحية تؤدي إلى انهيار صحي للأسرة لانتقال المرض من الرجل لزوجته حين يجامعها, وآثار تربوية تؤدي إلى انحلال أخلاقي بين أفراد الأسرة, وآثار نفسية وعصبية, وآثار اقتصادية.. كل هذه الآثار تؤدي إلى انهيار كامل للأسرة وبالتالي يضعف المجتمع.

البغاء الخفي
الدكتور محمد عبد المنعم شعيب.. من أكبر علماء التناسليات في مصر والشرق الأوسط ورئيس قسم الأمراض الجلدية والتناسلية والعقم وعميد كلية طب المنوفية الأسبق.. سألته: ماذا عن خطورة مرض "الهربس التناسلي"? فقال: إذا أصيب به الإنسان للمرة الأولى يظل الفيروس في الجسم إلى نهاية العمر, ويظل يعاود المريض كلما سنحت الفرصة وكلما ضعفت مناعة الجسم, والسبب الرئيسي للإصابة بمرض الهربس هو "البغاء الخفي" والعلاقات الجنسية غير المشروعة والمتعددة مع نساء مختلفات, وتنتقل العدوى بالملامسة المباشرة وبالتقبيل, ومصدر العدوى هو المريض ذو البثور, وأيضا حامل الفيروس والذي يفرزه في اللعاب, وإفرازات البلعوم والعين والأعضاء التناسلية.

ويبدأ شعور المريض بالهربس بأكلان ورغبة في الهرش في أعضائه التناسلية, وبفحصها يرى بوضوح فقاقيع صديدية سرعان ما تنفجر وتترك مكانها قرحا صغيرة تتسع وتتصل ببعضها تاركة قرحا كبيرة مؤلمة جدا, فالهربس يصيب الأعضاء التناسلية في الجنسين, وتحدث العدوى بالمباشرة الجنسية حيث تلتهب الأعضاء التناسلية وخاصة في الإناث وتظهر القروح المؤلمة جدا وأخطر ما في هذا المرض وجود شبه علاقة بينه وبين الإصابة بسرطان عنق الرحم, فقد لوحظ أن هذا النوع من السرطان يصيب مرضي الهربس بنسبة أكبر من الأشخاص العاديين, كما يسبب هذا المرض خطورة واضحة على النساء وبالذات على "صحة الجنين" بل وعلى حياته إذا حملت المرأة المصابة به.

ويضيف العالم المصري د. محمد شعيب أن مرض الهربس التناسلي يظهر عند الرجال على العضو الذكري, وكثيرا ما يؤثر على القدرة الجنسية والإخصاب, وقد يؤدي الي "العقم" في الحالات الحادة والشديدة. وخطورة مرض الهربس أنه "متكرر" حيث تظهر التقرحات في نفس المكان كلما ضعفت مناعة الجسم, ولذلك يعود للظهور بعد الشفاء بأسبوعين أو 3 أسابيع, ثم يعالج ويختفي مدة شهرين ويعود للظهور رغم العلاج الدقيق, ومن عيوب هذا المرض أنه لا يشفي بسهولة, وأنه قد يزمن ويستمر طوال العمر, وفي أحيان كثيرة قد يعجز الطبيب عن تخليص المريض من شر هذا المرض طالما ظل المريض في عبثه بالمباشرة الجنسية غير المشروعة, حتى يسأم المريض والطبيب معا!! وقد يستمر المرض إلى عدة سنين ويشارك المريض في حياته حتى الموت!!

العلاج
و ماذا عن العلاج?
وأسفني إن نسبة مرضي "الهربس التناسلي" في ازدياد وانتشار, حيث لا تتوافر معلومات دقيقة عن مدى انتشار هذه الأمراض في المنطقة العربية, لأن الذين يصابون به ويعالجون منه في السر والخفاء أو في العيادات الخاصة لا نعرف عنهم شيئا, والسبب عدم وجود مراكز متخصصة للأمراض الجنسية والتناسلية والسرية لدينا, والمفروض أن توجد مثل هذه المراكز في جميع كليات الطب في المنطقة العربية, كما هو الحال في "انكلترا" وذلك لإجراء مسح وبائي لمعرفة مدى انتشار هذا الوباء, وإحصائياته الدقيقة بين شبابنا وفتياتنا, لأن الذين يعالجون في الخفاء أكبر بكثير من المعروفين لنا وهذا يشكل خطورة كبيرة.

