إلا الشتاء النووي

أنيس منصور

موعدنا الساعة العاشرة من مساء يوم الجمعة الثالث عشر من ابريل سنة ألفين وتسعة وعشرين.
ففي هذا اليوم يتجه (نجيم) في مدار على مسافة اثنين وعشرين ألف كيلو متر من الأرض ـ أي ما يعادل عشر المسافة بين الأرض والقمر، وبسرعة ثلاثين ألف ميل في الساعة. وقطر هذا الجسم ثلاثمائة وعشرون ميلاً (قطر الأرض ثمانية آلاف ميل).. وهو الآن يدور حول الشمس مرة كل ثلاثمائة وأربعة وعشرين يوماً. أما مداره فبين الأرض والزهرة والمريخ.

ويؤكد العلماء أن اقتراب هذا الجسم من الأرض لن يؤدي إلى اصطدامه بأية أجهزة علمية أطلقناها حول الأرض. إنه احتمال بعيد جداً.. وقد رصد العلماء هذا الجسم في الخريف الماضي، وهو أحد الأجسام العشرة التي اقتربت من الأرض من دون خوف علينا، وبعض هذه الأجسام صغيرة لدرجة أن قطرها يبلغ ثلاثة كيلومترات.

وكثيراً ما اصطدمت بالغلاف الجوي للأرض وتحولت إلى ذرات وقليل منها اصطدم بالأرض وأحدث دماراً وانهياراً وتجاويف وأخاديد وأهلك الزرع والضرع ـ أخطرها ما حدث من ستين مليون سنة فأحدث التجاويف الهائلة في أميركا. وأدى إلى القضاء التام على الديناصورات التي تسلطت على الأرض ستين مليون سنة..
وفي الخريف الماضي اقترب من الأرض جسم شهير اسمه (توتاتس) طوله خمسة كيلومترات وعرضه ثلاثة، وكان على مدى مليون كيلومتر من الأرض أي أربعة أمثال المسافة بين الأرض والقمر.

فماذا لو اصطدم بالأرض؟
سوف تكون له قوة انفجار عشرة قنابل هيدروجينية اشتعلت في وقت واحد، وتتحول كثير من الأرض الزراعية إلى صحار، وموت كل كائن حي بما في ذلك الأشجار والطيور والأسماك. أما اذا سقط في المحيط فسوف تكون له موجات عاتية كاسحة تقضي على الحياة كلها.. ويتغير جو الأرض وتثور تراب ورمال تحجب الشمس وتعيش الأرض سنوات في ما يسمى (بالشتاء النووي) ـ أي الشتاء الذي خلقه التراب الذري، كما حدث في نجازاكي وهيروشيما.. (وقد عرفت الكويت مثل هذا الشتاء الأسود أيام الغزو العراقي واحتراق ملايين الأطنان من البترول وانطلاق سحب سوداء تسد عين الشمس وتعزل الأرض عن حرارتها ونورها).
ويؤكد العالم الأميركي ستيف شيزلي من هيئة الفضاء الأميركية انهم رصدوا هذا الجسيم تماماً.. وأيقنوا أنه لا خوف علينا من اقترابه ومروره في مدار بين الأرض والمريخ والزهرة وحول الشمس ليعود إلينا بعد ألف وثلاثمائة سنة!

شيء عجيب: ان علماء الفلك حريصون على ترويع الناس البسطاء أمثالنا. كأن الذي نعانيه في ومن الأرض وأهل الأرض قليل!

وليس عجيباً أن يجيء عالم فضاء آخر ويقول إنه ليس مستريحاً لما قاله العالم شيزلي: اذ كيف يقطع بأنه لا خطورة علينا. الخطورة قائمة ومن الممكن أن يظهر لنا جسم آخر من حيث لا ندري ويصطدم الاثنان على مرأى من سكان الأرض؟!
يعني ايه؟ يعني اذا كنت قد وضعت يدك على خدك، فأرجو أن تضعها على قلبك وتطلب من الله، ولا يكثر على الله أن يختار إلى جواره كل علماء الفضاء ـ شكراً يا رب!