ترديد «لفظ الجلالة» في «اليوغا» كفيل بتقوية الضلوع وتطهير القناة الهضمية من السموم

في عالم كثرت فيه المشكلات والأزمات وحالات الأرق والتوتر، وفي عصر زادت فيه الضغوط العصبية والنفسية وحار الإنسان طويلا للتخلص من هذه المظاهر والسيطرة على كل ما يعترض حياته للعيش براحة وطمأنينة، كان الاتجاه نحو «اليوغا».

فاليوغا إذن هي المفتاح والوسيلة التي تمنح الانسان الراحة والاسترخاء كونها فلسفة الروح، العقل والجسد والاتحاد بينهما للتخلص من الغوغائية والأنانية للاتجاه نحو الحكمة، بل تذهب اليوغا إلى أبعد من ذلك حيث تمكن الانسان من استعادة طبيعته الروحية وبناء صلة وصل بالخالق من خلال ساعات التأمل التي يعيشها في اليوغا.

وبما ان اليوغا علم اتسم بالغموض كان لـ «الرأي العام» هذا اللقاء مع اخصائية اليوغا الحاصلة على شهادة من الأكاديمية الهندية حصة الشميمري لتسلط الضوء أكثر على هذه الرياضة:
كيف تعرفين اليوغا؟
- اليوغا هي علم منبثق من المعرفة الهندية وتعني الاتحاد بين الجسم والعقل وتعود اليوغا إلى حوالي ثلاثة الاف سنة، وهي عبارة عن حركات طقوس وأحرفها عبارة عن معان مأخوذة من عدة حركات لخصت بكلمة (YOGA).

ولقد كانت حياة الناس قديما تتسم بالقساوة لذلك لجأوا إلى ممارسة رياضة اليوغا والتي تعطيهم القدرة على التحمل وقوة الصبر حيث لوحظ ان الذين يلعبون اليوغا لديهم قدرة كبيرة على التحمل والسيطرة على العضلات اللاإرادية في الجسم.
اضافة إلى ان اليوغا تحقق الارتباط والتوازن بين ثلاثة عناصر مترابطة كالعقل، الجسد والتنفس وهذه العناصر مرتبطة مع بعضها بشكل وثيق حيث إنه لكي يكون الجسد نشيطا يجب ان يتفاعل العقل مع النفس، والسيطرة على العقل وتهدئته تتم من خلال تهدئة النفس، كما يمكن تهدئة النفس من خلال ابطاء النشاط الجسماني.

ما الهدف من لجوء الانسان إلى اليوغا وما فوائدها؟
- يلجأ الناس إلى اليوغا لأسباب عدة اولها ان تمرينات اليوغا لا تحتاج إلى قوة جسدية كبيرة لانها تتصف بعدم العنف، وتعطي مهارة جسدية من دون تعب أو اجهاد.
اضافة إلى ذلك فاليوغا تعتبر من أهم الرياضات التي تعمل على تنشيط العقل وتقوية الذاكرة، وتعمل على تخفيف التوتر والقضاء على الأرق، واضافة إلى هذه الفوائد تعمل اليوغا ايضا على تخفيف آلام الظهر وتقوية مناعة الجسم وتنسيق الشكل الخارجي له.

هل هناك عمر محدد لممارسة اليوغا؟
- لا ابدا، فاليوغا تصلح لجميع الاعمار سواء كبار، حوامل واطفال حيث يجب ان نبدأ بالأطفال عن طريق اللعب المسلي واليوغا مسلية بحد ذاتها، وايضا اليوغا تصلح للمراهقين خاصة إذ تجعلهم اكثر هدوءا وراحة وتمنعهم من ممارسة عادات سيئة كالتدخين والمخدرات, اضافة إلى ذلك فهي تمنحهم صحة جيدة وتقوي ذاكرتهم وتساعدهم في الدراسة.