فهذه المراكز المتخصصة تكفل بمباشرة المرضي والمخالطين وعلاجهم ومتابعة حالاتهم لفترات طويلة, هذا مع ضرورة التوعية الجنسية والصحية بين الشباب بخطورة الأمراض الجنسية ومضاعفاتها, وضرورة التبليغ عن حالات الهربس والأمراض الجنسية الأخرى التي تعالج في العيادات الخاصة إلى وزارات الصحة في البلاد العربية, لاتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء على المرض والوقاية منه وجعل هذا التبليغ إجباريا وذلك للسيطرة على "وبائيات" الأمراض التناسلية.

ولأن أخطر أسباب الهربس التناسلي هو "البغاء الخفي" حيث العلاقات الجنسية المتعددة وغير السوية, التي تضعف جهاز المناعة مما يجعل الجسم فريسة سهلة لهذا المرض الخطير, لذلك فإن الهدفين الرئيسيين لمكافحة هذا المرض والأمراض الأخرى المنقولة جنسيا هما: إيقاف انتقال العدوى, والوقاية من الإصابة بالمرض ومضاعفاته.

ولتحقيق ذلك يجب الامتناع التام عن الاتصال والمباشرة والممارسة الجنسية غير المشروعة, أو مع أشخاص يرجح أنهم مصابون بالعدوى مثل الغواني, ولا شك أن التشخيص المبكر للمرض وعلاجه يحدان كثيرا من حدوث مضاعفاته الخطيرة, وعلى المريض أن يكون صادقا مع نفسه ويأتي بمخالطيه لفحصهم وعلاجهم, حيث إن العلاج الناجح والسليم للمصابين بهذه الأمراض يعتمد أساسا على معالجة المخالطين المعروفين, وخاصة (رفيق الجنس المنتظم) وأقصد به الزوج أو الزوجة, لأن عدم معرفة المخالطين جنسيا سيؤدي إلى انتشار الأمراض الجنسية ليظل الخطر ماثلا في أية لحظة!!

السيلان.. والزهري
واضاف د. شعيب: تصوروا معي هذا الرقم المخيف والمفزع والهائل حيث يبلغ عدد المصابين بمرض السيلان سنويا على مستوى العالم أكثر من (25 مليونا)!!, ومن المعروف أن مرض السيلان يعتبر من أكثر الأمراض التناسلية شيوعا, حيث يسبب هذا المرض نوع خاص من البكتيريا التي يمكن اكتشافها تحت المجهر, وذلك بأخذ عينة من الإفرازات التي تخرج من الأعضاء التناسلية للمصاب, ومرض السيلان ليس مرضا حديثا كما يعتقد البعض, بل هو من الأمراض المعروفة منذ القدم إذ يرجع اكتشافه إلى ما قبل الميلاد بأعوام كثيرة تصل إلى ألف وخمسمائة عام وكانت الإصابة بهذا المرض تعتبر أمرا خطيرا ومحيرا حيث إن العلاج في ذلك الوقت لم يكن قد وصل إلى ما وصل إليه الآن من تقدم, لأن اكتشاف المضادات الحيوية لم يتم إلا حديثا في منتصف القرن الحالي تقريبا, وتعتبر المضادات الحيوية هي العلاج الأمثل لهذا المرض, والتي يمكن لبعض الأنواع منها القضاء التام على البكتيريا المسببة لمرض السيلان, لأن عدم استعمال العلاج المناسب يعطي فرصة كبيرة لظهور مضاعفات المرض.

