وداعا للفاكس

عبد الله باجبير

هل بدأ العالم بالفعل يتجاوز حضارة الورق التي حكمته على مدى آلاف السنين؟ تشير دراسة حديثة أجريت في ألمانيا إلى أن الفواتير وقسائم التسليم في الشركات أخذت طريقها في الوقت الراهن عبر الكومبيوتر ليتم تصنيفها في ملفات خاصة يمكنكم العثور عليها في أي وقت بمجرد الضغط على فأرة التحكم، الأمر الذي يوفر على العالم نفقات هائلة نتيجة عملية البحث في المحفوظات الورقية تبلغ قيمتها ما بين 2.5 دولار لكل وثيقة.

تشير الدراسة الى أن العالم ينتج يومياً 1.5 بليون ورقة ويمضي العاملون حالياً من 150 الى 170 ساعة سنوياً في البحث عن الوثائق التي يحتاجون إليها، لذلك فقد بدأ البريد الإلكتروني يأخذ مكان بريد الرسالة أو الفاكسات حتى ان شركات كبرى في ألمانيا بدأت تعتمد البريد الإلكتروني في الاتصالات الداخلية بدلاً من كل أنواع الاتصالات الأخرى بما في ذلك الاتصالات الهاتفية اذ يمكن الاحتفاظ بهذه الاتصالات كوثائق على عكس الاتصال الهاتفي.

لكن الخطوات الهائلة في هذا الشأن لم تستطع أن تفقد الورق قدسيته التي كسبها على مدى التاريخ، وما زال أمام وثائق الورق الكثير من الوقت قبل أن تختفي من حياتنا اليومية.
ولقد أفادت نتائج استطلاع شمل 500 رئيس مؤسسة أوروبية أن 79 % منهم يعتقدون أنه لا يمكن الاستغناء عن الورق خلال السنوات العشر المقبلة، ويفضل 60 % منهم أن يقرأ التقارير أو النتائج على الورق بدلاً من شاشات الكومبيوتر.

ومع ذلك تسارعت فكرة المكاتب المتنقلة وغير الثابتة للموظفين الذين بات بامكانهم انجاز اعمالهم من البيت أو أي مكان آخر بفضل الكومبيوتر وأجهزة الهاتف الجوال. وبدأت مؤسسة الأنظمة المعلوماتية في هانوفر في استخدام المكاتب غير الثابتة اعتباراً من العام الماضي بين موظفيها الذين يزيد عددهم على 1850 موظفاً، ولم تعد هناك مكاتب ثابتة الا للسكرتيرات، ويكون في إمكان أي موظف أن يختار مكتبه كل يوم تبعاً لظروف ومكان وجوده.
لكن الجانب السلبي لهذه الثورة المعلوماتية يتركز في إلغاء الكثير من الوظائف والاعتماد على تقنيات التخزين المعلوماتي الذي لم يثبت بعد أنه البديل الذي يمكن الركون إليه في صورة مطلقة.

الدنيا ينقلب حالها كل يوم.. ونحن نتشقلب لنواكب هذه التغييرات.. فإلى متى؟!