هل يمكن للاشخاص الذين يعانون من امراض معينة (القلب، الضغط والسكري) لعب اليوغا؟
- في الواقع اليوغا تختلف كثيرا عن الرياضات العادية والتي قد تؤدي إلى حالات وفاة تحدث نتيجة اللعب الخطأ في النوادي، اضافة إلى حدوث آلام مزمنة في الظهر (ديسك) وآلام تحدث في الجسم نتيجة الجهد الذي يبذل وخاصة عندما تكون مفاصل الجسم غير مرنة، فلا يستطيع عندها الانسان ممارسة الرياضة بشكل صحيح، فلذلك تحدث هذه الآلام والتي قد يعاني منها الانسان لفترات طويلة.

أما ممارسة اليوغا فعلى العكس، يمكن لأي انسان ممارستها حتى وان كان يعاني من امراض في القلب، السكري والضغط لان هذه الرياضة لا تحتاج إلى جهد كبير لكي يبذله المريض، اضافة إلى ان ممارسة اليوغا في البداية تعتبر تأهيل للجسم لكي يمارس بعدها الرياضات العادية الاخرى، لان الجسم يكون عندها مؤهلا ومرنا لممارسة جميع انواع الرياضات دون حدوث أي ألم.

كيف يمكن للانسان تعلم اليوغا؟ وما الامور والارشادات التي يجب ان يلتزم بها قبل اليوغا؟
- في البداية على الانسان ان يمارس اليوغا بشكل صحيح فكرا وحركات، ولا بد من الذكر انه يجب ان نحذر من ممارسة اليوغا عن طريق الاشرطة والمسجلات لان بعض الحركات يجب ان تكون تحت انظار المدربين فهي صحيح انها هادئة وبسيطة، ولكن يجب ان تكون متناغمة بالحركة.

أما بالنسبة للارشادات فعليه تجنب الملابس الضيقة وتعرض الجلد للهواء لانه يتنفس, كما يجب ان يمدد الجسم قبل اللعب ويكون هذا التمدد مع عملية التنفس المطولة، كما يجب ان نعتني بالزفير اكثر مما نعتني بالشهيق لانه متى كان الزفير ناجحا ومضبوطا فسيتدبر الشهيق أمره بنفسه.

واضافة إلى هذا كله فعلى الانسان ان يتناول طعاما طبيعيا وصحيا اضافة إلى تناول كميات كبيرة من الماء وعصير الفواكه والمشروبات الطبيعية (كالأعشاب).

هل من امراض يمكن معالجتها خلال اليوغا؟
- نعم، أْكيد اولهم الصداع النصفي وانا عالجت حالات من هذا النوع حيث إن سيدة كنت اعلمها اليوغا وكانت تعاني من صداع نصفي، فعندما بدأت باليوغا خف الصداع كثيرا لان اليوغا تحرك عضلات الرقبة وهذه السيدة كانت تعاني من عدم تناسق فقرات الرقبة مع بعضها، وهذا لا يعني ان كل صداع نصفي هو من الرقبة، ولكن حركات اليوغا تساعد في تدفق الدم الموجود بالشريان إلى الرأس, واضافة إلى الصداع النصفي فاليوغا مفيدة للربو ايضا والدليل على ذلك دراسة اجــــــراهــا باحثون في بريطانيا على اشخاص مصابين بالربو حيث لاحظوا تحسنا كبيرا عندما استخدموا التنفس في اليوغا، كما وجدوا ان المرضى حصلوا على مقاومة كبيرة ضد آثار الهستامين التي تفرز في الجسم وتؤدي إلى نوبة ربوية وذلك من جراء ممارستهم تمارين التنفس في اليوغا.كما يمكن لليوغا ان تخفف نسبة الاصابة بالكوليسترول وآلام الظهر حيث يمكن لليوغا ان تشد الظهر وتخفي الآلام وتمنع من حصول الحدب في الظهر.