ويؤكد علماء التناسليات أن معظم الحالات التي تنتقل فيها العدوى بمرض السيلان تحدث أثناء الاتصال الجنسي بين شخصين أحدهما مصاب بالمرض وفي بعض الحالات النادرة نجد أن انتقال العدوى يتم عن طريق استعمال الأدوات الشخصية الملوثة بالميكروب كالفوط أو مقاعد المراحيض, أو عن طريق استعمال الترمومتر الشرجي الملوث من شخص مصاب ونقله إلى آخر سليم, وأهم أعراض مرض السيلان هو خروج إفرازات يميل لونها إلى الأصفر أو الأخضر من قناة مجري البول قد يصاحبها شعور بحرقان بسيط أثناء عملية التبول, كما يزداد عدد مرات التبول عند المصاب بصورة تؤرق المريض جدا, وفي هذه الفترة يكون البول ملوثا تماما بميكروب مرض السيلان, وعلى المريض أن يسارع بطلب العلاج حيث تلعب "المضادات الحيوية" الدور الرئيسي في علاج مرض السيلان وذلك بعد التأكد من نتائج المزارع البكتيرية ومعرفة درجة حساسية الميكروب تجاه المضادات الحيوية المختلفة, ويلعب البنسلين المائي الدور الأساسي والفعال في علاج السيلان, وتعد متابعة المريض بدء الشفاء من الخطوات المهمة للوقاية من مضاعفات المرض, وللتأكد أيضا من خلو الجسم من أية أمراض تناسلية أخرى.

خطورة
أما مرض "الزهري" أي "السفلس" والذي يبلغ عدد المصابين به سنويا نحو 2.5 مليون مصاب, فهو يعد من أكثر الأمراض التناسلية خطورة, وتنتقل العدوى به إما عن طريق الاتصال الجنسي أو عن طريق الملامسة واستخدام متعلقات المريض الملوثة, كما يصيب الأطفال عن طريق أمهاتهم, وقد انتشر مرض الزهري انتشارا كبيرا بعد الحرب العالمية الأولى مما دعا إلى قيام حملات للقضاء عليه في معسكرات واسعة مثل معسكرات الجذام, وقد بدأ المرض في أوروبا في القرن الخامس عشر إلى أن نقله بحارة "كريستوفر كولومبس" إلى القارة الأميركية عن طريق الاتصال الجنسي بفتيات هايتي حيث انتشر المرض بسرعة في القارة الأميركية مع بداية القرن السادس عشر.

وتبدأ أعراض المرض الأولى في الظهور على شكل قرحة مميزة للمرض وتظهر على الأماكن التي يدخل منها الميكروب, والتي تكون غالبا الأعضاء التناسلية, أو الجلد المحيط بها, ويصاحب ظهور تلك القرحة تضخم في الغدد الليمفاوية الموجودة في المنطقة المحيطة بمنطقة الإصابة أما المرحلة الثانية من أعراض المرض وخاصة في المرضي المصابين ولم يتلقوا علاجا أو تلقوا بالفعل علاجا ولكنه غير كاف, تظهر أعراض المرحلة الثانية متمثلة في طفح جلدى عام, وصداع مستديم, مع سقوط الشعر, والتهاب حاد في حدقة العين والأذن الوسطي, أما أعراض المرحلة الثالثة المتأخرة فتعرف "بالزهري العصبي" وهي المرحلة المميتة التي تؤثر على القلب والأوعية الدموية, ويعتبر "البنسلين" الممتد المفعول هو أفضل علاج لمرض الزهري, ولكن المهم جدا بعد إعطاء العلاج هو متابعة المريض لمدة لا تقل عن سنتين, للتأكد من تخلص المريض من إصابة الزهري وعدم عودة إصابته به مرة أخرى, كما يجب فحص القريبين من المريضة فحصا دقيقا وإجراء اختبارات لمن يشك فيهم, وذلك لاحتمال العدوى الكبيرة من المريض للمحيطين به وإذا اكتشف حامل للمرض يجب علاجه مثل المريض تماما, ومراقبته ومتابعته لمدة سنتين مع عزله.

