حياة زوجية ناجحة في كل المراحل العمرية

إعداد: هدى بكر

حين يعد الزوجان احدهما الآخر بكل الاشياء الجميلة في بداية الحياة الزوجية، يفترض كل منهما انه يعرف الطرف الآخر جيدا، وانهما قد خلقا احدهما من اجل الآخر. وهذا حقيقي في حينه، ولكن بعد مرور ثلاثة او خمسة او 12 عاما على الزواج، يتغيران وتتغير العلاقة الزوجية ايضا.

فالعلاقات تتغير باستمرار، واحيانا يظن الزوجان ان التحول علامة من علامات التباعد، ولكنه في الحقيقة، فرصة للتقارب وذلك اذا عرفا كيفية الابحار في اجواء العلاقة الزوجية المتغيرة دائما.

لكل مرحلة عمرية مشكلات تختلف في طبيعتها عن الاخرى. ففي العشرينات يختلف الزوجان على قدر الوقت اللازم لبقائهما جنبا الى جنب، وفي الثلاثينات يحتاج الزوج عادة ان يسمع من زوجته دائما انه ما زال جذابا في نظرها. فاعتبري هذا التحقيق بمثابة خريطة ملاحية في حاضر حياتك الزوجية، واساسا قويا للمراحل القادمة لتحافظا على المودة والعشرة والمحبة الى الابد.



المرحلة العمرية من 25 إلى 35
مساحة للاستقلال

يحرص كل منكما بالطبع على هويته الجديدة، ولكن هذا لا يعني ان تقضيا كل لحظة معا. فكثيرا ما يظن الزوجان انه يجب ان يستمتعا بالاشياء نفسها ويكون لهما الذوق نفسه في اختيار كيفية تمضية وقت الفراغ، ولكن عليك ان تتذكري دائما انكما فردان.

واهمية ذلك تكمن في ان توقع البقاء معا دائما، وبلا انقطاع، قد يضع ضغوطا لا ضرورة لها على حياتك الزوجية، فقد لا تتحمسين كثيرا لرحلة الصيد التي يعشقها زوجك، ولكنك توافقين على مصاحبته او قد تتشوقين الى قضاء بعض الوقت مع نفسك. وكلا الشعورين قد يجعلانك تشكين في ان الحياة الزوجية مزعجة، في حين ان كل ما تحتاجين اليه هو مساحة للتنفس.

قبل ان تخططا لأي انشطة تمارسانها معا، اسألي نفسك: هل يمكن ان اقوم بهذا النشاط حتى لو لم يرافقني زوجي؟ هل يمكن ان يتحمس زوجي للقيام بهذا النشاط حتى لو لم اكن انا الذي اقترحته؟

اذا كانت الاجابة لا، فلا تنساقا وراء العواطف، ويجبر كل منكما الآخر - بدافع اظهار الحب - على مرافقته (طبعا هذا الكلام لا ينطبق بالطبع على حضور المناسبات الاجتماعية التي تخص اهله او اهلك، فهذه لا تعتبر خروجا جبريا، وتذكري انه بخروج كل منكما بمفرده يصبح لدى كل منكما ما يقصه على الآخر فيزداد ترابطكما).

ابحثي عن الأشياء التي تضحكه

الضحك هو اقصر طريق بين اثنين، حيث يميل معظم الازواج الى الانسحاب، اذا كان المزاج نكدا، مع ان الحس الفكاهي قد يساعد على التخلص من هذا الشعور بتقديم، منظور آخر، وبأن الامور ليست بهذا السوء. كما ان الضحكات تنشط افراز الاندورفين الذي يعدل المزاج، فمن المستحيل ان تشعري بالاكتئاب وانت تضحكين.

ومن اسهل طرق استخراج ضحكة من قلب زوجك، ان تجعليه يشاهد الافلام الكوميدية او المسرحيات التي يحبها حتى لو كانت افلام رسوم متحركة. وان كنت تعرفين المشاهد او الفنان الذي يضحكه فقلديه في الجمل التي يحبها زوجك حتى ان لم تتقني التقليد، لأن مجهودك وحده له قيمته.

إتقان تبادل الهدايا

امامكما مناسبات لا تعد، تتبادلان خلالها الهدايا، ومن الصعب الا تشعري بالاحباط او حتى بالاستياء، حين يقدم لك زوجك ميني مكنسة لتنظيف سيارتك كهدية «عيد ميلاد مثلا».