كما نعلم ان التنفس شيء اساسي في اليوغا، فكيف تتم هذه العملية؟
- هناك انواع كثيرة لعملية التنفس كالتنفس العميق، تنفس عن طريق البطن وتنفس النار وهو التنفس الذي يعطي حيوية سريعة وحرق سريع وايضا يمنح دفء اكثر في الجسم.
وهناك ايضا انواع اخرى للتنفس اهمهم التنفس التبادلي ويعني هذا التنفس ادخال الهواء من احدى فتحتي الانف واخراجه من الفتحة الأخري، وهذه العملية تساعد على ضبط النفس، والسيطرة على الاعصاب والهدوء، وهي جزء من حركات اليوغا، فأجلس منتصبة الجذع واسند عليه باسترخاء ثقل الرأس والرقبة

ثم اقوم باغلاق احدى فتحات الانف بإبهام اليد بعد ان اطرد الهواء من الرئتين لأتيح المجال لدخول هواء جديد من الفتحة اليسرى للأنف ببطء ومن دون اي جهد، ثم اغلق الفتحة اليسرى للانف بسبابة اليد اليمنى مع ابقاء اليمنى مسدودة بالإبهام واكتم النفس بهدوء لفترة معينة ثم ارفع الابهام عن فتحة الانف اليمنى ليخرج الهواء مع بقاء اليسرى مسدودة، فيدخل الهواء مرة اخرى لكن الفتحة اليمنى هذه المرة مع سد الفتحة اليسرى بالسبابة وغلق الفتحة اليمنى بالابهام ثم اكتم النفس واسترخي, ويجب ان تستغرق كل مرحلة عدة ثوان بادخال الهواء من فتحة الانف ثانيتين وكتم النفس ست ثوان، واخراج الهواء من الفتحة الاخرى اربع ثوان اي ان الفترة التي يستغرقها اخراج الهواء تعادل ضعف الفترة التي يستغرقها ادخاله.

ما المراحل التي تتم فيها عملية التنفس؟
- عملية التنفس تجرى على اربع مراحل، والواحدة تلو الاخرى في الحال.
اولا هناك مرحلة السكون او التوقف عن اخراج النفس ثم نبدأ بالشهيق وبعدها مرحلة السكون او التوقف عن التنشق ومن ثم اخيرا مرحلة الزفير.

وتعتمد هنا صحة الجهاز التنفسي إلى درجة كبيرة على كمية الهواء المتنشق ونوعيته ومن ثم يعتمد على الاسلوب الايقاعي التوازني الذي يلزم المرء خلال مراحل التنفس الأربع وثالثا على كمال تلك المراحل وانجازها.

ولكي تجرى عمليات التنفس بشكل صحيح يجب اتباع وصايا عدة اولها تنظيف الانف كليا من الجراثيم التي تكون قد تجمعت في الممرين اضافة إلى ضرورة الاعتناء بالفم والاسنان والابتعاد عن استخدام ماء بارد او حار جدا عند الوضوء كما ينبغي في التنفس ان يكون الفم مغلقا لان فتح الفم قد يؤدي إلى تهيج الحنجرة.

يقال انه خلال ممارسة اليوغا ممنوع التحرك؟
- لا، ليس ممنوع التحرك، فخلال اليوغا يمكننا الكلام والضحك ولكن عندما يكون الانسان يمارس اليوغا وهو في حالة من التأمل فإذا أتى شخص وقاطعه ينزعج فقط لانه فـــي حــــــالــة استرخاء وتأمل اضافة إلى انه يجب ان يحافظ على النفس حسب الحركة.

ما مدى دور التأمل في اليوغا؟
- التأمل شيء اساسي ومهم في اليوغا، ويأتي في المرحلة الثالثة منها حيث نبدأ بالتسخين الهادئ ثم التمارين فالتأمل.

ما المدة الكافية لكي يحصل الانسان على الفائدة المطلوبة من اليوغا؟
- اليوغا يمكن لعبها عشر دقائق، ويمكن نصف ساعة وتودي إلى الفائدة المطلوبة في كل لحظة نمارس فيها يوغا على عكس الرياضات الاخرى والتي لا يمكن ممارستها اكثر من ساعة في اليوم على ألا تتجاوز الثلاث مرات في الاسبوع.

بالنسبة للاشخاص الذين يمارسون اليوغا ومن ثم ارادوا ايقافها فهل من تأثيرات سلبية عليهم؟
- يفقدون المرونة وانا برأيي اهم شيء هو مرونة الجسم.