طوق النجاة
قبل أن أختم حديثي مع العالم المصري د. محمد عبد المنعم شعيب رئيس قسم الأمراض الجلدية والتناسلية والعقم بطب المنوفية.. سألته: ماذا عن طوق النجاة من الأمراض الجنسية?
يجب أن نعلم جميعا أن هناك صعوبات لا حصر لها تقف أمام الحد من انتشار الأمراض الجنسية.. وللأسف فهي تبدأ بالمصابين أنفسهم فيهملون علاجهم, أو يعالجون أنفسهم بأنفسهم, أو يلجأون إلى المعالجين التقليديين, أو باعة الأدوية الشعبية, أو مدعي الطب, ويحدث كل ذلك خارج نطاق مراكز علاج المصابين بالأمراض المنقولة جنسيا, ولأن "البغاء" يلعب دورا مهما في انتشار الأمراض الجنسية, فإن بعض برامج العلاج الوقائي يتجه إلى هؤلاء النسوة ولسوء الحظ فإن مثل هذه البرامج غالبا ما تكون ضعيفة ولا تصل إلا إلى نسبة صغيرة ربما أقل من 20 في المئة من مجموع البغايا, هذا في حالة العلم الكامل بعددهن وحصرهن, ومعروف أن هذه العلاقات سرية ويصعب حصر عدد هؤلاء البغايا بالدقة المطلوبة, والمحزن أن واضعي السياسة الصحية في البلاد العربية كثيرا ما يقنعون بأنه لا ضرورة هناك إلى توجيه موارد إضافية لمكافحة الأمراض الجنسية في البلاد.

والذي لا يعلمه هؤلاء أيضا أن مقاومة الأمراض الجنسية للمضادات الحيوية ومضادات الجراثيم أصبحت قوية جدا, وأصبحت من المشكلات الكبري في معظم البلدان النامية, مما يؤدي إلى انتشار وتفاقم خطورة هذه الأمراض, كما أن كثرة الاختلاط بين مختلف الشعوب والأجناس عن طريق السفر والسياحة والهجرة ساعدت على انتشار هذه الأمراض, وأيضا اختفاء عامل الخوف من الحمل, حيث أن ظهور وسائل منع الحمل ساعد كثيرا على انتشار العلاقات الجنسية غير السوية وغير المشروعة, والمثير للعجب فعلا أن استخدام المضادات الحيوية وجد فيه هواة النشاط الجنسي وسيلة إغراء بدلا من وسيلة رده, حيث تلعب المضادات الحيوية دورا أساسيا في علاج الأمراض الجنسية.

إذا كنت ممن يمارسون العلاقات الجنسية غير المشروعة فأعلم أن "صحتك" في خطر بالغ وأنه لا نجاة لك من هذا الوحش المخيف إلا أن "تستعصم" وتمتنع تماما عن إقامة أية علاقات جنسية غير مشروعة ومتعددة مع نساء مختلفات, لأن الثمن قد يكون غاليا جدا فقد تصاب بالعقم والحرمان من نعمة إنجاب الأطفال, أو ضعف الإخصاب, أو سرطان الرحم عند النساء, لأنه للأسف الشديد أثبتت الإحصاءات الحديثة أن تيار الأمراض الجنسية في حالة مد وانتشار ليس كما يظن البعض في حالة انحسار.

خمسون مليوناً ضحايا "الكلاميديا" في العالم من الجنسين و"التريكوموناس"

يفتك بالشابات ويفضي إلى الإيدز

/ في الحلقة الماضية استعرضنا أهم الامراض الجنسية ونسبة الاصابة بها مع الدكتور محمد عبد المنعم شعيب واليوم يلقى الدكتور محمد طارق أنيس أستاذ طب وجراحة الذكورة والتناسل في طب القاهرة ورئيس الجمعية المصرية للضعف الجنسي,الضوء على بعض الأمراض الجنسية ومدى خطورتها على الإنسان والأسرة والمجتمع فيقول:

»الكلاميديا«
من الأمراض التناسلية البكتيرية الخطيرة التي تصيب كلا الجنسين وتسبب الكثير من المضاعفات الصحية ويقدر عدد المصابين به بنحو 50 مليون مصاب على مستوى العالم, ويصيب أكثر من أربعة ملايين شخص سنويا في الولايات المتحدة الأميركية, ويعد هذا المرض أكثر شيوعا بين الشباب والمراهقين ويؤدي إلى عقم النساء إذا لم يتم علاجه مبكرا, كما تصيب الكلاميديا الرحم وتسبب تلف قنوات فالوب كما ينتج عنه أن تحمل المرأة حملا كاذبا في القناة وليس في الرحم.