فكم مرة خاب ظنك في ان يخمن زوجك الهدية التي تريدنها في عيد زواجكما - اذا تذكر موعده طبعا ـ ولكن الخطأ خطؤك، فالرجل يحبك، ولكنه ليس قارئ افكار، فساعديه بأن تشيري بشكل خفي عبر بعض التلميحات قبل اليوم الموعود اثناء تسوقكما معا او اثناء تصفح احد الكاتالوغات اشيري الى اي شيء من شأنه ان يصلح كهدية تستحقينها، وقولي (مع غمزة عين): «ياه.. هذه تعجبني جدا.. خسارة ان اليوم ليس عيد ميلادي». او اجعلي احد الاقرباء او القريبات يأخذه جانبا ويقول له (سرا) «هل فكرت فيما ستشتريه لـ «ضعي اسمك» في عيد ميلادها؟ لدي فكرة رائعة لك».

اما عن هداياك له، فدعك من حكاية «لقد اشتريت لك هذا الجاكيت انه يناسبك تماما!!»، واختلسي النظر الى الكاتالوغات التي يضع علامات على بعض صفحاتها، او المحلات التي يعتاد ارتيادها. ولا تقللي مما يمكن لاشقائه وشقيقاته، بل أمه ان يقدموه لك من مساعدة واسأليهم عن الاشياء التي يحب شراءها والماركات وحتى العدد اليدوية وان كانت له هوايات رياضية واجهزة خاصة بها. وبذلك ستضربين عصفورين بحجر واحد، فقد ادهشت زوجك بهدية يحبها وتقربت الى اهله في الوقت نفسه.

اقتصدي في كلام البنات؟

لا بأس من الدردشة مع صديقاتك ايام الخطبة والاعداد للزواج عن كل صغيرة وكبيرة قالها او فعلها زوج المستقبل وضايقتك منه. فعلى كل حال ما زلتما في مرحلة «هل هذا الرجل يناسبني حقا؟»، فصديقاتك يعتبرن هيئة تحكيم تساعدك وتشير عليك.

ولكن الآن وقد اتخذت قرارك وتزوجت بالفعل، فمن غير المناسب ان تخبري صديقاتك عن تفاصيل حياتك الزوجية، فهذا يقلل من شأنك ومن شأن زوجك.

كما ان الحديث عن مشاكلك يجعلها اكبر في ذهنك مما يشكل صدعاً في حياتك الزوجية. ولكنك قد تحتاجين احيانا الى استشارة صديقة تثقين بحكمتها، فتخيلي انها صديقة لزوجك ثم تحدثي اليها عن المشكلة، وستجدين انك قد حذفت اوتوماتيكيا كل من شأنه ان يحرجك او يحرج زوجك وتهدفين فقط الى التماس النصح.

ضعي خطة خلاف؟

دعك من التصريحات الجامدة من قبيل «انت عمرك ما...» او «انت دائما...»، فهي تنطوي على اتهامات واهانة ولا تقدم حلولا. الجئي، اذن، الى التعبير عن احتياجاتك، مثلاً: بدلاً من أن تقولي «أنت عمرك ما وضعت ملابسك على الشماعة»، قولي «سيكون ترتيب الغرفة أسهل عليّ كثيرا حين تعلق ملابسك».

- حددي اشارة معينة للحصول على وقت مستقطع حين تنفجر الازمات المفاجئة بينك وبين زوجك، تشبهاً بمدربي الفرق الرياضية، ان تضعي يديك على شكل حرف T او ان تضغطي على يديه بلطف ليفهم انك بحاجة الى ان تهدئي قليلاً، فهذا الاتصال الجسدي وحده كفيل ان يذيب الخلاف فهو يعني «قد نختلف ولكننا مازلنا فريقاً واحدا».

- لا تجادلي بهدف الفوز، وتخلصي من الحالة الذهنية التي تدفعك الى الحرب حتى الموت، واجيبي عن هذا السؤال: اتفضلين ان تكوني على حق ام تكوني سعيدة؟ الاجابة طبعاً «اجماع على السعادة» فقد يتجادل الزوجان لساعات في بداية حياتهما الزوجية لتحديد من هو على صواب ومن هو المخطئ، ولا يصلان الى أي حل، ولكن اذا عملا على ايجاد أي بذرة حقيقية في قول احدهما والموافقة عليها، فسيدرك الطرف الآخر حينها ان كل وجهة نظر تحتمل الصواب والخطأ، فيخرجان من ثكناتهما المنفصلة ويلتقيان في منتصف الطريق.

المرحلة العمرية من 35 إلى 45
ابدئي بتخصيص وقت تقضيانه معا

في هذا العقد من الحياة الزوجية ستنشغلان تماما وطوال الوقت بتربية الأبناء والاضطلاع بمسؤوليات الحياة المهنية لبناء مستقبل ناجح. اي انه الوقت المناسب الذي تحتاجان فيه الى استعادة الرابطة بينكما.. فحددي موعدا شهريا لا يمكن تأجيله لأي سبب آخر واقضيه مع زوجك وحدكما فهذا سيساعدكما على تقوية العلاقة عاما بعد عام.