ما أنواع اليوغا؟
- هناك انواع عدة لليوغا منهم الكوندليني وهو عبارة عن خليط بين التأمل والحركات وهناك الهافا، الاريوغا، الميدتيش وكل واحدة منهم تختلف عن الاخرى، وهناك يوغا مخصصة للشباب تسمى «المحارب» حيث تكون فيها الحركات والتنفس قويان.

أخيرا هل لليوغا علاقة بالدين؟
- يعني في الواقع ليس لها اي علاقة بالدين فهي فقط رياضة تهدف إلى راحة الانسان ويمكن للذين يقومون بها استغلال اوقات التأمل بالتسبيح والتفكر في خلق الله والاستغفار ولكن يجب ان ينتبهوا في الكويت من ترداد كلمات غير مفهومة حيث اشتكت بعض السيدات المشتركات في بعض النوادي الرياضية التي تعطي دروس اليوغا من مدربات تؤدي اليوغا بطريقة الطقوس الدينية الوثنية وذكر اسماء لا صلة لها بديننا عن طريق الترانيم والكلمات التي تتكرر دائما في التمارين باسم «مانترات بيجا» او المانترات الاساسية والتي تستخدم لتقوية الاحبال الصوتية التي تعتبر بالطبع جزء من الجسم ويحتاج إلى تمارين كغيره من سائر اجزاء الجسم، فمن هنا يجب ان نكون حذرين جدا في اختيار التمارين ونوعيتها ومعرفة الاجزاء المخصصة فيها والتي تخص عبادتهم وتبعد عنا شبهة التشبه بالوثنيين وخاصة تمارين «السوريانا ماسكار» المقصود فيه عبادة الشمس، الركوع والسجود لتقديم الابتهالات إلى الشمس

والتي يقصد فيها -والعياذ بالله- ان الشمس هي واهبة الحياة، ويرى فيها الوثنيون النور والدفء والصحة والامن والغذاء لان الشمس تطهر ما فسد او تعفن بالجراثيم المؤدية اثناء الظلام وهي تسبب نمو النباتات والفاكهة وغير ذلك من الاغذية وتساعد على نضجها، لذلك كانت الشمس بالنسبة لهم والعياذ بالله واهبة الحياة، لذلك يجب ان نضع خطا فاصلا بين كل ما هو داخل من الناحية النفسية في صلب العقيدة وبين ما هو طيب وصالح في حد ذاته، والقواعد الصحية يجب اعتبارها مستقلة تماما عن المعتقدات الدينية ولكن ايضا على محبي اليوغا ان يفهموا ما يؤدونه وعدم تردد كلام غير مفهوم،

وكما قلت سابقا يمكنهم ان يستغلوا اوقاتهم في اليوغا والتأمل بالاستغفار والتقرب من الله وهذا بالطبع يؤثر ايجابيا في الاجهزة الحيوية للجسم مثل القلب والمعدة والمخ، ولو علمنا ان ترديد كلمة «الله» وحدها بصوت مرتفع قليلا كفيلة بتقوية الضلوع وتطهير القناة الهضمية من السموم وطرد الخمول وتنشيط الجزء العلوي من الرئتين وتقويتها مما يساعد على الشفاء من الربو والنزلات الشعبية وامراض الرئة الخطيرة.

وقد يرى البعض انه لا ضرورة من تمارين اليوغا طالما انها مبعث شك، ولكن الحق يجب ان يقال في علم اليوغا انه رياضة للجسم والروح وعلاج لكافة الامراض الجسمانية والنفسية وفيه يتحقق الشباب الدائم والحرب على المرض والشيخوخة، وعشر دقائق فقط كل صباح كفيلة بتحقيق النشاط والقوة الكافية واذا ثابر المتمرن بالاخلاص على أداء التمرينات فستلاحظ خلال ثلاثة اشهر تغييرا في نفسه وفي كل ما حوله وسيشعر بالراحة لما تؤديه وظائف الجسم بكفاءة افضل مثل الاكل والهضم والنوم اضافة إلى انه سيجد نفسه اصبح اكثر تيقظا من الناحية الذهنية وسيشعر بسعادة كبيرة في حياته خاصة اذا اقترنت التمارين بالتقرب من الله سبحانه وتعالى.