الصامت
ونظراً لأن هذا المرض لا يظهر أعراضه على المصاب فقد سمي بالمرض المعدي الصامت حيث أكثر من 75 في المئة من النساء المصابات و25 في المئة من الرجال المصابين لا يشكون من أي أعراض, إلا أنه تظهر بعض الأعراض مثل إفرازات جنسية غير طبيعية من القضيب مع حرقان أثناء التبول لدى كلا الجنسين, وقد تعاني المصابات أيضا من آلام أسفل البطن وأيضا أثناء عملية الجماع إضافة إلى نزيف مهبلي كما يشعر الرجال بتورم الخصيتين والحكة حول فتحة القضيب.

أما فيما يتعلق بكيفية اكتشاف المرض فأنه لابد من عمل الفحوصات اللازمة وهي نوعان.. أولهما الحصول على عينه من الإفرازات من المنطقة المصابة (المهبل أو القضيب), والثانية أخذ عينة من البول وهي الطريقة الشائعة في الفحص الآن.. وبعد التشخيص الدقيق للمرض يتم معالجته بالمضادات الحيوية ولكن في كثير من الحالات لا يعود المريض إلى حالته الصحية التامة حتى بعد العلاج.

أما في حالة الإهمال في العلاج فإن أكثر من 30 في المئة من النساء يحدث لهن الداء الالتهابي الحوضي (P.L.D) والذي قد يؤدي إلى الحمل الهاجر والعقم وآلام مزمنة في الحوض, أما في الرجال فيصابوا بالتهاب حاد بالخصية يؤدي إلى العقم. وبالنسبة للأم المصابة قبل الحمل وبعده فيؤدي إلى حدوث ولادة مبكرة ويصاب الجنين بالتهاب رئوي وأمراض بالعينين لالتقاطه جرثومة المرض من أمه المصابة. وللوقاية من هذا المرض اللعين يجب الابتعاد التام عن ممارسة الجنس في غير طرقه الشرعية.

تقبيلة السخونة
اضاف الدكتور محد طارق ان »العقبول التناسلي الفيروسي« من الأمراض الجنسية الذي ينتقل عن طريق التماس الجنسي المباشر مع مكان مصاب خلال ممارسة الجنس عن طريق المهبل أو الشرج أو الفم.. وهناك سلالة أخرى من الفيروس تسبب العقبول البسيط أو ما يسمي (بتقبيلة السخونة) وهذه السلالة تنتشر بالتماس غير الجنسي وهي تسبب عادة تقرحات في الشفة ومع ذلك فإن تقبيلة السخونة (العقبول البسيط) قد ينتقل عن طريق ممارسة الجنس بالفم فيسبب الإصابة بالعقبول التناسلي.

و تقتصر أعراض هذا المرض عادة على الحكة المستمرة مع حدوث آلام في الساقين والاليتين والمنطقة التناسلية مع نزول إفرازات كريهة من المهبل, وأيضا حدوث تقرحات مؤلمة في المناطق التناسلية وأيضا على الاليتين والفخذين والشرج مع إمكانية حدوث هذه التقرحات في أجزاء أخرى من الجسم.

ومن الغريب أنه لا يوجد دواء شاف لهذا المرض, حيث أن الأدوية المضادة للفيروسات عادة ما تفيد في إنقاص عدد مرات الانتكاسة بالإصابة حيث تعود عادة للظهور من جديد.
واوضح ان الأشخاص المصابين بهذا المرض يكونون أسرع عرضة للإصابة بالإيدز.. كما أن النساء الحوامل اللاتي يتعرضن للإصابة بهذا المرض يكن عرضة للولادة المبكرة, و في حالة حدوث هجمة المرض قبيل المخاض تجعل من الضروري إجراء ولادة قيصرية لأن الانتان إذا ما انتقل إلى الوليد أثناء المخاض فقد يؤدي إلى موته أو إلى حدوث سكتة دماغية خطيرة له.
وأكد أن الواقي الذكري لا يمنع انتقال العدوي لأنها من الممكن أن تنتقل عبر التقرحات الموجودة في المنطقة التناسلية.

