نون: كلمة فرعونية معناها الماء!

أنيس منصور


هواية الذين يعرفون لغات عديدة أن يقارنوا بين الكلمات أو يبحثون عن أصولها، وما زلت أجد متعة كبرى في ذلك، أحياناً تؤيدني الكتب وأحياناً أخرى اجتهادي الشخصي.

ففي القرآن الكريم: «ن. والقلم وما يسطرون».

ويقول المفسرون إن كلمة (نون) من معانيها: الدواة، فكأن الله أقسم بالقلم – وهو أول ما خلق الله بعد آدم وحواء ـ وأقسم بالدواة أيضاً. ومفسرون آخرون يرون أن (نون) هو الحوت، فذو النون هو صاحب الحوت يونس عليه السلام الذي التقمه الحوت.

وفي اللغة الهيروغليفية أن (النون) هو إله الماء والمحيطات والبحار التي سبقت خلق الكون، وأن هناك إلهة أخرى اسمها نونت. وكذلك كلمة نون معناها الأسماك أو الحيتان في اللغة العبرية القديمة، فمن هذه المياه خرجت كل الكائنات.

وفي القرآن الكريم: «وكان عرشه على الماء»، أي أن الماء سابق على خلق العرش.

ونحن صغار كنا نحفظ هذا التلاعب بالكلمات:

عينان عينان لم يمسسهما رمد

في كل عين من العينين نونان

نونان لم يكتبهما قلم

في كل عين من العينين: نونان.

تفسير ذلك: النون وهو الحوت له عينان، والعينان اللتان بهما حوتان هما نهران أو بحران، أي في كل بحر من هذه البحور حوتان، وكل حوت له عينان.

وعند الفراعنة أيضاً أن الإله نون له ألوان كثيرة: أسود ليلاً فضياً ظهراً دموياً غروباً. وكانت الإلهة نونت تساعده على إثارة الأمواج وإغراق السفن، وإن كانت تترفق بالغرقى فتنقذهم، ولكن تترك السفن تلعب بها الأمواج.

ولم أعرف من أين أو كيف دخلت كلمة نون إلى اللغات الأخرى كالعربية والعبرية. ومن المؤكد أن الهيروغليفية هي الأقدم ـ فذلك يحتاج إلى بحث آخر، أطول وأصعب!