ولكسر الملل من تناول العشاء خارج المنزل أو الذهاب الى السينما.. جربي مثلا أن تقرئي كتابا وتناقشي فكرته مع زوجك بدلا من مناقشة أمور الأبناء او يمكنكما التناوب على اختيار المكان الذي ستذهبان إليه او النشاط الذي ستمارسانه لمفاجأة الطرف الآخر.

دعك من الآخرين

حياتك بعد الثلاثين مليئة بالتجارب والمناسبات، فأنت تمتلكين منزلا ولديك أطفال، وقد تكونين ممن يسافرن كل عام لقضاء العطلة خارج البلاد. ولكن لا مفر من الالتقاء ـ بين الحين والآخر ـ بزوجين شبه مثاليين يحصلان على كل ما تحلمين به قبلك مما يجعلك تسألين: «ما العيب في حياتي الزوجية؟». بدلا من الاعجاب ـ المشوب بالحسد ـ بحياة الآخرين، ركزي اهتمامك على النقاط الايجابية في حياتك أنت.. جربي هذا التمرين الذي قد يبدو سخيفا في البداية.. اكتبي كل اسبوع خمسة أشياء لطيفة حدثت لك، بدءا من مكالمة من زوجك التي يقول فيها انه يشتاق اليك او الطمأنينة التي شعرت بها عند عودته ليلا او ضحكاتكما معا على مسلسل تلفزيوني ظريف.. قائمة الشكر هذه ستدربك على تذكر الايجابيات بدلا من التنقيب عن السلبيات.. وشاركي زوجك في هذه القائمة حتى يتذكر هو الآخر ولا يعتبر الامور الايجابية في حياتكما أمرا مسلما به.

ارتكبي أفعالا عشوائية لطيفة

حين كنتما في العشرينات كان من السهل على أحدكما ان يدلل الآخر، بتقديم الإفطار له في السرير كتغيير للروتين في أيام الاجازات مثلا.. أما في هذه المرحلة العمرية فقد صار جدول أعمالك مزدحما وهو ما يفرض عليك نوعا آخر بسيطا من الاهتمام على تفكيرك في الطرف الآخر.. كأن تمري على المصبغة في طريقك لتعيدي ملابسه، فيجدها جاهزة لدى عودته، أو تطلبي له بيتزا وترسليها اليه على المكتب حين يكون متأخرا في العمل. قد يستغرق ذلك منك دقيقتين ولكنه سيؤثر في يومه كله.. فإذا شكا زوجك من تعطل الهيدفون فيمكنك مفاجأته بشراء جهاز جديد وسيتأثر باعتنائك به.

جددي دولابك (الخاص)

هل تذكرين قبل الزفاف حين كنت تنتقين ملابس «البيت» بالعناية نفسها التي تولينها لاختيار ملابس الخروج وذلك حتى تكحلي عيني المعرس بمختلف الألوان والموديلات؟ الآن وقد استقر بك المقام في حياة زوجية بين الابناء والبنات فلعلك تنامين ببيجامة فانلة أو جلباب ثقيل!! لا نطلب منك هنا التطرف ولا شراء موديلات غريبة ولكننا لا نريدك ان تعاملي زوجك كأنه لا يراك، فمن السهل عليك ان تهملي الملابس الجذابة الرقيقة بعد الزواج ولكن الزوج سيلاحظ ذلك فالرجال مخلوقات بصرية.

اخبريه كم هو جذاب

بعد ان تغير جسدك خلال تلك المرحلة العمرية بفعل الحمل والولادة ورعاية الابناء واستسلامك للاختيارات الغذائية للابناء، وبعد ان تغير جسد زوجك بفعل الساعات الطويلة التي يقضيها جالسا في الديوانية او أمام شاشة التلفزيون او الكمبيوتر.. فمن المهم أن يؤكد أحدكما للآخر أن الاعجاب لايزال على المستوى نفسه وأنكما جذابان أحدكما في عيون الآخر ـ كما كنتما في البداية.

واعلمي ان هؤلاء الذين يهتمون كثيرا بأجسادهم يصبحون أقل إقبالا على العلاقة الحميمية، وقد يظهرون محبة واهتماما أقل بشركاء الحياة مما يسبب تباعدهم.. فقولي لزوجك أنه جذاب وسيظل قريبا منك على مر السنوات.

وإذا أردت ان تعززي ثقتك بصورة جسدك، فقاومي سؤاله باستمرار: «هل تظن أنني سمينة؟» لأن تقليلك من شأن نفسك يوقع في نفسه، ويوجه تفكيره نحو الشيء الذي تخشينه فيظن انك سمينة جدا. بدلا من ذلك استخدمي عبارات أبسط ومباشرة «كيف أبدو؟» مع ابتسامة واسعة ونفحة ثقة لتحرصي على ان يعجب زوجك بما يرى فيقول لك ذلك.