التهاب الكبد
وأضاف الدكتور طارق ان التهاب الكبد (B) يعتبر من الأمراض الفيروسية التي تنتقل للشخص عن طريق ممارسة الجنس بالطرق المختلفة وأيضا بواسطة وخذ الجلد بأبر وأدوات ملوثة بالفيروس كأدوات طبيب الأسنان الملوثة أو منتجات دموية ملوثة عبر نقل الدم. والغريب في الأمر أن ثلثي المصابين بهذا المرض لا يشكون من أية أعراض التي تتمثل في ارتفاع درجة الحرارة, وصداع شديد, وآلام عضلية مزمنة, وتعب وإرهاق مستمر, مع فقدان الشهية, مصحوبة بالقئ وإسهال, تغير لون البول إلى اللون الغامق وآلام في البطن, اصفرار الجلد والعين.

ومن خطورة هذا المرض أنه ليس له علاج شاف رغم أن معظم الأعراض تزول خلال 4 - 8 أسابيع إلا أن بعض الأشخاص المصابين يتطور لديهم إلى انتان مزمن وفي هذه الحالة يتطور المرض إلى سرطان الكبد مع اضطرابات في جهاز المناعة.
وقال: النساء المصابات ينقلن المرض إلى أطفالهن بنسبة 90 في المئة حيث يكون هؤلاء الرضع المصابون عند الولادة ضمن خطر حدوث أمراض الكبد وسرطان الكبد وهم قابلين لنقل العدوي والفيروس.

والوقاية من هذا المرض قال: يجب الامتناع عن ممارسة الجنس مع أشخاص مصابين وخاصة عن طريق الشرج حيث أن سوائل الجسم كالدم والمني ومفرزات المهبل يمكن أن يحدث التماس معها.. علما بأن الواقي الذكري لا يقلل من خطر العدوي, كما يجب الامتناع عن حقن الجلد بأبر مشتركة, أيضا الامتناع التام عن تعاطي المخدرات عن طريق الإبر كما يجب الإسراع فورا إلى الطبيب في حالة حدوث أي من الأعراض التي سبق ذكرها. وقد ثبت أخيرا أن مرض فيروس (C) المعروف باسم »الكبدي الوبائي« أنه ينتقل عن طريق الممارسة الجنسية وهذا ما لا يعرفه الكثيرون لذلك لابد للمريض به استخدام الواقي في المعاشرة الزوجية.

أوسع الامراض انتشاراً
واوضح الدكتور محمد طارق ان نسبة الاصابة بمرض التريكوموناس تقدر بنحو 5 مليون حالة جديدة كل سنة بين النساء والرجال وهو أوسع الأمراض انتشارا وينتقل عن طريق الجنس بين النساء الشابات النشيطات جنسيا ويسمي التريكوموناس المهبلي. وينتقل عبر الممارسات الجنسية وأيضاً طريق استخدام أغراض الحمام مثل (الليفة, المنشفة) التي يستخدمها الطرف المصاب بالمرض حيث يظل العامل الجرثومي المسبب للمرض حيا في الأشياء الملوثة. مما يساعد على انتقال المرض لأشخاص أصحاء.

ومن أعراض هذا المرض في النساء حدوث إفرازات مهبلية شديدة صفراء أو خضراء اللون على هيئة رغاوي, مع حدوث صعوبة وشعور بالألم في التبول وأيضا صعوبة وألم في الجماع مع حدوث حكات مؤلمة, ويعاني الرجال المصابون من التهاب حاد في شفة القضيب أو حدوث آفات في القضيب نفسه, مع حدوث التهابات في كيس الصفن. ويمكن معالجة هذا المرض والمصابين بهذا المرض عن طريق المضادات الحيوية الخاصة بالجراثيم بجرعات معينة مع عمل التحاليل المستمرة بعد انتهاء فترة جرعات المضادات لمعرفة مقدار حجم الشفاء.

