الرأي .. والرأي الآخر ...

وهأنذا .. أقدم لك الكتاب .. دون أي تعديل عليه .. سوى ما تتطلبه مقتضيات التدقيق اللغوي .. تاركا لك قرار المضي فيها ...

فإذا سألتني ...

ِلمَ َلمْ تعبّد لي الطريق .. وتذلل لي بعض العقبات .. أو تمد لي جسورا بين الثقافات ؟؟؟

أجبتك ...

بأني أردت أن لا أحرمك من متعة إقتطاف الورود .. ولو دميت يداك بأشواكها .. ومتعة تخليص الجواهر من شوائبها .. ومعاناة البحث عن نوادر الؤلؤ بين آلاف المحار ...

إنني أؤمن .. بأن الثقافة السهلة المعبدة .. لا تترسخ في الأذهان .. ولا تقوم بها حجة .. ولا تتكون بها لدى الإنسان مناعة .. وستنهار أمام أول عاصفة تحل بها ...

وأعتقد بأن الفكر ذا البعد الواحد .. معاق لا ينمو .. وعقيم لا ينجب ...

وأن الأفكار كائنات حية .. لا تتكاثر إلا بالتزاوج ...

وأن بارقة الحقيقة لا تنبثق .. إلا من إحتكاك الأفكار وتصادمها ...

وأن الرأي الآخر مرآة ضرورية .. لكشف عيوب الرأي الذاتي .. وتبيان نقائصه .. إبتغاء ترميمها ...

إن الرقابة حاضرة لديك .. ومقصها بين يديك .. لا تسمح لأحد بإنتزاعه منك .. وفرض وصايته عليك ...

يكفيك ما عانيته من عنت الأوصياء الأدعياء ...
____________________

* من كتاب .. فنجان قوة .. " كلمة الناشر " ...