HodaBakr@msn.com


المرحلة العمرية من 45 فما فوق

> مارسا هواية ثنائية

هل تذكرين ما قلناه عن تقنين الاوقات التي تقضيانها معا عندما كنا نتحدث عن المرحلة العمرية العشرينية؟

حسنا.. لقد حان الوقت لاتباع تكتيك مختلف.. لماذا؟ لأنه وبعد ان قل احتياج الابناء إلى الاشراف المستمر على مدى 24 ساعة وسبعة أيام في الاسبوع، قد لا تجدين ما تفعلينه في أوقات الفراغ التي تقضيانها معا. وهذا هو الشيء الذي يرعب كل زوجين فقد ركزا على كل شيء عدا أنفسهما لعقود طويلة. ولذلك فهما ينظران أحدهما الى الآخر ويتساءلان «من تكون؟» إنهما بحاجة إلى خلق تجارب جديدة مشتركة كي يستمتعان الآن وفي المستقبل.

هل تحتاجين الى بعض الأفكار؟ اكتبي قائمة بالانشطة التي تحبين القيام بها، واجعلي زوجك يفعل الشيء نفسه واختارا النقاط التي تتلاقى فيها اهتماماتكما فقد يكتب زوجك عن حبه للصيد، وتكتبين عن حبك للقراءة، فلماذا لا تستأجران مركبا او تختاران بقعة تصلح للصيد حيث يستطيع كل منكما ممارسة ما يستمتع به وانتما معا؟

> اقلعي عن محاولة تغييره

قد يغريك الوقت الطويل الذي تقضيانه معا بأن تجعلي عملية تغييره شغلك الشاغل، وهذه ليست بالفكرة السديدة، فكل هذا النقد قد يجعله يظن انك ما عدت قادرة على تقبله على ما هو عليه. ولكي تتخلصي من هذه الروح انظري الى الأمر من جهته الأخرى، أي الى الجوانب المزعجة في شخصيتك التي تضايق زوجك بلا شك فهذا قد يساعدك على تقبل عيوب زوجك كلها ـ ولا تقولي أنك بلا عيوب!

> احتفلا بأي شيء

لقد مرت بكما سنوات زواج عديدة ومناسبات جميلة كثيرة، فتخيلي مثلا ان تفاجئي زوجك بإعداد وليمة لاثنين للاحتفال بمناسبة جديدة خاصة بكما فقط مثل «اليوم القومي للعناق» او «يوم تقبيل الزوجة» او احتفلي بشيء أكثر خصوصية مثل أول يوم رأيتما فيه أحدكما الآخر أو اليوم الذي تقدم فيه لخطبتك من أبيك.

> انغمسا في الاحلام لتحقيقها

لسنوات عديدة ظل كل منكما منهمكا في العمل الجاد لتحقيق ذاته مهنيا ولرعاية الابناء، ولكن هذه الانجازات لها ثمن فهي تجبرك على التخلي أو تأجيل أحلامك او لعلك تحليت بالسلوك العملي طوال السنوات الماضية فنسيت أحلامك أصلا.. فلكم رغبت مثلا في التفرغ لمدة عام لكتابة رواية او لتصميم الازياء وتجميل السيدات، وربما رغب زوجك ايضا في تكوين ورشة نجارة وتصميم الأثاث.

إنها فرصتكما الآن للكشف عن هذه الرغبات ـ والعمل على تحقيقها، فتحقيق الاحلام يعطي معنى وطعما للحياة وشعورا قويا بالسعادة، وبقوة العلاقة الزوجية التي تدعم ثقة الزوجين بأنفسهما لينجحا فيما رغبا فيه طويلا.

ولكي تتعرفي على هذه الرغبات.. اسألي زوجك: «لو كسبت مليون دولار.. ماذا ستفعل به؟» فمعظم الذين لا يجرؤون على الحلم يفكرون في العواقب، أما هذا السؤال الافتراضي فيزيل هذا الحاجز.. بعد ان تحددا أحلامكما اعملا على تحقيقها خطوة بخطوة ومراجعة التقدم كل أسبوع.. مثلا ضعا مبلغا صغيرا من المال في حساب خاص للسفر حول العالم.. أو اكتبي كل اسبوع جزءا من روايتك واقرئيها على زوجك.. وضعا قائمة جزاءات على من لا يعمل المطلوب منه كأن يقوم بتدليك قدم الآخر او يشتري طعام العشاء. وسيشكل هذا دافعا كبيرا، والفائدة مزدوجة في التقارب ومشاركة الأهداف.