اضافة انه من عواقب هذا المرض على المرأة الحامل أنه يسبب تمزقا في الأغشية المحيطة بالجنين مما يسبب في حدوث ولادة مبكرة.. كما أن النساء المصابات بالتهابات الأعضاء التناسلية بسبب المرض تزداد فرصة احتمال اصابتهن بمرض نقص المناعة (الإيدز) مما يساعد على نقله إلى كل من يجامعهن.

أما عن الوقاية الأكيدة من هذا المرض فهو الامتناع تماما عن ممارسة الجنس خارج النطاق الشرعي سواء عن طريق المهبل أو الشرج أو الفم, كما أحب أن أوضح أن الواقي الذكري المطاطي وغيره من الحواجز لا يمكن أن تمنع خطر العدوي بنسبة 100 في المئة, كما ينبغي عدم استعمال متعلقات الاخرين مثل المناشف والليف وما شبه ذلك.

مرض فتاكو
وعن الثآليل التناسلية.. قال د.طارق: هي مرض فيروسي جنسي من الأمراض الفتاكة حيث ينتقل من شخص مصاب إلى شخص عادي عن طريق ممارسة الجنس بطرقه المختلفة, ويظهر على شكل تورمات لحميه تشبه القرنبيط تظهر على الأعضاء التناسلية والشرج والحنجرة وهي تورمات غير مؤلمة ويتم علاجها بواسطة الكي الكيماوي أو بالتبريد أو بالجراحة أو بالليزر.علما أن هناك بعض السلالات من فيروس (HPV) الذي يسبب الثأليل التناسلية تترافق مع سرطان عنق الرحم وكذلك سرطانات الفرج, والمهبل, القضيب, الشرج..والحقيقة أن فيروس (HPV) هو السبب لأكثر من 90 في المئة من سرطانات عنق الرحم الذي يقتل نحو 5000 امرأة أمريكية سنوياً. ولهذا المرض تأثير كبير على الجنين أثناء الولادة إذا ما تعرض عند خروجه من القناة التناسلية للفيروس فيؤدي إلى حدوث ثأليل في الحنجرة يمكن أن تسد المجاري الهوائية فإذا لم تزال فورا فإنها تؤدي إلى وفاته.

واضاف: هناك أمراض أخرى مثل شانكرويد Chancroid ينتقل أيضا عن طريق الممارسة الجنسية وتظهر أعراضه خلال خمسة أيام من الإصابة على هيئة قرح على الأعضاء التناسلية مصاحبة لآلام حادة مع تضخم بالغدد الليمفاوية في أعلى الفخذ, ويتم تشخيصه معملياً وهو معدي أيضا.

وهناك أيضا مرض كونديلوما وهو نوع من أنواع السنطة على هيئة بروزات لحمية تنتشر في جلد الأعضاء التناسلية وفي أغلب الحالات تكون خارجه من فتحة البول, كما أنها معدية وتنتقل عن طريق الممارسة الجنسية, وأحياناً توجد هذه البروزات داخل قناة مجري البول وتسبب نزول دماء ويتم تشخيصها عن طريق عمل منظار, ويعطي العلاج اللازم بواسطة دهانات معينة وفي بعض الحالات الشديدة يتم إزالتها بالليزر, وهناك حالات يتم شق قناة مجري البول لمعالجة الإصابات الموجودة بها.

أما مرض الحوصلة الليمفاوية الجنسية فان أعراضه تورم بالغدد الليمفاوية الأربيه, ونظرا لالتصاق هذه الغدد بالجلد تخرج صديد عن طريق فتحات عديدة عبارة عن ناصور متعدد الفتحات وتمتد إلى داخل الحوض تؤدي إلى التهابات شديدة الألم في الشرج والمهبل والمثانة ومعظم الأعضاء التناسلية, ويتم تشخيص هذا المرض عن طريق التحليل المعملي بطريقة معقدة جدا.

وقال: هناك أمراض أخرى مثل »القرح اللين«: وهي عبارة عن قرح مفلطحة كبيرة تظهر على الأعضاء التناسلية تسبب آلاماً شديدة للمريض حيث تتمزق هذه القرحات مسببة طفح صديدي على الجلد, وهناك أيضا الجيبوم المغبني وهي عبارة عن تقرحات غير مؤلمة ولكنها تتمدد وتؤدي إلى نزيف مستمر. أما المليساء السارية فهي مرض فيروسي يسبب آفات مخاطية على المناطق التناسلية وحول الشرج في الناس اللاواطيين.

وهناك التهابات عنق الرحم التي تسبب نوعاً من الصديد المخاطي يسمي "المخاطي المقيح" وهو مرض جرثومي ينتقل عبر الممارسات الجنسية المختلفة يسبب آلاماً شديدة يصعب تحملها وهو يؤدي إلى العقم التام للمرأة وفي بعض الحالات يؤدي إلى الوفاة. أما الجرب الجنسي فهو نوع من أنواع الجرب على شكل جيوب تظل لمدة طويلة وهو مرض طفيلي ينتقل عن طريق الممارسة الجنسية لذا فهو ينتقل عن طريق التماس الجنسي ونادرا ما ينتقل عن طريق الألبسة الخاصة بالشخص المصاب يؤدي لحدوث حكة مستمرة تنتاب المريض ويعالج بعلاجات الطفيليات.

وأيضا هناك مرض قمل العانة وتسببه حشرة قمل العانة التي تصيب معظم المناطق المشعرة بالجسم ونادرا ما تصل إلى شعر الرأس, وتبدأ الإصابة بمنطقة العانة وحول الشرج وينتقل بالتماس الجنسي أو عن طريق ملابس شخص مصاب به.

آثار
وحول الآثار التي تتوقف على الإصابة بهذه الأمراض يقول الدكتور محمد طارق : الإصابة بالأمراض الجنسية تؤثر على القدرة الإنجابية المستقبلية, كما أنها تؤثر على القدرة على العمل و التعليم كما أنها تؤدي إلى آثار اقتصادية سيئة كبيرة فمثلا الأعداد التي تعالج على حساب الدولة من هذه الأمراض تكلف ملايين الملايين من الدولارات لأن علاج هذه الأمراض مكلف جداً وممكن أن يصل إلى آلاف الدولارات في الشهر الواحد.

واضاف: الشيء الغريب أن المصابين بهذا المرض يسببون مشكلة فقد جاءني أشخاص يخبروني أن قريباً لهم مصاب بالإيدز وعملوا له التحاليل اللازمة وتأكدوا من ذلك, ولم يتمكنوا من إبلاغه بالمرض.. رافضين إبلاغه لأنه لو عرف سينتحر وسينفر منه أفراد الأسرة والأصدقاء, ولكني أكدت لهم على ضرورة إبلاغه لأنه ممكن أن يعيش مع أسرته بشكل عادي لأنه لو علم حقيقة مرضه فلن ينقل المرض الي افراد اسرته.. ويتجنب طرق نقل العدوي وممكن أن يمارس حياته الطبيعية في منزله وعمله فهذه آثار اجتماعية كارثة على الأسرة.. لأن الناس تنعزل عن مريض الإيدز وما لا شك فيه أن هذه الأمراض تؤثر على كفاءة الإنسان في أداء العمل مما يجعله غير قادر على العمل وهذا يؤدي إلى انخفاض دخل الأسرة اقتصاديا ويجعلها في حالة انهيار تؤدي إلى التفكك والضياع.

وفي النهاية نكرر القول: إذا كنت ممن يمارسون العلاقات الجنسية غير المشروعة فأعلم أن "صحتك" في خطر بالغ وأنه لا نجاة لك من هذا الوحش المخيف إلا أن "تستعصم" وتمتنع تماما عن إقامة أية علاقات جنسية غير مشروعة ومتعددة مع نساء مختلفات, لأن الثمن قد يكون غاليا جدا فقد تصاب بالعقم والحرمان من نعمة إنجاب الأطفال, أو ضعف الإخصاب, أو سرطان الرحم عند النساء, لأنه للأسف الشديد أثبتت الإحصاءات الحديثة أن تيار الأمراض الجنسية في حالة مد وانتشار ليس كما يظن البعض في حالة انحسار.